مهدي المشاط يلتقي الوفد العماني في صنعاء (إعلام الحوثيين)
26-08-2023 الساعة 7 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | عبد الله الشادلي
في 17 أغسطس الجاري، وصل وفد من سلطنة عُمان إلى صنعاء الخاضعة للحوثيين، يرافقه رئيس وفدهم المفاوض محمد عبد السلام، لاستئناف الوساطة بين الجماعة المدعومة من إيران من جهة، والمملكة العربية السعودية ومن خلفها الشرعية اليمنية المعترف بها دوليًا من جهة أخرى.
جاءت الزيارة بعد أشهر مما بدا كأنه تعثر أو نقطة مسدودة وصلت إليها هذه الوساطة، وبعد أيام من التحركات الدبلوماسية الحثيثة للمبعوثين الأممي والأمريكي في منطقة الخليج. وقال إعلام الحوثيين إن الوفد العماني وصل "حاملًا آخر مستجدات الوساطة التي تجريها السلطنة بهدف وقف العدوان على اليمن وإمكانية تمديد الهدنة الإنسانية وصرف المرتبات".
وفي 20 أغسطس، التقى الوفد العُماني برئيس المجلس السياسي الحوثي مهدي المشاط. وجدَّد القيادي الحوثي التهديدات بعودة الحرب إذا لم تتم تلبية مطالبهم. وقال: "لم يعد من المقبول الاستمرار في الوضع الراهن الذي يعيشه أبناء اليمن. صبر شعبنا قارب على النفاذ، والحق كل الحق لهذا الشعب أن يدافع عن نفسه".
والتقى المشاط في ذات اليوم وفد الحوثيين المفاوض. وقالت صحيفة 26 سبتمبر الحوثية إنَّه "تم الاتفاق على وضع الخطوات الأساسية لأي مفاوضات قادمة بما يضمن تنفيذ صرف مرتبات كافة موظفي الدولة وفتح مطار صنعاء الدولي وإزالة كافة القيود المفروضة على موانئ الحديدة، ورفع الحصار..".
وغادر الوفد العماني صنعاء إلى مسقط في ذات اليوم، برفقة محمد عبد السلام. وكشف عضو وفد الحوثيين المفاوض، علي العجري، عن "جولة مفاوضات" قادمة وصفها بـ "الحاسمة". وقال في تصريحات نقلها إعلام الحوثيين: "الوفد العماني ووفدنا وصلا صنعاء للتشاور مع القيادة حول الخطوات القادمة".
تزامنًا مع ذلك، قالت صحيفة 26 سبتمبر الحوثية إن الرياض دفعت نحو "حملة دعائية تضليلية بشأن مرتبات الموظفين لقطع الطريق أمام أية احتمالية لإلزام المملكة بصرف المرتبات خلال الجولة التفاوضية الجديدة". وأضافت: "خُصُوصاً وأن المفاوضات توقفت آخر مرة؛ بسَببِ رفض الرياض تخصيص إيرادات النفط والغاز للمرتبات".
بعض التقدم
وفقًا لصحيفة البيان الإماراتية، "حققت الوساطة الإقليمية، والدولية، بعض التقدم فيما يخص الملف الإنساني في اليمن". وقالت الصحيفة أمس الجمعة عن مصادر حكومية يمنية إنَّ "شروط الحوثيين لا تزال تحول دون استكمال الاتفاق على صرف رواتب الموظفين (مدنيين وعسكريين) في مناطق سيطرتهم".
وأضافت الصحيفة: "الوساطة الإقليمية، التي نقلت «صيغة معدلة» للمقترحات المتعلقة بالملف الإنساني، حصلت على موافقة بشأن الملفات التي تشمل: إبرام هدنة طويلة الأمد، وإلغاء القيود على الرحلات التجارية من وإلى مطار صنعاء، وكذلك موانئ الحديدة".
وأردفت: "كما تم الاتفاق على صرف رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين، لكن الخلاف لا يزال حول الطريقة، حيث يعارض الحوثيون تسليم المرتبات مباشرة إلى الموظفين وفق تحويلات مصرفية، يريدون تسلم المبلغ وصرفه عبرهم لضمان التحكم به وبالموظفين".
وأشارت الصحيفة إلى أنَّ "ملفات العسكريين لا تزال تواجه الخلاف نفسه، حيث يريد الحوثيون التحكم بها، فيما ترفض الحكومة، والتحالف، تلك الشروط، لضمان بقاء المنتمين لوزارتي الدفاع، والداخلية، بعيدين عن سيطرة الحوثيين، وإرغامهم على العودة للعمل معهم".
ولفتت إلى أنًّ "الفريق العسكري الحكومي، توجه إلى العاصمة الأردنية، عمّان، لاستكمال المناقشات مع المستشار العسكري لمبعوث الأمم المتحدة، بشأن مقترح تشكيل غرفة عمليات مشتركة مع الحوثيين، تتولى مراقبة، وتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار، ومعالجة الخروقات، ووضع خطط تؤمّن فتح الطرقات بين المحافظات".
وأضافت الصحيفة: "أكدت المصادر أن الوسطاء، بما فيهم الأمم المتحدة، ربطوا بدء تنفيذ القضايا الإنسانية بالدخول في محادثات سياسية للحل الشامل، كي لا يستفيد الحوثيون من الملف، ومن ثم التنصل من الاستحقاقات العسكرية، والسياسية، والأمنية".
ويشير ما أوردته الصحيفة الإماراتية إلى أن ملف مرتبات الموظفين في مناطق الحوثيين، الذي شكل إحدى أبرز العقد أمام الوساطة العمانية، قد وصل إلى مرحلة متقدمة من التفاهمات بدفع هذه المرتبات مع الاختلاف حول طريقة فعل ذلك، عوضًا عن النقطة الخلافية الأساسية المتمثلة في دفع المرتبات من عدمها والموارد التي سوف تصرف منها.
وفي 20 أغسطس الجاري، حذر المجلس الانتقالي الجنوبي في اجتماع لأعضاء هيئة الرئاسة في عدن من "المساس بثروات وموارد الجنوب". وقال المجلس في بيان: "موارد وثروات الجنوب هي حقٌ سيادي لأبنائه، وهم من يقررون مصير كل ما يرتبط بأرضهم، أو يمس حقوقهم ومصالحهم ويحدد مستقبلهم السياسي".
وأضاف: "نجدد ترحيبنا بأي جهود تُفضي لوقف دائم لإطلاق النار يؤسس لعملية سلام شاملة ومستدامة تكون قضية الجنوب حاضرة في جميع مراحلها ضمن إطارها التفاوضي الخاص بها". وشدد الانتقالي على "سرعة تشكيل الوفد التفاوضي المشترك ليتولى مسؤولية العملية التفاوضية بكامل تفاصيلها".
ويوم الأربعاء الماضي قال المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، أنه يجب على اليمنيين إجراء محادثات صعبة مع بعضهم البعض.
وأضاف في إحاطة صحفية عبر تقنية الفيديو، حضرها مركز سوث24، أن اليمن لا يزال أولوية في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية. مشيرا إلى أن جهوده تركز "بصفة خاصة على التحديات الاقتصادية التي تواجهها اليمن".
وساطة هشة؟
يقلل الأكاديمي الجنوبي د. صدام عبد الله من أهمية الوساطة العمانية في اليمن. وقال لمركز "سوث24": "هذه الوساطة غير مجدية، خاصة وأنّ عُمان لا تمتلك مقومات القوة الحقيقية التي من شأنها أن تفرض وساطتها على الحوثيين. مهمة الوفد العماني اقتصرت على نقل شروط الجماعة وطرحها على الأطراف الأخرى".
وأضاف: " كل طرف لديه أهداف ومصالح نفعية من استمرار هذا الوضع. لطالما لاحظنا أنّ الحوثي يستحيل أن يقبل بتقديم أي تنازلات من أجل السلام؛ لاستفادته من الوضع الراهن، للتوسّع في السيطرة وزيادة الثروة".
على النقيض، يرى الخبير العسكري السعودي اللواء ركن محمد القبيبان بأهمية الوساطة العمانية، مضيفًا لمركز "سوث24" بأنها "بحاجة إلى دعم من كافة الأطراف في اليمن. كما أن التشدُّد بالمواقف وعدم وجود مرونة بين الأطراف لن يُنجِح هذه المهمة".
وأردف: "لا يجب أن نعول على أنّ الأشقاء في عمان سوف يحلون المشكلة بإرضاء كافة الأطراف، لأنّ هذا أمر مستحيل"، ورأى بأنّ "الأسس التي يجب أن تخرج بها مفاوضات مسقط أن تكون وفق اتفاق الرياض".
ويلفت الخبير السعودي إلى أنّ "المفاوضات العمانية حاولت إلى حدٍّ كبير وقف القتل في اليمن على الأقل". وأضاف: "نحن كمراقبين نريد مثل هذا النوع من المساعي الرامية لإيقاف الصراع المسلح. أعتقد أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح".
وانتقد القبيبان في المقابل دور الأمم المتحدة في اليمن.
وقال: "أرى أنّ الأمم المتحدة ومبعوثها فقدوا المصداقية، ويتحركون لدعم العملية السياسية في اليمن فقط عند وجود حاجة للمال. هذا إخفاق كبير، وهو ليس فقط في اليمن، بل تجلّى أيضاً في السودان والنيجر".
الرغبة بالمزيد
يعتقد المحلل السياسي المقيم في صنعاء، رشيد الحداد، أن "الأطراف في صنعاء تواجه ضغوطات شعبية قوية سوف تفرض بشكل قسري الاتجاه نحو خيار الحرب". وقال لمركز "سوث24": "البوادر العمانية، محاولة لإنقاذ الموقف أنَّ خيار الحرب هو الأرجح حتَّى الآن في ظل غموض المفاوضات".
وأضاف: "اليمنيون الموجودون في الخارج يعانون ولا يستطيعون الذهاب والعودة إلى صنعاء، كما لا تزال هناك قيود مفروضة على أكثر من 450 سلعة تمّ منع استيرادها عبر ميناء الحديدة. كلّ ما حدث خلال الفترة الماضية لا يُعدُّ مكسباً إيجابياً كبيراً".
حتَّى الآن، يبدو أن الوساطة العمانية في اليمن لاتزال تواجه قدرا غير يسير من التحديات والمعوقات. في وقت سابق، ناقش مركز سوث24 في تقرير له الأسباب التي قد تدفع الولايات المتحدة لإفشال أي صفقات سعودية حوثية برعاية عمانية إقليمية، وصينية دولية كما يبدو من بوابة الاتفاق الإيراني السعودي الأخير.