محافظ شبوة بجتمع بالقيادة الأمنية بالمحافظة 26 يوليو 2022 (رسمي)
28-07-2022 الساعة 12 صباحاً بتوقيت عدن
سوث24 | عبد الله الشادلي
شهدت محافظة شبوة، جنوب اليمن، أحداثا أمنية عديدة خلال الأسابيع الأخيرة أعادت الملف الأمني بالمحافظة الغنية بالغاز إلى واجهة النقاش والتساؤلات مجدداً. فبالإضافة لهجمات عدَّة شنها القاعدة على قوات دفاع شبوة [النخبة الشبوانية سابقا]، شهدت عتق، عاصمة المحافظة اشتباكات بين القوات الخاصة وقوات دفاع شبوة خلَّفت قتلى وجرحى.
قادت الاشتباكات بين القوتين الأمنيتين إلى توجيه محافظ شبوة، عوض العولقي، بفتح تحقيق فيها، وإيقاف قائد القوات الخاصة، العميد عبد ربه لعكب، وقائد اللواء الثاني – دفاع شبوة، العقيد وجدي باعوم، من مهامهما، وتكليف شخصين آخرين بدلا عنهما في قرارات وصفت بـ "القوية والحازمة".
وبينما تتعالى الأصوات المطالبة بتسليم الملف الأمني بشبوة إلى قوات دفاع شبوة التي عادت إلى المحافظة مطلع العام الجاري، يرى آخرون من أبناء المحافظة أن التوافق بين هذه القوات والقوات الخاصة التي ينتمي معظم أفرادها للمحافظة أمر مطلوب. ومع ذلك، تُشكل قيادة القوات الخاصة المتهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة والولاء لحزب الإصلاح عائقاً حقيقياً، وفقاً لمراقبين.
الحالة الأمنية
وفقاً للناشط والسياسي الشبواني، عبد الحميد العولقي، فإنَّ قوات دفاع شبوة لديها 3 نقاط أمنية بالمحافظة، وتسيطر على عدد من المنشآت الحيوية والحكومية الهامة.
وقال العولقي لـ "سوث24": "تتمركز هذه القوات في مطار عتق الدولي، معسكر مُرّة، معسكر العَلم، ومستشفى الهيئة العام. لديهم ثلاث نقاط رسمية، على مدخل عتق الشرقي بالقرب من مفرق الصعيد، ونقطة على خط العبر، والأخرى في الدّوار الجديد، مدخل عتق الغربي".
وأضاف العولقي: "بالنسبة لقوات الأمن الخاصة، فهي تتمركز في معسكر الشهداء، الذي كان معسكر اللواء الرابع نخبة شبوانية. لديهم نقاط في مفرق المُصِيِنِعة، غرب عتق، ونقطة الكهرباء، وسط عتق، ونقطة العكف، شرق عتق، ونقطة البياض، شمال عتق، باتجاه العبر".
وعن الوضع الأمني بالمحافظة، قال العولقي: "الوضع مستقرّ إلى حد كبير، خاصة بعد توجيهات من المحافظ ومدير الأمن بانتشار قوات دفاع شبوة في شوارع عتق لمنع حمل السلاح داخل المدينة".
وأضاف: "لقد لاقت الحملة استحسان المواطنين ورحبوا بها لأنَّها أعادت بذاكرتهم الى أيام النخبة الشبوانية. هناك تعاون وتنسيق مشترك، بين قوات دفاع شبوة وألوية العمالقة والقوات المشتركة والأمن العام".
أسباب الاشتباكات
في 19 من يوليو الجاري قتل جندي وأصيب خمسة آخرون في اشتباكات بين القوات الخاصة وقوات دفاع شبوة، في مدينة عتق.
ووفقاً لمصادر محلية لـ "سوث24"، فإن اشتباكات اندلعت عقب تجاوز سيارات مدنية محملة بجنود القوات الخاصة نقطة أمنية لقوات دفاع شبوة، وخلفت قتيلا وجريحين من القوات الخاصة، وجريحين من دفاع شبوة.
واتهمت وسائل إعلام تابعة لحزب الإصلاح الإسلامي قوات دفاع شبوة بمحاولة اغتيال العميد عبد ربه لعكب، قائد القوات الخاصة، في الاشتباكات التي تزامنت مع حملة نزع السلاح في عتق. ووقعت هذه الاشتباكات بعد أيام قليلة من حادث مماثل في نقطة الكهرباء خلفت جريحا من المواطنين، طبقاً لمصادر محلية.
ويرى عبد الحميد العولقي أنَّ القوات الخاصة هي المسؤولة عن الاشتباكات التي شهدتها عتق. وقال الناشط إنَّ هذه القوات "رأت أنَّ الحملة الأمنية لنزع السلاح التي نفذَّتها قوات دفاع شبوة ستخطف الأنظار منها وتكسب شعبية المواطنين". وأضاف: "أعتقد أنّ هذه المشكلة في شبوة ليست وليدة اليوم، ولها تراكمات سابقة".
واتهم ركن استطلاع اللواء الأول دفاع شبوة، حيدر علي الحارثي، القوات الخاصة بـ "ممارسة الاستفزازات".
وقال الحارثي لـ "سوث24": "القوات الخاصة تُمارس بعض الأعمال الاستفزازية أثناء مرورها في نقاط قوات دفاع شبوة. منها: عدم التوقف واجتياز النقاط بسرعة ودون احترام للجنود".
لكنَّ القيادي زعم أن قوات دفاع شبوة "لا ترد على هذه التصرفات وتلتزم بكافة الإجراءات في نقاط قوات الأمن الخاصة، ما لم تتعرض لاستفزازات متعمّدة، مثل: المشادات الكلامية والكلام البذيء".
في المقابل، نفى قيادي في القوات الخاصة صحة كل هذه الاتهامات.
وقال القيادي، الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه، لـ "سوث24": "نحن لسنا سبباً في الاشتباكات مع قوات دفاع شبوة، ولم نكن يوما كذلك مع أي وحدة عسكرية أو أمنية. نحن نقوم بمهامنا وواجباتنا وفق مسرح عملياتنا".
وأضاف: "ما حدث في الآونة الأخيرة، من احتكاكات ومناوشات، عائد إلى التداخل في مسرح العمليات، وتنفيذ قوات دفاع شبوة مهام خارج صلاحياتها، وهي من اختصاص وحدات أخرى".
وتابع: "يتحمل هذا الأمر الجهات المسؤولة التي قامت بتكليف قوات دفاع شبوة بمهام في نطاق مسرح عمليات وحدات أخرى، مما نجم عنه تداخل في الصلاحيات، وبالتالي الى حدوث مثل هذه الإشكاليات. هُناك أطراف تدفع بأفراد من دفاع شبوة لافتعال أي أحداث قد تؤدي إلى عدم الاستقرار أو اختلاق فتنة في المحافظة".
توحيد القوى
وحول إمكانية توحيد العمل الأمني في شبوة وعمل القوات الخاصة وقوات دفاع شبوة معاً، قال القيادي بدفاع شبوة الحارثي: "ليس لدينا مشكلة في ذلك، بل نطالب بتوحيد جميع الجهات الأمنية، تحت إدارة واحدة من أبناء المحافظة. شبوة لن تقبل بتلقّي الأوامر من الجهات الخارجية".
وأضاف: "لا يُمكن أن يسير العمل في ظلّ وجود قوات ليست خاضعة للسلطة أو لمدير أمن شبوة وتتلقى أوامرها من خارج المحافظة". وأشار الحارثي إلى أنَّ "كثير من منتسبي القوات الخاصة غير رسميين ولا يحملون أرقاماً عسكرية".
من جانبه، قال القيادي بالقوات الخاصة: "نحن على استعداد للعمل والتعاون مع أي وحدات أمنية في المحافظة طالما هذه الوحدات تعمل في إطار الشرعية، وتعمل على الحفاظ على أمن واستقرار المحافظة".
انعكاسات
يؤكد محللون وخبراء أنَّ غياب التوافق الأمني في شبوة واستمرار الخلافات قد ينعكس بالإيجاب على نشاط تنظيم القاعدة بالمحافظة، ويعمل على تعزيزه.
وحول هذا، قال رئيس مركز المعرفة للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، الدكتور عمر باجردانة: "غياب التوافق بين القوات الأمنية في شبوة خطر".
وأضاف لـ "سوث24": "استمرار غياب التوافق بين وداخل القوات الأمنية بشبوة، يُعد خللاً جوهرياً وتنظيمياً في هذه القوات، مما ينعكس على قدرتها وتماسكها ضمن إطارها التنظيمي، وبين قدرتها على القيام بوظائفها التي وجدت من أجلها وبين أنها تكون مصدراً أمنياً واستقرار للمجتمع".
وتابع، "المجتمع يعيش حالة سيئة وأوضاعاً بالغة التعقيد والصعوبة؛ نتيجة آثار الحرب وغياب وضعف أداء مؤسسات الدولة والحكومة التي لازالت تلقي بظلالها على الأوضاع التي تعيشها المحافظة ويعيشها الوطن بشكل عام على كافة الأصعدة".
وتوقع باجردانة أن "غياب التوافق بين القوات العسكرية والأمنية في ظل تداعيات الوضع الراهن، يُنذر بنشوب حرب داخلية بين فصائل، ودخول المحافظة في دوامة صراع مستمر".
وأضاف: "الضعف الأمني، وعدم انسجام القوات الأمنية وتوافقها، يشكّل حالة من الاهتزاز والارتباك، داخل قوام أي قوة؛ مما قد يجعلها هشّة وغير قادرة على مواجهة التحديات والأخطار الأمنية التي قد تُهدد وجودها وتُهدد المجتمع".
ولفت الخبير إلى أنّ "اختراق البنى التنظيمية والعقائدية والعسكرية، يجعل من هذه القوات هدفاً للجماعات الإرهابية، حيث يسهّل مواجهتها والانقضاض عليها".
صراع سياسي؟
عمليا، تتبع قوات دفاع شبوة المجلس الانتقالي الجنوبي، فيما تحسب القوات الخاصة على حزب الإصلاح أو على الأقل قيادة هذه القوات، وهو ما يضع احتمالية كون الخلافات بين القوتين سياسية.
القيادي بقوات دفاع شبوة، الحارثي، لم يستبعد الدعم الشمالي لتفجير الأوضاع في شبوة. وقال: "القائمون على تغذية هذا الصراع سياسيون لضمان بقاء شبوة وثرواتها في قبضة النّافذين الشماليين".
لكن القيادي بالقوات الخاصة الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه قال لـ "سوث24": "لا يوجد لدينا أي صراع سياسي مع أي وحدة من وحدات الشرعية، طالما أنها تعمل معنا في نفس الخندق، ولديها نفس توجهات الشرعية".
وأضاف: "إذا كان هناك من أفراد أو قيادات لديها بعض الإملاءات أو التوجهات المخالفة، فإننا ندعوهم الى تغليب مصلحة المحافظة فوق كل المصالح، فشبوة هي بيتنا وإن تعددت المسميات".
"هناك نظرة مشبوهة للقوات الخاصة من قبل المجتمع الشبواني"، قال الخبير باجردانة. وأضاف: "هذا يعود لأنَّ هذه القوات أُنشِأت من قبل نظام علي عبد الله صالح، الذي كان له دور في تدمير الجنوب واجتياحه عسكرياً في حرب 1994".
الحلول
حظيت إجراءات محافظ شبوة، عوض العولقي المتعلقة بأحداث عتق بإشادة واسعة في داخل وخارج المحافظة، حيث عملت على سحب فتيل الخلاف قبل توسعه كما يرى كثيرون منهم.
وكان العولقي قد حذَر في فيديو مصور، الاثنين، من محاولة زعزعة الأمن في شبوة، بعد إيقافه لقائد القوات الخاصة وقائد اللواء الثاني دفاع شبوة. ومع أنَّ المحافظ أشار صراحة لمخالفة قائد القوات الخاصة لحملة نزع السلاح بعتق وتجاوزه نقطة دفاع شبوة، إلا أنَّه أشار إلى "انتظار نتائج التحقيقات التي ستخرج بها اللجنة برئاسة قائد محور عتق قبل أي استباق".
ويعتقد الناشط عبد الحميد العولقي أن الحل الأمثل للملف الأمني بشبوة هو: "إبعاد كل القيادات العسكرية التي سببت القلاقل وعبثت في المحافظة وأدارت سجونا سرية ومعتقلات تحت الأرض".
وأضاف: "يجب جعل كل القوات الأمنية تحت غرفة عمليات مشتركة، تقودها ألوية العمالقة وقوات دفاع شبوة ويرأسها المحافظ، وهيكلة القوات الخاصة والنجدة، وإبعاد بعض قياداتها الذين يتلقون تعليماتهم من محافظة مأرب اليمنية".
وفي هذه الأثناء ينتظر الشارع الشبواني والجنوبي نتائج التحقيقات التي ستخرج بها اللجنة العسكرية، وما سيتمخض عنها. وبغض النظر عن هذه النتائج، يجمع أبناء شبوة على أن الوضع الاستثنائي الذي تمر به المحافظة في ظل التهديدات الحوثية وتهديدات التنظيمات المتشددة يتطلب قبضة أمنية ذكية وتامة على المحافظة، بعيدا عن التجاذبات والاختلافات.