تصميم مركز سوث24
19-03-2024 الساعة 12 صباحاً بتوقيت عدن
سوث24 | عبد الله الشادلي
في 3 مارس، تداول نشطاء فيديو مصور أظهر عشرات الأشخاص بينهم مسلحون في مدينة الغيضة بمحافظة المهرة يرددون شعار مليشيا الحوثيين المدعومة من إيران، الذي تطلق عليه المليشيا [الصرخة] والذي يتضمن "الموت لأمريكا وإسرائيل"، خلال فعالية تضامنية مع قطاع غزة الفلسطيني.
أعاد الفيديو المصور التساؤلات بشأن الوجود الحوثي في المهرة المجاورة لسلطنة عُمان إلى الواجهة مجددًا، لاسيما مع جهود الشحن العاطفي والديني والقومي التي بذلها الحوثيون خلال الأشهر الماضية لكسب تعاطف الجماهير مع استغلال الحرب الإسرائيلية على غزة والقضية الفلسطينية.
ولطالما كانت هذه التساؤلات ملحة وحاضرة منذ سنوات مع تكاثف المؤشرات حول نفوذ الحوثيين في المهرة عبر بعض الشخصيات القبلية. علاوة على المخاوف التي تعبر عنها النخب في المهرة والجنوب بشأن ارتباط الحوثيين بالقوات العسكرية الشمالية في المحافظة التي يعود وجودها إلى ما قبل 2015. كما هو الحال مع المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت.
كما أن الحدود الجغرافية المشتركة للمهرة مع سلطنة عمان التي تحتضن الوفد السياسي للحوثيين وتحتفظ بعلاقات متينة معهم ومع الحوثيين عامل آخر يعزز من هذه التساؤلات والمخاوف. ذلك بالإضافة لكون المهرة مسار إمداد وتهريب رئيسي للسلاح إلى الحوثيين، وربما جماعات أخرى، كما تكشف مرات عدة خلال الأعوام الماضية.
فهل اخترق الحوثيون المهرة؟
الفعالية التضامنية
أكد مصدر مسؤول في السلطة المحلية لمحافظة المهرة تحدث لمركز سوث24 ورفض كشف هويته لأنَّه غير مخول له بالحديث لوسائل الإعلام، أنّ مدينة الغيضة عاصمة المحافظة، شهدت بالفعل في 3 مارس فعالية تضامنية مع غزة أطلقت خلالها شعارات الحوثيين، دون إيضاح مزيد من التفاصيل.
وبشأن الواقعة، قال مدير أمن محافظة المهرة العميد مفتي سهيل صمودة لمركز سوث24: "نحقق في الواقعة وهي قيد التحري. لن نسمح بمثل هذه المظاهر في المهرة، لكن مقطع الفيديو المتداول من المُحتمل أن يكون مُفبركًا".
وردا على سؤال وجهه مركز سوث24 بشأن الواقعة، اكتفى الأمين العام للمجلس المحلي بمحافظة المهرة، سالم نيمر بالقول إن "السلطة المحلية بالمحافظة ليست على علم بما حدث".
وفي هذا الصدد، قال الصحفي المهري هزاع السليمي لمركز سوث24: "هناك أطراف تعمل ضد المهرة وأمنها، بعضها على علاقات وطيدة مع الحوثيين. الوقفة التضامنية كانت حد علمي عفوية ولا تحمل أي أهداف سياسية، لكن تصدر الوقفة مجموعة أشخاص، ليوجهوا رسالة أنّ هناك وجود حوثي في المهرة".
مجموعة الحريزي
يقود الشيخ علي سالم الحريزي، وكيل محافظة المهرة السابق، "لجنة الاعتصام السلمي" في المهرة، التي تم إنشاؤها بعد دخول القوات السعودية إلى المحافظة في نوفمبر 2017 للمطالبة برحيلها. يطلق عليه البعض برجل سلطنة عمان الأول في المهرة. كما كان قد تولى سابقاً قيادة حرس الحدود في المهرة قبل أن يتم إقالته منها نهاية فبراير 2018.
مُتعلق: المهرة: مسرح تجاذبات آخر في حرب اليمن المعقدة
يُعتقد أن الحريزي ومجموعته المسلحة، بخلاف تسميتها، على صلة بالحوثيين. لم يصرح الحريزي بذلك، لكنه ناهض الوجود السعودي في المهرة وهاجم المجلس الانتقالي الجنوبي والإمارات. كما تحظى كلماته وأنشطة مجموعته بتغطية حثيثة من وسائل إعلام الحوثيين، ويضع قادة منهم مثل محمد البخيتي صورته على حساباتهم في منصات التواصل الاجتماعي.
ويرى الناشط محمد المهري أنَّ المجموعة القبلية التي يقودها الحريزي تشكل خطرًا حقيقيًا لا يمكن التقليل منه. وقال لمركز سوث24: "هذه المجموعة مسلحة وتستغل الحماية التي يوفرها نظام القبيلة في المهرة". مضيفًا: "صحيح أنّ عدد منتسبي اللجنة لا يُشكل تهديدًا بالنسبة للدولة، لكن الأمر المقلق هو التحالف مع القوى اليمنية أو الإقليمية الأخرى التي تلتقي مع المشروع الحوثي".
رئيس القيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة المهرة مجاهد بن عفرار اتهم مجموعة الحريزي بالوقوف خلف الفعالية التي تضمنت ترديد شعار الحوثيين. وقال لمركز سوث24: "تقف خلف ما حصل بعض القوى المحسوبة على لجنة الاعتصام، وما حدث كان يهدف إلى دعم المشروع الحوثيين".
وحذر بن عفرار من "انفلات أمني غير مسبوق في المهرة". وقال إن "حزب الإصلاح ومليشيا الحوثيين شكلا تحالفا في المحافظة لزعزعة الأمن والاستقرار ونشر الفوضى". مضيفا: "المجلس الانتقالي الجنوبي في المهرة يرفض استغلال القضية الفلسطينية لتنفيذ أو تمرير أجندات سياسية داخلية مشبوهة".
وعبر المسؤول الجنوبي عن استغرابه من موقف السلطة المحلية. وقال: "كنا نتوقع منها موقفًا صارمًا لمواجهة مثل هذه الظواهر المخلة بالأمن والاستقرار. لكن نعلم أنّ هناك قيادات بالسلطة المحلية محسوبة على هذه التوجهات الإخوانية"، حدَّ تعبيره.
الخارطة العسكرية
تعد المهرة المحافظة الجنوبية الوحيدة التي لا توجد فيها قوات نظامية تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي. ويسيطر ضباط وعسكريون شماليون على الأوضاع الأمنية والعسكرية بالمحافظة التي زارها موفد مركز سوث24، بما فيها اللواء 123 مشاة، في مديرية حات، واللواء 137 ميكا، في مديرية الغيضة. ويقول نشطاء من المهرة أن القوات الشمالية كونت حواضن اجتماعية من النازحين الشماليين إلى داخل المحافظة منذ 2015.
اقرأ المزيد: من يسيطر على الأوضاع العسكرية في المهرة؟
اقرأ المزيد: هل يحدث تغيير ديموغرافي في المهرة؟
ومع ذلك، يقود محور الغيضة العسكري اللواء محسن علي مرصع الكازمي، وهو ضابط جنوبي يحتفظ بعلاقات جيدة مع قيادة المجلس الانتقالي ووزير الدفاع الفريق محسن الداعري بحسب مصدر مطلع لـ "سوث24".
وأما بالنسبة للقوات السعودية العاملة ضمن التحالف العربي، فقد سحبت الرياض الجزء الأكبر منها في أكتوبر 2021 بحسب مصادر محلية بالتزامن مع انسحابات مماثلة من محافظة شبوة آنذاك. ورغم تلك الانسحابات، يعتقد المحللون والمسؤولون أن السعودية لا زالت تتمتع بحضور عسكري بارز في المهرة نظرا لأهمية المحافظة ووقوعها على الحدود مع عُمان المنافسة.
ووفق مصدر محلي لمركز سوث24 قريب من مجموعة الحريزي المسلحة، فإن نحو 3000 مسلح قبلي يتبعون الحريزي جميعهم يتقاضون مرتبات بالريال العماني شهريًا وبانتظام. ولفت المصدر إلى أن الجنود يتقاضون 200 ريال عماني، فيما يتقاضى الضباط نحو 500 ريال عماني.
وفي مارس 2023، قالت الهيئة العليا للجيش والأمن الجنوبي أنها عقدت اجتماعًا ناقش التصورات والحلول اللازمة لتأسيس قوات أمنية وعسكرية من أبناء المحافظة، تحت اسم "قوات دفاع المهرة". وقالت الهيئة في بيان لها، إنَّها سوف تعمل على تشكيل قوات دفاع المهرة على طريق تمكين أبناء المحافظة من إدارة شؤونهم وإنهاء الوجود العسكري الشمالي فيها.
مُتعلق: قوات دفاع المهرة: الواقع والتحديات
وحتى الآن، لم يتم تشكيل قوة من أبناء المهرة التي يعبر الحوثيون عن اهتمام ملح بها باستمرار. وخلال العام الماضي، واجه المجلس الانتقالي الجنوبي سلسلة من ردود الفعل المحلية والإقليمية عندما بدأ تحركا في محافظة حضرموت المجاورة ركز فيه على مطالب السكان بإخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى التي ينتمي معظمها إلى شمال اليمن من وادي حضرموت. ويرجح أن المجلس سيواجه نفس الردود إذا بدأ أي تحركات في المهرة.