رئيس حلف قبائل حضرموت الشيخ عمرو بن حبريش، 29 أكتوبر 2023 (مقتطع من فيديو رسمي بواسطة مركز سوث24)
02-11-2023 الساعة 5 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | عبد الله الشادلي
كشف مسؤول بارز في حلف قبائل حضرموت لمركز سوث24 عن حالة من الانقسام العميق تهدد الكيان القبلي بعد بيان وصف بـ "المتهور" نشر عن باسم رئاسة الحلف الأحد الماضي، هاجم السلطة المحلية في حضرموت وقوات النخبة الحضرمية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
البيان الذي أثار ردود أفعال غاضبة في حضرموت، أشارت صفحة حلف قبائل حضرموت في فيسبوك إلى أنَّه جاء بعد اجتماع لهيئة رئاسة الحلف في مدينة المكلا، بقيادة الشيخ عمرو بن حبريش. ونشرت قناة بن حبريش على يوتيوب فيديو من اللقاء.
وردًا على البيان، أصدرت السلطة المحلية في حضرموت، والمجلس الانتقالي الجنوبي، وأمن ساحل حضرموت، وقيادة الهبة الحضرمية الثانية، وعدد من المكونات الأخرى بيانات منددة ورافضة لما ورد من اتهامات، لا سيما تجاه النخبة الحضرمية ودولة الإمارات.
البيان
قالت صفحة حلف قبائل حضرموت في فيسبوك، الأحد، إنّ رئاسة الحلف عقدت بمدينة المكلا "لقاء للوقوف أمام الأوضاع والمستجدات الراهنة في حضرموت وتحدياتها".
وتضمن البيان الصادر 14 نقطة، من بينها ما زعم البيان أنَّه "حادثة اعتداء وحشية" على بعض جنود النخبة الحضرمية أمام بوابة معسكر "ربوة خلف". وكانت وسائل إعلام محلية قد تحدثت في أغسطس الماضي عن ضرب عشرات الجنود الحضارم المطالبين بصرف المرتبات من قبل ضباط إماراتيين، وهو ما نفته قوات النخبة الحضرمية لاحقًا.
وأدان بيان حلف قبائل حضرموت حملة "ميزان العدل" الأمنية التي أطلقتها المنطقة العسكرية الثانية والنخبة الحضرمية والأجهزة الأمنية في مدينة المكلا في 3 أكتوبر الماضي، ضد مطلوبين أمنيا بقضايا تتعلق بالتخريب والتقطع في الطرقات وتجارة المخدرات.
وحمل البيان دولة الإمارات "كافة التجاوزات الحاصلة بحق حضرموت وأهلها"، واتهمها بـ "دعم أجندات سياسية خاصة وفرضها على المجتمع الحضرمي بالمال وقوة السلاح، واستخدام مطار الريان الدولي كثكنة عسكرية ومحاربة الصيادين الحضارم"، حد تعبير البيان.
وحذر البيان مما وصفه بـ "التطاول على سيادة الدولة"، وطالب باعتماد 20 ألف جندي موزعين على كشوفات خاصة بحلف قبائل حضرموت. وشدد البيان على تعزيز الخدمات في محافظة حضرموت، ومنع نهب واستغلال الثروات النفطية الكبيرة التي تمتاز بها المحافظة.
وأضاف البيان: "نؤكد على دعم مؤتمر حضرموت الجامع ومخرجاته، ونرفض تواجد أي قوات غير حضرمية على تراب حضرموت".
ولم يشر البيان بوضوح إلى القوات الشمالية في المنطقة العسكرية الأولى بوادي حضرموت، التي يطالب الأهالي بخروجها. كما لم يشر سلبا أو إيجابا إلى "مجلس حضرموت الوطني" الذي شكل في يونيو الماضي بالرياض.
بيان انفرادي
في تصريحات لمركز سوث24، قال أمين عام حلف قبائل حضرموت المقدم [رتبة رفيعة للشيخ القبلي في حضرموت] عمر باشقار إن البيان الصادر باسم الحلف "انفرادي ولا يمثل إلا من صاغه". مضيفًا: "إننا براءٌ من كل ما ذُكر في هذا البيان".
وأشار باشقار إلى أن القادة الرئيسيين في حلف قبائل حضرموت، بمن فيهم هو، لم يتم استدعاؤهم إلى الاجتماع الذي صدر عنه البيان. مضيفًا: "ربما لم تتم دعوتنا لانَّ رئيس الحلف الشيخ عمرو بن حبريش يعلم جيداً موقفنا من مثل هذه البيانات، وهو يدرك تماماً أننا سنرفضها".
وتابع: "الشيخ عمرو لم يتفرد بالقرار لأول مرة عبر هذا البيان، لقد فعل ذلك سابقًا وكانت هناك مواقف عديدة محل خلاف داخل الحلف". مضيفًا: "لقد كنا نغض الطرف من أجل مصلحة حضرموت ونحاول إصلاح الأمر على الحدّ الممكن، لكن ما حصل يوم الأحد الماضي من تجاوزات لم يكن يحتمل مزيد من الصمت".
وتحدَّى باشقار عمرو بن حبريش في تسمية من حضر الاجتماع معه من قادة حلف قبائل حضرموت. وحذَّر من تصعيد يعتزم هو وقادة قبليون آخرون في الحلف القيام به قد يؤدي للإطاحة بعمرو بن حبريش من رئاسة الحلف.
وأضاف: "طالبنا من قبل بتصحيح أوضاع الحلف وانتخاب هيئة رئاسة بشكل دوري ولم نتوصل إلى نتيجة. وفي الوقت الراهن، نعتزم عقد اجتماع يوم السبت المقبل بحضور عدد من الشخصيات القبلية البارزة والأعيان، وسنخرج بنتائج تضمن عدم العودة لنفس الدائرة الضيقة".
وأردف: "حينها سنرحب بمن يرغب بالبقاء معنا، ومن يريد أن يرحل فهذا شأنه. إمكانية استبعاد الشيخ بن حبريش هي ما سيناقشه الاجتماع".
واستبعد باشقار أن تكون هناك ضغوطات خارجية على بن حبريش أدت لإصدار البيان. مضيفًا: "الشيخ عمرو رجل محنّك وليس سهلاً وهو رجل بكل ما تعنيه الكلمة. لا أظنه بالذي تُملى عليه الأوامر. للأسف يبدو أنّ ما حصل كان عن قناعة تامة لديه".
لكنَّ الشيخ القبلي الحضرمي سالم السيباني يرى أنَّه لا يجب المبالغة في ردة الفعل على بيان بن حبريش.
وقال لمركز سوث24: "كل ما حصل لا يعدو كونه سياسة، يجب احترام الرأي والرأي الآخر. صحيح أن البيان أقر نقاطا غير صحيحة لكن لماذا لم تطلب المكونات من الشيخ بن حبريش لقاءً لطرح وجهات النظر؟".
ردود الفعل
ردا على البيان باسم حلف قبائل حضرموت، قال مصدر في السلطة المحلية بحضرموت إن "بعض ما جاء في البيان يدعو للفُرقة ويُخالف الإجماع الحضرمي".
وأضاف البيان الرسمي الذي نشرته صفحة السلطة المحلية على فيسبوك: "في الوقت الذي تمضي فيه السلطة المحلية بحضرموت بقيادة المحافظ مبخوت مبارك بن ماضي نحو توحيد الصف والكلمة [..]ُ، تظهر بعض الأصوات والبيانات والأفعال الهدامة والمخالفة للواقع".
وقال البيان إن الحملة الأمنية في المكلا رحب بها جميع الحضارم، كما أن قضية الجنود في معسكر ربوة خلف هي قضية عسكرية تحل في إطارها العسكري. واستنكر بيان السلطة المحلية مهاجمة دولة الإمارات، وأعاد التذكير بدورها في تحرير مدينة المكلا من القاعدة في 2016.
واستنكرت بيانات متفرقة لأمن ساحل حضرموت والمجلس الانتقالي الجنوبي بيان حلف قبائل حضرموت. وجدد رئيس المجلس الانتقالي في حضرموت العميد سعيد المحمدي هذا الموقف في تصريحات لمركز سوث24.
وقال المحمدي: "من أصدر البيان لا يهمه مصلحة حضرموت، بل ينفذ أجندات معادية لحضرموت وللجنوب ولدول التحالف العربي. البيان تنكّر للدور الكبير والتضحيات الجسيمة التي قدمها الأشقاء في التحالف العربي وفي مقدمتهم دولة الإمارات".
مضيفًا: " البيان لا يخدم إلا مصالح الحوثيين وحزب الإصلاح، لما فيه من تحريض صريح على الأجهزة الأمنية. وبدلاً من أن يؤيد ويبارك جهودها في حفظ الأمن وتنفيذ القانون، ذهب إلى مهاجمتها والتحريض عليها".
من جانبه، قال مدير أمن ساحل حضرموت، العميد مطيع المنهالي لمركز سوث24: "لقد طالعنا النقاط المسيئة المتعلقة بالجانب الأمني التي ذُكرت في بيان ما يُسمّى حلف قبائل حضرموت، وأكدنا رفضنا القاطع لمثل هذه البيانات غير المسؤولة".
وأضاف المنهالي: "نؤكد رفضنا القاطع الإساءة لدول التحالف العربي التي درّبت وأهّلت قوات النخبة الحضرمية وقوات الأمن والشرطة ودعمها بالأسلحة مما مكنها من دحر الإرهاب وترسيخ الأمن والاستقرار في كافة مدن ومديريات ساحل حضرموت".
ولفت المنهالي إلى أن عملية ميزان العدل الأمنية "نُفذت بأوامر قهرية من النيابة العامة". مضيفا: "من يصفها بغير القانونية لغرض تحقيق أهداف خاصة به فنحن نعتبره واقفا مع المطلوبين أمنيًا".
وقالت قيادة الهبة الحضرمية الثانية [الاسم المختار للجنة قيادة التصعيد الشعبي المطالب برحيل المنطقة العسكرية الأولى] في بيان لها: "إن تأسيس مؤتمر حضرموت الجامع أنهى ما سمّي حلف قبائل حضرموت لأنه لا يمثل إلا شريحة واحدة في المجتمع الحضرمي".
واستغربت كتلة حلف وجامع حضرموت، وهي مكون قبلي حضرمي، "الزج باسم الإمارات العربية المتحدة في بيان منسوب لحلف قبائل حضرموت الذي تضمن سيل من الاتهامات الباطلة".
في المقابل، باركت جهات محلية أخرى بيان حلف قبائل حضرموت، من بينها "لجنة الاعتصام السلمي في محافظة المهرة" المتهمة بارتباطها بجماعة الحوثيين المدعومة من إيران.
وقالت اللجنة في بيان لها: "نشيد برفض حلف قبائل حضرموت التجاوزات التي تمسّ كرامة المجتمع، وتتعدى أنظمة الدولة ومؤسساتها، وتحميل الإمارات مسؤولية وتدهور الخدمات والمستوى المعيشي للمجتمع الحضرمي، وإيقاف مطار الريان الدولي..".
كما أشاد السياسي الحضرمي الموالي للحوثيين، ناصر باقزقوز، بالبيان. وقال باقزقوز، الذي شغل منصب وزير السياحة في حكومة صنعاء في 2022، قبل إقالته: "بيان تاريخي وموقف واضح من المحتل الإماراتي. حلف قبائل حضرموت يكشف الدور الخبيث الذي تقوم به دوله الإمارات".
ويرى المحلل السياسي محمد بامزعب أن هذه المواقف المؤيدة "طبيعية لأنَّها تتوافق مع أجندات وأهداف هذه الجهات". وأضاف لمركز سوث24: "البيان واضح المعالم والأهداف، ولم يكن تنقصه سوى الصرخة الحوثية باعتقادي".
وتقع حضرموت في قلب صراع محلي وتنافس إقليمي محموم نظرًا لموقعها الاستراتيجي القريب جدًا من السعودية وسلطنة عمان، واحتفاظها بكميات كبيرة من الثروات والموارد النفطية والطبيعية. كما تعتبر حجر الزاوية في مشروع استعادة دولة جنوب اليمن الذي يجاهر به المجلس الانتقالي الجنوبي الحليف لدولة الإمارات.
وكانت السعودية قد دعمت ومولت مؤخرا إنشاء مجلس حضرموت الوطني بهدف الحد من نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي ودولة الإمارات في المحافظة التي تقع على حدودها الجنوبية.