15-05-2021 الساعة 2 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| قسم التحليل
في حرب يوليو تموز 2006 بين إسرائيل وحزب الله في جنوب لبنان، تم النظر لصمود حزب الله أمام انسحاب اسرائيل من الهجوم بقرار مجلس الأمن 1701 في 14أغسطس/ آب 2006، على أنه نصر حسب معيار القوى الغير متكافئة.
تحت مسمى "يوم النصر الإلاهي" ما يزال الحزب يقيم الذكرى السنوية لانتصاره بتاريخ القرار الدولي، رغم الدمار الهائل الذي حل بجنوب لبنان وعلى أثره أعلنت بعض دول الخليج العربي مساعدتها الحكومة اللبنانية في إعادة إعمار ما خلفته الحرب الإسرائيلية على لبنان.
تصدّر الحزب الإسلامي في لبنان فكرة مقاومة "الاحتلال الإسرائيلي" وتصاعدت تهديدات زعيمه حسن نصر الله لإسرائيل، لعل أبرزها تصريح العام 2016 عندما هدد باستهداف معمل للأمونيا في إسرائيل بالصواريخ. بالمقابل تصاعدت استراتيجية حرب وتسلح جديدة تعتمد التراشق المتقطع بالمقذوفات الباليستية والقاذفات الجوية. مع دخول السلاح الباليستي حيز الاستخدام ضد إسرائيل أصبح عامل التفوّق يكمن في الرصد والدقة وطول مدى المقذوفات وأخيرا صارت الكثرة تعمل على إرباك وإخفاق الدفاعات الإسرائيلية في التعقب والاعتراض.
تحدّثت بعض التقارير الإسرائيلية عن امتلاك حزب الله ترسانة من الصواريخ الذكية يتراوح عددها بين الـ 500 والـ 1000، إلى جانب الكثرة من الصواريخ التقليدية وأخرى تم تطويرها محليا حددت أماكن تواجدها في لبنان. لذا فالقلق الإسرائيلي بشأن الدقة يحتل أولوية قصوى.
في فبراير الماضي نقلت صحيفة "يسرائيل هيوم"، عن قائد لواء أساليب القتال والحداثة في الجيش الإسرائيلي، عيران نيف، بأنه "إذا تجاوز حزب الله سقف كمية أو نوعية من السلاح الدقيق، فسنطالب بالعمل ضده. وهذا قرار من العيار الثقيل، ولكن لن نتمكن من التهرب منه".
"تجربة حزب الله مع إسرائيل انتقلت بحذافيرها إلى اليمن مؤخرا ونقلت معها منظومة التسليح والحرب"
وأضافت الصحيفة إنّ الجيش الإسرائيلي استثمر جهوداً كبيرة في السنوات الأخيرة من أجل منع تزوّد "حزب الله" بصواريخ ومقذوفات دقيقة، وأنّ "قسماً كبيراً من الهجمات المنسوبة لسلاح الجو في سوريا وُجه من أجل إحباط أو تشويش تهريب أسلحة دقيقة إلى لبنان".
كما ذكرت الصحيفة أنّ "مسؤولين رفيعي المستوى يعتقدون أنّ على إسرائيل أن تبلور لنفسها خطوطا حمراء واضحة بكل ما يتعلق بمشروع دقة الصواريخ في حزب الله، لأنّ الحديث يدور عن تهديد تقليدي قد يصل إلى أحجام غير مسبوقة. وذكر المسؤولون كميات 500 – 1000 صاروخ دقيق كسقف أعلى يلزم إسرائيل بالعمل".
ونقلت الصحيفة عن رئيس "أمان" السابق، عاموس يدلين، إنه "يجب دراسة وتعريف التوقيت الصحيح لعملية ضد مشروع الدقة، من خلال الإدراك أنه قد يقود إلى تصعيد واسع النطاق"، وأنّ "وجود مئات الصواريخ الدقيقة بأيدي المحور الإيراني، وخاصة بأيدي حزب الله. هو تهديد إستراتيجي لا يمكن السماح بتطوره".
يحدث هذا كله، في وقت توسّعت خارطة سيطرة الجماعات والأحزاب الشيعية في المنطقة العربية التي تقف وراءها إيران. تجربة حزب الله مع إسرائيل انتقلت بحذافيرها إلى اليمن مؤخرا ونقلت معها منظومة التسليح والحرب الجديدة إلى الحد الذي جعل قادة جماعة الحوثيين يصرّحون بامتلاكهم قوة ردع تستخدم ضد خصومهم المحليين والخارجيين كالمملكة العربية السعودية. وكانت السعودية قد قادت تحالفا عربيا أعلن في مارس 2015 ضد "انقلاب" الحوثيين على الرئيس الشرعي للبلاد عبدربه منصور هادي وعقب سيطرتهم على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014. من لحظة سقوط صنعاء إلى انطلاق عاصفة الحزم كانت قد مرت 6 أشهر أقام فيها الحوثيون جسراً جويا مع إيران، كانت كفيلة باقامة النسخة اليمنية لحزب الله اللبناني التي أظهرت قدرتها على استهداف الأراضي السعودية ومنشآتها الاستراتيجية وإلحاق أضرارا بالغة بها.
الحرب على غزة.. أسبابها وتداعياتها
اندلعت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة على خلفية أحداث العنف التي جرت في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية واقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى وقيام الفصائل الفلسطينية في غزة بقصف بلدات إسرائيلية بالصواريخ، انتهت بشنّ إسرائيل حرب واسعة ضد القطاع.
جاءت هذه التطورّات في المنطقة، بعد موجة تطبيع تاريخية عمّت المنطقة خلال العام الماضي بين اسرائيل ودول عربية. من شأن هذا التصعيد الخطير أن يهز هذه العلاقات حديثة العهد، ويضعها في امتحان صعب. وانتقد مسؤولون من الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب - وجميعها دول طبّعت علاقاتها مع إسرائيل في عام 2020 - السياسات الإسرائيلية هذا الأسبوع.
ووفقا لصحيفة وول ستريت جورنال، حتى مؤيدو الاتفاقات يُدركون التحدي المتفاقم الذي تواجهه إسرائيل في الحصول على القبول في منطقة لا يحظى فيها احتلالها للأراضي الفلسطينية بشعبية كبيرة. [1]
إقرأ أيضا: الهجوم الإسرائيلي على غزة قد يُعيد الانفراج مع العالم العربي إلى مربع الصفر
يقول عوفير وينتر، باحث في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، وفقا للصحيفة، "هناك أساسيات قوية لهذه العلاقات، لكن التحدي يكمن في كيفية شرح الدول العربية القضية لشعوبها. معتبراً "هذا التصعيد يشكّل اختبارًا كبيرا لهذه العلاقات الجديدة".
وفي مقابل الموقف العربي، نددت إيران، خصم إسرائيل، بالأعمال الاسرائيلية فى القدس. ووجد المسؤولون الإيرانيون هذه الأحداث فرصة للتشكيك بجدوى اتفاقات السلام، التي أدانتها طهران، لأنها تنظر إليها على أنها تعزز ظهور "تحالف جديد" ضدها في المنطقة. قالت وول ستريت جورنال أنّ وزير خارجية إيران، دعا المجتمع الدولى الى التحرك، في الوقت الذي حذر الحرس الثورى الإسلامى الولايات المتحدة من اتفاقيات أبراهام التي قال أنها "خدعت" الدول العربية و"مكّنت" اسرائيل.
وحاولت تركيا، وهي قوة رئيسية أخرى في الشرق الأوسط لها علاقة طويلة الأمد مع إسرائيل، وفقا للصحيفة، حشد جهد دبلوماسي لوقف الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين. إبراهيم كالين كبير مستشاري الرئيس التركي رجب طيب اردوغان قال في مقابلة تلفزيونية هذا الأسبوع أنّ "على الدول الاسلامية أن ترقى إلى مستوى دعوة الشعب الفلسطيني وأن تستخدم كل نفوذ وقوة".
في الوقت الذي، يدفع فيها الأهالي في اسرائيل وفلسطين الثمن الأكبر لهذه الحرب، قال الأستاذ المساعد في الجامعة المالية التابعة للحكومة الروسية غيفورغ ميرزايان في مقال نشره "اكسبرت اونلاين" "القوى الخارجية تحاول استغلال الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لأغراضها الخاصة. في أحسن الأحوال، لأنهم لا يستطيعون إيجاد حل لها، وفي أسوأ الأحوال لأن هذا الصراع (وبالتالي تصعيده) يتوافق مع المصالح الوطنية لهذه القوى."
ميرزيان حدد عدة جهات دولية قد يكون لها مصلحة بهذا الصراع، فمثل "هذا الاصطفاف مفيد لأولئك الذين اختاروا هذا الجانب منذ فترة طويلة، وقبل الجميع، تركيا وإيران." ورأى أيضا أنّ ذلك قد يشمل، روسيا. "فموسكو جزء من اللجنة الرباعية الوسيطة في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتتصرف في هذا الوضع كوسيط."
إيران التي تكافح لامتلاك قنبلة نووية، تخوض محادثات في فيينا مع الأطراف الدولية الكبرى، بشأن عودتها وواشنطن للاتفاق النووي الموقع في 2015. طالما انتقدت اسرائيل خطوات الجانب الأمريكي لإمكانية رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران.
وصل ذروة التصعيد الإسرائيلي مع إيران، بعد عملية دقيقة جرت في طهران في شباط نوفمبر الماضي، تم خلالها اغتيال العالم النووي الإيراني فخري زاده. قالت وسائل إعلام اسرائيلية أن جهاز الموساد الاسرئيلي نفّذها. عقب هذه العملية حدثت تصعيد متبادل بين الطرفين في المياه الدولية، تكررت فيها الاعتداءات المتبادلة على سفن عسكرية وتجارية للبلدين.
من المرجّح أنّ إيران قد عملت فعلا على توسعت خارطة حلفائها في المنطقة لتشمل كل جماعات الإسلام السياسي، الشيعية منها والسنية كالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين. لا يمكن إغفال التطور النوعي العسكري لحركة حماس في غزة، الذي أثار تساؤلات المراقبين الاسرائيلين حول مدى فاعلية منظومة القبة الحديدية، شهيرة الصيت.
مؤخرا، نشرت حركة حماس برومو لطائرة انتحارية من نوع "شهاب"، قال عنها مدير السياسة في منظمة" متحدون ضد إيران نووية، جايسون برودسكي بأنها شبيهة بطائرة الدرون لمحور المقاومة التابع لإيران. [2]
قال وزير الإعلام الأردني السابق، صالح القلاب في تصريحات للعربية، أنّ حركة حماس "لم تستشر السلطة الوطنية أو الدول العربية قبل التحرك الأخير" لكنّ يمكن أنّها "أبلغت إيران بذلك". [3]
بدر قاسم محمد
زميل مقيم في مركز سوث24 للأخبار والدراسات، باحث في الشؤون السياسية اليمنية
- مركز سوث24 للأخبار والدراسات
- الصورة (Keystone)