18-11-2020 الساعة 12 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| الأهرام
لقد أصبح الشهران الأخيران من كل عام فرصة للتفاؤل بشأن نهاية الحرب في اليمن وبدء تسوية سياسية، على مدى العامين الماضيين، وتتجه كل الأنظار الآن إلى جهود المملكة العربية السعودية لاستخدام الأمم المتحدة كوسيلة لإنهاء الصراع في البلاد.
وقد كانت التقارير في الأسابيع الأخيرة متفائلة بشأن مبادرة جديدة من قبل المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، والتي يمُكن أن تشكّل الأساس لحل سياسي دائم.
وتساند هذه التحركات المتوقعة المملكة العربية السعودية التي تقود تحالفاً عربياً يدعم الشرعية في اليمن إلى جانب الاتحاد الأوروبي. ومن المفهوم أنّ بريطانيا على وجه الخصوص تلعب دورا فى صياغة القرار القانونى الذى سيعتمده مجلس الامن الدولى .
وقد تم تشجيع الطرفين من أجل تنفيذ أجزاء من اتفاق ستوكهولم العام الماضي بين حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران الذين يسيطرون على العاصمة اليمنية صنعاء وأجزاء كبيرة من شمال اليمن.
ومع ذلك، فإنّ البعض غير متفائل بشأن أي نهاية وشيكة للحرب في اليمن، التي بدأت بإطاحة المتمردين الحوثيين بحكومة صنعاء والهيمنة العسكرية على معظم البلاد قبل ست سنوات، والتدخل اللاحق من قبل تحالف عربي بقيادة السعودية والإمارات في عام 2015 لقمع التمرد واستعادة حكومة هادي.
لا تزال الحرب، التي كان يُعتقد أنها ستنتهي في غضون بضعة أشهر بعد أن إعادة الشرعية وهزيمة ميليشيا الحوثي، مستمرة، مخلّفة مئات الآلاف من القتلى والجرحى، وتشريد ولجوء الملايين.
ويواجه حالياً ما يُقرب من 22 مليون شخص من مجموع سكان اليمن البالغ عددهم حوالي 29 مليون نسمة المجاعة والظروف الإنسانية الكارثية. وهناك أيضا التدمير الهائل للبنية التحتية للبلد واستنفاد موارده.
"تفاؤل بشأن تحركات للأمم المتحدة مدوعومة من السعودية والاتحاد الأوروبي لإنهاء الحرب في اليمن"
وعلى الرغم من أن التحالف قال مراراً إنّ هدفه هو إعادة الحكومة الشرعية إلى السلطة وتسوية النزاع سياسياً، إلا أنّ العديد من محاولات التوصل إلى تسوية تفاوضية فشلت في وضع حد للحرب.
وقد كثّف المتمردون الحوثيون مؤخراً هجماتهم، ليس فقط على المواقع الحكومية في اليمن، ولكن أيضاً عبر الحدود على أهداف سعودية. كل يوم تقريباً تُعلن قوات التحالف بقيادة السعودية اعتراض وإسقاط صواريخ أو طائرات بدون طيار محمّلة بالمتفجرات أطلقها الحوثيون ضد أهداف سعودية في جنوب المملكة.
يبدو أنّ إيران تزوّد عملائها الحوثيين بصواريخ وطائرات بدون طيار أكثر من ذي قبل، مع احتمال تصعيد طهران لحربها بالوكالة ضد منافستها السعودية رداً على الضغط الأمريكي المتزايد على إيران، كما قال دبلوماسي غربي في الخليج.
ويرى بعض المحللين أنّ هذا التصعيد محاولة إيرانية لتعزيز موقفها التفاوضي المتوقّع بمجرد تولّي الإدارة الديمقراطية الجديدة مهامها في الولايات المتحدة في كانون الثاني/يناير.
وفي الأسبوع الماضي، زار المبعوث الأمريكي الخاص إلى إيران إليوت أبرامز المنطقة والتقى الرئيس اليمني في المملكة العربية السعودية. لكنّ الإدارة المنتهية ولايتها للرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب قد لا يكون لديها مجال كبير للتحرّك الآن، باستثناء فرض المزيد من العقوبات على إيران.
وتنتظر طهران لترى كيف سيتصرف الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن بمجرد تولّي إدارته السلطة وما إذا كانت ستتراجع عن عقوبات ترامب وانسحابه من الاتفاق النووي الإيراني.
كما قد لا يكون لدى دول الخليج العربية نفس النفوذ الذي كانت تتمتع به مع ترامب لطلب أي اتفاق جديد يتضمن بنوداً تتعلق بتدخل إيران في المنطقة، لا سيما في اليمن من خلال حلفائها الحوثيين.
وكما قال أحد المحللين السياسيين الغربيين في الخليج، "إنّ الإيرانيين ليسوا في عجلة من أمرهم لحل الأزمة، وهم يزوّدون حلفاءهم الحوثيين بالمزيد من الأسلحة للحفاظ على تغذية النيران".
"تنتظر طهران لنرى كيف ستتصرف إدارة بايدن بشأن الاتفاق النووي والعقوبات. لن يمنح الفرس أبداً أي شيء مجاناً، وهم يعرفون الآن أقصى قوة من الضغط السعودي".
وفي معرض التفكير في الدور الذي لعبته عُمان كمضيف للمفاوضات الأمريكية الإيرانية السرية التي أدت إلى الاتفاق النووي في ظل إدارة أوباما الأمريكية السابقة، يتوقّع بعض المحللين الأمريكيين الآن أن تلعب مسقط دوراً في أي تسوية محتملة في اليمن.
وقال أحد الأكاديميين الأمريكيين المطلعين على المنطقة إن "عُمان قد تكون حذرة من الحرب على حدودها وتواجه صعوبات اقتصادية، ولكن مع تزايد مخاطر التسوية في اليمن، ستسعى مسقط إلى لعب دور، وإن كان ذلك بطرق بارعة".
وتحاول السعودية منذ العام الماضي جمع حكومة هادي وفصائل جنوب اليمن ككتلة معارضة للحوثيين في أي مفاوضات. لكنّ اتفاق الرياض الذي تم التوصل إليه في العام الماضي بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي لم يتم تنفيذه بعد.
المجلس الانتقالي لا يتسم بالمرونة فيما يتعلق بمشاركة الإسلاميين في الحكومة، التي يمثّلها حزب الإصلاح اليمني التابع للإخوان المسلمين. كما تشعر أطراف إقليمية أخرى بالقلق إزاء الدور الصاعد الذي يلعبه "الإصلاح"، مستغلاً الرغبة السعودية الواضحة في إنهاء الحرب بسرعة.
كما يُصعّد إرهابيون مثل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وجماعات أخرى هجماتهم في اليمن. شهدت المناطق في جنوب وجنوب شرق البلاد عودة ظهور تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وجماعة الدولة الإسلامية بعد هدوء في أنشطتهما إثر العمل العسكري ضدهما من قبل (القوات) الجنوبية المحلية والمقاتلين القبليين المدعومين من قوات التحالف، وخاصة القوات الإماراتية قبل مغادرتهم البلاد في يونيو من العام الماضي.
وأعرب أحد المصادر في الخليج عن هذا القلق بصراحة. وأضاف أنّ "الجماعات الإرهابية التي شجعها راعيها السياسي حزب الإصلاح التابع للإخوان المسلمين تكتسب أرضية في الحكومة، وتحاول استعادة النفوذ الذي فقدته في السنوات الأولى من الحرب". "كما أنهم يستغلون النزاعات الداخلية داخل معسكر "الشرعية" وتضاؤل دعم التحالف للقوات الحكومية".
"الانتقالي ليس مرناً مع الإسلاميين، وقلق خليجي من اكتساب الجماعات الإرهابية أرضية في الحكومة"
قد يكون الاندفاع لإيجاد حل لإنهاء الحرب في اليمن حقيقياً، لكن الكثيرين يشكّون في أنّ لديه فرصة جادة قبل أن تعبّر الإدارة الأمريكية الجديدة عن نواياها وتحدّد أولويات سياستها الخارجية في المنطقة.
"لو تمكنت الأطراف المحلية والإقليمية من إنهاء هذه المعضلة بنفسها، لكانت فعلت ذلك قبل عامين أو ثلاثة أعوام، وجنّبت نفسها عواقب الكارثة الإنسانية في اليمن. لذا، لماذا تعتقد أنهم يستطيعون القيام بذلك الآن"، هكذا سأل أحد المصادر، مؤكداً أنّ التغيير الملموس لن يأتي على الأرجح إلا مع مجيء الإدارة الديمقراطية الجديدة إلى واشنطن.
أحمد مصطفى، صحيفة الأهرام المصرية
- نُشرت المادة في النسخة الإنجليزية من الأهرام
- عالجه للعربية: مركز سوث24 للأخبار والدراسات
قبل 13 يوم