ولي العهد السعودي محمد بن سلمان (كاثرين إي هولم)
14-03-2023 الساعة 3 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | رعد الريمي
في مطلع مارس الجاري، التقى وفد عسكري سعودي بعدد من القادة العسكريين المتهمين بالارتباط بحزب الإصلاح الإسلامي، بمحافظة شبوة جنوب اليمن، لأول مرة منذ هزيمة القوات الموالية للحزب في أغسطس الماضي في مواجهات مع السلطة المحلية والقوات الجنوبية.
وتزامن اللقاء مع تحركات سعودية أخرى في جنوب اليمن، في ظل المحادثات المباشرة بين الرياض وجماعة الحوثي المدعومة من إيران المستمرة منذ أشهر، والتوترات السياسية داخل مجلس القيادة الرئاسي اليمني الذي لم يلتم شمله في الرياض أو عدن خلال الأسابيع الأخيرة.
وتركزت التحركات على الجانبين العسكري والأمني عبر زيارة الجبهات مع الحوثيين واللقاءات مع القادة العسكريين في الداخل، وفي مقدمتهم قيادة قوات درع الوطن التي دعمت السعودية تشكيلها وأصدر رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي قراراً بتأسيسها في وقت سابق.
وطرحت هذه التحركات تساؤلات حول دوافعها وتوقيتها، ومساعي الرياض في ظل التطورات المحلية والإقليمية التي توجت، الجمعة، بتوقيع اتفاقية إعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، برعاية الصين، والتي من المتوقع أن تلقي بظلالها وتأثيرها على الملف اليمني.
متعلق: ملف اليمن: الاختبار الحاسم للتقارب السعودي الإيراني
التحركات الأخيرة
في 1 مارس الجاري، قالت وكالة الأنباء السعودية (واس) إنَّ وفدا من قيادة قوات التحالف العربي التقى في محافظة شبوة عددًا من القادة العسكريين بالجيش اليمني وأظهرت صور الوفد السعودي مع القادة المحليين في منطقة صحراوية.
وأضاف البيان: " تمَّ خلال اللقاء مناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك. وأكد الوفد أهمية إقامة يمن سعيد يستوعب المكونات اليمنية كافة، وذلك في سبيل إنهاء الأزمة ورفع المعاناة عن الشعب اليمني الشقيق."
وفي اليوم اللاحق، زار قائد قوات الدعم والإسناد في القوات المشتركة للتحالف العربي، اللواء السعودي سلطان البقمي، جبهة ثرة ضد الحوثيين في محافظة أبين برفقة وزير الدفاع اليمني الفريق محسن الداعري. وفي 4 مارس، التقى البقمي بقائد قوات درع الوطن، العميد بشير المضربي في عدن.
وفي 5 مارس، التقى اللواء السعودي بعضو مجلس القيادة الرئاسي، العميد طارق صالح، في مدينة المخا الساحلية في تعز، بعد أيام فقط من زيارة للأخير إلى مدينة تعز الخاضعة لحزب الإصلاح [الجزء المحسوب على الحكومة اليمنية].
في أثناء ذلك، جمع لقاء في 4 مارس بمدينة سيئون، قائد غرفة التحالف في وادي وصحراء حضرموت، المقدّم السعودي علي المطيري، بمحافظ المحافظة مبخوت بن ماضي، وبحضور قائد المنطقة العسكرية الأولى اللواء الركن صالح طيمس.
وتزامن اللقاء مع زيارة أجراها رئيس الوزراء اليمني الأسبق، خالد بحاح، إلى حضرموت، ألقى فيها بتصريحات داعمة للقوات الشمالية في المحافظة الغنية بالنفط وسلبية تجاه القوات الجنوبية، في مواقف أثارت الجدل وخالفت توجهات سابقة للرجل.
متعلق: قراءة في التحركات السعودية الأخيرة في اليمن
وخارج اليمن، التقى ولي عهد السعودية محمد بن سلمان، في 7 مارس، برشاد العليمي وأعضاء من المجلس الرئاسي اليمني في الرياض، بغياب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي وعضوين آخرين قريبين من الإمارات.
وأفادت (واس) أنَّه جرى خلال الاجتماع استعراض مستجدات الأوضاع على الساحة اليمنية، والتأكيد على استمرار دعم المملكة للمجلس والحكومة اليمنية والشعب اليمني الشقيق، ودعم كل الجهود للتوصل لحل سياسي شامل في اليمن برعاية الأمم المتحدة لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في اليمن.
لاحقا، قالت مصادر دبلوماسية لـ "سوث24"، الخميس، إن السعودية قد تعلن عن اتفاق قريب مع الحوثيين في اليمن وأشارت المصادر إلى أن الرياض قد تعلن الاتفاق بعد إقناع المجلس القيادي الرئاسي بذلك.
خطة الرياض
ربط مدير مركز المعرفة للدراسات والأبحاث الاستراتيجية، د. عمر باجردانة، بين التحركات السعودية الأخيرة ورغبة الرياض في إنهاء الحرب باليمن.
وقال لـ "سوث24": "باعتقادي أنَّ هذه التحركات تنطلق من اتجاهين؛ الاتجاه الأول، هو محاولة إنهاء الحرب وإرضاء الحوثي والوصول معه إلى اتفاق يضمن للمملكة أمنها وسلامة أراضيها، وإغلاق ملف الحرب في اليمن."
وأضاف: "الاتجاه الثاني يتمثل في محاولة الرياض بسط نفوذها على المناطق جنوب اليمن وخلق توازن بينها وبين الدور الإماراتي الذي تراه المملكة تنامى عسكريًا وجغرافيًا على حسابها. إنَّها تنطلق من فكرة أنَّها كلما حاولت أن تسيطر على اغلب أراضي الجنوب هذا سيجعلها تكون أكثر قوة على طاولة المفاوضات مع الحوثيين."
ويعتقد مستشار الشؤون العسكرية والأمنية لمركز "سوث24"، العميد الركن ثابت حسين صالح، أنَّ السعودية تحاول ترتيب أوضاع الأطراف المناهضة للحوثيين من خلال تحركاتها الأخيرة.
وأضاف: "أعتقد أنَّ السعوديين أرادوا من خلال لقاء قيادات من شبوة كانت موالية لحزب الإصلاح إبان فترة سيطرة الحزب كسب جميع الأطراف وعدم ترك أي طرف مهما كان حجمه محدودًا حتى لا يستغله الحوثيون أو قوى أخرى معادية للتحالف."
وعلَّق الخبير العسكري على اللقاء السعودي بقوات درع الوطن في عدن قائلًا: "كثر الحديث عن أسباب وأهداف تكوين قوة درع الوطن في هذا الوقت بالذات، حيث توجد قوات جنوبية كافية للدفاع عن الجنوب، بل والمشاركة إلى جانب قوات حراس الجمهورية وغيرها لخوض معارك ضد الحوثيين إن تطلب الأمر ذلك."
مُتعلق: لماذا يتم إنشاء تشكيلات عسكرية بدعم سعودي في جنوب اليمن؟
وأضاف: " أكثر ما أثار حفيظة واستغراب المراقبين هو سبب إنشاء قوات جديدة في الوقت الذي توجد هناك قوات جنوبية جاهزة ولم تستلم مرتباتها منذ عدة أشهر." وحذَّر الخبير من تعدد الولاءات العسكرية وتداخل الصلاحيات والمهام على أمن واستقرار الجنوب.
وفي هذا الشأن، قال الكاتب والباحث السياسي السعودي مبارك آل عاتي لـ "سوث24": "تحركات المملكة في اليمن تنطلق من حرصها على وحدة الصف اليمني، وعلى حقن الدم اليمني، وتنطلق أيضًا من الحرص على بدء عملية سياسية تشمل كل الأطراف اليمنية."
وأضاف: "اعتقد أن التحركات السعودية جميعها سواء السياسة أو العسكرية تندرج في حث الأطراف والضغط على جميع الأطراف للاقتناع بأن العملية السياسية هي الكفيلة بإنهاء الأزمة اليمنية." ولفت آل عاتي إلى أنَّ "الوساطات مع الحوثيين تحتاج إلى مزيد من الضغوط الدولية لنجاحها."
وأردف: "لذلك في رأيي أنَّ التحركات التي تجري هي بمثابة رسالة على أنَّ التحالف منفتح على كافة الخيارات وليس الخيار السلمي فحسب، هذا تلويح بالعصا العسكرية."
وتعليقا على سؤال حول ما إذا كان هناك صراع إماراتي سعودي في اليمن، قال آل عاتي: "استبعد ذلك تماما. التعاون قائم بين الدولتين وإن حصل بينهما تباين في بعض وجهات النظر حول أساليب وطرق الحل. الهدف الاستراتيجي لهما يبدو واضحًا ولا اعتقد أنَّ هناك صراع نفوذ."
وكان تقرير لمركز سوث24 قد ناقش التنافس الإقليمي بين السعودية والإمارات، وموقع الملف اليمني من هذا التنافس الذي حظي بأهمية كبيرة في وسائل الإعلام مؤخرًا.
مُتعلق: هل تتنافس الرياض وأبوظبي على القيادة الإقليمية؟
المشهد القادم
يرى الخبير عمر باجردانة أنًّ "حالة اللاحرب واللاسلم" سوف تسود المشهد اليمني خلال الفترة القادمة.
وأضاف: "هذا سيؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني والمعيشي في اليمن في ظل عجز مجلس القيادة الرئاسي عن تحقيق أي شيء يذكر على الصعيد السياسي؛ وفي ظل الموقف الدولي المتراخي في التعامل مع جماعة الحوثيين."
وفي ندوة نقاش افتراضية نظمها مركز سوث24، توقع باحثون سياسيون عددا من السيناريوهات فيما يخص المحادثات بين السعودية والحوثيين، من بينها نجاح المحادثات في تثبيت الضمانات الأمنية للمملكة مقابل تلبية شروط الحوثيين.
اقرأ المزيد: ندوة نقاش | دوافع وأجندة وسيناريوهات المحادثات السعودية الحوثية
وفي 13 مارس الجاري، أظهر المجلس الانتقالي الجنوبي موقفا واضحا من هذه المحادثات. وقال الممثل الخاص لرئيس الانتقالي، عمرو البيض لصحيفة الجارديان البريطانية: "ليس لدينا اعتراض على المحادثات السعودية-الحوثية السرية إذا اقتصرت على إجراءات بناء الثقة أو أمن الحدود بين الطرفين."
ونقلت الصحيفة عن المسؤول أنَّ "المجلس الانتقالي الجنوبي ليس ملزم بأي اتفاق بين السعودية والحوثيين إذا امتد ليشمل قضايا الإدارة والأمن أو توزيع الموارد في الجنوب."