تصميم: مركز سوث24
12-11-2022 الساعة 6 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | رعد الريمي
حصل مركز "سوث24"، بشكل حصري، على مراسلات وخطابات توثَّق نقل مئات الأشرطة من أرشيف تلفزيون عدن الرسمي إلى صنعاء، بعد حرب 1994. وأظهرت المراسلات أنَّ بعض شحنات الأرشيف التي تم نقلها كانت تحت غطاء فني.
ونشر مركز سوث24 الجزء الأول من التحقيق في أغسطس الماضي، سلّط فيه الضوء على قضية "نهب أرشيف" التلفزيون الرسمي لدولة جنوب اليمن السابقة، عقب الوحدة اليمنية وأشار للجهات الرئيسية المتورطة بالعملية.
لقراءة الجزء الأول من التحقيق:
القصة الكاملة لـ «نهب» أرشيف تلفزيون عدن الرسمي
ولأول مرة، تحدث مدير تلفزيون عدن السابق آنذاك، يسلم مطر، عن الواقعة من زاويته، في خطاب رسمي أرسله إلى "سوث24" بعد التواصل معه. كما تم التقصي عن واقعة اعتراض شاحنات في صنعاء، كانت تحمل بعض الأرشيف المنهوب، في طريقها إلى عدن، في يونيو 2014.
ردود رسمية
استكمالا للجزء الأول من التحقيق، تواصل مركز سوث24 مع الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في شهادات المتحدثين، أو ذوي الصلة، وهم:
- الصحفي سعيد ثابت، مدير مكتب قناة الجزيرة القطرية في اليمن.
- الصحفي جمال المليكي، مُعد برنامج "المتحري" على قناة الجزيرة القطرية.
- عبد الغني الشميري، رئيس قطاع الإذاعة والتلفزيون بعد عام 1994 والمتهم الأول بنهب أرشيف تلفزيون عدن الرسمي.
- حامد الشميري، شقيق عبد الغني الشميري ورئيس إدارة قناة "السعيدة" الفضائية، المتهم ببث مقاطع مصورة خاصة بأرشيف تلفزيون عدن في القناة.
- عبد الرحمن الزيادي، مدير مكتبة أرشيف تلفزيون عدن الرسمي سابقاً.
- يسلم مطر، مدير عام تلفزيون عدن الرسمي سابقاً
سعيد ثابت:
عند تواصل مركز سوث24 مع مدير مكتب قناة الجزيرة القطرية في اليمن، الصحفي سعيد ثابت، أحالنا بدوره إلى الصحفي جمال المليكي، مسؤول برنامج "المتحري"، الذي أعد حلقة من جزأين بثتها القناة القطرية في 21 أغسطس الماضي حول أحداث 13 يناير 1986 في جنوب اليمن.
وتضمنت الحلقة، التي أثارت سخطا في جنوب اليمن، مقاطع خاصة بأرشيف تلفزيون عدن الرسمي، يُرجح أنَّها ضمن المواد التي نُقلت لصنعاء بعد حرب عام 1994.
جمال المليكي:
رغم رده على الرسالة الترحيبية، إلا أنَّ الصحفي جمال المليكي لم يرد حتَّى اللحظة على استفسارات "مركز سوث24" بخصوص المواد المصورة الخاصة بتلفزيون عدن الرسمي التي ظهرت على شاشة قناة الجزيرة ضمن برنامج "المتحري"، وتوضيح كيف حصل عليها.
عبد الغني الشميري:
حالياً، يشغل عبد الغني الشميري – المتهم الأول في نهب أرشيف تلفزيون عدن الرسمي – منصب السفير اليمني في إندونيسيا. لم يتجاوب الشميري مع رسائل متكررة من "سوث24" رغم قراءته لها، ولم يرد على الاتهامات تجاهه.
حامد الشميري:
لم يتجاوب رئيس إدارة قناة السعيدة الفضائية، حامد الشميري، مع الاستفسارات والأسئلة التي وجهها له "مركز سوث24" على رقمين شخصيين خاصين به، رغم اطلاعه على الرسائل وقراءتها.
عبد الرحمن الزيادي:
في اتصال هاتفي، أقر مدير مكتبة أرشيف تلفزيون عدن الرسمي سابقاً عبد الرحمن الزيادي بما قاله عبد القادر الوحيشي، سائق المركبة التي قامت بنقل أرشيف قناة عدن إلى صنعاء. وقال الزيادي إنَّ ذلك تم بتوجيهات رسمية.
يسلم مطر:
رحَّب مدير تلفزيون عدن السابق، والمدير الحالي لإذاعة عدن، يسلم مطر، بتواصل "سوث24" معه. وقال مطر: "منذ سنوات وأنا أنتظر جهة إعلامية محترمة للتواصل معي وأخذ القضية من مصادرها بعيداً عن الاجتهادات."
وأرسل مطر خطابا رسميا لمركز "سوث24"، ننشره كما ورد دون أي حذف:
بعد التحية..
استلمت رسالتكم المتعلقة بما أسميتموه "نهب أرشيف تلفزيون عدن الرسمي."
وللتوضيح، أحب أنوَّه لسيادتكم أنَّ كلمة نهب لا تُعبَّر عن معناها الوارد إلينا في رسالتكم؛ فالنهب هو السلب أو السرقة بالقوة وهذا الأمر هو ما حدث بالضبط بعد دخول "القوات الغازية" إلى عدن في يوليو 1994 عندما تم اقتحام الإذاعة والتلفزيون وتم العبث بمحتوياتها وظلت الأشرطة مبعثرة في الطرقات بمدينة التواهي لأيام أمام العامة. وهو نفس المفهوم الذي حدث للإذاعة والتلفزيون عندما اقتحم الحوثيون مدينة التواهي في 2015.
لقد دخلت مجاميع الرعاع لتمارس نفس المهمة في النهب والسلب والتخريب دون رادع أو محاسبة، بل مع الأسف أن بعضا ممن اشتركوا في نهب الإذاعة والتلفزيون احتلوا مناصبا حساسة فيهما. وللأسف البعض ممن قادوا المخربين كانوا من عمال هذين المرفقين، وفي ليلة وضحاها غيّر الجميع جلودهم، وأصبحت المعاناة للموظفين الشرفاء الذين كانوا في كل عملية نهب يقِفون بما لديهم من إمكانيات دون مساعدة أو أوامر من أحد غير ضمائرهم الحية.
وعودًا على بدء..
فإنَّ ما حصل هو نقلا أشرطه قديمة [2Inch - اثنين بوصة] وبعض من الأشرطة المهملة منذ العهد السوفييتي السابق عفا عليها الزمن، أو أشرطة إخبارية لشركة فيز نيوز العالمية VisNews مبعثرة ومخزونه دون تكييف.
خطاب من مسؤول في قناة صنعاء، في 14 ديسمبر 1998، يفيد باستلام 600 شريط من أرشيف تلفزيون عدن الرسمي تم نقلها على متن شاحنتين نوع "دينا"، يقود إحداهما عبد القادر الوحيشي الذي استضافه سوث24 في الجزء الأول من التقرير.
هذا الأمر لم يحصل مباشرة بعد هزيمتنا في حرب 1994، ولكنَّه جاء بعد فترة طويلة من استقرارنا في العمل بعد حوالي أربع سنوات وبعد مطالبتنا المؤسسة والوزارة بنقل الأشرطة القديمة إلى أشرطة حديثة حتَّى يتسنى لنا استخدامها باعتبار أنَّ المكتبة هي عقل وذاكرة وتاريخ الوطن بما تحتويه من كنوز لا تتوفر إلا في المكتبة ذاتها.
لقد تعزز هذا الطلب من قبلنا بعد أن أنهت قناة صنعاء نقل مواد أرشيفها كاملا تحت توجيهات وزير الإعلام الدائمة لنا بنقل المواد القديمة للاستفادة منها. لقد تم نقل شاحنتين من أشرطة اثنين بوصة المهملة في غرف خارج مكتبة التلفزيون؛ كانت قرب مطبخ الإذاعة والتلفزيون.
لقد كان خوفنا عليها من التأثر من الحرارة دافعنا الأول لنقلها من ذلك المكان غير مناسب للأشرطة. وللأسف لم تكن بعض الأشرطة نظيفة ولا توجد على الكثير منها أغلفه أو أوراق تبين محتواها.
جاء نقلنا للمواد إلى قناة صنعاء بناء على الحاجة إلى رفد القناة بمواد محلية قديمة، كما أنَّ نقلنا للمواد المذكورة لم يتم بالعافية ولا نتيجة للتوجيهات المتكررة فحسب، ولكن جاء بعد أن التقى بنا خبير بلجيكي في المكتبات، أرسلته المؤسسة مع عضو مجلس النواب ورئيس كتلة الاشتراكي الأخ الدكتور عيدروس نصر النقيب، حيث نصحنا ذلك الخبير بنقل المواد حتى لا تتلف من الحر في عدن وقد تُحفظ على الأقل في مدينة صنعاء الباردة.
على هذا الأساس، عقدنا عده لقاءات مع المسؤولين في القناة لهذا الموضوع وصوَّرنا عملية نقل الأشرطة في فيديو احترازيا لأي تأويلات لاحقة، كما قد توقعنا.
لقد نقلنا الأشرطة من إحدى الغرف على شاحنتين كما سبق ذكره، وحُررت رسالة للنقاط في الطرقات بعدم اعتراض الشاحنة في رحلتها الأولى أو الثانية، وأنَّ المواد هي لقناة عدن.
خطاب من مسؤول في قناة صنعاء، في 7 فبراير 1998، يفيد باستلام 600 شريط من أرشيف تلفزيون عدن الرسمي تم نقلها على متن شاحنتين نوع "دينا"، يقود إحداهما عبد القادر الوحيشي الذي استضافه سوث24 في الجزء الأول من التقرير
كما كلفنا اثنين من حراسات المبنى لتأمين وصولها سليمة وأمناها بغطاء من أضرار المطر في المناطق الشمالية. كما استلمنا من مسؤولي المكتبة في تلفزيون صنعاء إيصالا بوصول الأشرطة إلى هناك وبقينا على تواصل ومتابعة مع الأخوة في التلفزيون والمؤسسة على موضوع النقل؛ إلا أنَّنا كنا نقابل بالتسويف والكذب والمماطلة.
تارة يقولون لنا إنَّ النقل للمواد سيبدأ قريبا، وحينا يقولون لا توجد لدينا رؤوس للجهاز الذي سينقل اثنين بوصة، بعدما شركة [امبكس Ampex] المُصنعة لجهاز العرض أنهت أعمالها من السوق ولم تعد تصنع أجهزة الاثنين بوصة، وتارة يتحججون بعدم وجود أشرطة نقل جديدة.
وللعلم فإنَّ متابعتنا للأشرطة ظلَّت منذ عهد الوزير عبد الرحمن الأكوع مرورا بالوزير حسين العواضي، والوزير حسن اللوزي (رحمه الله).
لقد وثقنا عتبنا على قناة صنعاء وعدم اهتمامها بالموضوع في اجتماعات مجلس الإدارة لأكثر من مرة، کما طالبنا بإرجاع الأشرطة إلى تلفزيون عدن إذا لم تكن هناك إمكانية للنقل. بعدها تم نقلي إلى تحمل مسؤولية إذاعة عدن عام 2007 وعرفت أن مواد تلفزيون عدن أثناء عودتها إلى عدن على شاحنتين تم اعتراضها في جنوب صنعاء أواخر 2014 وتمت مصادرة حمولتين من قبل الحوثيين إلى جهة مجهولة؛ واستغربت أن قيادة التلفزيون في عدن لم تحرّك ساكنا تجاه الأمر ولم تحتج على الأمر ولم تقدم إدانة لهذا العمل، الذي هو قرصنة بكل معنى الكلمة؛ أو تنشر تصريح احتجاج لهذا العمل المدان. وانتهى الموضوع عند هذا الحد.
ملاحظات جديرة بالاطلاع:
1- أثناء مسؤوليتي في القطاع أجريت محاولات داخلية في القطاع وخارجية لنقل المواد، وتلقيت موافقة من أحد المهندسين في قناة أم بي سي MBC لمساعدتنا في نقل المواد من بوصتين إلى النظام الأحدث، وسلمنا كرت المؤسسة للتواصل مع الحل الموضوع ولم يتم شيء في هذا الأمر.
2- حاولنا مع العديد من رؤساء التلفزيونات العربية لمدنا بالمساعدة المُمكنة، وكلهم اعتذروا نظرا لانعدام جهاز النقل أمبكس.
3- نائب مدير تلفزيون عمان أبدا استعداده لمساعدتنا، ولكنَّه أعتذر لاحقاً.
4- عندما يئست من حل هذه المشكلة طرحتها مع زميلي رئيسة تلفزيون لبنان أمام اجتماع مجلس الأمناء في اجتماع اتحاد الإذاعات العربية ABSU بتونس، وحدَّد اللقاء القادم لمناقشة هذا الموضوع إلا أنَّه لم يتم إشراكي في ذلك الاجتماع.
5- أثناء متابعتي لقناة عدن المستقلة برمضان عام 2020، تابعت مُقابلة مع الأستاذ المخرج محمد محمود سلامي يقول فيها إنَّه تم شحن أكثر من شاحنتين. وعند اتصالي بالأخ مدير المكتبة السابق علي عبد الرحمن أبلغني أنَّ مدير فرع المؤسسة بعدن فعلا أرسل مواد غير المواد التي أشرفت أنا على إرسالها ولم يكن لدي خبر بذلك.
ولأنَّ المكتبة قد تعرضت للعبث في عامي 2015/1994، وكذا في فترات سابقة حيث استلمنا من الأمن السياسي في عدن مواد تلفزيونية تعود إلى فترة الرئيسين الراحلين قحطان الشعبي وسالمين [القصر المدور في التواهيٍ]، رحمهما الله.
خطاب من إدارة تلفزيون عدن لوزير الإعلام اليمني السابق حسين ضيف الله العواضي [2001 - 2006] بشأن أوضاع مكتبة الأرشيف
خطاب من إدارة تلفزيون عدن لوزير الأعلام اليمني السابق حسين ضيف الله العواضي [2001 - 2006] بشأن أوضاع مكتبة الأرشيف
لقد كان معظم هذه المواد تالفا وغير صالح للعرض. ولمعرفة كم شاحنة نقلت أشرطه غير الشاحنتين التي ذكرتهما في تقريري هذا، أرى أن تُشكل لجنة للتحقيق في الأمر، يكون الأخ المخرج السلامي في عضويتها ويكون هناك مندوب عن الأمن السياسي لأنَّهم أدرى بالأشرطة السابقة ومن كان خلف خروجها من المكتبة.
....
نهب جديد
في يونيو 2014، نشرت صحف محلية خبرا يفيد باعتراض شاحنتين كان على متنهما آلاف الأشرطة الخاصة بأرشيف تلفزيون عدن الرسمي، كانت في طريقها من صنعاء إلى عدن.
ووفقاً لصحيفة "الأيام"، فإن مسلحين قاموا بالتقطع لشاحنتين تحملان 17500 شريط خاصة بتلفزيون عدن الرسمي، في منطقة بلاد الروس، في صنعاء، وهما في طريقهما إلى عدن لإعادة هذه الأشرطة.
وطبقا للصحيفة، فقد تم اقتياد الشاحنتين إلى "جهة مجهولة." واعتبرت الصحيفة أنَّ ذلك بمثابة "نهب أرشيف تلفزيون عدن للمرة الثانية."
صحيفة "الشارع" أيضاً نشرت تقريراً عن الواقعة.
وقالت الصحيفة: "تم نهب عدد كبير من أشرطة الفيديو الأرشيفية التابعة لقناة عدن الفضائية، بعد خروجها يوم الأحد الماضي، من العاصمة صنعاء، في ظروف غامضة وضمن حالة من التكتم، حيث كانت في طريقها الى قناة عدن."
وقال مصدر في الفضائية اليمنية لصحيفة "الشارع" إنَّ شاحنتين نوع "دينا" تحملان 1300 شريط اختفتا عند وصولهما منطقة "بلاد الروس" على المدخل الجنوبي لصنعاء. ووفقاً للمصدر، كانت هذه الأشرطة في طريقها إلى عدن "بتوجيهات عليا".
ولم يستطع "سوث24" التحقق من مدى صحة هذه المعلومات، باستثناء تأكيد مدير تلفزيون عدن السابق يسلم مطر، كما ورد في خطابه المرسل إلينا.
وضع المكتبة الحالي
لمدة 3 أسابيع، تواصل "سوث24" مع الجهات المسؤولة في عدن للوصول إلى مكتبة أرشيف تلفزيون عدن الرسمي، الموجودة في مديرية التواهي، بغرض التصوير وتفحص ما تبقى من الأرشيف.
وتم التواصل مع رئيس الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي، علي الكثيري، الذي أبدا تعاونا واستعدادا للمساعدة، والمستشار الإعلامي لمحافظ عدن صلاح العاقل. ورغم الموافقة المعلنة من هذه الجهات، لم نستطع الوصول للمكتبة بسبب منع الجهة الأمنية التي تحمي المرفق، ومطالبتها بخطاب رسمي من محافظ عدن أحمد لملس.
وكان سوث24 قد تقدم بطلب للحصول على خطاب من محافظ عدن بهذا الشأن، إلا أنَّنا لم نحصل عليه حتَّى الآن.