جمع من أبناء حضرموت في لقاء دعت إليه قيادة الهبة الحضرمية | مارس 2022 (سوث24)
15-05-2022 الساعة 8 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| عبد الله الشادلي
مثّلت خطوة نقل صلاحيات الرئيس اليمني عبد ربّه منصور هادي، لمجلس رئاسي من ثمانية أشخاص، تحولاً استراتيجياً في المشهد اليمني، أعاد رسم الخارطة السياسية والعسكرية من جديد.
ومع ذلك، لا تزال تقف أمام هذا المجلس معوقات معقّدة في الملفات العسكرية، الأمنية، الاقتصادية والخدميّة لاسيّما في محافظات جنوب اليمن، تٌهدَّد بفشله.
ومنذ تشكيل المجلس في 7 إبريل/ نيسان الماضي، لم تشهد محافظات الجنوب أي اختلاف يُذكر على صعيد الخدمات. ففي محافظة حضرموت على سبيل المثال، استقبل الأهالي في الساحل شهر رمضان هذا العام بارتفاع ساعات انقطاع التيار الكهربائي، وعيد الفطر بانقطاع خدمة الماء في بعض المناطق.
وفي وادي حضرموت، حظّ الأهالي لا يقل سوءً عن الساحل إن لم يكن أسوأ، فبالإضافة للتردي الخدمي والمعيشي، يعاني أبناء الوادي من اختلالات عسكرية وأمنية في ظل بقاء قوات المنطقة العسكريّة الأولى - التي يتهمونها بالوقوف وراء الاغتيالات والاختطافات والحوادث المتصلة بـ "الإرهاب" - في مناطقهم.
وتبرز التساؤلات عن موقع حضرموت، المحافظة النفطية الغنية، من أولويات المجلس الرئاسي الجديد، خصوصاً وأنَّ اللواء فرج البحسني، محافظ المحافظة الحالي، عضو في المجلس.
الوادي والمنطقة الأولى
بالنسبة للصحفي لطفي بن سعدون، يتوجب على عضو المجلس الرئاسي، فرج البحسني، العمل على إحلال قوات النخبة الحضرمية في كل المحافظة، بما في ذلك الوادي.
وقال بن سعدون لـ "سوث24": "منصب البحسني الجديد، سيحتّم عليه أن يعمل على إحلال قوات النخبة الحضرمية في كل حضرموت بدلاً عن قوات المنطقة الأولى. هذا شيء منطقي.. أن يتولّى أهل الأرض إدارة شؤونهم العسكرية والأمنية، وأن تذهب القوات الشمالية لتحرير أرضها المحتلة من الحوثي".
وأضاف "أصبح غير مقبول مطلقاً لدى أبناء حضرموت أن يروا الغرباء في أرضهم يتحكّمون في نقاط التفتيش، ويستفزون أهلها. إنَّهم يعتبرون وجودهم فيها كنوع من الاحتلال غير المقبول إطلاقا، فضلًا عن فشلهم في ضبط الحالة الأمنية في الوادي والصحراء".
وتابع: "ويتهمهم أهل الأرض [الحضارم] بدعم البلاطجة وقطّاع الطريق والمهرّبين والإرهابيين للقيام بهذه الاختلالات".
لكنَّ الصحفي وليد التميمي، يشكك بمصلحة البحسني من ذلك.
وقال التميمي لـ«سوث24»: "البحسني ليس من مصلحته خروج قوات المنطقة العسكرية الأولى من الوادي؛ لأنَّه يستخدمها ورقة ضغط في مواجهة أي تحرّك شعبي لانتزاع حقوق المحافظة والتلويح بتدخلها لقمعه والحفاظ على الشرعية".
لكنّ الصحفي مطيع بامزاحم، يرى أنّ المنطقة العسكرية الأولى "ستظل في مكانها"، معتبراً أنّ ملفها "معقّد للغاية".
وأشار مزاحم، في حديثه لـ "سوث24" إلى أنَّه "هنالك جهات محلية وإقليمية وربما حتى دولية إلى جانب قيادات نافذة وبارزة حريصة على بقاء المنطقة العسكرية الأولى في مواقعها، بالقرب من حقول النفط التابعة للشركات الأجنبية".
وأضاف: "الوضع يتطلّب مزيداً من الحذر، والحفاظ على المكتسبات الأمنية التي تحققت، خصوصاً في مديريات الساحل. أمّا في الوادي، فلا مؤشرات حقيقية وواضحة على تحسن وتطور الملف الأمني، فالقوات الأمنية التي صدرت بها قرارات تشكيلها من أبناء الوادي والصحراء لم يتم العمل عليها بجدية وتدخلت جهات كثيرة لعرقلتها".
وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي أنور التميمي لـ «سوث24»: "إعادة تموضع قوات المنطقة العسكرية الأولى، هو الاختبار الحقيقي لمدى جدية المجلس الرئاسي والإقليم في المعركة المصيرية مع الحوثيين. ليس من المنطقي أن تدّعي أي جهة سياسية رغبتها في هزيمة الحوثي، في حين تبقي سبعة ألوية معطّلة في صحاري ومدن الوادي".
ورأى التميمي أنّه "إذا مارس مجلس الرئاسة والإقليم ضغطاً حقيقياً لنقل ألوية المنطقة العسكرية الأولى، إلى جبهات المواجهة مع الحوثي، فالسيناريو المحتمل هو تسليم مدن رئيسية في وادي حضرموت للقاعدة، وحينها سيتحول الكثير من منتسبي المنطقة الأولى إلى عناصر تابعة للتنظيم، تماماً مثل سيناريو تسليم الساحل للقاعدة في 2015 الذي سيتكرر في الوادي".
توحيد الإيرادات
إلى جانب إخراج القوات الشمالية من المحافظة، يٌطرح تساؤل حول مدى قدرة المجلس الرئاسي على النجاح في تحرير إيرادات حضرموت النفطية وتوريدها للبنك المركزي اليمني في عدن.
وحول هذا، يرى أنور التميمي أنَّه "ليس بالضرورة أن يكون البحسني عضواً في المجلس الرئاسي، حتى يكون قادراً على طرح ملفات مهمة تخص المحافظة على طاولة صنّاع القرار المحلي والإقليمي".
وأضاف التميمي: " يكفي فقط استشعار ثقل حضرموت والعمل بإخلاص لأجلها لانتزاع ما تستحقه. رُبّما تكون الظروف حالياً أفضل من ذي قبل لتوحيد الإيرادات وانتزاع الموارد من المتنفذين، بعد أن تقلّص نفوذ الناهبين إلى حد ما في مكتب الرئاسة".
وتابع: "إنَّ ما يجري من عبث بثروات حضرموت ومواردها يتطلب وقفة من أبناء حضرموت والجنوب. الأشخاص مهما كانت مقدراتهم فهم معرّضون للتقلبات، أو للخضوع للمصالح الشخصية غير المشروعة".
وقال مطيع بامزاحم إنَّ "هنالك إيرادات في حضرموت، ظلّت خلال السنوات الماضية لا تورد الي البنك المركزي، وتذهب لحساب السلطات المحلية في المحافظة؛ لكنَّ إيرادات النفط خط أحمر والرئاسة والحكومة تحتفظان بها مقابل منح حضرموت 20% من كل شحنة تُصدر".
أما الصحفي لطفي سعدون فلا يعتقد أنَّ البحسني "سيهمّه النهوض بمستوى الخدمات المنهارة في عهده، ولا توحيد إيرادات المحافظة؛ لأنَّه من ضمن من رسخوا انقسامها جغرافيا وإداريا ساحل ووادي".
ولم يتسنَ «سوث24» التأكد من صحة هذه الاتهامات؛ وحاول المركز التواصل مع المكتب الإعلامي للواء فرج البحسني وسكرتيره الخاص أكثر من مرّة، إلا أنَّه لم يتلقَ أي ردّ حول ذلك حتى لحظة نشر هذا التقرير.
تردي الخدمات
على الرغم من مواردها النفطية والطبيعية الضخمة، يعاني أبناء محافظة حضرموت من تردي الخدمات العامة، والأوضاع الاقتصادية والمعيشية القاسية.
بالنسبة للصحفي لطفي سعدون، "إدارة المحافظ البحسني هي السبب وراء ما تعيشه حضرموت".
وقال سعدون: "لقد نجح البحسني في إدارة الشؤون العسكرية والأمنية بحكم مؤهلاته وخبراته العسكرية. على النقيض تماماً فقد فشل في إدارة الشؤون الإدارية للمحافظة فشلاً ذريعاً".
وأرجع سعدون ذلك إلى "غياب العمل المؤسسي لمختلف المرافق الحكومية في الساحل، وتمركز كل الصلاحيات بيد المحافظ، وغياب الشفافية وانتشار الفساد وعدم وجود موازنة تطويريه سنوية لاستغلال نسبة النفط المخصصة للمحافظة والمقدرة بمئات ملايين الدولارات، والتعتيم على بقية الموارد والصرفيات".
واعتبر أنَّ ذلك "ساعد على تدهور الخدمات ومنها الكهرباء، وعدم وجود جهد واضح ونية صادقة للتغلب على أزمات ساحل حضرموت؛ على عكس قيادة السلطة المحلية بالوادي، التي حقَّقت الكثير من مشاريع التنمية؛ لوجود التخطيط والشفافية والعمل المؤسسي في عملها"، حدَّ تعبيره.
ويعتقد سعدون أنَّ حضرموت "بحاجة إلى عملية تصحيح للأوضاع". وأضاف "لن يتمّ ذلك إلا بتعيين محافظ مؤهل وبخبرة إدارية، وبتفعيل العمل المؤسسي لكل المؤسسات والوكلاء، وبوجود خطة سنوية شفافة للتنمية وللخدمات تحدد الإيرادات والصرفيات بكل وضوح ويعرفها الجميع".
وتابع: "كما يجب تفعيل مجالس محلية إشرافية ورقابية من المجالس السابقة، ويضاف لها كفاءات أخرى بنفس عددها بالتعيين من المحافظ الجديد". وزعم سعدون أنَّه إذا "لم يتم تغيير المحافظ وتصحيح مسار العمل الإداري؛ فإنَّ ذلك لن يحقق أي تقدّم في مستوى الخدمات وبرامج التنمية وسنظل ندور في أزماتنا".
واتفق المحلل السياسي أنور التميمي مع سعدون. وقال التميمي إنّ "ما تحصل عليه السلطة المحلية من عائدات النفط كبير جداً، ولكن للأسف لا توجد حوكمة لمراقبة الصرف، وهناك فساد ضخم التهم هذه المبالغ التي تقدّر بمئات الملايين من الدولارات".
ورأى التميمي بضرورة "إيجاد صيغة مراقبة شعبية عبر منظمات قانونية، وإشراك منظمات دولية تهتم بالشفافية، لمراقبة أوجه الصرف في حضرموت". وقال: "حينها فقط يمكن إحداث نقلة نوعية في ملف الخدمات".
وعن هذا، قال مطيع بامزاحم: "رغم التوجيهات الرئاسية ببناء المحطة الكهرو غازية، ورغم حصة النفط، ورغم الإيرادات المختلفة التي تحصل عليها السلطات المحلية منذ ما بعد التحرير، ورغم دعم دول التحالف بتوفير المشتقات اللازمة لتشغيل الكهرباء، لم نشهد حلاً يقضي على مشكلتها المستعصية أو على الأقل يخفف من آثارها".
وتابع "كل ما نشاهده في الوقت الراهن مزيداً من إفساح المجال لشركات شراء الطاقة المُشتراة، التي تبرم لها عقودا مجحفة تحمل السلطة المحلية توفير كل شيء لها، وتلزم تاجر شراء الطاقة توفير المولدات فقط، والنتيجة استحواذ تلك الشركات على ملايين الدولارات التي لو صرفت لبناء محطات خاصة بالسلطة في حضرموت لانتهت مشكلة الكهرباء إلى حد ما".
وأضاف: "ما يٌحزن أكثر، أنَّنا بعد سبع سنوات من التحرير، وبعد حصول حضرموت على حصة من مبيعات النفط والاستفراد بالإيرادات كالضرائب والجمارك وغيرها، لايزال مستوى تطور هذه الخدمات ضعيف بل ويشهد تدهور وتراجع مخيف، ولولا تدخلات بعض الجهات المانحة لكان الوضع أسوأ بكثير".
ويوم الأربعاء الماضي، أصدر البحسني حزمة قرارات قضت بتغييرات على المستويين الأمني والمدني بالمحافظة، بصفته نائب لرئيس مجلس الرئاسة الأعلى ومحافظ للمحافظة؛ إلا أنّ بعض القرارات قوبلت بالرفض.
وأعلن القاضي شاكر محفوظ بنش، رئيس نيابة استئناف حضرموت، رفضه لقرار إقالة البحسني له من منصبه، وذلك بعد أشهر من قرار للنائب العام بإقالته أيضاً. وزعم القاضي أنَّ عداوة البحسني لشخصه تأتي بسبب رفضه بعض تدخلات البحسني في عمل النيابات. وقال "سأبقى على هذا الموقف ولن أتزحزح عنه". [1]
وأعلنت وزارة الداخلية اليمنية رفضها لتنفيذ قرارات البحسني الأخيرة في حضرموت.
ووفقا لوثيقة رسمية مسربة لوزارة الداخلية، فإن هناك توجيهات من رئيس المجلس الرئاسي بوقف الإجراءات والتعيينات التي اتخذها البحسني مؤخراً.
ووزير الداخلية اليمني إبراهيم حيدان أحد الأسماء المرجح تغييرها في التشكيلة الوزارية الحالية، نظرا لعلاقته الوثيقة بنائب الرئيس السابق علي محسن الأحمر.
صحفي في مركز سوث24 للأخبار والدراسات