20-09-2021 الساعة 7 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| قسم الترجمات
استعرض تقرير لصحيفة الـ "فينانشيال تايمز" البريطانية، التنافس الأميركي الصيني على منطقة الخليج العربي، وتوجه بلدان الخليج المتزايد نحو بكين المتنامية القوة والنفوذ باستمرار، في ظل مخاوف واشنطن من هذا التوجه.
ووفقاً للتقرير، الذي ترجم "سوث24" أجزاء منه، فإنَّه "في الوقت الذي تطرّق فيه أول مسؤول إماراتي رفيع المستوى يزور إدارة بايدن إلى واشنطن، كانت الرسالة التي سعت الدولة الخليجية إلى الترويج لها هي "قوة واستمرارية" الشراكة بين البلدين. ولكن عندما جلس أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، مع نظرائه الأمريكيين، كانت إحدى علاقات الدولة الخليجية الأخرى هي محور الكثير من المناقشات: الصين".
وأوضحت الصحيفة "لطالما كانت الإمارات العربية المتحدة واحدة من أقرب شركاء واشنطن في الشرق الأوسط. الاستثمار بكثافة في الأصول الأمريكية، وشراء عشرات المليارات من الدولارات من الأسلحة الأمريكية ودعم القوة العظمى في العمليات العسكرية، من الصومال إلى أفغانستان والمعركة ضد مسلحي القاعدة في اليمن".
ومع ذلك، وفقاً للـ "فينانشيال تايمز"، فإنَّ "تعميق علاقاتها مع بكين يضيف طبقة من التوتر إلى التحالف مع موقف واشنطن المُتشدّد بشكل متزايد تجاه الصين، ويثير المخاوف بشأن الآثار الأمنية المحتملة لشركائها الذين يستخدمون التكنولوجيا الصينية، مثل شبكة الاتصالات 5G من هواوي.
عامل هواوي
"يصر المسؤولون الخليجيون على أنَّ واشنطن لا تزال حليفهم الأول، مشيرين إلى العلاقة الأمنية التاريخية والاستثمارات الضخمة في الولايات المتحدة، لا سيَما في سندات الخزانة، فضلاً عن العلاقات الثقافية التي تطورت مع دراسة الشباب العرب في المدارس والجامعات الأميركية والانتشار لأفلامها ومسلسلاتها وموسيقاها. ويضيفون أنَّه لا يوجد احتمال بأن تحل الصين محل الولايات المتحدة كقوة عسكرية أجنبية مهيمنة في المنطقة، أو المصدر الرئيسي للأسلحة إلى القوى الخليجية".
تتابع الصحيفة، "ولكنَّ مع تطلع حكام المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الأكثر حزما - وهما أكبر اقتصادين في الشرق الأوسط وشركائهما التقليديين في الولايات المتحدة - إلى تنويع علاقاتهم وإبرام قوتهم من خلال تحالفات أوسع، كلما نظروا شرقاً".
تضيف، "ويقول المسؤولون إنَّه في كثير من الأحيان خيار عملي، حيث توفر الصين تكنولوجيا أرخص وأكثر سهولة من الخيارات الغربية، مع تكنولوجيا الجيل الخامس من هواوي كمثال رئيسي على ذلك. كما أن بكين مستعدة لبيع معدات لدول الخليج التي لا ترغب واشنطن في بيعها، وهي تأتي من دون شروط سياسية".
ويشير المحلل السعودي علي شهابي، في حديث مع الـ "فينانشيال تايمز"، إلى أنَّهُ "سيتم القيام بالمزيد والمزيد مع الصين لأسبابٍ واضحة،: أولاً وقبل كل شيء الصينيون على استعداد لنقل التكنولوجيا وليس لديهم الكونغرس للمضايقة والعرقلة؛ ثانياً، الصين هي أكبر سوق لنا، وثالثا، الصين لديها نفوذ مع إيران [منافس المملكة العربية السعودية]. إنَّها الحليف الوحيد لإيران، وهو مهم للغاية بالنسبة للمملكة العربية السعودية".
واستشهد شهابي بقرار الرياض استخدام هواوي 5G في "نيوم"، مشروع التطوير الرئيسي لولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، بقيمة 500 مليار دولار، والذي يشمل أيضاً مدينة مستقبلية، كدليل على "العلاقة المزدهرة" بين الصين والسعودية.
وطبقاً للصحيفة، فإنَّه "وعلى مدى العقدين الماضيين، ارتفعت التجارة بين البلدين من أقل من 4 مليارات دولار في عام 2001 إلى 60 مليار دولار في عام 2020، نصفها تقريبا واردات صينية".
الكفاح من أجل النفوذ الإقليمي
"كانت السعودية، التي كانت ذات يوم من أشد المعارضين للشيوعية ومؤيدة لتايوان - التي تصفها بكين بأنها مقاطعة متمردة - مُتخلفة عن العالم العربي عندما أقامت علاقات رسمية مع الصين في عام 1990. وعادت جذور هذه الخطوة جزئيا إلى الإحباط الذي يشعر به الحكام السعوديون تجاه واشنطن"، أشارت الصحيفة.
تتابع، "في منتصف الثمانينيات كانت المملكة يائسة لتأمين صواريخ من الولايات المتحدة كرادع لإيران. وعندما رفضت واشنطن الطلب، اقترب العاهل السعودي الملك فهد سراً من بكين ورتب لشراء صواريخ باليستية صينية".
"في الآونة الأخيرة، كان رفض الولايات المتحدة بيع طائرات مسلحة بدون طيار إلى دول الخليج هو الذي دفع كل من الرياض وأبو ظبي إلى شراء الأسلحة من الصين بدلا من ذلك. بعد أن أجرى العاهل السعودي الملك سلمان، وولي العهد، محمد بن سلمان، محادثات مع الرئيس شي جين بينغ في بكين في عام 2017، تم الاتفاق على إنشاء مصنع صيني للطائرات بدون طيار - وهو الأول في الخليج - في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا في المملكة".
ولفتت الصحيفة "وقد اتخذت كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة خطوات رسمية لتعميق علاقاتهما مع الصين في السنوات الأخيرة".
واستعرض التقرير هذه الخطوات: " في كانون الثاني/يناير 2016، أصدرت بكين أول ورقة سياسة عربية، بحثت في كل شيء من الأمن إلى التجارة ومكافحة الإرهاب. وفي الشهر نفسه، اتفقت المملكة العربية السعودية والصين على إقامة "شراكة استراتيجية شاملة" لتعزيز العلاقات السياسية والثقافية والأمنية والعسكرية خلال زيارة قام بها الرئيس الصيني إلى المملكة. وتسعى دول الخليج للاستفادة من مبادرة بكين للحزام والطريق، وربطها الأمير محمد، حاكم المملكة اليومي الذي يشارك في رئاسة "اللجنة المشتركة رفيعة المستوى بين الصين والمملكة العربية السعودية"، بخطته الخاصة "رؤية 2030".
"واتفقت الإمارات والصين على إقامة "شراكة استراتيجية شاملة" خاصة بينهما مع التركيز على العلاقات الاقتصادية ونقل التكنولوجيا وتكنولوجيا المعلومات والطاقة عندما زار الرئيس الصيني أبوظبي في عام 2018. ولكن كانت هناك أيضا جوانب سياسية وعسكرية لاتفاقاتهما، بما في ذلك الرغبة في "تعزيز التعاون العملي بين الجيشين" في "مختلف القوات والأسلحة، والتدريب والتأهيل المشتركين للأفراد، ومجالات أخرى".
وأشارت الصحيفة إلى أنَّ دول الخليج "تقدّر الصين وتعهداتها بعدم التدخل في الشؤون الداخلية"، لافتة إلى "قضية خاشقجي، وأقلية الأويغور المسلمة في الصين"، كدليل على الالتزام المتبادل من الطرفين.
وأوردت الصحيفة تعليقاً لـ "جوناثان فولتون"، الخبير في العلاقات الصينية الشرق أوسطية في جامعة زايد في أبو ظبي، وصف فيها علاقات القوى الخليجية ببكين بأنَّها "تحوّط جيد لقادة الخليج".
ويقول فولتون: "إنَّهم ينظرون إلى الصين ويرون قوة صاعدة تخلق الكثير من الفرص ولا تطالب بالكثير، في حين تميل الدول الغربية إلى الارتباط بقضايا حقوق الإنسان، أو الأيديولوجية السياسية." إنَّ الصين لديها مبدأ حازم جداً بعدم التدخل فى سياستها الخارجية... "لن نخبرك بما يجب عليك فعله ولن نتورط في السياسة".
ويعتقد أنَّ الولايات المتحدة "لا تزال لديها القدرة على التأثير على اتجاه العلاقات بين الصين والخليج، مضيفاً "من المستحيل أن يمنعوا ذلك من الحدوث، لا أعتقد أنَّ هناك أي تغيير، انظروا فقط إلى الأسواق، والتوقعات السكانية: مركز الثقل العالمي، والجاذبية الاقتصادية، يتحرك باستمرار شرقاً".
صحيفة "فينانشيال تايمز" البريطانية، النص الأصلي
معالجة إلى العربية: مركز سوث24 للأخبار والدراسات
- الصورة: (Getty Images)