20-02-2022 الساعة 6 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | أحمد سالم باحكيم
لقد ترك الصراع اليمني المستمر منذ عام 2015 تأثيرًا مدمرًا على كامل البنية التحتية للدولة. عدن، التي تعتبر واحدة من أكبر مدن اليمن بتعداد سكاني يناهز 3 ملايين نسمة، ما تزال في انتظار تنفيذ مستوى من التحسينات في مرافق الكهرباء، في وقت يبدو فيه العثور على الغاز والديزل مهمة جسيمة أمام معظم قاطنيها.
وفي ظل نقص الكهرباء، تضررت بشدة البنية التحتية الأساسية الهامة أمثال المستشفيات وآبار المياه ومحطات الغاز ومراكز معالجة الصرف الصحي، وتأثر بشكل خاص هؤلاء الذين يعتمدون بشكل كبير على الزراعة والري، حيث يعول أكثر من 80% من الاقتصاد اليمني على تلك القطاعات التي تمثل أهمية لسبل الحياة بالنسبة للكثيرين.
وبالرغم من الانقطاعات المتكررة ونقص الكهرباء، ظهر قطاع الطاقة الشمسية في اليمن كأحد قصص النجاح القليلة. ومن رحم هذه الظروف البائسة، تتفتق هذه الصناعة التي تشهد نموًا مُطردا، من خلال سلسلة إمدادات معقدة تربط الموردين الرئيسيين في الخارج بالتجار الأصغر في أرجاء البلاد.
وتسببت الحرب الأهلية في اليمن في تغييرات سريعة بالبنية التحتية بالبلاد، ولذلك فإنَّ الطاقة المُتجددة المُستدامة تستطيع تشغيل المنازل والأعمال التجارية مُجدداً.
ومن خلال المساعدة الملائمة، يستطيع قطاع الطاقة اليمني في مرحلة ما بعد الصراع تحقيق قفزة قد تتجاوز حتى ما حققته الأجيال السابقة من إصلاحات، والتفوق على بلدان أخرى عندما يتعلق الأمر بتوفير الكهرباء.
ومن المتوقع أن يخلق ذلك فرصة توصيل الطاقة بطريقة جديدة تماما تتسم بالمرونة أمام أي أوضاع سياسية واقتصادية، وفي أوقات الصراع.
وبغض النظر عن الأهمية الكبرى التي أظهرتها الحكومة تجاه استخدام تكنولوجيات الطاقة المُتجددة المُستدامة، لا سيَّما فيما يتعلق بالطاقة الشمسية والرياح من أجل تعزيز معدل التيار الكهربائي، فإنَّ التقدم الحكومي في هذا الشأن بطئ ومخيب للآمال.
وعلى سبيل المثال، وفي ظل دعم العديد من المتبرعين والمستشارين الدوليين، قامت الحكومة بتبني العديد من الدراسات إحداها هي "الاستراتيجية الوطنية للطاقة المتجددة المستدامة وكفاءة الطاقة"، التي تعود إلى عام 2009، وهي الاستراتيجية الوطنية التي تضع أهدافًا حيوية لإدخال موارد مُتجددة في مزيج الطاقة.
ويستهدف هذا السيناريو الوصول إلى نسبة 15% من الطاقة المتجددة من مزيج الطاقة الكلي بحلول عام 2025. بيد أنَّ التقدم المرتبط بالتطبيقات المحلية للطاقة المستدامة يعد معتدلا بالمقارنة بالإمكانيات الكبيرة خاصة بالنسبة للعائلات الريفية. وبحلول عام 2005، لم تكن السعة الكلية للتطبيقات المحلية التي تم تركيبها تتجاوز 100 كيلو وات.
وبالمثل، كان هناك عدد محدود من تطبيقات الخلايا الكهروضوئية لصناعات الاتصالات والتلفزيون المتعلقة بأغراض إرسال الإشارات. بيد أنَّ عقبات مختلفة عرقلت تقدم مصادر الطاقة المتجددة، منها على سبيل المثال التكلفة المرتفعة وندرة الحصول على تمويلات، والدعم الكبير لمصادر الكهرباء التقليدية، ونقص الوعي العام، ونقص الأنشطة المؤسسية، وفقر اللوائح وأطر العمل، والافتقاد إلى أساس من البنية التحتية، وغياب الثقة تجاه تكنولوجيات الطاقة الشمسية والرياح.
وفي مرحلة ما قبل الحرب، قامت الحكومة بمساعدة العديد من المقرضين بالإعلان عن بدء خطوات هامة تتعلق بتنفيذ مزرعة رياح باليمن.
وقام الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بالاشتراك مع البنك الدولي وصندوق أوبك بدعم قرض عام 2012 لإنشاء مزرعة رياح في مدينة المخا بسعة تقدر بـ 60 ميغاوات يتم ربطها بالشبكة الوطنية. ولكن بالرغم من ذلك، توقف المشروع جراء الاضطراب السياسي والاقتصادي الذي شهدته اليمن.
وتعرض قطاع الكهرباء العام إلى أضرار مادية وغير مادية جوهرية من خلال الصراع المسلح المستمر. وتشهد الشبكة القومية في عدن والعديد من البلدان الأخرى في مناطق تسيطر عليها الحكومة انقطاعات مستمرة مما يجعل الناس تعيش في ظلام دامس، مع الحرمان من مرافق أساسية كافية مثل إمدادات المياه والرعاية الصحية والعديد من الخدمات الأخرى.
وفي ذات الأثناء، لا تعمل محطات الطاقة الحكومية بكامل قوتها لأسباب فنية وميكانيكية وغيرها ترتبط بالنقص المعتاد في الوقود. ولا يتم إمداد الطاقة إلا للمناطق المجاورة المباشرة لمحطات الطاقة مثل مأرب مما يمثل خيانة لمحافظات مجاورة مثل صنعاء المحرومة من أي إمدادات كهربائية عامة رغم أنها تعتمد على الشبكة الوطنية.
وفي عام 2015، لم يكن لدى حوالي 90٪ من سكان اليمن أي كهرباء عامة. وفي نهاية 2019، أظهر استطلاع عبر الهاتف أجراه البنك الدولي عبر شركة استشارات محلية بمشاركة عينة تضم 1000 عائلة أن 12% من عائلات اليمن تعتمد على الكهرباء العامة في احتياجاتهم الكهربائية اليومية.
وفي عام 2020، أوضح القطاع الصحي أن 50% فقط من المرافق الصحية تعمل بعد أن تأثرت الخدمات المتاحة سلبًا جراء انقطاع الطاقة. وخلال الفترة من 2012 إلى 2017، شهدت اليمن إجراء ما يسمى "تقييم ضوء الليل" وهو نهج يتم استخدامه لقياس الأنشطة الحياتية الإنسانية في الدول التي تضربها الحروب أمثال العراق سوريا.
ويعتمد التقييم على التقاط صور ليلية بالقمر الصناعي لحساب شدة الأضواء ليلًا. وأظهرت الدراسة انخفاض جوهري لضوء الليل في اليمن خلال الفترة من 2015 إلى 2017 بالتزامن مع الهجمات الجوية التي استهدفت العديد من المناطق في البلاد.
وربما تسبب النازحون الفارون من مناطق الحرب، وكذلك إطفاء الأنوار(الإظلام) المتعمد في أوقات الغارات الجوية ساهم في هذه الإحصائيات. لكن نسبة كبيرة من هذا الانخفاض جاءت نتيجة للانهيار الذي ضرب الشبكة الوطنية ونقص الوقود في محطات الطاقة.
وتواجه مرافق الكهرباء وإمدادات الطاقة في اليمن ولا سيما في عدن تعقيدات تتجلى في العديد من التحديات التقنية والسياسية والاقتصادية المزمنة التي يمكن تلخيصها وفقا للنقاط التالية:
1- الاعتماد المفرط على الديزل
2- ارتفاع نسبة الفاقد الكهربائي الفني وغير الفني
3- القيود المالية
4- الافتقاد إلى كادر ذات كفاءة
5- قضايا أمنية
6- الفقر وعدم القدرة على تحمل التكاليف
7- عدم كفاءة وانهيار محطات التوليد الكهربائية
8- الدعم الحكومي المرتفع للمواطنين في فواتير الكهرباء
9- غياب القوانين والسياسات المشجعة لجذب استثمارات خاصة
وتعد اليمن دولة صاحبة إمكانيات هائلة للطاقة المتجددة، ويستطيع اليمنيون العمل بجد لتشكيل مستقبلهم في الطاقة المستدامة والمتجددة.
إنّ ريادة الأعمال تمثل محرك الإبداع الذي يستطيع دفع هذا التحول من أجل المواطنين اليمنيين الآملين في استعادة الاستمتاع بالطاقة.
باحث في مجال الطاقة، يعمل كأخصائي نظم معلومات في المؤسسة العامة للكهرباء (PEC) في عدن.
الصورة: خريطة إمكانات الطاقة الكهروضوئية باليمن (البنك الدولي)
المراجع:
· المؤسسة العامة للكهرباء في عدن.
· وزارة الكهرباء في عدن.
· مجموعة البنك الدولي
· جيانغ ووي وهو وجوجين ولونج وتينجفي وليو وهويتشان. (2017). الصراع المستمر يجعل اليمن مظلمة: من منظور ضوء الليل. الاستشعار عن بعد. 2017. 8. 10.3390 / rs9080798.