13-12-2021 الساعة 8 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | أندرو كوريبكو
زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى الإمارات العربية المتحدة هي زيارة تاريخية، لأنَّها المرة الأولى التي يسافر فيها أي من قادة إسرائيل علانية إلى هناك أثناء وجودهم في مناصبهم. لقد كان هناك تقرير في عام 2020 يزعم أنَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، بنيامين نتنياهو ذهب سراً إلى الإمارات في عام 2018، لكنَّه لا يزال غير مؤكداً. لهذا السبب، ينبغي اعتبار رحلة بينيت الأولى من نوعها في التاريخ. وتأتي هذه الرحلة بعد عام من قيام تل أبيب وأبوظبي رسميًا بتطبيع العلاقات أعقاب اتفاقيات "إبراهيم" بين البلدين أواخر العام الماضي. قبل تلك النقطة، كانت العلاقات ودية للغاية، لذلك كان هذا التطور متوقعاً حتى لو لم يكن أحد يعرف مسبقاً الوقت المحدد الذي سيحدث فيه.
تشير رحلة بينيت إلى الدولة الخليجية إلى التقارب المستمر في العلاقات بينهما. يتشارك البلدان وجهات نظر متعددة الثقافات فيما يتعلق بشؤونهما الداخلية، ومخاوف أمنية إقليمية مماثلة تجاه إيران المجاورة. علاوة على ذلك، لديهما أيضًا اقتصادات قوية جدًا ومتنوعة يكمل بعضها بعضًا. وكمثال على ذلك، هناك فرصة أن يتمكنا من التعاون بشأن ما وصفه البروفيسور مايكل تانشوم، وهو زميل أقدم في المعهد النمساوي للسياسة الأوروبية والأمنية، وزميل غير مقيم في معهد الشرق الأوسط، في تقريره الصادر في أغسطس 2021 عن جامعة سنغافورة الوطنية، بـ "الممر العربي المتوسطي".
بعد شهرين في أكتوبر من هذا العام، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد أنَّ إسرائيل، الإمارات العربية المتحدة، وشركائهما الأمريكيين والهنود سيؤسسون منتدى للتعاون الاقتصادي. على الرغم من عدم الإعلان عنه صراحةً، فقد تم تفسير ذلك على نطاق واسع بأنهم سيسعون إلى تعزيز اقتراح "الممر العربي المتوسطي" للبروفيسور تانشوم، مع الأخذ في الاعتبار مدى الفائدة المتبادلة لمصالحهم. ومع ذلك، فإنَّ العقبة الأكثر وضوحًا هي أن المملكة العربية السعودية لم تعترف رسميًا بإسرائيل حتى الآن، على الرغم من احتفاظها بعلاقات ممتازة معها لنفس الأسباب الأمنية الإقليمية، كما فعلت الإمارات قبل قرارها بالاعتراف بهذا البلد في أواخر العام الماضي.
على أي حال، هناك قوة جيواستراتيجية أخرى تُقَّرب إسرائيل والإمارات من بعضهما البعض بخلاف مصالح الاتصال الإقليمي المشتركة والمخاوف الأمنية بشأن إيران، وهي عدم اطمئنانهما للمساعي الأميركية الرامية لتقليل مسؤوليتها تجاه دول غرب آسيا، في ظل محاولاتها الحثيثة لاحتواء وتحجيم النفوذ الصيني عبر زيادة الاعتماد على "محور آسيا".
وعلى الرغم من أنَّ الولايات المتحدة جزء من أحدث "رباعية" غير رسمية بين هذين البلدين والهند، فمن غير الواضح ما إذا كانت تشاركهم رؤيتهم الإقليمية أو أنها مهتمة بالاستثمار بشكل جوهري في تطويرها. سبب هذا الشك هو أنَّ واشنطن شكلت أيضًا "رباعية" غير رسمية أخرى مع باكستان وأفغانستان وأوزبكستان في يوليو بهدف تحقيق التكامل الإقليمي ولكن لم يتم القيام بأي عمل بعد.
يختلف "المحور نحو آسيا" في ظل إدارة بايدن في الشكل عن السياسة المتبعة في عهد سلفه دونالد ترامب. ظل الأخير ملتزمًا بالضغط على إيران بالتوازي مع دعم حلفاء بلاده الإماراتيين والإسرائيليين والسعوديين بإخلاص. على النقيض من ذلك، يراجع الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن رسميًا صفقات الأسلحة الإقليمية لسلفه، مما أثار قلق السعودية والإمارات من أنه قد لا يحترمها بالكامل. علاوة على ذلك، فهو ينتقد المملكة العربية السعودية علنًا بشأن قضايا حقوق الإنسان المزعومة في الداخل ويشعر بالقلق إزاء "جرائم الحرب" في اليمن. حتى أنّ إدارته انتقدت بشدة المستوطنات الإسرائيلية.
من المؤكد أن أكبر تحول إقليمي من ترامب إلى بايدن هو إعادة بايدن التفاوض النشط بشأن الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، والذي انسحب منه ترامب. من المحتمل أن تصبح هذه الخطوة تغييرًا للعبة إذا أعادت تشكيل ميزان القوى والمصالح في غرب آسيا بشكل جذري. يمكن أن يحدث ذلك بعد مرور بعض الوقت إذا استمرت الولايات المتحدة في الضغط على المملكة العربية السعودية، وأعادت ضبط علاقاتها بشكل غامض مع إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، وانتهى الأمر بإزالة أو على الأقل تقليص عقوباتها ضد إيران.
من المؤكد أنَّ التوازن الإقليمي سيتزعزع، مما يستلزم تنسيقًا أوثق بين تلك البلدان الثلاثة المتأثرة بشكل مباشر في الغالب، ولا سيما المحور الإماراتي الإسرائيلي الذي ظهر مؤخرًا.
ومع ذلك، يجب على جميع الأطراف - وخاصة الإمارات العربية المتحدة - توخي الحذر الشديد لتجنب تفاقم "المعضلة الأمنية" القائمة مع إيران عن غير قصد. يشير هذا المفهوم إلى نظرية العلاقات الدولية القائلة بأنَّ أفعال دولة ما ذات الدوافع الدفاعية يمكن تفسيرها على أنها مدفوعة بشكل هجومي من قبل دولة أخرى، والتي بدورها تلهم الدولة الثانية لتعزيز قدراتها بشكل دفاعي، وإن كان بطريقة يُنظر إليها على أنها مدفوعة هجومياً من قبل الدولة الأخرى أيضاً. وقد يؤدي هذا إلى تصعيد لا يمكن السيطرة عليه للتوترات العسكرية الاستراتيجية، والتي تؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار الإقليمي. ومع وضع هذا في الاعتبار، يمكن تقديم بعض المقترحات العملية:
أولاً، من الحكمة أن تستمر الإمارات في تحقيق التوازن بين الشركاء الإقليميين من أجل تجنب أي اعتماد غير متناسب على أي فرد. عمليًا، يُفسر هذا قرار قيادتها الاعتراف بإسرائيل العام الماضي، ثم إيفاد وزير خارجيتها مؤخرًا إلى إيران. خدمت هذه التحركات للإشارة إلى نواياها السلمية والايجابية والبراغماتية تجاه جميع أصحاب المصلحة الإقليميين. علاوة على ذلك، لا ينبغي أن يُنظر إلى توسيع الإمارات لعلاقاتها مع الصين وروسيا بشكل شامل على أنه تحرك معادٍ لأمريكا، على الرغم من أن وتيرة هذه العملية قد تسارعت على الأرجح بسبب المخاوف بشأن التزام أمريكا المستقبلي تجاه حلفائها الإقليميين التقليديين.
ثانيًا، مع الأخذ في الاعتبار المبدأ الأساسي المتمثل في الحفاظ على التوازن، يجب أيضًا أن تظل العلاقات العسكرية الإماراتية الإسرائيلية متوازنة، ويجب أن تنمو التجارة بين هذين البلدين بشكل مثالي بما يتناسب مع العلاقات المماثلة لدولة الإمارات مع الشركاء الآخرين. هذا مهم للغاية من أجل تجنب تفاقم "المعضلة الأمنية" الحالية مع إيران عن غير قصد والتي عمل وزير خارجية الإمارات العربية المتحدة مؤخرًا بجد على تخفيفها. لذلك، قد يكون من الحكمة أن تستكشف أبوظبي المزيد من مشتريات الأسلحة من شركاء إيران الصينيين والروس، لأنَّ طهران لن تعتبر أنَّ لهذين الاثنين أي نوايا مزعزعة للاستقرار الإقليمي كما تخشى أمريكا وإسرائيل.
ثالثًا، يجب على الإمارات العربية المتحدة أن تسعى إلى تحقيق التوازن بين مصالح الاتصال الإقليمي الخاصة بها بين (الممر العربي المتوسطي) و(مبادرة الحزام والطريق) الصينية، من خلال محاولة دمج نفسها لتصبح عقدة محورية داخل كليهما. لقد أبرمت إيران اتفاقية شراكة استراتيجية مدتها 25 عامًا مع الصين في وقت سابق من هذا العام، والتي زعمت تقارير غير مؤكدة أنَّها ستشهد استثمار جمهورية الصين الشعبية ما يزيد عن 400 مليار دولار هناك على مدار ربع القرن المقبل. تلعب إيران أيضًا دورًا رئيسيًا في ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب بين روسيا والهند. وبالنظر إلى مدى التطور الاقتصادي لدولة الإمارات العربية المتحدة وتنوعها، يجب أن تضع قيادتها الدولة على مفترق طرق مشاريع الاتصال الثلاثة هذه.
في الختام، تعتبر العلاقات الإماراتية الإسرائيلية استراتيجية للغاية ومدفوعة بمصالح مشتركة من حيث التواصل والأمن، ولكن يجب على الإمارات التركيز على التوازن بين تل أبيب وشركائها الإقليميين وغير الإقليميين الآخرين من أجل أن تصبح قوة ذات أهمية عالمية. يجب على أبوظبي أن تدير بشكل عملي التصورات الإقليمية لعلاقاتها مع إسرائيل حتى لا يتم تفسيرها بشكل خاطئ على أنها تحدث على حساب أي دولة أخرى مثل إيران، مما قد يؤدي إلى تفاقم "المعضلة الأمنية" الحالية في غرب آسيا. بالإضافة إلى ذلك، فإن الدور المقترح لدولة الإمارات العربية المتحدة في (الممر العربي المتوسطي) لا ينبغي أن يستثنيها من المشاركة في (مبادرة الحزام والطريق) الصينية، أو (ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب) الذي يربط غرب روسيا والهند. ولذلك يجب على قيادتها أن تحقق التوازن المثالي بين الجميع.
محلل سياسي أمريكي مقيم في موسكو (الآراء الواردة في هذه المقالة تعكس رأي المؤلف)
- الصورة: ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد ورئيس الوزراء الإسرائيلي (رسمي)