صبيّان عند نقطة تفتيش في محافظة الجوف يناير 2020. مجموعة الأزمات / بيتر سالزبوري
12-01-2023 الساعة 9 صباحاً بتوقيت عدن
سوث24 | بروكسل
اليمن في وضع معلَّق. فقد انتهى أمد هدنة نيسان/أبريل بين المتمردين الحوثيين والحكومة المعترف بها دوليا في تشرين الأول/أكتوبر، والمدعومة بشكل رئيسي من السعودية والإمارات العربية المتحدة. لم يستأنف القتال بشكل كبير، إلا أنّ كلا الطرفين يستعدان للعودة إلى الحرب.
مثلت الهدنة التي تم التوصل إليها بوساطة من الأمم المتحدة نقطة مضيئة غير متوقعة في صراع وحشي مستمر منذ سنوات. في تشرين الثاني/نوفمبر2021، بدا أن الحوثيين، الذين يسيطرون على جزء كبير من شمال غرب اليمن، على وشك الانتصار. لو سيطروا على مدينة مأرب ومنشآت النفط والغاز القريبة منها، لكان ذلك جعلهم ينتصرون في حرب السيطرة على الشمال، ووفر لشبه الدولة التي يحكمونها أموالاً هي بأمس الحاجة إليها، ولكان شكّل نهاية لحكومة الرئيس حينذاك، عبد ربه منصور هادي. تم تفادي هجومهم عندما أخرجت القوات المتحالفة مع الإمارات العربية المتحدة الحوثيين من منطقة إستراتيجية في مأرب ومحافظة شبوة المجاورة في كانون الثاني/يناير 2022. رد الحوثيون بضربات عابرة للحدود بالصواريخ والطائرات المسيرة على الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. ثم أحدثت الحرب الأوكرانية نقصاً عالمياً في الغذاء والوقود فرض ضغوطاً جديدة على جميع الأطراف.
أتاح المأزق الناجم عن ذلك مجالاً للوساطة. ففي مطلع نيسان/أبريل، أعلنت الأمم المتحدة هدنة لمدة شهرين بين حكومة هادي والحوثيين. الرياض، التي فقدت أوهامها على نحو متزايد بشأن الحرب، دعمت الاتفاق. وبعد عدة أيام، استقال هادي. وحل محله مجلس قيادة رئاسي مكون من ثمانية أشخاص، اختارهم السعوديون والإماراتيون، وهو أكثر تمثيلاً لائتلاف الفصائل اليمنية التي تحارب الحوثيين، وتحارب بعضها بعضاً بنفس القدر تقريباً.
لقد تضاءلت الآمال الأولية بأن ينجم عن ذلك تسوية أوسع. فبعد تمديدين انهارت مفاوضات قادتها الأمم المتحدة على هدنة موسعة في مطلع تشرين الأول/أكتوبر، خرّبها مطلب الحوثيين بأن تدفع الحكومة رواتب القوات العسكرية والأمنية التابعة للمتمردين. (طبقاً لمصادر في الجانبين وفي الأمم المتحدة، فإن الحكومة والسعودية كانتا قد وافقتا على دفع رواتب المدنيين لكنها امتنعت عن تغطية نفقات القوات التي تحارب ضدهما على الأرض).
القتال متوقف غالباً حتى دون هدنة. ولم تستأنف الهجمات البرية الرئيسية والهجمات عبر الحدود، وتستمر المحادثات، غالباً من خلال قنوات ثنائية سعودية–حوثية. إلا أن التوترات تتصاعد. فقد أطلق الحوثيون ما يصفونها بطلقات تحذيرية على البنية التحتية للنفط والغاز التي يسيطر عليها مجلس القيادة الرئاسي، ما أدى إلى توقف صادرات النفط. ويقولون إنه يمكن استئناف مبيعات النفط عندما تُدفع لهم ولقواتهم حصتهم من الإيرادات. رداً على ذلك، سعت الحكومة إلى وقف واردات الوقود إلى ميناء الحديدة الواقع على البحر الأحمر والخاضع لسيطرة الحوثيين، لكن الرياض منعتها من ذلك. ويذكر أن كلا الجانبين يحشدان القوات والعتاد العسكري حول خطوط الجبهة الرئيسية
إن مخاطر تجدد الحرب مرتفعة بشكل مقلق. فالبعض داخل المعسكر الحوثي يميل نحو شن هجوم آخر، لكن في حين أن الحوثيين قد يكونون أقوى حالياً من خصومهم، فإنهم يفتقرون إلى الأموال وقواتهم قد أضعفت. بدلاً من ذلك، قد يتوصلون إلى اتفاق مع السعوديين على دفع الرواتب، وتمديد الهدنة، واستعمال المال والوقت لإعادة حشد قواتهم. يأمل بعض القادة الحوثيين بالتوصل إلى اتفاق أوسع مع الرياض ينطوي على خروج السعودية من الصراع ويعزز مكانة الحوثيين بصفتهم القوة المهيمنة في اليمن. إلا أن مثل ذلك الترتيب، وبتجاهله مصالح الكثير من الفصائل المعادية للحوثيين الغاضبة أصلاً من إقصائها عن المحادثات الثنائية، من المرجح أن يغرق اليمن في مرحلة جديدة من الحرب. وحتى مع خروج السعوديين، لا يبدو مرجحاً أن يتمكن الحوثيون بسهولة من السيطرة على كل اليمن، كما فعلت طالبان في أفغانستان.
الخيار الأفضل هو التوصل إلى هدنة موسعة تمهد الطريق إلى مفاوضات يمنية–يمنية. وينبغي أن تحقق تسوية حقيقية متطلبات جميع الفصائل اليمنية الرئيسية، وقد تتطلب وساطة من الأمم المتحدة. لكن مع شعور الحوثيين بأنهم يحصلون على المزيد من خلال التعنت وعدم توفر المزاج الملائم لدى إيران للمساعدة، وهي القوة الفاعلة الخارجية الوحيدة التي تتمتع ببعض النفوذ على الجماعة، فإن مثل هذه التسوية قد تكون السيناريو الأقل ترجيحاً.
المصدر: مجموعة الأزمات الدولية