وقفة احتجاجية لطلاب كلية الهندسة والبترول بجامعة حضرموت للمطالبة بتحسين السكنات الجامعية، 11 أغسطس 2022 (إعلام محلي)
18-01-2023 الساعة 3 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | عبد الله الشادلي
مع اقتراب موعد القبول والتسجيل في كل عام، يبادر الطلاب الجامعيون في محافظة حضرموت، جنوب اليمن، إلى التسجيل في السكن التابع لجامعة حضرموت الحكومية، قبل أن يسبقهم أحد إليه.
ورغم قبول نسبة كبيرة من الطلاب في السكن الجامعي المجاني، ماتزال أعداد الطلاب الذين لا يحصلون على هذا الامتياز مرتفعة، لا سيّما في السنوات الأخيرة مع زيادة المقبلين على الدراسة. وفي أحيان كثيرة، يلجأ بعض الطلاب الذين لم يحالفهم الحظ للحصول على سكن جامعي، إلى البحث عن منازل يتشاركونها مع طلاب آخرين.
لكنَّ أسعار الشقق المرتفعة ونفقات المعيشة تحول دون تمكن قطاع واسع من الطلاب من تشارك شقق مع آخرين، مما يدفعهم وأسرهم إلى البحث عن خيارات بديلة تكون في الأغلب "السكنات الخيرية" التابعة لحزب الإصلاح اليمني والمنتشرة في المكلا عاصمة حضرموت ومناطق أخرى.
وفرت هذه السكنات منخفضة الرسوم والتكلفة تجمعات طلابية كبيرة للإصلاح من الطلاب الحضارم وحتَّى أولئك القادمين من المهرة وشبوة. ولما يُعرف عن الحزب ذي الخلفية الإسلامية، تبرز المخاوف من حالة استقطاب وتعبئة سياسية للشباب والطلاب في هذه السكنات.
وبالفعل، أكدَّت مصادر خاصة لـ "سوث24" وجود أنشطة خاصة بالإصلاح في كثير من هذه السكنات مثل إقامة محاضرات في الشريعة الإسلامية وغيرها من المحاضرات الدينية. وقدَّرت مصادر في اتحاد الطلاب بجامعة حضرموت عدد سكنات الإصلاح في المكلا وحدها بـ 12 سكناً.
استعادة الحضور
تتركز سكنات الإصلاح في المكلا والمناطق المجاورة لها، وهي رقعة جغرافية تسيطر عليها قوات النخبة الحضرمية، بعكس مدن وادي حضرموت. وفي هذه المناطق، فقد الإصلاح جزءا كبيرا من شعبيته التي تنامت إبان النظام اليمني السابق.
ويعتقد خبراء اجتماعيون حضارم أنَّ هذه السكنات ضمن استراتيجيات الإصلاح لاستعادة الحضور في مناطق ساحل حضرموت، لا سيَّما في مدينة المكلا. وبالنسبة للطلاب الذين يقيمون فيها، فإنّهم لا يجهلون حقيقة أنّها تتبع الحزب، لكنَّها غالباً تكون الخيار الوحيد أمامهم.
وتقدّم تلك السكنات العديد من الخدمات التي لا يجدها الطلاب حتَّى في السكن الحكومي نفسه، مثل وجبات الطعام واستمرار التيار الكهربائي. ويدفع الطلاب مقابل هذه الخدمات مبالغ مخفضة بشكل كبير ورمزية في كثير من الأحيان.
الشاب محمد عبد الكريم، خريج من كلية الآداب جامعة حضرموت عام 2018، أحد الطلاب الذين قطنوا في سكن تابع لحزب الإصلاح أثناء دراسته.
وقال عبد الكريم، الذي قضى فترته الدراسية في سكن "التفوّق" التابع للإصلاح بمنطقة "المساكن"، لـ "سوث24" إنَّ نشاطات مثل "المحاضرات والدروس الشرعية" كانت تتم في هذا السكن "لكنَّها ليست إجبارية."
وأضاف: "هذه النشاطات لم تكن إجبارية. أنا شخصياً لم أكن أحضرها، ولم أتلقَ عقوبة. هناك العشرات من الشباب مثلي أيضاَ، وهناك آخرون يحضرونها بانتظام." وأضاف: "مهما يكن، توفر هذه السكنات خدمات وعناية لا نجدها في السكنات الحكومية."
لكنَّ الخبير الاجتماعي، وديع باحميش، يرى أنَّ مثل هذه السكنات تمثَّل خطورة.
وقال لـ "سوث24": "قلّما تجد جمعيات خيرية ليس لها توجّه سياسي. هناك كثير من الجمعيات تتستّر بالأعمال الخيرية والإنسانية، وتكثر في حضرموت، لا سيّما في الساحل."
وأضاف: "تلك السكنات التي تمولها جمعيات تابعة للإصلاح تواري أنشطة مشبوهة، كما أنَّها توفر حجة لهذه الجمعيات عند الداعمين من تجار وغيرهم، بينما يذهب جزء كبير من الدعم في الحقيقة لتمويل أنشطة حزبية وسياسية، بل ومتطرفة في بعض الأحيان."
استغلال
نظرا لغياب الاهتمام الحكومي بالطلاب الجامعيين والوضع المرزي للسكنات الطلابية الرسمية، بالإضافة لغياب جهات أخرى عن المنافسة مع الإصلاح في هذا المضمار مثل المجلس الانتقالي الجنوبي، يجد كثير من الطلاب أنفسهم مضطرين للخيار المتوفر أمامهم.
الخبير باحميش قال إنَّ حزب الإصلاح وجمعياته يدركون تماما حاجة الطلاب، فيقومون باستغلالها.
وأضاف: "الإصلاح يلبس عباءة الدين والوسطية أمام رواد السكنات؛ ويحرص على حلقات تحفيظ القرآن، والدروس الدينية والأنشطة الترفيهية؛ في محاولة لتغيير نظرة الطلاب عن الحزب، ولكسب ثقتهم أيضاً."
وأردف: "ذلك من شأنه أن يخلق جيلا إصلاحيّا بامتياز، يتقبّل مفاهيم الإخوان المسلمين، التي يدأب الحزب على زرعها في أدمغة الشباب والمراهقين خلال فترة إقامتهم في تلك السّكنات، عبر استضافة بعض المؤثرين في الحزب."
توغل
في ديسمبر الماضي، كشفت مصادر صحفية عن توزيع استمارات عضوية لحزب الإصلاح اليمني داخل حرم جامعة حضرموت بالمكلا، خلال فترة انتخابات اتحاد المجلس الطلابي. [1].
وأثارت الواقعة جدلاً واسعاً، ورفض كثيرون زج جامعة حضرموت والطلاب في السياسة والترويج الحزبي. لكنَّ قيادي في إصلاح حضرموت نفى أن يكون الأمر مدبراً أو معداً له سلفاً.
وقال رئيس الدائرة السياسية للإصلاح في حضرموت، محمد أحمد بالطيف، في تصريحات سابقة لـ "سوث24": "نحن غير مسؤولين عمَّن يوزع هذه الاستمارات في الأماكن غير المناسبة مثل الجامعات. بحوزتي العديد منها ويمكن أن أعطيها لمن يريد لكن لا يجب إشراك التعليم في أي نشاط سياسي."
لكنَّ مصادر لـ "سوث24" في اتحاد طلاب جامعة حضرموت، طلبت عدم الإفصاح عن هويتها، قالت إنَّ كلام بالطيف "لا يمثَّل الحقيقة."
وأضافت: "من الطبيعي أن ينكر صلة حزب الإصلاح بالأمر. رئيس الدائرة السياسية للحزب وقيادات أخرى يقفون خلف ذلك ويروجون للإصلاح في صفوف الطلاب."
وبالفعل، حصدت كتلة التجمع اليمني للإصلاح أغلب المقاعد في المكتب التنفيذي ولجنة الرقابة والتفتيش، باتحاد الطلاب في جامعة حضرموت، وفقا لما نشره الموقع الرسمي للحزب. [2]
ويواجه رئيس جامعة حضرموت، محمد خنبش، تهما بوجود صلات مع حزب الإصلاح اليمني. وفي سبتمبر 2020، قال الناشط الحضرمي محمد باحميد أنَّ خنبش رفض دعما من المجلس الانتقالي الجنوبي للجامعة آنذاك، اشتمل على معدات وأدوات سلامة، ثم وجه باستلامه دون حضور قيادة الجامعة. [3]
وأضاف: "بعدها بأيام قررت إحدى جمعيات الإصلاح التدخل ودعم الجامعة بالكمامات والمعقمات، نكاية بالمجلس الانتقالي الجنوبي، وتم دعوة وسائل إعلام تابعة لهم لعمل ضجة إعلامية وبحضور رئيس الجامعة ونوابه وكوادر حزب الإصلاح."
وحاول «سوث24» التواصل مع رئيس الجامعة، أكثر من مرة، للتأكد من هذه الادعاءات، إلا أنَّنا لم نتلقَ ردّاً حتّى لحظة نشر التقرير.