20-04-2022 الساعة 4 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| عبد الله الشادلي
بالتزامن مع إعفاء نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر من منصبه وإعلان مجلس رئاسي جديد في اليمن، تمكن 10 مطلوبين أمنياً، بينهم عناصر مشتبه بانتمائها للقاعدة، في 14 أبريل الجاري، من الفرار من سجن مشدد، يتبع المنطقة العسكريّة الأولى بوادي حضرموت.
وفي الساعات الأولى من عملية الهروب، لم تؤكَّد الجهات الرسمية صحة الخبر كما أنّها لم تنفه، في خطوة بدت وكأنّها محاولة تكتم على الحادثة. لكنَّ مصادر كانت قد أكدت لـ «سوث24» ذلك. [1]
وعلى الرغم من أنّ الطريقة التي فرّت بها العناصر لم تكن واضحة، ذكرت مصادر صحفية غربية بأنَّ خلافاً نشب بين المساجين قبيل موعد الإفطار، وعند تدخل حراس السجن، تمكنت العناصر من الاستيلاء على أسلحة الحراس، قبل الفرار. وقالت وكالة اسوشيتيد برس [2] عن مسؤولين أمنيين أنَّ التحقيقات الأولية أشارت إلى أن السجناء يجب أن يكونوا قد نسقوا تحركهم مع حراس السجن الذين تعاونوا ، بالإضافة إلى مسلحين آخرين من الخارج.
وتضمنت مذكرة تعميم متداولة، صادرة عن قيادة المنطقة الأولى بوادي حضرموت للوحدات الأمنية، أسماء العناصر الفارة.
وفي حديث لـ«سوث24»، نفى العميد حسن العيدروس، مدير أمن سيئون، أن يكون فرار العناصر قد تم من السجن المركزي في المدينة. وقال العيدروس: "لقد نشرنا بيان نفي بذلك، وتتحمل الجهات التي روجت لهذا الخبر المسؤولية الكاملة".
ولفت إلى أنَّ "عملية الهروب كانت من السجن التابع لقيادة المنطقة العسكرية الأولى، الذي تشرف عليه قوات التحالف العربي".
وعقب الحادثة، وصل عضو المجلس الرئاسي الجديد ومحافظ حضرموت، اللواء فرج البحسني، بشكل عاجل إلى المحافظة. ولدى وصوله مدينة سيئون بوادي حضرموت، شدَّد البحسني على ضرورة التعجيل في الوصول إلى نتائج لأسباب هذه الحادثة في لقاء مع قيادة المنطقة العسكرية الأولى.
وقال البحسني في بيان نقله إعلام السلطة المحلية: "سأتابع سير مستوى التحقيقات ونتائج اللجان المشكلة من وزير الدفاع وقائد المنطقة العسكرية الأولى، وسأشكل لجنة ثالثة في حين لم تتوصل اللجنتين إلى نتائج سريعة".
وأكد أنّه سيضع هذه المسألة في اجتماعات المجلس الرئاسي لتقييمها واتخاذ الإجراءات اللازمة إزائها، لتعزيز الأمن والاستقرار في ربوع مديريات الوادي والصحراء. وقال إن المجلس الرئاسي "لن يسمح باستمرار الاختلالات الأمنية في الوادي". [3]
هروب أم تهريب؟
يتزامن هروب السجناء مع الذكرى السابعة لتحرير مناطق ساحل حضرموت، في 24 أبريل/ نيسان 2016، من تنظيم القاعدة، بعد عام واحد من سقوطها بيد الجماعة.
وفي بيان، اتهم المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت المنطقة العسكرية بالوقوف وراء هروب السجناء. ووصفت القيادة المحلية للمجلس الحادثة بـ "المسرحية". وقالت إنَّها "لن تنطلي على أبناء حضرموت".
وأضاف البيان: " إنَّ هروب تلك العناصر الخطرة على الأمن والسلم الاجتماعي الحضرمي، لم يأت إلا بعد إعطاء الأوامر من قبل قيادات الأمن العليا، لتسهيل وتأمين الطريق لهروبهم".
وأشار البيان إلى أنّ "ما حصل، يبرهن على وجود علاقة وثيقة بين تنظيمي القاعدة وداعش، والقيادات الأمنية العسكرية في المنطقة العسكرية الأولى".
وفي هذا الصدد، قال رئيس انتقالي سيئون، عبد الرحمن الجفري لـ«سوث24» "جميعنا يعلم أنّ السجن محصّن وعليه حراسة مشددة، لكن هناك لغز في هروب السجناء. حتى إذا اعتبرنا أنّ السجناء في موقع التوقيف".
وأضاف الجفري "أنا أرى أنَّه يصعُب هروبهم، لذلك يجب التحقيق في ذلك، لاسيّما أنّ السجناء في عهدة التحالف".
وتابع الجفري "المنطقة العسكريّة الأولى سببت الكثير من المشاكل، بل تُعتبر كابوساً على أبناء حضرموت. أبناء حضرموت يطالبون بتنفيذ اتفاق الرياض، وخروج المنطقة إلى خطوط التماس لمواجهة الحوثيين، وتمكين النخبة الحضرمية لحفظ الأمن في الوادي".
علي محسن الأحمر
نظراً لعلاقته التاريخية مع الجهاديين الإسلاميين، واتهامات النخب السياسية في جنوب اليمن له بالارتباط بالقاعدة، رُجح أن يكون لهروب السجناء العشرة من وادي حضرموت علاقة بإعفاء علي محسن الأحمر من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية.
وحول هذا، قال المحلل السياسي أنور التميمي لـ «سوث24»: "هناك قناعة ترسّخت في الوعي الجمعي الحضرمي، بارتباط القاعدة بـ علي محسن الأحمر".
وأضاف التميمي: "هذه القناعة نتاج أفعال الجنرال منذ ثمانينات القرن الماضي وتفويج المجاهدين إلى أفغانستان، ثم نقل أعداد كبيرة منهم لقتال الجنوبيين عام 1994، ثم وقوفه وعدد من رموز الإخوان وراء اغتيال الكوادر الجنوبية في صنعاء ومناطق متعددة في الجنوب".
واتهم التميمي الأحمر باستخدام القاعدة مراراً لابتزاز الإقليم والعالم "كلما اقترب أحد من امتيازاته ونفوذه".
وأشار إلى أنّ "تهريب المساجين المنتمين للقاعدة من سجن حصين في سيئون، عقب إزاحة الرجل من منصب نائب الرئيس، وعقب الترتيب لنقل المنطقة الأولى من وادي حضرموت إلى مناطق التماس مع الحوثي، تجعلنا نجزم أنّ التهريب عملية مرتبة ومفضوحة، لإيصال رسالة للإقليم أنّ البديل هو الإرهاب".
ولفت إلى أنّ "التطورات الأخيرة المرتبطة بمشاورات الرياض، سحبت البساط ومعظم القرار من القوى التي كانت توفر حماية للتنظيمات الإرهابية، لذلك ستسعى هذه القوى لعرقلة الخطوات الإجرائية للانتقال للمرحلة الجديدة، وسيكون سلاح هذه القوى هو الإرهاب".
ويرى التميمي أنّ التوقعات تشير إلى أنّ حدّة العمليات الإرهابية سترتفع، وستتراجع تدريجياً في ذات الوقت، بعد استكمال الانتقال للمرحلة الجديدة، وسحب "كل صلاحيات القوى القديمة التي ارتبطت عضويّاً بالإرهاب منذ نشأته".
وفي استطلاع أجراه "سوث24" على حسابه في منصة تويتر، اعتقد 69% من المصوتين، البالغ عددهم 2719، أنًّ هناك رابط بين هروب عناصر القاعدة من وادي حضرموت وإقالة علي محسن الأحمر من منصبه كنائب للرئيس.
حوادث مشابهة
يُشار إلى أن حادثة الهروب هذه ليست جديدة كلياً، فقد سبقتها حوادث أخرى في المحافظة الغنية بالنفط.
وفي يونيو 2011، تمكن ما يزيد عن 60 سجيناً منتمون لتنظيم القاعدة من الفرار من السجن المركزي بمدينة المكلا، عاصمة حضرموت، إبان سيطرة القوات الشمالية الحكومية عليها.
ووفقاً لمصادر أمنية تحدثت لـ«سوث24»، عملية الهروب الضخمة تلك "كانت مُدبرة ونفذت بتواطؤ مفضوح". وأشارت المصادر إلى أنَّ مدير السجن المركزي آنذاك "تم استبداله قبل أسبوعين من وقوع الحادثة".
وربطت المصادر بين حادثة العام 2011 والحادثة التي شهدها وادي حضرموت، الأسبوع الماضي. واتهمت قوات المنطقة العسكريّة الأولى بلعب نفس دور القوات التي كانت تسيطر على الساحل آنذاك، حيث ينتمي أغلب جنودهما لشمال اليمن.
وحاول «سوث24» التواصل مع قيادة المنطقة العسكريّة الأولى للتأكد من التهم المنسوبة إليها، لكنَّها تهَّربت من الإدلاء بأي تصريحات.
تهديدات
بالتزامن مع إعلان المجلس الرئاسي اليمني، أصدر تنظيم القاعدة بياناً هاجم فيه المجلس وتوعد بالتصدي له.
ووجه البيان، الذي أكد خبراء في مجال الإرهاب صحته، اتهامات للسعودية والإمارات، ونصائح لجماعة الإخوان المسلمين بالاستفادة من الدروس. [4]
ومطلع مارس/ آذار الماضي، اختطف مسلحون يعتقد أنَّهم من القاعدة موظفين اثنين أجنبيين تابعين لمنظمة أطباء بلا حدود في وادي حضرموت.
يُشار إلى أن نفوذ وانتشار القاعدة في حضرموت، خصوصاً مناطق الساحل، انحسر بشكل كبير بعد تحرير مدينة المكلا عام 2016 من التنظيم، بعملية عسكرية شاركت فيها قوات النخبة الحضرمية وقوات التحالف العربي الذي يضم الإمارات والسعودية.
صحفي في مركز سوث24 للأخبار والدراسات
الصورة: دورية تمر بعلم القاعدة في شبه الجزيرة العربية مرسومة على جانب تلة (رويترز/محمد الصياغي)