محل باسالم للحلويات في المكلا بحضرموت، 11 فبراير 2024 (مركز سوث24)
01-02-2024 الساعة 1 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | عبد الله الشادلي
تعد صناعة الحلوى من بين الصناعات التقليدية التي تشتهر بها محافظة حضرموت في جنوب اليمن، ولهذه الصناعة رواد من بينهم آل باسالم وآل باضريس، وهما أسرتان تعملان في إنتاج الحلوى المحلية واسعة الانتشار.
وفي المكلا، يتوسط محل "حلويات باسالم"، قلب المدينة الساحلية. يعود تاريخه إلى نحو 90 عاماً. وعلى بعد أمتار منه، لوحة تحمل اسم "حلويات باضريس"، محل آخر للحلويات يعود تاريخه إلى أكثر من 40 عاماً. فكيف وصلت هاتان الأسرتان إلى الشهرة الراهنة؟
الانطلاقة
السبعيني محمد باسالم، أحد أفراد عائلة باسالم، استذكر في حديثه لمركز سوث24 أيام عمله مع أعمامه في عنفوان شبابه، وبداية تكوّن الفكرة لدى أسرته.
وقال باسالم: "عندما عاد جدنا من إندونيسيا إلى حضرموت كان أبناؤه يتواجدون في كثير من البلدان حتى لم شملهم معا هنا. تبدأ قصتنا عندما كان أحد أعمامنا في السودان في مرحلة من المراحل، وكان يعمل في أحد منازل العثمانيين الذين كانوا يتواجدون هناك، واستفاد من الوصفة التركية الخاصة بصناعة الحلوى".
حلوى سوداء في محل باسالم للحلويات بالمكلا في حضرموت، 11 يناير 2024 (مركز سوث24)
وأضاف: "الأتراك يشتهرون بصناعة الحلوى، وتميزوا بالذات في صناعة ما نسميها محليا (حلوى الحلقوم)، ويمكن أن يلمحها من يزور تركيا".
وفي ستينيات القرن المنصرم، أصبحت صناعة الحلوى أكثر ازدهاراً بالنسبة لأسرة باسالم. وقال لمركز سوث24 "كان مطبخ أسرتنا يُجهّز يومياً خمس طبخات على الأقل، كل واحد منها عبارة عن ثلاث أوعية، يزن كل وعاء منها نحو ثلاث فراسلات [الفراسلة وحدة قياس تستخدم قديما في وزن الأحجام وتساوي نحو 10 كيلو جرامات]".
إلى جانب آل باسالم، يبرز آل باضريس كمنافس لا يستهان به في صناعة الحلوى المحلية في محافظة حضرموت. أسس عمر باضريس هذا المحل، قبل أكثر من أربعين عاماً، وهو اليوم يعمل فيه مع أولاده.
محل باضريس للحلويات بالمكلا في حضرموت، 11 يناير 2024 (مركز سوث24)
بدأ باضريس العمل في سن مبكرة، وتعلم أساسيات صناعة الحلوى قبل أن يبلغ العشرين. قال لمركز سوث24 إنه واصل تطوير ما يقوم به حتى توصل لوصفة خاصة بصناعة الحلوى التي كانت تباع على بسطة متواضعة قبل أن يمتلك المحل الذي يعمل فيه الآن.
لم يرث باضريس وصفة الحلوى التي يعدها من أحد كما يقول، لكنه علم وصفته الخاص ثلاثة من أبنائه، هم هشام ومحمد وعبد الله.
سر الوصفة
بالنسبة لآل باسالم، تعتبر حلوى الحلقوم من أهم منتجاتهم. وبشأن هذه الحلوى، قال محمد باسالم إنها حلوى بيضاء اللون ترش بالسكر، وهي تختلف عن الحلوى الأخرى الملونة. مضيفا: "بعد أن يتم فردها [عجنها] على الصحن [الطبق]، يتم تقطيعها إلى قطع صغيرة بحجم نصف الأصبع، ويتم رشها بعد ذلك بالسكر".
وبالنسبة للمواد المستخدمة في صناعة الحلويات، يستخدم آل باسالم وآل باضريس مكونات مختلفة، مثل: النشأ، والسمن الحيواني الذي يتم استخلاصه من لبن الأبقار الطازج، والسكر. ويعتقد هشام، نجل عمر باضريس، أن ما يصنعونه من الحلوى مميز نتيجة للدقة والخبرة في مزج هذه المواد ببعضها بعضا.
حلوى الحلقوم في محل باسالم للحلويات بالمكلا في حضرموت، 11 يناير 2024 (مركز سوث24)
وتحدث محمد باسالم عن أبرز سمات الحلوى التي ينتجونها. وقال إنها "لا تتأثر بعامل الوقت، وتزداد جودة بمرور الوقت لا سيما في المناطق الريفية التي تمتاز بمناخ جاف وغير رطب". وأضاف: "الحلويات التي نصنعها ترافق أغلب المعتمرين والحجاج في أسفارهم ويحملونها كهدايا لأقاربهم في المملكة العربية السعودية، وغيرها من البلدان".
ويؤكد هشام باضريس أن المغتربين الحضارم في الخارج هم الشريحة الأكثر طلبا للحلوى التي يتم تصنيعها.
هشام باضريس في محل الحلوى الخاص بأسرته، 11 يناير 2024 (مركز سوث24)
خطط مستقبلية
يطمح آل باسالم وآل باضريس لتوسيع صناعة الحلوى الخاصة بهم إلى خارج حضرموت واليمن، نظرا لتراجع القدرة الشرائية لمعظم السكان منذ سنوات بسبب الحرب والأزمة الاقتصادية. ومع ذلك، تتكاثف تعقيدات وتحديات متعددة أمام هذه الطموحات.
صعوبة الاستثمار والعمل في السعودية وبلدان الخليج إحدى هذه التحديات كما يلفت هشام باضريس. مضيفا: "فكرنا أكثر من مرة في التوسع إلى خارج البلاد، لكننا تراجعنا بعد تعقد إجراءات السفر والإقامة في الدول التي كنا نخطط للعمل بها".
ومع ذلك يأمل باضريس أن يجد ولكننا فرصة مناسبة لذلك في المستقبل. وبالنسبة لآل باسالم، قال محمد باسالم: "التوسع يعتمد على قدرات أبناءنا، لكن نرى في كل الأحوال أنّ التوسع على النطاق المحلي مبدئيا هو الأفضل".