الهجوم الإسرائيلي على غزة قد يُعيد الانفراج مع العالم العربي إلى مربع الصفر

الهجوم الإسرائيلي على غزة قد يُعيد الانفراج مع العالم العربي إلى مربع الصفر

دولي

الجمعة, 14-05-2021 الساعة 01:36 مساءً بتوقيت عدن

سوث24| قسم الترجمات 

حفّزت  صور المباني التي تنفجر في غزة من الغارات الجوية الإسرائيلية وشرطة البلاد التي تقتحم المسجد الأقصى في القدس، ثالث أقدس موقع في الإسلام، موجة من الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه، مما يختبر حدود علاقات الحكومات العربية مع إسرائيل.

وكانت اسرائيل تأمل في أن تُعيد مجموعة من الاتفاقات الدبلوماسية التي أُبرمت العام الماضي (اتفاقات ابراهام) تشكيل موقفها في منطقة طالما تجنبت ذلك، مما ساعد البلاد على احتواء ايران والبدء في اقامة علاقات تجارية جديدة. ولكن الآن أصبح صراعها المستمر منذ عقود مع الفلسطينيين في الواجهة مرة أخرى.

انتقد مسؤولون من الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب - وجميعها دول طبّعت علاقاتها مع إسرائيل في عام 2020 - السياسات الإسرائيلية هذا الأسبوع. وحتى مؤيدو الاتفاقات يدركون التحدي المتفاقم الذي تواجهه إسرائيل في الحصول على القبول في منطقة لا يحظى فيها احتلالها للأراضي الفلسطينية بشعبية كبيرة.

وقال عبد الخالق عبد الله، وهو عالم سياسي إماراتي بارز، "إنّ إسرائيل تضع الآن أصدقائها وشركائها، بمن فيهم الإمارات العربية المتحدة، في موقف صعب ومُحرج. وأضاف "أعتقد أنّ هذا سوف يعيدنا إلى المربع صفر".

وفي بداية اتفاقات أبراهام في العام الماضي، جادل مسؤولون خليجيون بأنّ العلاقات الدبلوماسية الجديدة ستمنح بلدانهم المزيد من النفوذ لإقناع إسرائيل بتغيير سياساتها تجاه الفلسطينيين. وحتى المملكة العربية السعودية كانت تسعى إلى الاعتراف بإسرائيل، فقد التقى ولي العهد محمد بن سلمان سراً برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. لكن الأزمة الحالية شككت في هذه الحجة، كما يقول المراقبون.

وقال عوفير وينتر، وهو باحث في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، "هناك أساسيات قوية لهذه العلاقات، لكن التحدي يكمن في كيفية شرح الدول العربية القضية لشعوبها. وأضاف لإن "هذا التصعيد يشكّل اختباراً كبيرا لهذه العلاقات الجديدة".

واصلت القوات الجوية الاسرائيلية قصف غزة اليوم الخميس بعد عدة أيام من الغارات الجوية. وقُتل 83 شخصا [حتى الخميس] على الأقل في هذا القطاع بينهم 17 طفلا وسبع نساء، طبقاً لوزارة الصحة في غزة. كما لقي ستة اسرائيليين مصرعهم بصواريخ من غزة وقتل جندى اسرائيلى بصاروخ مضاد للدبابات، وفقاً لما ذكره مسئولون اسرائيليون.

وقال الجيش الإسرائيلى إنّه يستهدف حماس ومسلحين آخرين فى غزة، بيد أنّ القصف دمّر أيضا المبانى السكنية.



وقد أذهلت صور الدمار في غزة الناس في جميع أنحاء الشرق الأوسط، حيث جرت مظاهرات تضامناً مع الفلسطينيين هذا الأسبوع. وأظهرت الاحتجاجات الجاذبية الدائمة للقضية الفلسطينية، التي لها مكانة مركزية في سياسات الهوية القومية والإسلامية والمعاصرة.

ومن بين دول أخرى، اندلعت احتجاجات في البحرين والمغرب والسودان، وجميع الدول التي انضمت إلى اتفاقات إبراهيم العام الماضي. وفي البحرين، سار عشرات المتظاهرين وهتفوا تضامناً مع الفلسطينيين ليلة الثلاثاء، وفقاً للقطات على وسائل التواصل الاجتماعي استعرضتها صحيفة وول ستريت جورنال.

"القدس لنا، تحرير فلسطين واجبنا. الأمة الإسلامية تدعمنا"، كما جاء في إحدى اللافتات في الاحتجاج. ولم تقتصر ردود الفعل العنيفة على الشباب الذين يسيرون في الشوارع. كما أعرب الزعماء الدينيون عن معارضتهم للإجراءات الإسرائيلية وانتقدوا الحكومات العربية لاحتضانها إسرائيل. [..]

الهجوم الإسرائيلي على غزة قد يُعيد الانفراج مع العالم العربي إلى مربع الصفر
المصدر: وول ستريت جورنال، الخارجية الاسرائيلية 
 

دولة الإمارات العربية المتحدة وضعت نفسها كحليف متحمّس لإسرائيل منذ أن أصبحت أول دولة تنضم إلى الاتفاقات التي تفاوض عليها البيت الأبيض العام الماضي. لكن منذ بدء أعمال العنف في غزة، كرر بعض المسؤولين الإماراتيين مواقفهم المؤيدة للفلسطينيين. وحاول مسؤولون خليجيون فصل دعمهم للفلسطينيين عن أي صلة بحماس، وهي الجماعة التي ظلت معظم حكومات المنطقة بعيدة عنها.

وكتب أنور قرقاش، المسؤول الكبير في الإمارات العربية المتحدة، على تويتر: "الإمارات تقف مع الحقوق الفلسطينية، مع إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وحل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية". "هذا موقف تاريخي ومبدئي لا يتزحزح".

كما فرض القتال ضغوطاً على الحكومات التي لها علاقات دامت عقوداً مع إسرائيل، مثل مصر والأردن. وفي الأردن، البلد الذي وقّع معاهدة سلام مع اسرائيل في 1994، تجمّع الآلاف للاحتجاج أمام السفارة الاسرائيلية في العاصمة عمّان في وقت سابق من هذا الأسبوع.

يذُكر أنّ مصر، وهي أول دولة عربية تصنع السلام مع اسرائيل، حاولت فى عام 1979 التوسط بين اسرائيل وحماس، الجماعة الفلسطينية المسلّحة التى تحكم غزة. وكانت وزارة الخارجية المصرية أعلنت في وقت سابق من هذا الأسبوع أنّها لم تتلقَ أي رد من اسرائيل على اقتراحها بالوساطة.

وإلى جانب الدعم الخطابي للفلسطينيين ومحاولات التوسط في الصراع، لا تملك معظم الدول العربية وسيلة عملية للتدخل في الأزمة. قال محللون ومسؤولون سابقون إنّه من غير المرجح أن تقطع دولة الإمارات العربية المتحدة ودول أخرى علاقتها مع إسرائيل التي تقدّرها لأسباب استراتيجية وتجارية.

وقال عز الدين شكري فيشر الدبلوماسي المصري السابق الذي عمل في إسرائيل ويعمل حالياً محاضراً كبيراً في كلية دارتموث أنّ "دعم القضية الفلسطينية متجذر في جميع الدول العربية ويضغط على الحكومات للتحرك وفقاً لذلك وهو ما لا تستطيع القيام به".

كما نددت إيران خصم إسرائيل بالأعمال الاسرائيلية فى القدس حيث دعا وزير خارجيتها المجتمع الدولى الى التحرك وحذر الحرس الثورى الإسلامى الولايات المتحدة من اتفاقيات أبراهام التي قال أنها "خدعت" الدول العربية و"مكّنت" اسرائيل.

وحاولت تركيا، وهي قوة رئيسية أخرى في الشرق الأوسط لها علاقة طويلة الأمد مع إسرائيل، حشد جهد دبلوماسي لوقف الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين. وقال إبراهيم كالين كبير مستشاري الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في مقابلة تلفزيونية هذا الأسبوع "على الدول الاسلامية أن ترقى إلى مستوى دعوة الشعب الفلسطيني وأن تستخدم كل نفوذ وقوة".

كما اندلعت احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في لبنان وتونس والعراق. كما أدان وزيرا خارجية عمان والسودان إسرائيل.

وقال بدر السيف أستاذ التاريخ في جامعة الكويت وزميل في مركز كارنيغي للشرق الاوسط إنّ "الشارع العربي مُجمع تماما على تضامنه مع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة". "إنه يرسل درسا إلى حكومات المنطقة، وهذه مسألة لا يمكن للتطبيع قمعها أو تهميشها".

- المصدر الأصلي بالإنجليزية:  وول ستريت جورنال   (الصورة: AFP) 
- عالجه ونقّحه للعربية: مركز سوث24 للأخبار والدراسات 

غزة اسرائيل حركة حماس اتفاقيات ابراهام حرب غزة التطبيع