17-08-2021 الساعة 11 صباحاً بتوقيت عدن
سوث24| قسم الترجمات
أعاد صعود طالبان رسم الخريطة الدبلوماسية للولايات المتحدة ومنافسيها وهم يتنافسون على تشكيل مستقبل أفغانستان. حيث تتحرك الصين وروسيا بالفعل لبناء علاقات مع طالبان واستضافتا مسؤولي طالبان حتى قبل أن يكمل الجيش الأمريكي انسحاب قواته. واعترافا بنفوذ بكين وموسكو الآخذ في التوسع في كابول، اتصل وزير الخارجية أنتوني بلينكن بوزيري الخارجية الصيني والروسي يوم الاثنين.
وذكر بيان صادر عن وزارة الخارجية الروسية إنّ الدبلوماسيين اتفقوا على مواصلة المشاورات التى ستشمل الصين وباكستان حول كيفية تشجيع "حوار شامل بين الأفغان فى ظل الظروف الجديدة". كما اتصل السيد بلينكن يوم الاثنين بنظرائه في باكستان وتركيا والمملكة المتحدة، فضلا عن مسؤولين في الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي.
وتأتي اتصالات إدارة بايدن في الوقت الذي تكافح فيه واشنطن لإيجاد طريقة للتأثير على التطورات السياسية والأمنية في الدولة غير الساحلية الواقعة في آسيا الوسطى والتي تقوم بإخراج جميع قواتها منها في حين يحاول العديد من المواطنين الأفغان الذين عملوا لفترة طويلة بشكل وثيق مع الولايات المتحدة الفرار من البلاد.
وفي سعيها لتحقيق سياستها لحماية حقوق المرأة، حذرت إدارة بايدن مرارا وتكرارا من أنها ستسعى إلى عزل حكومة تديرها طالبان إذا فشلت في الحفاظ على الحريات الإنسانية الأساسية.
لكن تهديدات الإدارة الأمريكية المتكررة بتحويل أفغانستان إلى "دولة منبوذة" إذا ارتكبت طالبان انتهاكات لحقوق الإنسان يمكن تقويضها إذا لم تتعاون بكين وموسكو وإذا عززت حكومة بقيادة طالبان علاقاتها مع باكستان وإيران.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس الاثنين، ردا على سؤال حول ما اذا كانت واشنطن ستعترف بحكومة طالبان: "ما زلنا نقيّم ما حصل خلال الـ 72 ساعة الماضية والآثار الدبلوماسية والسياسية لذلك".
ومع رحيل النفوذ العسكري الأمريكي، من المرجّح أن يمثّل الوعد برفع العقوبات القائمة أو فرض عقوبات جديدة وسيلة رئيسية لواشنطن لمحاولة التأثير على حكومة تهيمن عليها طالبان.
إقرأ أيضا:هيمنة طالبان على أفغانستان وعواقبها المحتملة في اليمن
ويقول مسؤولون سابقون في وزارة الخزانة ومحللون إنّ استيلاء طالبان على العاصمة الأفغانية يوسّع فعليا نطاق العقوبات الإرهابية القائمة التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لتشمل الكيانات الحكومية التي تسيطر عليها الحركة الآن، وذلك لأنّ الولايات المتحدة ودولاً أخرى فرضت عقوبات على طالبان.
كما أنّ معظم الحسابات المالية لأفغانستان محتجزة في الخارج، بما في ذلك من قبل أمناء ينظمها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، مما يعرّض وصول طالبان إلى تلك الأموال للخطر.
وقال بريان أوتول، وهو مسؤول كبير سابق في العقوبات المالية في ظل إدارة أوباما، "سيتم تجميد أي معاملات بالدولار تذهب إلى الحكومة. ورفض مسؤول في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك مناقشة الحسابات الفردية، لكنه قال إن بنك الاحتياطي الفيدرالي يتواصل مع وكالات حكومية أخرى لمراقبة "الأحداث التي قد تؤثر على السيطرة على بنك مركزي أجنبي".
بيد أن أي مقترحات بفرض عقوبات جديدة من قبل الأمم المتحدة قد تواجه تحديات من الصين وروسيا، اللتين تتمتعان بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن. وقال أندرو سمول، وهو زميل أول عبر الأطلسي في برنامج آسيا في صندوق مارشال الألماني، إن الصينيين أو الروس "قد يكونون على استعداد للعب هذا الدور".
تحتفظ روسيا والصين وإيران بسفاراتها في أفغانستان مع فرار معظم المسؤولين الغربيين. وفي الأشهر الاخيرة، سعت موسكو الى بناء علاقات مع طالبان حتى في الوقت الذي تشعر فيه بالقلق على حلفائها في آسيا الوسطى.
وصرح زامير كابولوف ممثل الرئاسة الروسية الخاص لأفغانستان للتلفزيون الروسى الرسمى الإثنين"لقد قلت منذ فترة طويلة إن طالبان أكثر قدرة على التوصل الى اتفاقيات من الحكومة العميلة فى كابول". "بالطبع، نحن نثق بالناس، ولكن ليس تماما. وسنراقب عن كثب المزيد من الخطوات".
وتمثّل دعوة السيد بلينكن إلى نظيره الروسي بشأن التطورات الأفغانية السريعة تحولا في اللهجة عن حملة عام 2020 عندما اتهم المرشح آنذاك جو بايدن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدفع مكافآت في أفغانستان لتشجيع الهجمات على الجنود الأمريكيين. وبمجرد توليها السلطة، قالت إدارة بايدن إن الاستخبارات الأمريكية لديها "ثقة منخفضة إلى معتدلة" في هذه الادعاءات.
إقرأ أيضا: هل ستحفّز التطورات في أفغانستان الحوثيين على إسقاط مأرب؟
ولا تعترف بكين اعترافا كاملا بطالبان في موقع المسؤولية، على الأقل علنا. وقال مستشار بالحكومة الصينية إنّ القيادة تعتبر استيلاء طالبان الحالى انتقاليا. وقال المحللون إنّ الصين يمكن أن تقدم أيضا شريان حياة اقتصادي لطالبان، بشكل أكثر مباشرة نقدا أو على المدى الطويل باستثمارات لتطوير الموارد المعدنية فى ظل برنامج البنية التحتية للحزام والطريق.
وفي الشهر الماضي، أثارت نائبة وزير الخارجية ويندي شيرمان مسألة أفغانستان مع وزير الخارجية وانغ يي. وقال مسؤول في إدارة بايدن إنّ "الصين راقبت عن كثب" التدخل الأمريكي المضطرب في أفغانستان على مدى العقدين الماضيين، وأضاف أن بكين تبدو مترددة إلى حد ما في التسرع في ملء الفراغ الناجم عن الانسحاب الأمريكي.
ونظرا لقلقه إزاء عدم الاستقرار على حدود الصين مع أفغانستان، ركّز جزء كبير من مناقشات وزير الخارجية الصيني على الحركة الإرهابية، وهي منظمة إرهابية تعتقد الولايات المتحدة أنها قد انتهت. وبعد يومين من اجتماع السيدة شيرمان مع السيد وانغ، اجتمع وزير الخارجية الصيني مع رئيس اللجنة السياسية لحركة طالبان الأفغانية، الملا عبد الغني بارادار. وانتقد انسحاب الولايات المتحدة المتسرع وأعرب عن احترام بلاده "لسيادة أفغانستان واستقلالها ووحدة أراضيها"، وفقاً لما جاء فى بيان لوزارة الخارجية.
وبدا أنّ رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، الذي ينتقد الوجود الأمريكي في أفغانستان، يرحب باستيلاء طالبان على السلطة. وقال خان يوم الاثنين "لقد كسروا أغلال العبودية فى أفغانستان ".
وفي أواخر تموز/يوليو، التقى مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان في واشنطن مع معيد يوسف، نظيره من باكستان، الداعم الرئيسي لحركة طالبان عندما كانت الحركة في السلطة آخر مرة، في الفترة من 1996 إلى 2001. واتصل السيد بلينكن بنظيره الهندي يوم الاثنين.
ومن ناحية أخرى، ردت ايران أمس بإطلاق النار على الولايات المتحدة والامتناع عن انتقاد طالبان بالرغم من أنها حليفة رسمياً للحكومة المخلوعة الآن. وقال الرئيس الإيرانيي إبراهيم رئيسي فى بيان له الإثنين"إنّ الهزيمة العسكرية وانسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان يعد فرصة لاستعادة الحياة والأمن والسلام الدائم للبلاد"، وأضاف إنّ إيران "كدولة مجاورة وشقيقة تدعو جميع الجماعات إلى التوصل إلى اتفاق وطني".
قال وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف إنه يرحب بإعلان الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي عن تشكيل مجلس للقادة الأفغان للتفاوض على تسوية مع طالبان. وقال "نأمل فى أن يؤدي ذلك إلى حوار وانتقال سلمي فى أفغانستان. وإيران مستعدة لمواصلة جهودها لصنع السلام".
- المصدر الأصلي بالإنجليزية: وول ستريت جورنال
- معالجة وتنقيح إلى العربية: مركز سوث24 للأخبار والدراسات
- الصورة: وزارة الخارجية الروسية