إطلاق سراح المعتقلين من السجن المركزي في صنعاء (picture-alliance/AA/M. Hamoud)
13-02-2024 الساعة 4 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | عبد الله الشادلي
بين يناير 2023 ويناير 2024، أفرجت جماعة الحوثيين المدعومة من إيران عن نحو 6784 سجينًا، من سجونها في محافظات شمال اليمن بدعوى إكمالهم ثلاثة أرباع مدة العقوبة بالسجن، وأنه "ليس عليهم حقوق خاصة للغير".
ورغم أن القانون اليمني يوفر المشروعية لمثل هذه الإجراءات، كما يقول خبراء قانونيون لمركز سوث24، إلا أن واقع الحوثيين كجماعة فاعلة من غير الدول، متهمة من قبل خصومها بالانقلاب على السلطة في صنعاء، علاوة على التقارير والمعلومات بشأن إطلاقهم سراح سجناء من تنظيم القاعدة، يثير التساؤلات حول أسباب ودوافع الحوثيين الحقيقية.
والسجناء المفرج عنهم، ليسو ضمن قائمة عملية تبادل أسرى الحرب بين الجماعة والحكومة اليمنية. ومن المرجّح أن معظم هؤلاء الأشخاص قد تم سجنهم على ذمة قضايا جنائية وأمنية.
وبحسب الأخبار التي نشرتها وكالة سبأ التابعة للحوثيين، واطلع عليها مركز سوث24، فإنّ معظم المفرج عنهم، تم سجنهم سابقا على على ذمة قضايا جنائية جسيمة وغير جسيمة.
عمليات الإفراج
وبحسب الرصد الذي أجراه مركز سوث24، بلغ عدد السجناء الذين أفرجت عنهم مليشيا الحوثيين، بشكل رسمي وعبر وكالة سبأ التابعة لها، منذ 30 يناير 2023 وحتى 27 يناير 2024، حوالي 6784 شخصًا.
|
أكثر من نصف هؤلاء السجناء، أي نحو 4007، أفرج الحوثيون عنهم في محافظة إب، التي تشترك بجبهات عسكرية ملتهبة مع محافظة الضالع في جنوب اليمن. بينما توزعت بقية الأرقام كالتالي: 843 سجينا من محافظتي الحديدة وريمة، و598 من محافظة صعدة، و509 من محافظة ذمار، و348 من محافظة صنعاء، و239 من محافظة عمران، و117 من محافظة البيضاء و123 من محافظة حجة.
وبشكل ملحوظ، أفرج الحوثيون عن عدد كبير من هؤلاء السجناء في مناسبات أو ظروف ذات أهمية للحوثيين. على سبيل المثال، في شهر سبتمبر 2023 الذي تزامن مع المولد النبوي الذي يحتفل به الحوثيون، تم الإفراج عن 239 سجيناً في محافظة عمران، و158 في محافظة الحديدة، و295 في محافظة صعدة، و312 في محافظة ذمار، و542 في محافظة إب، و206 في محافظة صنعاء، بما مجموعه 1752 سجين.
وفي 28 نوفمبر 2023، أفرجت النيابة العامة في محافظة إب الخاضعى للحوثيين عن 3030 سجيناً في أكبر دفعة يتم الإفراج عنها خلال العام. وتأتي عملية إطلاق السجناء بعد أيام على اختطاف الحوثيين سفينة الشحن جالاكسي ليدر في البحر الأحمر واقتيادها إلى ميناء الحديدة بدعوى ارتباطها بإسرائيل، وفي خضم حملة التعبئة العامة التي نفذها الحوثيون لتجنيد عشرات الآلاف من المسلحين في شمال اليمن باسم فلسطين.
مواد القانون
يلفت المستشار القانوني خالد هويدي إلى أن القانون اليمني يتضمن إجراء يُعرف بـ "الإفراج الشرطي"، وهو إجراء قانوني لإطلاق سراح السجين الذي أمضى ثلاثة أرباع مدة عقوبته، وقد أوفى بالالتزامات المالية المفروضة عليه، وأظهر سلوكًا حسنًا داخل المؤسسة العقابية.
وأضاف لمركز سوث24: "هذا الإجراء يستند إلى التقييم الذي يتم في المؤسسة العقابية، ويعتمد على ما وضعه المشرع من أحكام وقواعد للإفراج الشرطي في المادة رقم 506، وما بعدها من قانون الإجراءات الجزائية. ورغم ذلك، يجب أن يخضع السجناء المفرج عنهم للمراقبة لفترة لاحقة".
وتابع: "إذا كانت المادة 506 من قانون الإجراءات الجزائية تقضي بجواز الإفراج الشرطي عن كل محكوم عليه نهائياً بعقوبة مقيدة للحرية، فإن اللائحة الداخلية لقانون السجون اشترطت في المادة (94/5) ألا يكون في الإفراج عن المحكوم عليه خطراً على الأمن العام[..]".
وأشار هويدي إلى أنه "لا يجوز الإفراج تحت شرط عن المحكوم عليهم في الجرائم المضرة بأمن الدولة المنصوص عليها في قانون العقوبات، في المواد من 121 إلى 136".
وبحسب رئيس النيابة الخاضعة للحوثيين، القاضي عبدالرحمن النزيلي، فإجراءات الإفراج عن آلاف السجناء في محافظة إب "جاءت تنفيذاً لتوجيهات النائب العام بمنح المحكومين حق الإفراج الشرطي لمن أمضوا ثلاثة أرباع مدة عقوبة الحبس، وبالضمانات اللازمة في القضايا رهن التحقيق، التي لا تشكل خطورة على المجتمع."
أهداف غير معلنة الحوثيين
يتهم السياسي اليمني علي الصراري الحوثيين بالإفراج عن هذه الأعداد من السجناء للتهرب من المسؤوليات القانونية المترتبة على ما كابده كثير منهم. ويزعم الصراري أنّ بعضهم تم سجنهم "بطرق غير قانونية، ويتم احتجازهم في أماكن غير لائقة بهم كبشر، ويتم معاملتهم بطرق تتنافى مع القوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية".
ويقول الصراري لمركز سوث24، أنّ بعض السجناء "تعرضوا للتعذيب، ومنهم من تعرض للابتزاز".
وتعتقد مصادر عسكرية تحدثت لمركز سوث24 أنّ إطلاق جماعة الحوثيين للسجناء هدفه الرئيس محاولة تحشيد أكبر عدد منهم ضمن عملية التجنيد العسكرية الكبيرة التي تجريها، والتي لم تستثن حتى الأطفال.
واليوم الثلاثاء قالت "هيومن رايتس ووتش"، إن الحوثيين يقولون إنهم جندوا الآلاف في قواتهم المسلحة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ونقلت المنظمة عن نشطاء أن "الجماعة المسلحة تجند أطفالا لا تتجاوز أعمار بعضهم 13 عاما."
ووفقا لتقرير المنظمة الشهيرة المعنية بحقوق الإنسان، أنّ "تجنيد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما هو جريمة حرب."
وبحسب المنظمة: "يستغل الحوثيون القضية الفلسطينية لتجنيد المزيد من الأطفال من أجل قتالهم الداخلي في اليمن".
ولا يستبعد علي الصراري أن تكون من أبين أسباب إطلاق الجماعة لآلاف السجناء يرجع "لأسباب اقتصادية" لتجنب "تغطية احتياجاتهم من الغذاء والصحة في السجون."
وأضاف: "الحوثيون يحتاجون أيضًا لتعويض العنصر البشري المسلح بعد خسائرهم الكبيرة في جبهات القتال".
وسبق للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا أن اتهمت الحوثيين بالتنسيق مع تنظيم القاعدة المتشدد وإطلاق سراح عناصره من السجون في صنعاء وغيرها من المدن في شمال اليمن، التي يسيطر عليها الحوثيون.
ففي ديسمبر 2022، قال رئيس المجلس الرئاسي اليمني رشاد العليمي لقناة العربية السعودية: "كان لدينا معتقلون محكوم عليهم في قضايا إرهابية ومنها الاعتداء على المدمرة الأمريكية (يو إس إس كول) تم الإفراج عنهم من قبل المليشيات الحوثية الإرهابية، وتزويدهم بالأسلحة والمعدات والأموال، وأطلقوهم في المناطق التي تحت سيطرة الحكومة الشرعية، للقيام بعمليات إرهابية".