02-05-2020 الساعة 7 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| العربية
شبكة من السجون السرية، وأقبية التعذيب، التابعة لميليشيات الحوثي تقبع في حي تعز بصنعاء، مموهة بين مدارس وبيوت، لا يمكن للمرء أن يتخيل أنها تضم عشرات النساء اللواتي يخضعن لانتهاكات الميليشيات اليومية من اغتصاب وضرب وتعذيب، هذا ما أكدته ناشطات يمنيات ومعتقلات سابقات في تحقيق مطول ومفصل لوكالة "الأسوشييتد برس".
فقد روت الناشطة سميرة الحوري التي اعتقلت لمدة 3 أشهر في السابق من قبل الميليشيات قبل أن يطلق سراحها وتفر إلى مصر، بعدما أجبرتها الميليشيات على الإقرار في مقطع مصور أنها كانت "تمارس الدعارة" وهي تهمة تفضي إلى النبذ وحتى الموت في اليمن، تجربتها المريرة داخل تلك الأقبية، مؤكدة أنها لا تزال تسمع حتى الآن أصوات صراخهم.
فسميرة البالغة من العمر 33 عاماً، والتي كانت تستغرب كيف كانت كلما سألت إحدى العائلات في صنعاء عن مصير قرينات لها في العمل الاجتماعي، يأتي الجواب دوما مطابقاً "إنها مسافرة".
حتى اكتشفت في فجر أحد الأيام، كيف يكون السفر إلى أقبية العذاب والضرب والاغتصاب.
وروت في التحقيق كيف اصطحبها عناصر من ميليشيات الحوثي إلى قبو مدرسة سابقة، حيث رأت الزنازين القذرة تعج بالمحتجزات.
كما أكدت أن المحققين اعتدوا عليها بالضرب المبرح وتعرضت لصدمات كهربائية، وأمعنوا في تعذيبها النفسي، حتى إنهم أعلنوا عن موعد لإعدامها وألغوه في اللحظة الأخيرة.
وأشارت إلى أنه كان واضحاً جداً أن السيدات اللواتي تجرأن على الانشقاق أو حتى مجرد العمل في المجال العام، تحولن إلى أهداف حملة قاسية ومتصاعدة من قبل الحوثيين.
عناصر من ميليشيات الحوثي في العاصمة صنعاء (فرنس برس)
"رفضت الوشاية"
رغم ذلك، قالت الحوري التي نجحت في البقاء على قيد الحياة بعد ثلاثة شهور في مركز الاحتجاز: "مر كثيرون بظروف أسوأ من ظروفي بكثير".
إلى ذلك، أوضحت أنها عندما رفضت طلباً من مسؤول حوثي للوشاية بالنشطاء الآخرين، تعرضت للاختطاف في يوليو (تموز) 2019 على يد زمرة من الرجال المقنعين المدججين بالكلاشينكوف، «كما لو كنت أسامة بن لادن».
وتعرضت للاحتجاز داخل «دار الهلال»، وهي مدرسة مهجورة في شارع تعز. وكان معها حوالي 120 امرأة بينهن بارديس الصايغي، وهي شاعرة بارزة كانت تلقي أشعاراً حول قمع الحوثيين.
كما قالت الحوري إن المحتجزات كان بينهن «مدرسات وناشطات بمجال حقوق الإنسان ومراهقات». وأضافت أن المحققين خبطوا رأسها في طاولة بشدة لدرجة أنها احتاجت لإجراء جراحة في إحدى عينيها كي تتمكن من الرؤية بشكل طبيعي بها إثر إطلاق سراحها بعد ذلك بشهور.
اعتقال واغتصاب
وعن اعتقالات النساء في مناطق سيطرة الحوثيين، رأت رشا جرهوم، مؤسسة «مبادرة مسار السلام»، التي تدعو لضم النساء إلى المحادثات بين الحوثيين والحكومة اليمنية الشرعية: «هذا أكثر العصور ظلاماً للمرأة اليمنية. لقد جرت العادة أن توقيف شرطة المرور لسيدة يعد أمراً مشيناً».
وتشير التقديرات إلى أن ما يتراوح بين 250 و300 امرأة محتجزات حالياً داخل محافظة صنعاء وحدها، تبعاً لما أفادت به العديد من المنظمات الحقوقية. وأوضحت «المنظمة اليمنية لمكافحة الإتجار بالبشر» أن ثمة احتمالاً أن تكون هذه التقديرات أقل من العدد الحقيقي.
والملاحظ أن هناك صعوبة أكبر في تقدير أعداد المحتجزات داخل المحافظات والأقاليم الأخرى الخاضعة للحوثيين.
في هذا السياق، قدرت نورا الجوري، رئيسة «ائتلاف نساء من أجل السلام في اليمن»، أن ما يزيد على 100 امرأة محتجزات داخل محافظة ذمار جنوب العاصمة، والتي تشكل نقطة عبور كبرى من المناطق الخاضعة للسيطرة الحكومية إلى الأخرى التي يسيطر عليها الحوثيون.
ووثقت الجوري، التي تتولى إدارة مجموعة دعم غير رسمية في القاهرة تتعامل مع السيدات اللواتي أطلق سراحهن من سجون الحوثيين، 33 حالة اغتصاب و8 حالات لسيدات أنهكهن التعذيب.
"تناوبوا على اغتصابها"
والتقت «أسوشيتد برس» ست محتجزات سابقات نجحن في الفرار إلى القاهرة قبل أن يسبب وباء كورونا وقف الرحلات الجوية وإغلاق الحدود. وقدمن روايات يدعمها تقرير صدر قبل وقت قريب من لجنة من الخبراء التابعين للأمم المتحدة، ذكر أن الانتهاكات الجنسية التي تتعرض لها المحتجزات قد تصل إلى مستوى جرائم الحرب.
وأفادت إحدى السيدات، وهي مدرّسة تاريخ سابقاً رفضت كشف اسمها لحماية أسرتها في اليمن، أنه ألقي القبض عليها في خضم حملة واسعة ضد التظاهرات في ديسمبر (كانون الأول) 2017. واقتيدت إلى مكان ما في ضواحي صنعاء، لا تعلم أين على وجه التحديد. وكان كل ما بإمكانها سماعه ليلاً نباح الكلاب، ولم تسمع ولا حتى صوت أذان الصلاة. وقالت: «كنت بعيدة للغاية، وكأني سقطت خارج الأرض».
كما أضافت أن حوالي 40 سيدة كن محتجزات داخل الفيلا، وأنها تعرضت للتعذيب على أيدي المحققين، وفي إحدى المرات نزعوا أظافر الإصبع الصغرى في قدمها. وفي أكثر من مرة، أخبرها ثلاثة ضباط مقنعين بأن تصلي وقالوا لها إنهم سيطهرونها من الإثم. وبعد ذلك، تناوبوا على اغتصابها، بينما تولت حارسات تقييدها ومنعها من الحركة.
تدرّج الاعتقالات
يذكر أن أول حملة اعتقالات كبرى في صفوف النساء حصلت أواخر عام 2017، بعد قتل الحوثيين الرئيس السابق علي عبد الله صالح. خلال تلك الفترة، احتجز ت الميليشيات عشرات النساء ممّن خرجن إلى ميادين عامة للمطالبة بعودة جثمان صالح.
وقالت الجوري إن نطاق عمليات إلقاء القبض على النساء اتسعت منذ ذلك الحين، موضحة أنه «في بادئ الأمر كانوا يستهدفون قادة المعارضة، وبعد ذلك استهدفوا المتظاهرات، والآن يستهدفون أي سيدة تتحدث ضدهم».
إلى ذلك، ذكرت امرأة أنه جرى سحبها من خارج سيارة أجرة كانت تستقلها داخل مكان كان يشهد تظاهرة وتعرضت للضرب والاحتجاز. كما تعرضت ناشطة سلام تعمل مع منظمة إنسانية مقرها في لندن للاحتجاز طوال شهور داخل مركز احتجاز للشرطة في صنعاء طوال أسابيع.
ووصفت معلمة كمبيوتر تبلغ من العمر 48 عاماً، كيف اقتحم 18 رجلاً مسلحاً منزلها واعتدوا بالضرب على كل من كانوا بالداخل، وضربوا وجهها بأحذيتهم وأطلقوا في حقها أقذع الشتائم الجنسية. ولم يكن للسيدة أية صلة بالعمل السياسي، لكنها نشرت مقطع فيديو عبر صفحتها على فيسبوك تشكو فيه من أن رواتب العاملين لم تصرف منذ شهور. وبعد ذلك الحادث بفترة قصيرة، فرت هي وأطفالها إلى مصر.
معتقلة سابقة في سجون الحوثيين
حوثي يغتصب السجينات
داخل المدرسة، تولى رئيس قسم التحقيقات الجنائية لدى الحوثيين، سلطان زابن، إجراء التحقيقات، حسبما ذكرت الحوري والصايغي. وأضافتا أنه في بعض الليالي كان زابن يصطحب «الفتيات الجميلات والصغيرات» إلى خارج المدرسة لاغتصابهن.
كانت لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة قد أشارت إلى زابن باعتباره يتولى إدارة موقع احتجاز لم يكشف عنه تتعرض فيه نساء للاغتصاب والتعذيب.
وذكرت الجوري وعدد من المحتجزات سابقاً أن اثنتين على الأقل من الفيلات في شارع تعز جرى استخدامهما في احتجاز النساء، إلى جانب مواقع أخرى حول العاصمة، منها شقق صودرت من سياسيين منفيين مستشفيان وخمس مدارس.
وناشد وزير الإعلام اليمني معمر الأرياني قبل يومين وعلى ضوء تلك الشهادات محكمة الجنايات الدولية بالتحقيق في جرائم المعتقلات الخاصة للنساء في مناطق سيطرة الميليشيا الحوثية وتقديم المتورطين فيها للمحاكمة باعتبارها جرائم حرب وجرائم مرتكبة ضد الإنسانية.
- المصدر الأصلي: موقع قناة العربية
قبل 7 أيام
قبل 10 أيام