24-11-2021 الساعة 7 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | القاهرة
تناولت ورقة تحليلية أزمة شرق المتوسط، والنزاع الإقليمي على ثروات الغاز المكتشفة حديثاً في هذه المنطقة، واضعة صورة تكاملية لمآلات وتحديات هذه الأزمة، وموقع جمهورية مصر منها.
واعتبرت الورقة التي أصدرها "مركز سوث24 للأخبار والدراسات"، للباحثة في العلوم السياسية، نانسي طلال زيدان، أنَّ منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط تشكَّل "مسرح لبلورة نفوذ إقليمي وتجاذب بين مُختلف دول الإقليم مدفوع بالمصالح المُشتركة ومُتغير المصير بفعل تحديات الأمر الواقع".
وأشارت الورقة إلى أنَّ الدراسات والاكتشافات للموارد الغازية في هذه المنطقة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين كانت بمثابة البداية الحقيقية لجذب الانتباه الإقليمي والدولي للإمكانيات الغازية الكامنة بالمنطقة، خصوصا وأنّ إجمالي إمكانات تصدير الغاز في المنطقة يمكن أن يرتفع إلى 50 مليار (متر مكعب في السنة)، 30 مليار منها من مصر وحدها.
أنشطة التنقيب وبلورة الاكتشافات الغازية
ووفقاً للورقة، كانت مصر رائدة في اكتشاف الغاز البحري مع حقل أبو ماضي أول حقل غاز يتم تحديده في شرق البحر الأبيض المتوسط، تم اكتشافه على ساحل دلتا النيل في العام (1967)، وفي العام (1969)، تم اكتشاف حقل غاز أبو قير قبالة ساحل مصر في البحر الأبيض المتوسط.
وبيّنت الورقة مراحل التصدير المصري للغاز إلى دول المشرق العربي، والذي جاء من خلال «خط الغاز العربي»، الذي تم الاتفاق على إنشائه في العام (2000).
ولفتت الورقة إلى حقلي تمار في العام (2009)، وحقل ليفيا ثان في العام (2010)، المكتشفين قبالة سواحل إسرائيل، بالإضافة للاكتشافات الاخرى بحوض الشام وقبرص واليونان، وبدء التنقيب التركي.
كما أوردت الورقة رسماً بيانياً وجدولاً موضحين لنسب اكتشافات الغاز وإنتاج الحقول تبعاً لأحدث الإحصائيات الشاملة المُعلن عنها.
النزاعات الحدودية بحرياً في شرق البحر المتوسط
وتقول الورقة إنًّ البيئة الجيوسياسية شكَّلت أكبر التحديات التي واجهت المنطقة مع تقدّم الاستكشاف عن الغاز في منطقة شرق البحر المتوسط. تم إحياء جميع التوترات الحدودية البحرية الإقليمية.
وطبقاً للورقة، فإنَّ الحاكم لذلك النوع من النزاعات بين الدول عنصران: الأول: الاتفاقيات والقوانين الدولية التي تُقرّ الحدود بين الدول بحرياً، والثاني: قوة الدول في ميزان القوى والنفوذ دولياً.
وتسرد الورقة تاريخ نزاعات الحدود البحرية في منطقة شرق البحر المتوسط بين الدول المطلة على هذه المنطقة، والدور الأمريكي في النزاع الإسرائيلي اللبناني منذ اكتشاف حقل (تمار) 2009.
وبالنسبة للورقة، يأتي النزاع بين تركيا وجمهورية قبرص كواحد من أكثر المشاكل الحدودية بحرياً تعقيدًا في المنطقة، حيث ادعت تركيا أن اتفاقيات الحدود البحرية التي وقعها القبارصة اليونانيون مع دول المنطقة باطلة.
خطوط الغاز: محاولات بلورة المصالح وصراع النفوذ
وتقول الورقة إنَّه مع البداية الحقيقية لتأكد الدول المُطلة على شرق البحر المتوسط من وجود احتياطات غازية كبيرة تُمكنّهم من تأمين احتياجاتهم من الطاقة على مدى سنوات عديدة، ووجود طموحات لتعزيز الجدوى الاقتصادية لتلك الاكتشافات، بدأت تلك الدول، وجاءت إسرائيل في المقدمة حينها، ببذل الجهود لبلورة شبكة من الخطوط والمرافق لتفعيل نقل الغاز الطبيعي من حقوله.
ولكن تلك المُحاولات حينها – طبقاً للورقة - لم تكن مُلمة بعدة عوامل مثل القيود البيئية، والحدود البحرية بين تلك الدول، والطبيعة الغازية للغاز الطبيعي المُتطلبة لمصانع إسالة.
وتوضح الورقة محاولات بلورة المصالح بين دول شرق المتوسط، والاتفاقيات التي وقَّعتها الدول فيما بينها في سبيل ذلك، والخطط الإسرائيلية لتسيد تصدير غاز المتوسط، وكيف فشلت هذه الخطط وتربع مصر على المشهد.
وتشير الورقة إلى فشل الخطة الإسرائيلية لنقل الغاز إلى تركيا عبر قبرص، بسبب العداوة التاريخية التي تجمع الأخيرة بتركيا.
وبالنسبة للورقة، فإنَّ فشل المُخططات الإسرائيلية يرجع لعوامل مُختلفة بدءاً مع تحول المشهد من قيادة إسرائيل لخطط بلورة مشروع غاز شرق المتوسط الضخم إلى قيادة مصر وتصدرها المشهد الإقليمي والدولي كمركز إقليمي للطاقة.
وأوردت الورقة محاور التخطيط الاستراتيجي الذي اتبعته مصر لتكون جديرة بقيادة المشهد الجيوسياسي لغاز شرق المتوسط؛ ترسيم الحدود البحرية، المبادرة المصرية في أكتوبر للعام (2018) ببلورة منتدى غاز شرق المتوسط، التحالف المصري العراقي الأردني بالإضافة لاتفاقيات الربط الكهربائي بين مصر وقبرص ومصر واليونان.
القوى الكبرى وغاز شرق المُتوسط
الاتحاد الأوروبي:
تقول الورقة إنَّه وفقًا لاستراتيجيته للسياسة الخارجية والأمنية منذ يونيو للعام (2016)، اتبع الاتحاد جهدًا متكاملًا للعمل على الأبعاد الداخلية والخارجية لأمن الطاقة الأوروبي، لتحسين وتعزيز تنويع مصادر الطاقة وذلك من خلال دبلوماسيته في مجال الطاقة وتطوير شراكات طاقة استراتيجية مع البلدان المنتجة وبلدان العبور المهمة، مع إعطاء الأولوية للشركاء والمبادرات التي تعتبر مُكملة لجهود الاتحاد الأوروبي، لا سيما في مجال الغاز.
روسيا
تُعتبر عضوًا مؤسسًا وتشغل حاليًا المركز الأول في منتدى الدول المصدرة للغاز (GECF) الذي يضم بعضًا من منتجي ومصدري الغاز الطبيعي الرائدين في العالم. وهو لا يتحكم في الإنتاج الهامشي في محاولة للتأثير على الأسعار مثل الأوبك في عالم النفط، إلا أنّ منتدى (GECF) يوفر مكانًا لأعضائه لمناقشة الموضوعات ذات الأهمية مثل مشاريع الإنتاج، والصادرات، وما إلى ذلك.
وتشير الورقة إلى أنَّ موقف مصر كمركز إقليمي لتصدير الغاز لشرق المتوسط يحظى بدعم أمريكي، ففي سبتمبر للعام (2019) التقى نائب وزير الطاقة الأمريكي "دان بروليت" بوزير النفط "طارق الملا" في القاهرة لبلورة تعاون ثنائي يهدف إلى تعزيز قدرة مصر على إنتاج الطاقة وتخزينها وتوزيعها.
وخلصت الورقة إلى حالة التوافق بين مُختلف العناصر الإقليمية والدولية، إلا أنّ المشهد مازال يضم تركيا التي مازالت تُنقب على الغاز في المنطقة البحرية المُتنازع عليها قبالة سواحل اليونان وقبرص رُغماً عن العقوبات التي فرضها عليها الاتحاد الأوروبي، مع مواصلة ضغطها على اليونان بملف اللاجئين.
وأشارت الورقة إلى أنَّه وفي إطار مُتصل، تُعمّق تركيا علاقاتها العسكرية مع أوكرانيا التي اشترت طائرات مسيرة تركية، واستخدمتها في الحرب ضد القوات المدعومة من روسيا في "منطقة دونباس" شرق البلاد، مما أثار غضب موسكو، وبالتبعية أثارت تحركات القوات الروسية اللاحقة على حدود أوكرانيا مخاوف الأوروبيين. واعتبرت الورقة ذلك كأنّ تركيا تُخطط لإرباك الروس والأوروبيين على موقفهم فيما يتعلق بغاز شرق المتوسط.
- مركز سوث24 للأخبار والدراسات
- لقراءة الورقة كاملة بصيغة "بي دي إف" (من هنا)