مفاوضات جديدة يوم الأحد بين الحكومة اليمنية والحوثيين في مسقط

جندي من القوات الموالية للحكومة اليمنية المعترف بها (فرانس برس)

مفاوضات جديدة يوم الأحد بين الحكومة اليمنية والحوثيين في مسقط

التقارير الخاصة

السبت, 29-06-2024 الساعة 09:20 مساءً بتوقيت عدن

سوث24 | يعقوب السفياني 

قالت  صحيفة عكاظ السعودية المقربة من البلاط الملكي إن جولة جديدة من المفاوضات بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً وجماعة الحوثيين ستنطلق يوم غد الأحد في العاصمة العمانية مسقط.

وأشارت الصحيفة في تقرير نشر يوم الخميس إلى أن "مسقط سوف تحتضن مفاوضات إنسانية واقتصادية مهمة بين طرفي الصراع (الحوثي والشرعية) بعد نجاح الوساطة السعودية – العمانية".

ونسبت الصحيفة الفضل في فتح طريق الحوبان في مدينة تعز مؤخرًا، وطرق أخرى في مأرب بشمال اليمن، إلى ما وصفته "الدبلوماسية السعودية العمانية الدؤوبة". وقالت إن هذه الخطوات "لم تأت من فراغ".

لكن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حصر ملفات المفاوضات المرتقبة بقضايا أسرى الحرب، والمحتجزين والمختطفين والمخفيين قسرا لدى الحوثيين، برعاية الأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

ونقلت وكالة سبأ الرسمية عن اجتماع المجلس الرئاسي يوم أمس أن المجلس ناقش الترتيبات الجارية لعقد هذه المفاوضات. ولم يشر البيان إلى موعد محدد لانطلاقها، لكنه على الأرجح يوم غد الأحد.

وأضافت سبأ: "جدد المجلس حرصه على دعم جهود إنهاء معاناة المحتجزين، والمختطفين، والمخفيين ولم شملهم بذويهم وفقا لقاعدة الكل مقابل الكل، وفي مقدمتهم محمد قحطان، المشمول بقرار مجلس الأمن الدولي".

ومحمد قحطان هو قيادي رفيع في حزب الإصلاح اليمني، اختطفه الحوثيون في 2015 بعد سيطرتهم على صنعاء.

وفي أبريل 2023، تم الإفراج عن وزير الدفاع اليمني السابق اللواء محمود الصبيحي، وناصر منصور هادي شقيق الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي، في اتفاق بين الأطراف لتبادل قرابة 900 أسير.

وشملت عملية تبادل الأسرى آنذاك برعاية الصليب الأحمر رحلات جوية بين عدن ومأرب وأبها السعودية وصنعاء على مدى 3 أيام.

وقالت سبأ إن المجلس الرئاسي في الاجتماع أمس "ناقش المستجدات المتعلقة بفتح الطرق في محافظة تعز، ومارب، ومناطق أخرى، وما يتطلبه ذلك من إجراءات ضامنة لإنهاء حصار مليشيا الحوثيين للمدن".

وناقش الاجتماع ملف موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الذين اختطفهم الحوثيون في صنعاء مؤخرًا. وأيضًا ملف الطائرات الأربع التابعة للخطوط الجوية اليمنية التي اختطفها الحوثيون في مطار صنعاء. 

ويوم أمس، هاجم وزير الدفاع اليمني الفريق محسن الداعري الحوثيين واتهمهم بالبحث عن تموضع عسكري أفضل عبر الادعاءات حول فتح الطرقات.

وتسببت حملة الحوثيين العسكرية ضد السفن منذ نوفمبر 2023 بشلل في المسار السياسي للأزمة اليمنية أدى لتجميد خارطة الطريق التي أعلن عنها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ في ديسمبر.

وحاول الحوثيون التسويق لفصل التصعيد العسكري البحري عن الأزمة الداخلية في اليمن وربطها بسياق إقليمي أوسع هو الحرب على غزة، الأمر الذي رفضه المجلس الانتقالي، الطرف الجنوبي في مجلس القيادة.

وتأتي المفاوضات المرتقبة في ظل تصعيد أجواء مشحونة للغاية نتيجة لسلسلة متبادلة من الخطوات بين عدن وصنعاء ذات طابع اقتصادي مرتبط بالبنك المركزي والعملة والخطوط الجوية اليمنية والمنظمات العاملة في البلاد.


ولا تعكس أنشطة الحوثيين العسكرية مؤخرا رسائل إيجابية يمكن بناء آمال عليها بشأن المفاوضات المرتقبة، وفي مقدمة ذلك إعلانهم حيازة صاروخ فرط صوتي، وتشغيل زوارق مسيرة لاستهداف السفن. 


مفاوضات موسعة أو مفاوضات أسرى فقط؟ 

وفقا لوكيل وزارة الإعلام اليمنية أسامة الشرمي، فإن "المفاوضات السياسية المزمع عقدها في مسقط، عاصمة عُمان، هي جهد قديم كانت تقوم به المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان لتقريب وجهات النظر بين الحكومة الشرعية والحوثيين".

وأضاف الشرمي لمركز سوث24: "نعتقد أن هذا الجهد تلقى ضربات قاصمة بسبب الهجمات التي يشنها المتمردون الحوثيون في البحر الأحمر".

وبشأن ما ورد في صحيفة "عكاظ"، قال الشرمي: "أعتقد أنها مقالة عامة يتحدث فيها الكاتب بشكل حالم دون أن يتعمق في الشأن اليمني، ويكرر فيها الشعارات العامة لإنهاء الحرب وتحقيق السلام في اليمن بدون فهم حقيقي للواقع وأجندات مليشيا الحوثي والدعم الإيراني الخلفي لها".

وأردف: "نحن لا نختلف على أن الحرب إذا كانت داخلية يمنية فهي قضية يمنية، ولكن عندما تكون محل أجندات إقليمية ودولية، فنحن لا نجد إلا أن نتجاهل مثل هذه الأقوال ونعتبرها مكتوبة للاستهلاك الخارجي".

الجوانب الاقتصادية  

يرى رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر أن "طرح الجوانب الاقتصادية في المفاوضات هو طلب تتمسك به جماعة الحوثيين التي قامت بتصعيد مؤخرًا تمثل بإصدار عملة جديدة من الريال اليمني بطريقة أحادية".

وأضاف لمركز سوث24: "السلطة الشرعية المعترف بها دوليًا  تدرك أن جماعة الحوثيين تريد تخفيف الضغط عليها، الناتج عن القرارات الأخيرة للبنك المركزي بعدن ووزارة النقل، مع عدم التراجع عن الإجراءات التصعيدية الحوثية المتمثلة بالعملة الجديدة، ووقف صادرات النفط والغاز منذ نوفمبر 2022".

وأردف: "تدرك الحكومة اليمنية أن الحوثي يناور من خلال المفاوضات للحصول على مكاسب، لكنه لن يقدم أي تنازل. هذه مخاوف حقيقية وجديدة بالنظر إلى كافة الاتفاقات السابقة".

تفاهمات غير معلنة 

المحلل السياسي المقيم في صنعاء رشيد الحداد تحدث لمركز سوث24 عن "تفاهمات غير معلنة" قال إنها تمت بين وفد من الحوثيين شارك مؤخرُا في موسم الحج، والجانب السعودي.

وأضاف: "ما جاء في افتتاحية صحيفة عكاظ السعودية، المعروفة بقربها من الديوان الملكي، يؤكد أن مفاوضات مسقط المرتقبة جاءت كنتيجة لهذه التفاهمات". مضيفًا: أهم المؤشرات على ذلك هو مشاركة وفد صنعاء برئاسة رئيس اللجنة العسكرية، اللواء يحيى الرزامي، في مفاوضات مسقط".

وأشار الحداد إلى "ضغوط" قال إن السعودية مارستها على "حكومة عدن" للمشاركة في مفاوضات مسقط. وأردف: "يرجح أن امتناع حكومة بن مبارك عن التفاوض بشأن الجانب الاقتصادي يرتبط بالتوتر المستمر في مضيق باب المندب، ويأتي في إطار التوجه الأمريكي لممارسة الضغط على صنعاء من أجل وقف العمليات ضد الملاحة الإسرائيلية".

ويرى أن "كل المؤشرات حتى الآن تدل على أن جولة مسقط من المفاوضات لن تحقق نتائج إيجابية، وسبب ذلك يعود إلى أن أزمة الثقة بين الأطراف اليمنية المشاركة فيها لا تزال كبيرة".

وأضاف: "حتى الآن، يركز وفد الحكومة المشارك من عدن على ملف الأسرى، في حين يستمر التصعيد الاقتصادي مما يؤكد على استمرار الضغوط دون أي استجابة بشأن المفاوضات الاقتصادية".

ومنذ تفجر الحرب في غزة، وجدت السعودية نفسها بين أزمة اليمن القديمة الجديدة التي تحاول الخروج منها بأي ثمن، وأزمة إقليمية جديدة عصفت بالمنطقة. ولم تشارك المملكة في العمليات العسكرية بقيادة أمريكا لوقف القرصنة والأعمال العدائية الحوثية ضد السفن المدنية والتجارية التي تعبر مضيق باب المندب، بل أنها دعمت سردية الحوثيين التي تضعها في سياق الرد على الحرب الإسرائيلية على غزة.

وفي الوقت الذي تحاول فيه الرياض تقديم نفسها كوسيط بين اليمنيين إلى جانب سلطنة عمان، يؤكد الحوثيون على أنها طرف رئيسي في الأزمة وليست وسيطًا. وهو توصيف أكثر دقة إذا ما تم النظر إلى المحادثات الثنائية المباشرة بين المملكة والجماعة اليمنية بتيسير من عمان منذ أكثر من عامين. 


ومهما كانت مواضيع وملفات المفاوضات الجديدة المرتقبة، يبدو أن تحقيق أي تقدم في المسار السياسي للأزمة اليمنية مرهون بشكل كبير على وقف تصعيد الحوثيين العسكري في البحار، على الأقل من وجهة نظر لاعبين دوليين رئيسيين مثل الولايات المتحدة، ولاعبين محليين رئيسيين مثل المجلس الانتقالي الجنوبي.

وبالحديث عن التصعيد الاقتصادي الذي يعقد الأمور أمام الجهود الدبلوماسية، فإن الاعتراف بحقيقة أنه ليس وليد اللحظة أو ناتج عن إجراءات عدن، وأنه جاء محمولًا على متن الطائرات الحوثية المسيرة نحو موانئ النفط في جنوب اليمن عام 2022، يمكن أن يسهم في تخفيف الاحتقان وتهيئة الأجواء نحو السياسة والدبلوماسية. 


مدير المكتب الإقليمي لمركز سوث24 للأخبار والدراسات في عدن. 


اليمنعدنصنعاءمسقطالسعوديةالمجلس الانتقاليالحكومة اليمنيةالحوثيونالبحر الأحمرالحل السياسي