06-11-2021 الساعة 3 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | عدن
خلصت دراسة حديثة إلى ضرورة تعزيز علاقة جنوب اليمن مع دول مجلس التعاون الخليجي، باتجاه خلق توازن إقليمي يستوعب متطلبات الوضع الراهن من صراع المصالح الإقليمية، وشبكة المصالح العالمية، إلى أهمية التوازي في السياسة والتوازن في القوى واستعادة بناء الدولتين في اليمن.
وقالت الدراسة التي أصدرها مركز سوث24 للأخبار والدراسات، للباحث الأكاديمي، د. فضل الربيعي، أنّ ذلك يفرضه أي فراغ قد يتركه انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من المنطقة وتمليه قوى أخرى قد تؤثر على مستقبل أمن واستقرار الإقليم.
وتمثّل الدراسة، الأولى من نوعها، التي تستعرض العلاقة بين جنوب اليمن ودول الجوار الخليجية من منظور تاريخي وحديث.
ارتباط تاريخي
وهدفت الدراسة إلى الكشف عن عوامل الترابط الثقافي والتاريخي بين جنوب اليمن ودول الخليج المجاورة، وتفسير مسار العلاقات السياسية السابقة بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (سابقا) ودول الخليج، واستقراء مستقبل العلاقات بين الجنوب ودول مجلس التعاون الخليجي في ضوء واقع التحولات الدولية والحرب الدائرة في اليمن ونتائجها.
ووفقا للدراسة، يشكّل الجنوب مع دول الخليج المجاورة وحدة جغرافية متكاملة نشطت فيها تاريخيا حركة الهجرة والتجارة، إذ هاجر الجنوبيون إلى دول مناطق الخليج واستمرت هذه الهجرات إلى الوقت الراهن لا سيما مع ظهور الثروة النفطية في هذه البلدان.
حيث اختلفت وتفاوتت طبيعة العلاقات بين الدولة الجنوبية الحديثة عقب 1967 ودول مجلس التعاون الخليجي المجاورة من دولة إلى أخرى، فعلى سبيل المثال، سعت كل من الكويت والإمارات إلى بناء علاقات تعاون مع النظام في الجنوب ودعمه اقتصادياً بالقروض والمساعدات. بينما ساد علاقة الدولة الجنوبية نوعا من التوتر والخصام مع السعودية وسلطنة عمان المشتركة حدودهما مع الجنوب.
وركزّت الدراسة بشكل خاص على مسار علاقة جنوب اليمن مع بعض دول الجوار التي ارتبطت بعلاقات تعاون مع الدولة الجنوبية السابقة (كالكويت والإمارات العربية المتحدة)، وكذلك الدول التي تربطها حدود برية واسعة مع الجنوب (كالسعودية، وسلطنة عمان).
مسار العلاقات
وفي ضوء هذه العلاقات، التي سادتها الانسجام والتوتر في حقب زمنية متعددة، وضعت الدراسة سؤالا، حول إمكانية الاستفادة من العلاقات والصلات القديمة والوسيطة والحديثة بين جنوب اليمن ودول الخليج المجاورة، وتطويرها في خدمة تبادل المنافع ومواجهة التحديات والتهديدات التي تتعرض لها المنطقة بعامة؟
وقالت الدراسة أنّ الجنوب يشكّل بُعداً استراتيجياً مهما لدول الجوار في منطقة الخليج مما يمكنه من لعب دوره التكاملي مع جيرانه، لا سيّما مع تنامي النشاط الإيراني في تحقيق أطماع نظام طهران في المنطقة من خلال تهديد البحر الأحمر ومضيق باب المندب، بواسطة وكلائه الحوثيين، وتوظيف ذلك كأداة ضغط بهدف فرض إدارتها الساعية إلى الهيمنة الإقليمية، فضلا عن طموحاتها بإدخال اليمن ضمن المشروع الإيراني الطامح إلى تصدير الأزمات إلى دول الخليج العربي وفي صدارتها السعودية.
وشكّلت هذه التهديدات، وفقا للدراسة، دافعا لتدخل دول الخليج في اليمن في 2015، باستثناء سلطنة عمان، وقطر التي انسحبت لاحقا، من التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية.
وتطرقت الدراسات للعلاقة الناشئة بين الجنوبيين ودول التحالف، على خلفية هذا التدخل، مشيرة إلى الدور الذي حققته التشكيلات الجنوبية العسكرية إلى جانب التحالف العربي في جنوب اليمن، الذي أفقد إيران أهم نقطة تحرص على إدخالها في نطاقها السياسي إن لم يكن أيضا والجغرافي.
وقالت الدراسة أنّ "المقاومة الجنوبية أثبتت تواجدها كطرف معادل على الأرض بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو الأمر الذي ساعد على تقارب الجنوب مع دول الجوار الخليجية، لاسيما مع ما حققه الجنوبيون من انتصارات بدعم التحالف العربي، وتعثر المقاومة والجيش في اليمن الشمالي.
وأرجعت الدراسة هذا التعثر في مناطق شمال اليمن، إلى الخصائص التي كونّها التاريخ الاجتماعي لمناطق الشمال القائمة على البعد البراجماتي والمراوغة، والتي تستند على ثقافة مبادئ التقية التي حكمت الشمال لسنوات طويلة، على النقيض من الخصائص الثقافية في مناطق جنوب اليمن.
توصيات ونتائج (إعادة النظر)
وفي ضوء العلاقات القديمة والناشئة بين الجنوب ودول مجلس التعاون الخليجي، خرجت الدراسة بعدد من التوصيات أهمها:
1. إنّ النظر إلى علاقة جنوب اليمن بدول الجوار يستدعي الإلمام بأبعاد العلاقة من النواحي الحضارية والدينية والسياسية. عند ذلك تبرز أهمية موقف دول الخليج تجاه المجتمع الجنوبي الذي يتميز بأنه مجتمعاً منفتحاً على التجديد في الحياة من ناحية؛ ومحافظاً على قواعد الأصالة العربية الإسلامية من ناحية أخرى. إنّ ذلك يستدعي تفهم دول الجوار لواقع الجنوب ومشروعية استحقاقه السياسي والحضاري باستعادة بناء دولته المستقلة والمستقرة التي تتكامل مع دول الخليج المجاورة، وألا يُترك لأي مؤثرات خارجية، كما حدث معه عقب خروج الاستعمار البريطاني.
2. إن استعادة بناء الدولة الوطنية المستقلة في الجنوب في هذا الموقع الحيوي الهام من شأنه أن يشكّل توجها نحو الاستقرار العام ليس في الجنوب أو اليمن فحسب، بل وفي المنطقة عامة. فوجود نظام مستقر سيساعد على تأمين حدود دول الجوار من النواحي الأمنية وخلق جوانب التعاون في المجالات الأمنية والاقتصادية وفتح آفاق الاستثمارات واجتذاب السياحة.
3. إنّ أي تجاهل لمطالب الجنوبيين وتضحياتهم، قد ينعكس سلبا في زيادة مساحة العداء والمعارضة للسياسة الخليجية تجاه قضيتهم. فالحق الجنوبي هنا مسنود بالاستحقاق التاريخي والحضاري والسياسي للجنوب لضمان إيجاد الحلول الآمنة وإعادة بناء كل من الدولتين في اليمن الشمالية والجنوبية، تقود إلى إيجاد مساقات لحل الأزمة اليمنية – اليمنية من جهة والأزمة الجنوبية اليمنية من جهة أخرى، بمنظور تحقيق المصالح الاستراتيجية لدول المنطقة بعامة. بذلك وحده، تكون السياسة الإقليمية لدول المنطقة قد أكملت مقومات الاحتفاظ بالأهداف التي دخلت الحرب بشأنها في معالجة جذور الأزمة اليمنية.
4. نوصي دول الجوار الخليجية في إعادة قراءاتها للمستجدات والمساقات التي أنتجها مسار العلاقات التاريخية بين الجنوب ودول الخليج، وما أفرزته الحرب الراهنة ومسبباتها ومسرح عملياتها ومآلاتها. بالإضافة إلى ضرورة ترتيب أولويات العلاقة باتجاه خلق توازن إقليمي يستوعب متطلبات الوضع الراهن من صراع المصالح الإقليمية من جهة، وشبكة المصالح العالمية. يتضمن ذلك أهمية التوازي في السياسة والتوازن في القوى واستعادة بناء الدولة الجنوبية، إلى جانب دولة في الشمال تتكاملان مع دول الجوار الخليجية، تحسبا للتغيرات السياسية القادمة والمحتملة في إطار الصراع الإقليمي والدولي في المنطقة.
- لقراءة الدراسة كاملة بصيغة البي دي إف يرجى النقر (هنا)
- الصورة: مركز سوث24 للأخبار والدراسات