23-11-2020 الساعة 10 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| قسم التحليل
شهِدَ يوم الاثنين سباقاً يمنياً محموماً لتهنئة القيادة السعودية بنجاح قمة مجموعة العشرين، التي استضافتها المملكة، كأول دولة عربية، طيلة اليوميين الماضيين، بعضُ هذه التهاني عدّها مراقبون تجاوزاً للبروتوكول الدبلوماسي.
بادر زعيم الإخوان المسلمين في اليمن، محمد عبد الله اليدومي، بتهنئة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بهذه المناسبة، أعقبه بلحظات الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في تهنئة الملك، ثم تلاهما نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر، مهنئاً نظيره ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
خروج عن الدبلوماسية
مؤخراً، درج رئيس الهيئة العليا لحزب الإصلاح، محمد اليدومي على إرسال التهاني والتعازي للملوك والأمراء والقادة العرب، كان آخرها تعزية أمير الكويت الجديد نواف الأحمد الصباح، في وفاة أمير الكويت السابق، أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي.
أثارت تهنئة سابقة لليدومي في الذكرى السادسة لتولي الملك سلمان بن عبد العزيز حكم المملكة، تساؤل البرلماني الجنوبي الدكتور عيدروس النقيب، عن الصفة التي تخوّل لليدومي إرسال رسائل من هذا النوع، في حين عدها خبراء سياسيون نوعاً من التخبّط.
يرى السياسي الجنوبي يحيى غالب الشعيبي أنّ "رجل المخابرات الغامض والهادئ ومهندس سياسة منظومة الإخوان المسلمين يعيش وضعاً مضطرباً سياسياً ويشعر بعدم الرضى".
وعلى الرغم من أنّ نائب الرئيس اليمني، علي محسن الأحمر، التزم بحدود خطابه الدبلوماسي، عندما هنأ نظيره ولي العهد بنجاح قمة العشرين، كرر اليدومي، اليوم، تهنئته للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز بذات المناسبة.
تهنئة اليدومي الأخيرة للعاهل السعودي، لا تمثّل خروجاً عن الحدود الدبلوماسية والبروتوكولية وحسب، بصفته مستشاراً للرئيس اليمني، بل تجاوزتها للخوض، في نص التهنئة، في الشأن السياسي اليمني، حين دعا للإسراع في تنفيذ اتفاق الرياض.
استهداف السعودية
وكان الزعيم الإصلاحي البارز، قد هدّد ضمنياً، في تغريدة له على تويتر، الأحد، بعرقلة تنفيذ اتفاق الرياض، عندما أشار إلى تعسّر ميلاد الحكومة الجديدة ما لم ينفّذ الشق السياسي والأمني من الاتفاق، وسخر بذات الوقت من الجهود السعودية، المتمثلة في آلية تسريع الاتفاق.
مراقبون اعتبروا حديث اليدومي، موجّهاً بشكل مباشر للمملكة العربية السعودية، في سياق توجهات جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، لاستهداف الرياض، والرفع من وتيرة الأزمة اليمنية إلى مصاف التدويل الذي يقترب إلى حدٍ ما من خطاب الجماعة الحوثية، المدعومة من إيران.
وجاءت رسائل اليدومي المتكررة، بعد أنباء عن مغادرته الرياض إلى تركيا، وقيادات بارزة في الجماعة، بينهم الشيخ عبد المجيد الزنداني، المصنّف على قائمة الإرهاب من قبل وزارة الخزانة الأمريكية في العام 2004.
وشنّت وسائل إعلام مقرّبة من الحزب اليمني وقطر، هجوماً لاذعاً على الرياض، واتهموها بتقييد حرية الزنداني، طيلة الفترة الماضية.
وجاءت هذه التطوّرات عقب تصنيف هيئة كبار العلماء السعودية "تنظيم الإخوان المسلمين" بـ "جماعة إرهابية"، وفقاً لبيان نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس).
تهديد فرص السلام
وقال اليدومي في سياق تهنئة للملك السعودي "ندعوا إلى الإسراع بتنفيذ اتفاق الرياض الذي رعته المملكة مشكورة منذ بدايته، لكونه المدخل لحقن دماء اليمنيين وتوحيد جهدهم في مواجهة المد الإيراني في المنطقة".
وعلى الرغم من أنّ بعض المراقبين، أرجعوا تغيّر مضمون حديث اليدومي، لضغوط سياسية، لم يرجّح آخرون مثل هذه الخطوة، واعتبروا مسارعة الرجل لتصحيح موقفه، نابع من خشية قيادة الحزب اليمني، التي تشنّ عناصرها حرباً عنيفة ضد القوات الجنوبية في أبين، من اتهامها بعرقلة وإفشال مساعي إحلال السلام في جنوب اليمن.
ويعزز ذلك دعوة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن في لقاء مع وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي، منذ أيام، للإسراع في تشكيل الحكومة وتنفيذ اتفاق الرياض.
"مسارعة تصحيح الرجل موقفه، نابعة من خشية قيادة حزب الإصلاح، اتهامها بعرقلة وإفشال السلام في جنوب اليمن".
كما أنّ هذا التغيير الطارئ جاء تزامناً مع تقدّم حققته ميليشيات الحوثي، المدعومة من إيران، في مناطق استراتيجية من مأرب، قد تهدد بسقوطها الوشيك.
ذات صلة: اتفاق الرياض «قشة» الإصلاح المتبقية، وسقوط مأرب نهايته الوشيكة
تجدر الإشارة إلى أنّ محافظ محافظة مأرب سلطان العرادة، اعتبر، الاثنين، في اتصال مع رئيس الوزراء اليمني المكلّف، معين عبد الملك، "التسريع بتشكيل الحكومة الجديد واستكمال تطبيق آلية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض سيسهم في زيادة تماسك الصف الوطني وحل كثير من المشاكل والتحديات القائمة"، وفقا لوكالة سبأ التابعة لحكومة هادي.
وفي سياق متصل بالصراع في اليمن، أعلنت الخارجية اليمنية، الاثنين، ولأول مرة "دعم الحكومة لجهود المبعوث الأممي وتعاملها الايجابي مع جميع مبادراته بما فيها مشروع الإعلان المشترك"، خلال لقاء جمع الحضرمي والمبعوث الأممي إلى اليمن، مارتين غريفيث، وفقاً لسبأ.
الخبير الجنوبي البارز صلاح السقلدي، اعتبر، في سلسلة تغريدات، على تويتر، أنّ "الوضع المحلي والإقليمي والدولي القاتم الذي يطوّق الحكومة اليمنية" هو من دفع هذه الحكومة لأن "تجنح للسلم."
لكن هذه التطوّرات "لم تكن كافية على ما يبدو من أن تجعل هذه الحكومة وكياناتها الأخرى تغيّر موقفها من الجنوب، وتذعن لاتفاق الرياض وللواقع الجديد الشامل الذي تشكل خلال ستة أعوام وأفضى لخارطة سياسية جديدة". وفقاً للسقلدي.
- مركز سوث24 للأخبار والدراسات (تحليل مشترك: بدر محمد و إياد قاسم)