رئيس الاتحاد اليمني لكرة القدم (تصميم مركز سوث24)
25-11-2023 الساعة 7 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | عبد الله الشادلي
رغم سيطرة مليشيا الحوثيين المتمردة على صنعاء في سبتمبر 2014، وطرد الحكومة المُعترف بها دوليًا، أبقى الاتحاد اليمني لكرة القدم على مقره الرئيسي هناك ونسج علاقات رسمية مع وزارة الشباب والرياضة التابعة للحوثيين، بالتوازي مع وزارة الشباب والرياضة في عدن.
هذه العلاقة المتناقضة المزدوجة نُظر إليها في البداية على أنَّها خطوة إيجابية لتحييد قطاع الرياضة عن الصراع الذي مزّق كل شيء، لكنها اتخذت بالتدريج شكلًا آخر نحو التوظيف والاستغلال السياسي لصالح صنعاء، كما يقول المسؤولون الرياضيون في عدن.
ومؤخرا، بدأت التباينات بين الاتحاد اليمني لكرة القدم وأندية عدن والجنوب تتفاقم، بعد سلسلة من الإجراءات والعقوبات التي اتخذها مسؤولون رفيعون في الاتحاد استهدفت هذه الأندية. حملت هذه الإجراءات طابعًا سياسيًا، رغم أن الاتحاد روَّج لها كإجراءات لإبقاء كرة القدم خارج ملعب السياسة.
علاوة على ذلك، يواجه الاتحاد تهمًا بالفساد وسوء الإدارة والتقصير من الأندية الرياضية اليمنية عامة، ومنتخبات اليمن الرسمية لفئات الناشئين والشباب والرجال.
استهداف الرياضة الجنوبية
في 15 أكتوبر الماضي، هدد أمين عام الاتحاد اليمني لكرة القدم، حميد الشيباني، الأندية الجنوبية باتخاذ إجراءات ضدها لمشاركتها في بطولات نظمها المجلس الانتقالي والسلطة المحلية في العاصمة عدن.
وأرسل الشيباني خطابا، مذيلا بعنوان مقر الاتحاد اليمني لكرة القدم في صنعاء، لأندية (التلال، الشعلة، وحدة عدن، شمسان، المنصورة، النصر، الميناء، الروضة، الجلاء، الجزيرة)، حذر فيها بحرمان لاعبي هذه الأندية من المشاركة في المنتخبات الوطنية، وشطبها من البطولات الرسمية.
وأشار الخطاب إلى إقالة القيادة السابقة لفرع الاتحاد في عدن واستبدالها بقيادة جديدة قال إن الأندية الجنوبية لا تتعامل معها.
المصدر: صفحة الاتحاد على فيسبوك
وكانت قيادة الاتحاد قد أقالت في مارس الماضي رئيس الاتحاد في العاصمة عدن، الرياضي البارز عبدالجبار سلام، بسبب ما قالت عنها مخالفات ارتكبها خلال فترة تعيينه، وعيّنت عبدالله أحمد الجفري رئيسًا جديدًا.
وجاءت الخطوة بعد تنظيم بطولة كأس عدن الكروية من قبل اتحاد كرة القدم فرع عدن بالشراكة مع دائرة الشباب والرياضة في المجلس الانتقالي الجنوبي، ضمن حراك رياضي كبير شهدته عدن لأول مرة منذ سنوات بعد اندلاع الحرب.
وفي 6 نوفمبر الجاري، نفذ الشيباني تهديده، واستبعد الاتحاد اليمني لكرة القدم، ثلاثة لاعبين من نادي وحدة عدن هم "عبدالله الدقين وبسام فريد العولقي وعمرو طلال"، من المشاركة مع المنتخب الوطني الأول لكرة القدم، بعد وصولهم إلى منفذ الوديعة الحدودي بين اليمن والسعودية لغرض معسكر تدريبي استعدادا للتصفيات الآسيوية لكأس العالم.
وعاد ثلاثي وحدة عدن من المنفذ الحدودي بعد إبلاغهم بعدم حصولهم على تأشيرة الدخول، وسط استهجان جمهور النادي وجماهير كرة القدم في عدن. وبعد 10 أيام فقط، سدد الاتحاد ضربة أخرى في عدن، تمثلت بإقالة 3 حكام هم "خالد أبوبكر وأمين عاشور ونائل عوشان"، بسبب تعاملهم مع القيادة السابقة لفرع عدن، حد تعبير البيان.
المصدر: صفحة الاتحاد على فيسبوك
وقالت مصادر رياضية في عدن لمركز سوث24 إن القرار جاء بسبب مشاركة الحكام الثلاثة في تحكيم مباريات نظمها المجلس الانتقالي الجنوبي. وكان الاتحاد قد نشر رسميا في 18 أكتوبر الماضي وثيقة يتوعد الحكام في عدن "بالشطب في حال المشاركة ببطولات غير رسمية، واستمرار التعامل مع قيادة فرع الاتحاد المقالة".
المصدر: صفحة الاتحاد على فيسبوك
ولم تقتصر إجراءات الاتحاد اليمني لكرة القدم على عدن فقط، ففي ديسمبر 2020 كان قرار إقالة قيادة الاتحاد فرع ساحل حضرموت قد أثار امتعاضا وجدلا كبيرا في الأوساط الرياضية بالمحافظة.
ازدواجية
في مقابل المواقف القاسية من الاتحاد اليمني لكرة القدم تجاه أندية عدن والجنوب، أظهر الاتحاد رضوخًا واضحًا للأندية الشمالية في صنعاء الخاضعة للحوثيين في عدة مناسبات.
ففي 18 يناير 2022 مثلا، اكتفى الاتحاد بمعاقبة أهلي صنعاء وشعب صنعاء بغرامة مالية قدرها 2 مليون ريال على كل نادي، على خلفية مشاركتهما في بطولة أقامها الحوثيون حمل اللاعبون فيها على قمصانهم صورة قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، الذي لقي مصرعه بغارة أميركية في يناير 2020.
وفي 7 سبتمبر الماضي، أعلن مجلس تنسيق أندية صنعاء مقاطعة أنشطة اتحاد كرة القدم برئاسة العيسي، حتى يتم وضع ضوابط وإصلاحات. ورغم مخالفة المقاطعة لقانون الاتحاد، ذهبت قيادة الاتحاد بعد يومين إلى طمأنة وزير الشباب والرياضة لدى الحوثيين محمد حسين المؤيدي بأنها لن تتحذ إي إجراءات لمعاقبة الأندية، ولن تقوم بتهبيط أندية الدرجة الثانية في صنعاء كما كان متوقعًا.
المصدر: مواقع محلية
ووضعت قيادة الاتحاد شروطًا من بينها عدم وقوف أندية صنعاء مع أندية عدن التي تتعرض باستمرار للعقوبات.
مخالفات وفشل
يتهم المسؤول الإعلامي في دائرة الشباب والرياضة بالمجلس الانتقالي الجنوبي عبد الله الجعشاني الاتحاد اليمني لكرة القدم باختلاس الأموال، رغم أن رئيس الاتحاد رجل الأعمال أحمد العيسي أحد أكثر الأثرياء في البلاد.
وقال الجعشاني لمركز سوث24: "المبالغ المالية التي يستلمها الاتحاد اليمني من الاتحاد الآسيوي والاتحاد الدولي لإقامة النشاط الرياضي ليست واضحة، يعلن تارة عن رقم معين وتارة أخرى عن رقم مختلف". ورغم النزاع الواضح، نفى الجعشاني أن يكون هناك خصومة بين المجلس الانتقالي والاتحاد اليمني لكرة القدم، مضيفا: "نعمل مع كل الاتحادات الأخرى بسلاسة، إلا اتحاد كرة القدم الذي يخلط السياسة بالرياضة ويبادر هو بالخصومة دون سبب".
وأوضح الجعشاني أن أحمد العيسي منذ 2005 حرص على البقاء في قيادة الاتحاد اليمني لكرة القدم رغم مخالفة هذا لكل القوانين واللوائح. مضيفا: "العيسي يواصل إقناع الاتحاد الآسيوي والدولي بأنّه لا يمكن عقد انتخابات في هذه الظروف، وهو ما يجعل هذه الجهات تجدد له شرعيته، وتجدد الثقة فيه بدون انتخابات".
ولفت الجعشاني إلى أن "البطولات التي تقام بعدن، تتم بتنظيم اتحاد فرع العاصمة عدن الذي اختارته الأندية بصفتها الجمعية العمومية للفرع، وهو ما بجعل لها الحق في أنّ تختار ممثليها باتحاد فرع العاصمة حسب اللوائح".
مباراة نهائي بطولة كأس العاصمة عدن بين نادي وحدة عدن ونادي التلال، 25 فبراير 2023 (نجيب المحبوبي)
ويتفق الصحفي الرياضي اليمني بشير سنان، رئيس منصة OneTwo الرياضية، على أن الاتحاد اليمني لكرة القدم يعاني من المخالفات والإخفاق والفشل. وأضاف لمركز سوث24: "لا يوجد أمل قريب يشير إلى رحيل العيسي من قيادة الاتحاد حتَّى الآن. إذا العيسي قام ببناء نظام إداري يحترم الأنظمة واللوائح، لما استمر في الرئاسة بعد انتهاء ولايته الشرعية".
ويرى سنان أن غياب دور الجمعية العمومية، "التي تعتبر جزءاً هاماً من النظام الرياضي، والتي فصّلها العيسي على قياس مصالحه، كان له تأثير سلبي على الوضع الحالي".
وعن مشروعية القرارات التي أصدرها اتحاد الكرة بحق أندية عدن، قال سنان: "تبرُز هنا بعض التساؤلات للإجابة عليها: هل الاتحاد القائم حاليا شرعي؟ ما مشروعية إصدار قرارات تختص بتهبيط الأندية العريقة كالتلال ووحدة عدن والشعلة؟ هل تم تطبيق تلك القرارات على كافة الأندية التي شاركت في بطولات بمسميات مختلفة في مناطق أخرى من البلاد؟".
وأضاف: "سبق وقلتها ولا زلت أكرر لو تعامل الاتحاد مع كل الأندية بسياسة واحدة لاختلف واقع الحال عمّا هو عليه الآن". واستنكر سنان طرد لاعبي نادي وحدة عدن الثلاثة من منفذ الوديعة.
مضيفًا: "هذا الفعل جريمة غير مسبوقة. لم يحدث في أي بلد في العالم طرد لاعبين من منفذ دولة أخرى بسبب مشاركتهم في نشاط رياضي يعده اتحاد اللعبة غير مشروع حتى مع المبررات التي ساقها بهذا الشأن. كان من المفترض عدم استدعاء اللاعبين من البداية، لا استدراجهم بتلك الصورة الهزلية وإنزالهم من الحافلة قبل لحظات من دخول السعودية".
وأرجع سنان هذه الإجراءات إلى غضب التاجر العيسي من فقدان مصالحه الاقتصادية في الجنوب، حد قوله. وأردف: "رغم المبررات التي يسوّقها اتحاد اللعبة بشأن مشروعية أو عدم مشروعية الأنشطة التي تُنظم في الجنوب، مثل دوري عدن الممتاز على وجه التحديد، إلا أن هناك نشاطات مماثلة جرت في أجزاء واسعة من البلاد شمالًا وتم غض الطرف عنها".
مباراة نهائي كأس حضرموت7 بين نادي شعب حضرموت ونادي اتفاق الحوطة، 3 مارس 2023 (صائن صالح الهندي)
معالجات ضرورية
يعتبر الجعشاني إقالة قيادة الاتحاد الحالية واستبدالها بقيادة جديدة "أبرز المعالجات المطلوبة لتصحيح الوضع اليوم". مضيفا: "إذا لم يطرأ تغيير فإنّ الامور ستكون من سيئ إلى أسوأ".
وتابع: "هذا الأمر يتطلّب وقفة جادة من جميع الأندية بلا استثناء، سواء في الجنوب أو في الشمال، لتشكيل لجنة عمومية بحيث تختار كل الأندية مندوبيها، بالإضافة إلى إلغاء قرارات الاتحاد المجحفة بحق جميع الأندية".
ويدعو الصحفي بشير سنان الأندية الجنوبية للاتحاد معا واللجوء للقانون لمحاسبة قيادة الاتحاد اليمني لكرة القدم. مضيفا: "أنصحهم باللجوء الى المسارات القانونية المفترضة، سواء في التصعيد الداخلي عبر الجمعية العمومية واللوائح الداخلية للاتحاد، أو الخارجي عبر جهات انفاذ القانون الدولي ممثلة بالفيفا والمحكمة الرياضية المختصة (محكمة كاس)".