المرضى في حضرموت: ضحايا القطاع الخاص بعد توقف الدعم الحكومي

المرضى في حضرموت: ضحايا القطاع الخاص بعد توقف الدعم الحكومي

التقارير الخاصة

الثلاثاء, 11-01-2022 الساعة 09:57 مساءً بتوقيت عدن

سوث24| عبدالله الشادلي 

يعاني  مرضى محافظة حضرموت، في جنوب اليمن، من استغلال القطاع الصحي الخاص، بعد تراجع القطاع الحكومي نتيجة توقف الدعم الذي تقدمه السلطة المحلية لهذا القطاع [1].

وكانت السلطة المحلية في المحافظة الغنية بالنفط، قد خصصت نسبة من ضرائب بيع نبتة "القات"، الشهيرة في اليمن، لصالح القطاع الحكومي، قبل أن يتوقف هذا المخصص في إبريل 2020 مع منع توريد القات إلى المحافظة.

وكان هذا المخصص يساهم في تعزيز قدرات المستشفيات واستقرار العمل الصحي وتقليل العبء على المواطنين محدودي الدّخل، وتوفير عناء ارتياد المستشفيات الخاصّة، وفقاً لمصادر صحية مسؤولة لـ سوث24.

وبالرغم من عودة توريد القات إلى حضرموت في يوليو من ذات العام، إلا أنَّ المخصص من ضرائب بيع هذه النبتة لم يعد حتَّى الآن، طبقاً لذات المصادر.

استقالات 

وأدى توقّف المخصص المالي للقطاع الصحي الحكومي لموجة من الاستقالات الجماعية في عدة مرافق صحيّة في ساحل حضرموت.

وكانت أولى هذه الاستقالات هي استقالة مدير مكتب وزارة الصحة العامة والسكان، الدكتور عبدالله مبارك كعيتي، في الـ14 من أغسطس/آب 2020، من منصبه الذي عُين فيه خلفاً للمدير الراحل رياض الجريري، في الأول من يونيو/حزيران 2020.

وفي خطاب لمحافظ حضرموت، أرجع كعيتي أسباب الاستقالة إلى "تردي الوضع الصحي" في ساحل حضرموت، و"عدم وجود الإمكانيات" التي تسمح بتقديم خدمة إنسانية جيدة لأهالي المحافظة.

وعلى غرار استقالة مدير مكتب الصحة كعيتي، أعلن أطباء وطبيبات العموم في هيئة مستشفى ابن سينا العام في الأول من أكتوبر/تشرين الثاني 2020 استقالة جماعيّة؛ احتجاجا على هضم حقوقهم المالية وتردي الوضع في المستشفى.

وجاءت استقالة الأطباء البالغ عددهم 110 بعد تنفيذهم سلسلة وقفات احتجاجية وإضرابات كان آخرها في 22 سبتمبر/أيلول 2020.
المرضى في حضرموت: ضحايا القطاع الخاص بعد توقف الدعم الحكومي
قسم الطوارئ -  مستشفى ابن سينا العام في مدينة المكلا 11 نوفمبر 2021 (سوث24، عبد الله الشادلي)  

وقالت المصادر لـ«سوث24» إن "أسباب تقديم الاستقالة تعود لتوقيف الدعم عن المستشفى البالغ نحو 20 مليون ريال، الذي كان يتسلمه شهريّاً من السلطة المحلية بحضرموت".

ولفتت المصادر أنّ "الدّعم الذي كان يتحصّل عليه المستشفى سدَّ جزءاً من احتياجاته"، مشيرةً إلى أنّ العمل استمرّ بشكل جيد حتى تقرّر رفع الدعم كليّاً.

وبحسب البيان الصادر عن الأطباء العموم، فإن الاستقالة الجماعية جاءت بسبب عدم إيفاء السلطات في المحافظة وإدارة المستشفى بالوعود التي قطعت منذ ظهور فيروس كورونا المسبب لمرض (كوفيد - 19).

وامتدادا لموجة الاستقالات الجماعيّة، أعلن أطباء العزل والفرز بمركز الحميات بهيئة مستشفى ابن سينا استقالتهم والتوقف عن العمل اعتبارًا من 31 أغسطس/آب 2021.

وجاء في بيان الاستقالة الذي وقعه 18 طبيبًا ومقيمًا بالمركز، أنّ "عدم الاستعداد للموجات المتكررة للحميات وكورونا أجبر العاملين على الاستقالة".

وذكر البيان أن هناك نقصاً حاداً في السعة السريرية وعدم توفر كميات كافية من الأوكسجين، إضافة إلى المماطلة والتسويف بحقوق الأطباء والعاملين بالمركز. 

ودخل متعاقدو المستشفيات الحكومية بساحل حضرموت في سلسلة اضرابات أخرى للمطالبة بحقوقهم، ما سبب شللا في المرافق الصحيّة لاسيّما بعد امتناعها عن استقبال الحالات المرضيّة في أوقات الإضراب، وفقاً لما قاله مواطنون لـ«سوث24».

كما نفذ متعاقدو المستشفيات الحكوميّة بساحل حضرموت، الذين يعملون بالأجر اليومي، سلسلة إضرابات للمطالبة بإنصافهم؛ حتى خلص الأمر باستقالات جماعية بعد صمت الجهات المعنيّة عن ذلك. [2]

استغلال 

وفي ظلّ تردّي نشاط قطاع الصّحة الحكومي واستمرار الاضرابات، اتّجه كثير من المرضى إلى القطاع الخاص لتلقي العلاج.

وفي حديث لـ "سوث24"، اتهمت مصادر صحية القطاع "بتقديم نسبة للأخصائيين الذين يشيرون على المرضى بالذهاب إلى مستشفى معيّن"، معتبرةً أنّ ذلك يزيد الكلفة على المريض.

وفي معرض اتهاماتها للقطاع الخاص، تقول المصادر إنّ بعض العمليّات الجراحية التي يتطلب اجراؤها 20 ألف ريال في المستشفيات الحكومية، تجرى بمبلغ 100 ألف ريال غير شاملة لنسبة الأخصائي التي قد تصل إلى نحو 60 في المئة في المستشفيات الخاصة.

ويشعر مواطنون في حضرموت أنّ المستشفيات الخاصة تستغلّ مرتاديها.

ويقول سالم باسوّاد - وهو مواطن من وادي حضرموت - لـ«سوث24» إنّ "تكاليف العلاج باهظة في المستشفيات الخاصة ولا يستطيع المواطن البسيط تحمّل أعبائها"، زاعماً أنّ نتائج الأداء "لا تكون سارّة أحيانًا".

ويتّهم مواطنون محليون بعض المستشفيات الخاصّة "بالجشع" على حساب صحّة بعض المرضى الذين لا تتوفّر لديهم تكاليف العلاج ورفض استقبالهم بشكل نهائي.

لكنّ الدكتور أيسر البعداني، المدير العام لمستشفى الريّان التخصصي بالمكلا، أكد لـ«سوث24» أنّه "يتمّ اسعاف الحالات الحرجة مباشرةً من منطلق الإنسانيّة"، مشيراً إلى أنّ بعض الحالات من الصعب أخذ مقابل منها، لاسيّما ما وصفها بـ "المُعدمة".

ويقول البعض إنّ "قيمة الترقيد في بعض المستشفيات الخاصّة تتفاوت بين الـ20 ألف ريال إلى الـ30 ألفاً لليوم الواحد، غير شاملة لتكلفة العلاج، وعلاوة على ذلك يُجبَر المريض على دفع ضمانة تقدّر بنحو 100 ألف ريال".[3]