Credit: ANGELA WEISS/AFP via Getty Images
02-05-2023 الساعة 6 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | رعد الريمي
في أبريل 2015، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2216 الذي حسم تصنيف الأزمة في اليمن على أساس "شرعية" معترف بها دوليُا ممثلة بالرئيس السابق عبدربه منصور هادي وحكومته، وانقلاب ممثل بجماعة الحوثيين وحليفهم السابق علي عبد الله صالح.
وضع هذا القرار الخطوط العريضة لسنوات لاحقة، بعد فرض عقوبات على الحوثيين وصالح وحظر توريد الأسلحة إليهم، وتم قرنه مع المبادرة الخليجية وبرنامج "الحوار" الوطني ضمن "المرجعيات الثلاث" للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.
وكان مجلس الأمن الدولي قد أصدر العديد من القرارات بشأن "المسألة اليمنية" من بينها القرار 2140 لعام 2014، الذي وضع اليمن تحت "البند السابع" جنبًا إلى جنب مع قرارات أخرى ذات صلة بالأزمة في اليمن.
وعلى امتداد الفترة الماضية، اصطدمت كل مساعي وخطط فصل ونزع الأزمة في اليمن عن سياقها الحقيقي بهذا القرارات التي مثَّلت امتيازًا مهمًا لصالح الحكومة، ومنعت توصيف الأزمة على أنَّها صراع بين أطراف متساوية.
وأخذت النقاشات بشأن القرار 2216 والقرارات الأخرى حيزًا هامًا من المحادثات والجهود والتنظيرات، فبينما اعتبرها البعض صمام أمان لمعسكر الشرعية ومنع انفلات اليمن بيد الحوثيين، عدَّها آخرون عائقًا حقيقًا أمام مساعي الحل والسلام.
ونظرًا لإخفاق "الشرعية" والتحالف بقيادة السعودية أمام الحوثيين في شمال اليمن، بدت محاولات القفز على القرار 2216 أكثر وضوحًا في الأعوام الأخيرة من الأزمة. وشكلت المحادثات الثنائية المعلنة بين السعودية والحوثيين أكثر الخطوات تقدمًا في هذا الاتجاه.
قبلها، كانت التحركات قد وصلت إلى محاولة استبدال القرار 2216 بقرار أممي جديد، كما كشف السفير البريطاني إلى اليمن ريتشارد أوبنهايم في مايو الماضي عندما تحدث عن مشروع قرار جديد تقدمت به بريطانيا في جلسة نقاشية.
واليوم تبرز التساؤلات أكثر من أي وقت مضى حول مصير هذا القرار الأممي وبقية القرارات في ظل التسريبات عن اتفاق قادم، وما إذا كان هذا الاتفاق قد يتجاوز القرار لصالح الحوثيين، وماذا سيمثَّل ذلك بالنسبة للشرعية المعترف بها دوليًا.
2216 والشرعية
يؤكد الأكاديمي والمختص بالقانون الدولي بجامعة عدن د. طارق قردع، ارتباط القرار الأممي 2216 بالشرعية اليمنية والدولية.
وقال لـ "سوث24": "لقد أعطى ميثاق الأمم المتحدة لمجلس الأمن الدولي، الجهاز التنفيذي للمنظمة، سلطات واسعة في مجال الأمن والسلم الدوليين وأهم هذه السلطات إصدار القرارات واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة عند حدوث تهديد للأمن والسلم الدولي."
وأضاف: "لقد أصدر مجلس الأمن هذا القرار تحت البند السابع الذي يقتضي باتخاذ وتطبيق التدابير القسرية غير العسكرية لوقف الانتهاكات. لقد طالب القرار الحوثيين بعدد من الخطوات منها سحب قواتهم من جميع المناطق التي سيطروا عليها، ووقف الاستفزاز والتهديدات للدول المجاورة، والإفراج عن جميع الأسرى وتسليم سلاح الصواريخ للحكومة الشرعية".
ولفت قردع إلى أن القرار "تضمن قائمة بالعقوبات الدولية حيث تم إدراج كل من عبد الملك الحوثي وأبو علي الحاكم وأحمد على عبد الله صالح وعبد الخالق الحوثي وجميع الأطراف التي تعمل لصالحهم ضمن القائمة، وأقر حظر توريد السلاح للحوثيين وحليفهم صالح".
محادثات السعودية والحوثيين
يعتقد الخبير الأمريكي فرناندو كارفاخال، الذي عمل في فريق خبراء اليمن التابع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أنَّ المحادثات الثنائية بين السعودية والحوثيين "ستقلب القرار 2216 رأسًا على عقب".
وقال لـ "سوث24": "منذ أكثر من عام بقليل في فبراير 2022، أدان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الحوثيين كمجموعة (إرهابية). اقترب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2624 [قرار توسيع حظر السلاح على الحوثيين] لأول مرة من جهود تجديد إدراج المتمردين في صنعاء كمنظمة إرهابية أجنبية".
وأضاف: "ومع ذلك، جددت التطورات الأخيرة الجدل ليس فقط حول الحاجة إلى تعديل قرار مجلس الأمن رقم 2216، ولكن حول ما إذا كان لا يزال مناسبًا اليوم"، مضيفًا: " مع تلاشي التفاؤل بتنفيذ القرار بعد المحادثات في صنعاء بين الملكة السعودية والحوثيين، أعرب المراقبون عن قلقهم بشأن ذلك".
وأردف: "على وجه الخصوص، هناك ثلاث قضايا يجب مناقشتها: الإشارة إلى "الحكومة اليمنية الشرعية" وسلطتها، والعقوبات على عبد الملك وعلي عبد الله صالح، وحظر الأسلحة. لقد ظهرت أسئلة بالفعل حول أهمية الرقم 2216 بعد اتفاق لرفع القيود المفروضة على السفن التي تدخل ميناء الحديدة في البحر الأحمر الخاضع لسيطرة الحوثيين".
ولفت الخبير إلى أنَّ "هذه القضية بالذات، التي يُعتقد أنَّه تم التفاوض عليها مباشرة بين السعودية والحوثيين دون مشاركة مجلس القيادة الرئاسي الذي ورث شرعية عبد ربه منصور هادي".
وأضاف: "يصر اليمنيون المعارضون للحوثيين كمركز للسلطة على أن المجتمع الدولي يجب أن يفي بالتزاماته بموجب 2216، والتي اعترفت بتهديدات الحوثيين للسلام والأمن بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة".
وأردف: "يركز النقد الموجه للجهود التي بذلتها المملكة العربية السعودية مؤخرًا، وحتى مبعوث الأمم المتحدة هانس غروندبرغ، على عواقب نهج السيادة الهجين أو المقسم لحل النزاع على أيدي التحالف والأمم المتحدة. لقد بدأ النقاش للتو، وليس هناك ثقة تذكر بأن أي انتقاد سيؤثر على النتيجة على المدى القصير".
وتجدر الإشارة إلى عملية الإفراج الأخيرة عن وزير الدفاع اليمني الأسبق اللواء محمود الصبيحي وآخرين ضمن صفقة تبادل للأسرى بين الحكومة اليمنية والحوثيين. والصبيحي كان اسمه قد ورد إلى جانب اللواء ناصر منصور هادي واللواء فيصل رجب ضمن القرار 2216 الذي طالب الحوثيين بإطلاق سراحههم.
الاتفاق القادم
قد يمثل تجاوز القرار 2216 بالفعل دفعة قوية باتجاه الاتفاق في اليمن، لكنَّها ستظل دفعة للحوثيين في نهاية المطاف. ومع ذلك، يرى مراقبون أنَّ الاتفاق القادم قد يحل بدلا عن المرجعيات الموجودة حاليًا ومن بينها هذا القرار.
وفي هذا الصدد، قالت الأكاديمية اليمنية د. ألفت الدبعي لـ "سوث24": "أي اتفاق سياسي قادم تقبله جميع الأطراف اليمنية ويحقق السلام ويضمن الشراكة الواسعة، ويمنع تحكم الجماعات المسلحة في القرار لا شك سيكون مرحبًا به من قبل المجتمع الدولي والإقليمي وسيصبح مرجعية جديدة متوافق عليها من قبل كل الأطراف".
وردًا على سؤال حول ما إذا كان مجلس الأمن الدولي قد فشل في إنفاذ القرار 2216، قالت الدبعي: "الفشل والنجاح لا يمكن اختزاله في إجابة قصيرة وما مرت به اليمن يجب أن يكون محل اهتمام الباحثين والمعنيين بالملف اليمني سواء الوطنيين أو المهتمين دوليًا لتجتب تكراره".
وأضافت: "طالما سيفضي التوافق بين القوى السياسية إلى بناء الدولة اليمنية والشراكة الواسعة وإقرار دستور جديد يستوعب المرحلة ويحقق أهداف (الثورة) اليمنية فمعنى ذلك أنَّ الانقلاب انتهى وتحقق السلام ولو كانت الفاتورة التي دفعها الشعب اليمني باهظة ومكلفة.."
وتعتقد الدبعي بأهمية وجود "ضمانات دولية وإقليمية ووطنية لتنفيذ اتفاق السلام حتى لا يتكرر ما حدث".
وحول إمكانية التوصل إلى اتفاق مع الحيلولة دون نقض القرار 2216، قالت الدبعي:" أي اتفاق جديد في تصوري سوف يصدر بشكل قرار جديد يأتي تعديل على ما سبق ولا يلغيه لأنَّ القرارات الدولية لا يمكن إلغاءها إلا بتوافق المكونات السياسية في المشهد اليمني، لأنَّ الضمانات الدولية يجب أن تستمر بأي شكل".
ومن المهم الإشارة إلى التصريحات المتكررة من قبل رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي حول التنازلات المقدمة للحوثيين من أجل السلام والسكان في مناطق سيطرة الحوثيين، وهي تصريحات تشي ربما باستعداد أطراف ضمن الشرعية لتجاوز هذا القرار لاسيما إذا توافق ذلك مع رغبة السعوديين.
وكانت هناك خلافات وانقسامات داخل الرئاسي خلال الأشهر الأخيرة تجاه مزيد من التنازلات للحوثيين، حيث يرفض الجنوبيون بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي ذلك. والأخير هو أيضًا يبدو أنَّ لديه مشكلات مع بعض المرجعيات القديمة للشرعية اليمنية التي استثنت المشاركة الحقيقية للجنوبيين مثل مخرجات "الحوار الوطني" في 2013.