26-11-2021 الساعة 12 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | واشنطن
مرت ثلاثة أشهر منذ أن سحبت الولايات المتحدة قواتها من أفغانستان بعد 20 عامًا من الحرب، لكن تدخل أمريكا هناك لم يبدأ بعد 11 سبتمبر 2001. لقد بدأ قبل عقود، بعد غزو الاتحاد السوفيتي لتلك الدولة في عام 1979، وفقا لتقرير نشرته قناة "بي بي أس" الأمريكية.
أرادت الولايات المتحدة أن تفعل كل ما في وسعها لمواجهة الروس خلال الحرب الباردة، لذلك، وفقا للقناة، عملت الولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية وباكستان لتسليح المقاتلين الإسلاميين الأفغان المعروفين باسم المجاهدين.
وتحدث مذيع القناة "نيك شيفرين" مع من وصفه التقرير بـ "أحد المهندسين والشركاء الرئيسيين في هذا الجهد"، الأمير تركي الفيصل، رئيس المخابرات حينها، والذي ألّف كتابا جديدا بعنوان "ملف أفغانستان".
وقالت القناة، في اللقاء، الذي ترجم بعضه، مركز "سوث24"، أنّ إدارة الرئيس كارتر قررت حينها تمويل المجاهدين الأفغان المقاتلين الذين سيقاتلون الاتحاد السوفيتي. كذلك صدر قرار رسمي بحلول منتصف عام 1980 للمملكة العربية السعودية لتقسيم التكلفة بشكل أساسي مع الولايات المتحدة وجعل جهاز المخابرات الباكستاني، ينقل الأسلحة إلى المجاهدين.
وحول ذلك يقول الأمير الفيصل أنّه "تم اختيار المستفيدين بناءً على قدرتهم على إيذاء السوفييت، بشكل أساسي. كان الباكستانيون ونحن والأميركيون نجلس معًا لرؤية أيهم أكثر فاعلية في تحقيق أهداف معينة وُضعت لهم."
واضاف "فيما يتعلق بقضية أفغانستان، من عام 1979 حتى تركتُ إدارة المخابرات في عام 2001، كانت هناك، حربًا جيدة، ثم كانت هناك حرب سيئة."
"الحرب الجيدة هي عندما أخرجنا السوفييت بشكل مشترك. ولكن بمجرد حدوث ذلك، أدارت الولايات المتحدة، بشكل أساسي، ودول العالم الأخرى ظهرها لأفغانستان. ولسوء الحظ، فإنّ المجاهدين الذين عملوا بشكل جيد معًا لإخراج السوفييت، بدأوا في قتال بعضهم البعض، وكانت هناك حرب أهلية. وهذا ما يمكن أن أسميه حربًا سيئة."
وقال الأمير السعودي أنّ بقاء الاختلال في البلد، كما حدث في الحرب الأهلية التي أعقبت الانسحاب السوفياتي، سمح بحدوث جميع أنواع التطورات، بما في ذلك تشكيل تنظيم القاعدة. حيث بدأت جذورها في أواخر الثمانينات في مخيمات اللاجئين الأفغان في باكستان، مع بن لادن وأيمن الظواهري، الذي يرأس الآن تنظيم القاعدة.
واعتبر الفيصل سماح المملكة للسعوديين للقتال في أفغانستان بأنه كان "ساذج".
وكان الفيصل قد أشار في كتابه : "لقد تسامحنا ببساطة مع السعوديين للقتال في أفغانستان إذا رغبوا في ذلك، ولم نفكر أبدًا، عندما شجعنا الشباب على الذهاب إلى باكستان في الثمانينيات، من أنّ ذلك قد يغير أفكارهم السياسية".
الجميع دعم المجاهدين
وعاد الفيصل ليؤكد بأنّ "الجميع خلال الغزو السوفيتي لأفغانستان، دعم المجاهدين."
وأشار الفيصل بأنه "عندما أقامت القاعدة نفسها في أفغانستان، جاءني بن لادن في عام 1989 ليبلغني أنه يود، كما قال، إحضار مجاهديه للذهاب ومحاربة النظام الشيوعي في شبه الجزيرة العربية، جنوب اليمن. في ذلك الوقت، وقلت له، لسنا بحاجة إلى مجاهديك، أساسًا، لذا لا تتواصل معنا، سوف نتواصل معك."
ويضيف "في نفس العام، 1990، غزا العراقيون الكويت، ولم يأتني بن لادن، لكنه ذهب إلى مسؤول سعودي آخر، وزير الدفاع الراحل، كرر ما قلته له من قبل: شكرًا جزيلًا لك. لا تتدخل."
ويعتقد الفيصل أنّ هذا هو الوقت الذي بدأ فيه أسامة بن لادن "عداوته" للمملكة.
وأقر الفيصل في كتابه كيف لعب توسع التأثير الديني في نظام التعليم السعودي، في وسائل الإعلام دورًا في خلق أشخاص مثل بن لادن.
وقال "كان هناك هذا النمو في الرأي المتطرف في المملكة العربية السعودية." لكن هذه الأساب هي من دفعت المملكة "لإجراءات وعملية بحث عن الذات، ليس فقط من قبل الحكومة، ولكن من قبل الناس بشكل عام." كما يقول.
وعن انتقادات حقوق الإنسان في ظل الإصلاحات التي يجريها ولي العهد السعودي، قال الفيصل، "من غير المقبول لأي شخص، وليس المملكة العربية السعودية فقط، أن يظل جامدًا في مساره وأن لا يعمل لأجل الإصلاح والتطور. واختارت المملكة التطور. وأعتقد أن المملكة فخورة حقًا بأنها تمكنت في فترة زمنية قصيرة جدًا من الانتقال من القرن السابع عشر حتى القرن الحادي والعشرين في فترة 60 إلى 70 عامًا."
أصدقاء جدد
وحول تصريحات سابقة للفيصل، في أوائل تشرين الثاني (نوفمبر)، قال فيها "إن الانسحاب الأمريكي من شأنه أن يدفع حلفاء الولايات المتحدة إلى التفكير "في مستقبل بعيد عن النموذج الغربي المهيمن"، رد الفيصل: "إذا كنت لا تستطيع الاعتماد على أصدقائك، فمن يمكنك الاعتماد عليه؟"
وأضاف "لا أعتقد أن هناك أي شخص يمكن أن يحل محل الولايات المتحدة - بقوتها العسكرية وقوتها الاقتصادية وقدراتها الدبلوماسية وما إلى ذلك. لذلك، نحن لا نسعى لاستبدال الولايات المتحدة. لكن، بالتأكيد، أعتقد أننا نسعى إلى الحصول على المزيد من الأصدقاء."
وقال الأمير السعودي "لا ينبغي لنا أن ندير ظهورنا لأفغانستان. يجب أن نلُزم طالبان بالمهمة لنرى أنهم يؤدون ما قالوا إنهم سيفعلونه، حكومة شاملة، قضايا حقوق الإنسان، حقوق المرأة، التعليم، وما إلى ذلك، وأنهم لن يسمحوا أي شخص يستخدم الأراضي الأفغانية لإيذاء الآخرين. كل هذه الأشياء - يجب أن تحسبها طالبان. ولا أعتقد أننا يجب أن نقدّم لهم الاعتراف الدبلوماسي طالما لم يفعلوا ذلك."
- المصدر الأصلي للقاء بالإنجليزية (PBS)
- الصورة للأمير السعودي تركي الفيصل، مقتطعة من اللقاء على قناة بي بي إس الأمريكية