26-11-2020 الساعة 12 صباحاً بتوقيت عدن
سوث24| بيونس آيرس
توفي أسطورة كرة القدم و اللاعب السابق لمنتخب الأرجنتين دييغو مارادونا عن عمر يناهز 60 عام إثر سكتة قلبية الأربعاء.
وظل مارادونا شخصية مثيرة للجدل أُطلقت عليها أوصاف مختلفة ومتناقضة، فهو اللاعب المبهر والعبقري الكروي الاستثنائي، لكنه في الوقت المدمن على المخدرات وسيء السمعة الذي تلاحقه الفضائح.
ويعد مارادونا أحد أكثر لاعبي كرة القدم موهبة في تاريخ اللعبة، إذ يتمتع هذا اللاعب الارجنتيني بمزواجة نادرة بين قدرات متعددة. فهو صاحب أسلوب لعب مميز ورؤية متقدة، فضلا عن اتسامه بالحيوية والسرعة في اللعب، الصفات التي تسحر مشجعيه.
لكنه في الوقت نفسه أغضب جمهوره بهدفه المختلف عليه، الذي وصفه بعبارته الشهيرة بأنها "يد الرب" إذ شابته لمسة يد خفيفة، في مرمى منتخب انجلترا في بطولة العالم عام 1986، وبإدمانه لاحقا على تناول المخدرات وأزماته الشخصية التي عاشها خارج الملعب.
مارادونا يحمل كأس العالم (GETTY IMAGES)
ولد دييغو أرماندو مارادونا قبل نحو 60 عاما في حي فقير في مدينة بوينس آيريس، وهرب من واقع الفقر في شبابه بتحوله إلى نجم كرة قدم شهير يعتبره البعض حتى أعظم من اسطورة كرة القدم البرازيلي، بيليه.
سجل اللاعب الارجنتيني 259 هدفا في 491 مباراة، وتفوق على منافسه الأمريكي الجنوبي في حصيلة الأصوات التي حصل عليها في عملية الاقتراع لاختيار أعظم لاعب في القرن العشرين، قبل أن يغير اتحاد كرة القدم الدولي (فيفا) قواعد التصويت ويخلص إلى تكريم اللاعبين معا.
وأظهر مارادونا قدرات استثنائية منذ مراهقته عندما لعب مع فرق الناشئين والشباب، ابتدأها باللعب مع نادي أستريلا روجا ثم فريق نادي أرجنتينوس جونيورز، قبل أن يتقدم لاحتراف اللعب عالميا وهو بعمر 16 عاما و 120 يوما، حيث لعب أول مباراة دولية له مع منتخب الإرجنتين ضد منتخب المجر.
لا يبدو مارادونا في صوة الرياضي المثالية؛ فهو قصير وبدين نسبيا ولا يتجاوز طوله خمسة أقدام وخمس بوصات، بيد أن مهاراته الفائقة في اللعب وخفة حركته وقدرته على المراوغة والانسلال بين اللاعبين وسيطرته على الكرة وتمريراته الناجحة، كلها مهارات تعوض وتغطي على نقص السرعة والوزن الزائد نسبيا.
وإذا كان مارادونا بارعا في مناورة وإشغال حلقات دفاع الخصم، إلا أنه وجد أن من الصعب عليه المراوغة وتفادي المشاكل في حياته الحقيقية.
يد الرب وهدف القرن
إن أهداف ماردونا الـ 34 من 92 مشاركة مع منتخب الارجنتين تحكي جانبا واحداً فقط من قصة احترافه كلاعب دولي لامع.
فقد قاد منتخب بلاده إلى الفوز في بطولة العالم في عام 1986 في المكسيك، وإلى مكان في نهائي البطولة بعد أربع سنوات من هذا التاريخ.
وفي جولة ربع النهائي في بطولة العالم تلك، وفي مباراة فريق بلاده مع منتخب إنكلترا وقعت حادثتان، طبع الجدل بشأنهما مجمل حياة ماردونا الكروية.
كاسترو ومارادونا، كان مارادونا دائم التردد على كوبا (GETTY IMAGES)
فقد اتسمت تلك المباراة بشحنة احتكاك وتحدٍ إضافية بسبب حرب فوكلاند التي وقعت بين البلدين قبل أربع سنوات منها.
وحتى الدقيقة 51 من المباراة كانت نتيجة المباراة التعادل السلبي بدون أهداف، بيد أن مارادونا قفز في مواجهة حارس المرمى بيتر شيلتون ليسجل هدفا واضعا الكرة في شبكة المنتخب الانجليزي.
لكنه قال لاحقا إن الهدف جاء بفضل "جزء من ضربة رأس من مارادونا والجزء الآخر من يد الرب"، وظل هذا الهدف مثار جدل في كرة القدم تشوبه شبهة أنه جاء من لمسة يد.
وبعد أربع دقائق، عاد مارادونا ليسجل ما وصف بـ "هدف القرن العشرين" عندما التقط الكرة في نصف ملعب فريقه وانطلق في هجمة ساحرة تجاوز فيها العديد من اللاعبين وليخدع حارس المرمى شيلتون مودعا الكرة في مرماه.
وقال المعلق الرياضي في بي بي سي باري ديفز "يجب أن نقول أنه هدف هائل - و لا يوجد أي شك في صحته. فقد كان نتاج عبقري كرة قدم خالص".
وقد تراجعت إنجلترا في البطولة بعد هذه المباراة لتتأهل الأرجنتين، ليقول مارادونا إنه كان "أكبر بكثير من فوز بمباراة، لقد كان سقوطاً للانكليز بالضربة القاضية".
مارادونا والزعيم الفنزويلي الراحل هيوغو شافير (JUAN BARRETO)
أرقام قياسية
حطم مارادونا الرقم القياسي العالمي في سعر انتقاله مرتين، الأولى عندما انتقل من نادي بوكا جونيورز في موطنه إلى برشلونة الإسباني في عام 1982 ( 3 مليون جنيه استرليني) وعندمت انضم إلى نادي نابولي الإيطالي بعد ذلك بعامين مقابل ( خمسة ملايين جنيه إسترليني).
كان هناك أكثر من 80000 مشجع في انتظاره عندما حط بطائرة عمودية على أرض الملعب في ايطاليا.
قدم أفضل عروضه الكروية في إيطاليا وحظي بتكريم الجماهير حيث فاز نابولي بلقب الدوري الايطالي عامي 1987 و 1990 وكأس الاتحاد الأوروبي عام 1989.
استمر حفل الاحتفال بالانتصار الأول مدة خمسة أيام مع نزول مئات الآلاف إلى الشوارع وبات مارادونا محط الاهتمام والآمال ومحاصراً حسب قوله عندما قال "هذه مدينة رائعة لكنني بالكاد أستطيع التنفس. أريد أن أكون حرا في التجول، أنا فتى مثل أي شخص آخر".
ونشأت علاقة بينه وبين عصابة المافيا كامورا بسبب إدمانه على المخدرات. وفي اعقاب خسارة بلاده امام ألمانيا في كأس العالم التي جرت في إيطاليا 1990أظهرت اختبارات تعاطيه للمنشطات مما أدى إلى إيقافه لمدة 15 شهراً عام 1991.
وقاد فريق بلاده مرة أخرى ووصل نهائي كأس العالم في الولايات المتحدة في 1994 لكنه أعيد إلى بلاده بعد إخفاقه في اختبار المخدرات.
بعد اختباره الإيجابي الثالث بعد ثلاث سنوات تقاعد من كرة القدم في عيد ميلاده السابع والثلاثين،لكنه ظل يعاني من المشاكل.
ادمان المخدرات والكحول
وحكم على مارادونا بالسجن عامين و 10 أشهر مع وقف التنفيذ بعد إدانته في إطلاق نار على الصحفيين ببندقية هوائية.
وأدى تعاطيه للكوكايين وإدمان الكحول إلى العديد من المشكلات الصحية وزاد وزنه حيث وصل إلى 128 كيلو غراماً في وقت من الأوقات، وتعرض لأزمة قلبية شديدة في عام 2004 ودخل العناية المركزة.
خضع لعملية جراحية في المعدة للمساعدة في القضاء على السمنة التي كان يعاني منها وتوجه إلى كوبا للاستجمام وللتغلب على مرضه.
كان مارادونا يعاني من متاعب صحية خلال السنوات الأخيرة (RODRIGO VALLE)
وعلى الرغم من كل هذا تم تعيين مارادونا مدرباً للمنتخب الأرجنتيني الوطني في عام 2008 وقاد الفريق إلى ربع نهائي كأس العالمبعد ذلك بعامين أن ينتهي عهده بهزيمة 4-0 أمام ألمانيا في مرحلة ربع النهائي.
احتاج مارادونا إلى جراحة ترميمية على شفته بعد أن عضه أحد كلابه واقر علناً أبوته لابنه دييغو أرماندو جونيور الذي ولد من علاقة غرامية.
وخير مثال على أسلوب حياته الفوضوية كان عندما حضر مباراة الأرجنتين ضد نيجيريا في كأس العالم 2018 في روسيا. فقد كشف النقاب عن لافتة تحمل صورته، ورقص مع أحد مشجعي نيجيريا وتضرغ إلى السماء قبل المباراة واحتفل بشدة عندما سجل مواطنه ليونيل ميسي هدفاً لبلاده ونام وألقى تحية مزدوجة بإصبعه الوسطى بعد هدف الأرجنتين الثاني. وأشارت بعض التقارير إلى أنه احتاج إلى علاج طبي بعد ذلك.
مشين، ملهم، ممتع، عظيم، قمة كلمات تختصر شخصية مارادونا الذي عاش حياة صاخبة وحافلة.
- بي بي سي