رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي بجوار أمين عام مجلس التعاون الخليجي في ختام مشاورات الرياض، 7 أبريل 2022 (رسمي)
19-05-2022 الساعة 8 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | نبيل خوري
"إذا كان من الممكن إنهاء الأمر بدون عواقب فلتفعل ذلك في أسرع وقت"
يعد هذا الاقتباس المقتطف من مسرحية "ماكبث" لشكسبير ملائما تمامًا لوصف ما حدث في الرياض خلال الشهر الماضي. لقد كان عزل الرئيس هادي ونائب الرئيس علي محسن الأحمر في 9 أبريل عملا طال انتظاره ولكن عندما حدث في النهاية، تم تنفيذه بسرعة وبدون مراسم لا لزوم لها.[1] كما أنّ تأسيس المجلس الرئاسي اليمني الجديد جاء بسرعة مماثلة في سياق مؤتمر عقد بالرياض برعاية مجلس التعاون الخليجي.
وبعكس العديد من اجتماعات المجلس الماضية، أثمر هذا الاجتماع عن نتائج ملموسة قد يكون لها تأثيرًا عميقا على مسار حرب اليمن. إن هدنة الشهرين المتفق عليها كانت في حد ذاتها علامة جيدة، كما صاحبها وعد برفع جزئي للحصار يمكنها أن تمهد الطريق جيدًا لمفاوضات سلام جادة. ومن حيث المبدأ، فإن فكرة المجلس الرئاسي ملائمة للصراع في اليمن. ومع ذلك، فإن تأثيرها قد يكون إيجابيًا أو سلبيا حيث يعتمد ذلك على نظرة الفصائل المكونة له إلى المجلس وكيف سيتعامل معه الحوثيون (أنصار الله). وكما هو الحال في تراجيديا شكسبير، فإنّ الإطاحة بزعيم واحد يتسبب أحيانا في قلب الأوضاع برمتها.
أولا، الجوانب الإيجابية:
إنّ الجانب الإيجابي الذي كان يحتاجه الصراع اليمني يتمثل في تجمع الأبطال الرئيسيين، زعماء المناطق والفصائل المختلفة الذين يتنافسون على السلطة في هذه الدولة. لقد حدث هذا الشيء في "الحوار الوطني"[2] عام 2014 حينما أبرم ما يربو عن 500 مندوب اتفاقيات تتعلق بكل شيء من حرية المرأة مرورًا بحقوق التصويت والهيكل الحكومي والمؤسسات، بيد أنه فشل في إقناع الأطراف الرئيسية للصراع بالاتفاق على هيكل فيدرالي وحدود وحقوق كل إقليم. وفي النهاية، لم تتم تسوية صراع السلطة على نحو يرضي جميع الأطراف، وبالتالي أصبحت التوصيات الأخيرة التي تمخّض عنها "الحوار الوطني" خارج السياق.
والآن، يَجمع المجلس الرئاسي الأبطال الرئيسيين، أو على الأقل ممن كانوا يعرفون حتى السابع من أبريل بمسمى "الشرعية". ومن منظور سطحي، تبدو "الرياض 3" محاولة أخرى لسد الفجوة بين حكومة هادي بقيادة حزب المؤتمر الشعبي العام وبين الجنوب الذي يمثله بشكل رئيسي المجلس الانتقالي الجنوبي. وبالإضافة إلى ذلك يضم المجلس أيضا طارق صالح، نجل شقيق الرئيس الراحل علي عبد الله صالح الذي قُتل في ديسمبر 2017 ويشغل منصب قائد القوات المشتركة والتي تضم ألوية العمالقة (لم تكن أبدًا جزءا من تحالف هادي)، بالإضافة إلى تمثيل قبلي من حضرموت ومأرب وصعدة [3] من أجل المزيد من التدبير. نتيجة ذلك على ما يبدو تشمل تمثيلًا إقليميًا وائتلافا محتملًا باستثناء صنعاء والحوثيين بالطبع. و"هنا تكمن المشكلة" وفقا لاقتباس آخر من شكسبير.
إنّ الإطاحة بالرئيس هادي ونائبه علي محسن الأحمر يمثل في حد ذاته شيئا جيدًا. سواء من أجل السلام أو الحرب. لقد فشل هادي في إثبات زعامته حيث افتقد الدافع وقام بتسليم نفسه بشكل كامل للنفوذ السعودي، ولذلك لم يأخذ أبدا زمام المبادرة ولم يستطع فرض نفسه على الجنوب أو يبرم ترتيبات عملية مع القادة الجنوبيين. نائب الرئيس علي محسن الأحمر لم يكن أبدًا زعيمًا محتملًا بسبب شراكاته وطبيعته الغامضة التي دفعت العديد من اليمنيين إلى عدم الوثوق به. وبالمقابل، فإنّ رشاد العليمي، البرجماتي الذي يشير تاريخه إلى قدرته الإدارية الجيدة، يبدو ملائما للإشراف على المجلس الرئاسي. إنه يستطيع التوسط لتقريب الاختلافات وتنسيق الجهود سواء من أجل السلام أو الحرب. سوف يتعاون العليمي بشكل جيد مع القيادة السعودية والمبعوث الأممي الخاص. ومن الناحية الإقليمية، فإن حقيقة أنّ مجلس التعاون الخليجي هو الراعي لمؤتمر الرياض تمثّل علامة على أن الرياض وأبو ظبي تجنبا صدامًا في الرأي والقيادة وقررتا العمل بشكل جيد معًا في الخطوات القادمة. وعلاوة على ذلك، فإنّ العليمي اختيار جيد نظرًا لقدرته على العمل مع كلتا الدولتين. لقد كان التغيير في القيادة في محله، وما حدث في الرياض كان إيجابيًا فيما يتعلق بهذه الجبهة خصوصا.
ثانيًا: العقبات
إذا اتفق الزعماء المحليون والإقليميون الذين التقوا في الرياض على طريق دبلوماسي للمضي قدما إلى الأمام، وإذا وافق الحوثيون على المشاركة مع المجلس في محادثات مصالحة وطنية، وهما أمران يحملان درجة كبيرة من عدم اليقين، سوف تكون الرياض إذن قد رسمت مسارًا جديدا وواعدًا. ومع ذلك، فإنّ هناك الكثير من المطبات والعقبات تلوح في الأفق. ينبغي على العليمي إدارة وجهات النظر المتباينة والولاءات داخل مجلسه الرئاسي حديث التأسيس، وطرح خطة مفاوضات شاملة، وإدارة محادثات مع الحوثيين استنادا إلى هذه الخطة. سوف يتعرض العليمي كذلك لضغوط من أجل وضع خطة بديلة للحرب إذا تعثرت مفاوضات السلام.
يحمل المجلس الرئاسي شعار "صُنع في الرياض" مكتوبًا في كل مكان. سوف يتعين على الفصائل اليمنية إثبات أن هذا أكثر من مجرد" زواج بالإكراه" وأنهم بالفعل قادرون على سد الفجوات بينهم وإلهام أتباعهم على الأرض لفعل ذات الشيء. لن تظهر يمن جديدة إلا إذا امتلك اليمنيون زمام العملية بشكل حقيقي.
أحد بواعث القلق المباشرة مع الحوثيين يتمثّل في التقنيات المرتبطة بإعادة النشاط الطبيعي لمطار صنعاء وميناء الحديدة المطل على البحر الأحمر - إذا كانت العقبات البيروقراطية عديدة جدا، وامتلك الأشخاص المسؤولون عن الموافقة على الرحلات والشحنات دوافع سياسية قد تجعل العملية تتعثر سريعًا. ينبغي أن يتم رفع الحصار الداخلي بشكل حذر لا سيما فيما يتعلق بالجبهات المحيطة بتعز ومأرب من أجل السماح بحرية حركة الناس والبضائع. بيد أن ذلك لن يكون سهلا بعد سبعة أعوام من الحرب.
وأخيرا، سوف يكون حتمًا مناقشة الرؤية بشأن مستقبل اليمن، وهل ستكون دولة موحدة أم سيتم تقسيمها. وإذ كانت موحدة، ما هو نوع الهيكل الفيدرالي القادر على تحمل عدم الثقة وحاجة كل إقليم إلى امتلاك موارد كافية والوصول إلى البحر.
إنها مشكلات صعبة لكن حلها ليس بالمستحيل في وجود نوايا حسنة من كافة الأطراف. ويستحق المبعوث الأممي الخاص هانز غروندبرغ التقدير للعمل الذي قام به حتى الآن. إن أمامه مهمة وساطة وعرة حقًا. وإذا نجح فيما أخفق فيه الآخرون، سوف يسدي اليمن والمنطقة برمتها صنيعًا عظيمًا.