القدس: أوامر باخلاء الفلسطينيين من بيوتهم تُفجّر مواجهات ليلية مستمرة

تشهد  منطقة الشيخ جراح، بالقدس الفلسطينية، مواجهات ليلة مستمرة بين المدنيين الفلسطينيين من جهة، والشرطة الإسرائيلية والمستوطنين الإسرائيليين من جهة أخرى. وتسبّبت المواجهات بإصابة أكثر من 560 فلسطيني معظمهم في العيون والرأس، بحسب الهلال الأحمر الفلسطيني.

المواجهات في الشيخ جراح بالقدس والتي بدأت منذ أكثر من أسبوعين، تثير مخاوف من تصميم إسرائيل على إخلاء فلسطينيين من منازلهم المقامة على أرض فلسطينية يطالب بها المستوطنون.

وشجبت دول عربية وعالمية التصعيد الإسرائيلي الجديد ضد الفلسطينيين في الشيخ جراح. وطالبت أمريكا بـ "التهدئة" وتجنب "عمليات الإخلاء".

تسعى إسرائيل لتهجير مئات العائلات الفلسطينية من منازلها في ما أصبح يعرف بـ "القدس الشرقية"، ومنحها للمستوطنين. 

وكانت محاكم إسرائيلية قد أصدرت قرارات إخلاء لمنازل في حي الشيخ جراح شيدها فلسطينيون عام 1956، انطلاقاً من مزاعم جمعيات استيطانية إسرائيلية بأن المنازل أقيمت على أرض كانت مملوكة ليهود قبل العام 1948.

وفي  الخميس الماضي، أجلّت المحكمة العليا الإسرائيلية إصدار قرار نهائي بشأن إجلاء 4 عائلات فلسطينية من الحي، إلى اليوم الإثنين.

وتحتل إسرائيل القدس الشرقية منذ حرب 1967، وتعتبر مدينة القدس بكاملها عاصمتها، وهو الأمر الذي لم تعترف به الغالبية العظمى من دول العالم.

ويريد الفلسطينيون أن تكون القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين المستقلة في المستقبل.

واستعملت الشرطة الإسرائيلية القوة المفرطة في المواجهات مع الفلسطينيين في حي الشيخ جراح، واقتحام باحات المسجد الأقصى أحد أهم رموز المسلمين وأقدس مقدساتهم، واعتقال وضرب المصلين والمرابطين فيه، ومنعهم من دخوله.

واستعملت الشرطة الإسرائيلية الرصاص الحي والمطاطي، وخراطيم المياه، والعصي والهراوات، ضد الفلسطينيين. ورشق فلسطينيون عناصر الشرطة الإسرائيلية والمستوطنين بالحجارة.

ووفقاً للهلال الأحمر الفلسطيني، تجاوزت حصيلة الإصابات في صفوف الفلسطينيين منذ إندلاع المواجهات في حي الشيخ جراح أكثر من 560 فلسطيني. وقتلت الشرطة الإسرائيلية شاب فلسطيني (سعيد عودة) بالقدس، و2 آخرين في الضفة الغربية بدعوى "هجوم مُحتمل ضد مستوطنين".

ووصفت الرئاسة الفلسطينية قتل الشاب الفلسطيني "سعيد عودة" على يد الشرطة الإسرائيلية بأنه "جريمة بدم بارد". وحمّل الرئيس الفلسطيني محمود عباس إسرائيل "المسؤولية الكاملة عما يجري بالقدس والتداعيات المترتبة عليه".

وقال عباس في وقت سابق أنّه وجه سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة لـ " طلب عقد جلسة عاجلة لحماية الفلسطينيين".

تنديد عربي وإسلامي  

ونددت دول عربية وإسلامية "بشدة" التصعيد الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في حي الشيخ جراح، ومحاولات التهجير والإخلاء القسري للفلسطينيين من منازلهم.

وادانت مصر والسعودية والإمارات والمغرب والكويت وقطر واليمن وتونس والبحرين ولبنان والأردن وتركيا وإيران "بشدة" اقتحام المسجد الأقصى والانتهاكات بحق المواطنين الفلسطينيين بالقدس.

واستدعت مصر السفيرة الإسرائيلية في القاهرة على خلفية الأحداث بالقدس، كما استدعت الأردن أيضاً القائم بأعمال السفارة الإسرائيلية في العاصمة عمان "احتجاجاً على الانتهاكات الإسرائيلية".

قالت اللجنة المركزية لحركة فتح، إنَّ "القدس عنصر إجماع ووحدة للكل الفلسطيني، وساحة صدام مع الاحتلال وكل رموزه"، داعية إلى استمرار "الهبة الجماهيرية".

وحذّرت مركزية فتح، في بيان لها، نشرته "وفا" مساء السبت، من "استمرار اعتداءات المستوطنين على المقدسات الإسلامية والمسيحية وعلى أملاكنا وعقاراتنا وعلى مواطنينا وتهجير المواطنين من بيوتهم في الشيخ جراح وتوسيع الاستيطان، سيؤدي إلى مواجهة شاملة في كل الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك مراجعة قواعد الاشتباك مع الاحتلال، وإعادة النظر في كل أشكال العلاقة مع الحكومة الإسرائيلية".

أما حماس فتوعدت بـ "رد قاسي ومؤلم" على التصعيد والانتهاكات الإسرائيلية في القدس. ونشر الجناح العسكري للحركة "كتائب القسام" بيان دعا فيه "المقدسيين" لـ "الثبات والانتصار للمسجد الأقصى والقدس"، مؤكداً أنَّ إسرائيل "على موعد مع نار وحرب".

وقال الجيش الإسرائيلي أنَّ صاروخين أطلقا من قطاع غزة الفلسطيني، اعترضت القبة الحديدة أحدهما.

ودعت الخارجية الأمريكية في بيان لها إلى "التهدئة" وتجنب "عمليات الإخلاء" في الشيخ جراح بالقدس. وأعربت عن قلقها البالغ إزاء استمرار المواجهات.

وشدد الاتحاد الأوروبي في بروكسل، على ضرورة خفض التصعيد في مدينة القدس ، مشيراً إلى ضرورة محاكمة المسؤولين عن استخدام العنف والتحريض.

 وتطرق المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، بيتر ستانو، إلى قرار السلطات الإسرائيلية إجلاء العائلات الفلسطينية قسراً من منازلهم في حي الشيخ جراح وأجزاء أخرى من القدس الشرقية ، مؤكداً أن هذا الأمر يدعو إلى القلق البالغ.

وأعلنت مفوضیة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الجمعة، أنَّ الخطوات التي تقوم بها إسرائيل ضد أهالي حي الشیخ جراح بالقدس الشرقیة قد ترقى إلى "جرائم حرب".

وأكَّد المتحدث الإعلامي باسم مفوضة الأمم المتحدة السامیة لحقوق الانسان روبرت كولفیل عبر الاتصال المرئي من جنیف"أن القدس الشرقیة لا تزال جزءا من الأراضي الفلسطینیة المحتلة ویسري علیھا القانون الدولي الإنساني"، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا).