18-04-2021 الساعة 5 صباحاً بتوقيت عدن
سوث24 | سبوتنيك
بدأت إثيوبيا في بناء سد النهضة على النيل الأزرق منذ 2011، وتسبب في خلاف وصل إلى حد تلويح مصر والسودان باستخدام خيارات عسكرية لإيقافه، إذا لم يتم التوصل لاتفاق عادل يحقق مصالح جميع الأطراف.
وتخشى مصر من تأثير السد على حصتها البالغة 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل، بينما يخشى السودان من تأثير السد على السدود السودانية الوقعة على النيل الأزرق.
ووقعت الدول الثلاث اتفاق مبادئ، في ربيع عام 2015، يحدد التفاوض سبيلا للتوصل إلى اتفاق، وحل أي خلافات تنشأ بين الدول الثلاث، لكن كل جولات المفاوضات منذ ذلك الحين، فشلت في التوصل إلى اتفاق ملزم خاصة مع اقتراب موعد الملء الثاني للسد، المقرر في يوليو/ تموز المقبل.
وقال عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس السيادي السوداني، أمس الجمعة، إن الخرطوم تجهز قدارتها العسكرية، وتجهز لتلك الخطوة في أزمة سد النهضة.
وجاء ذلك بعدما أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يوم 7 أبريل/ نيسان، أن جميع الخيارات مطروحة فيما يخص التعامل مع أزمة سد النهضة الإثيوبي، لافتا إلى أن الجميع لا يريد الوصول إلى مرحلة المساس بأمن مصر المائي.
ما مدى واقعية قصف سد النهضة؟
تناولت العديد من التقارير العالمية إمكانية استخدام الخيارات العسكرية لإيقاف سد النهضة وتفاوتت في تقييمها ومدى واقعية تنفيذها.
ويقول تقرير لوكالة "بلومبرغ" الأمريكية إن استخدام مصر للخيار العسكري لحل أزمة سد النهضة ربما يكون غير واقعي.
يؤكد ذلك ريكاردو فابياني، مدير مشروع شمال أفريقيا، بمنظمة مجموعة الأزمات الدولية (آي سي جي)، التي تتخذ من بروكسل مقرا لها، مشيرا إلى أن الخيار العسكري يمكن أن يفرض حالة من العزلة الدولية لمصر.
ويتابع: "سيحول أي عمل عسكري دون حدوث أي تسوية في المستقبل، بينما يمكن أن تواصل إثيوبيا بناء السد مجددا".
أهداف عسكرية يصعب الوصول إليها
يقول تقرير سابق لمعهد "ستراتفور" البحثي الأمريكي، إن هناك عقبات كبيرة يجب وضعها في الحسبان إذا فكرت مصر في استخدام القوة العسكرية في أزمة سد النهضة.
ويقول التقرير إن السدود المائية الضخمة تعد أهدافا عسكرية يصعب الوصول إليها وتدميرها، مضيفا: "رغم تجربة البريطانيين في الحرب العالمية الثانية التي تشير إلى إمكانية حدوث ذلك، إلا أنها تبقى هدفا صعبا جدا".
وتابع: "استخدام البريطانيين قنابل من نوع خاص لتنفيذ هجمات ضد السدود المائية جعلتهم من أصحاب التجارب الأولى في هذا المجال".
ورغم أن التقدم الذي يشهده العالم في مجال الأسلحة الهجومية يمكن أن يمثل فرصة جيدة لمصر إذا أقدمت على استهداف سد النهضة بطريقة أقل خطورة، إلا أن أفضل طريقة لتنفيذ مثل هذه العملية هي تنفيذ القصف من ارتفاعات منخفضة جدا بواسطة قنابل يمكنها الانفجار بعد إسقاطها على جسم السد بمدة قصيرة.
أو يمكن استخدام القصف المباشر من ارتفاعات متوسطة لاستهداف قاعدة السد وحدوث عدة انفجارات تحت الماء بصورة تجعل الموجات الانفجارية أكثر تدميرا على جسم السد.
ورغم أنه كانت هناك أراء تقول بإمكانية قصف السد في مراحله الأولى، إلا أن ذلك لم يكن ليردع إثيوبيا عن استئناف بناء السد.
ويقول التقرير إنه رغم بعد سد النهضة عن مصر، إلا أن الطائرات المصرية يمكن أن تستخدم المطارات السودانية في تنفيذ القصف إذا وجدت آلية لحدوث ذلك، لكنه يشير إلى أن مشاركة السودان في هذا الأمر ربما يجعله عرضة لرد عسكري مباشر من إثيوبيا.
تسلل القوات الخاصة
يعد استخدام القوات الخاصة أحد الخيارات العسكرية المطروحة، حيث يمكن الاعتماد على مجموعات عالية التدريب من تلك القوات لاختراق الحدود السودانية الإثيوبية والانطلاق نحو سد النهضة وتخريب العمليات الإنشائية التي تجري فيه تحت مظلة المسلحين.
وتابع التقرير: "لكن رغم واقعية هذا الخيار إلا أنه أي مهام تنفذها القوات الخاصة مهما كانت كفاءتها ستؤدي إلى تأخير العمل في السد وليس تدميره بصورة كاملة".
وتعتمد جميع دول العالم على تحصينات عسكرية هائلة لحماية البنية التحتية المهمة مثل السدود وهو أمر ينطبق على إثيوبيا أيضا، وهو ما يعني أن استخدام القوات الخاصة للوصول إلى سد النهضة يحتاج إلى الاحترافية والحظ حتى تنجح في الوصول إليه، لكن في جميع الأحوال لن يكون لديهم القوة التدميرية من المتفجرات التي تكفي لتدمير منشأة بهذا الحجم.
إعلان الحرب
يقول تقرير لمركز "كارنيغي" الأمريكي: "إذا نفذت مصر قصف جوي ضد سد النهضة، فإن ذلك سيقود إلى مواجهة عسكرية بين مصر وإثيوبيا".
وتابع: "سيسبق المواجهة العسكرية بين البلدين خراب هائل تتعرض له المناطق التي يمكن أن تجتاحها الفيضانات الناتجة عن انهيار مفاجئ لسد النهضة خاصة في المناطق الحدودية السودانية التي تبعد عن السد نحو 15 كيلومترا".
ويقول التقرير إنه إذا أقدمت مصر على تدمير سد النهضة كليا أو جزئيا فإن ذلك سيكون له آثار كارثية على المناطق التي تجتاجها الفيضانات وهو ما يدفع السودان للقيام بعمل أكثر فاعلية لحل هذه الأزمة سلميا.
ويقول تقرير معهد "آي إس بي آي" الإيطالي إن بعد المسافة بين مصر وإثيوبيا تجعل القصف الجوي هو الخيار الواقعي لأي عمل عسكري يمكن أن تقدم عليه مصر لتدمير سد النهضة.