21-06-2021 الساعة 7 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | قسم التحليل
في أوج سيطرة التنظيم
في شهر مايو/أيار 2015، توقفت حافلتنا على الطريق الواصل من صنعاء إلى سيئون في محافظة حضرموت، أمام حاجز تفتيش كانت ترفرف على جنباته رآيات تنظيم القاعدة السوداء؛ وهو اللون الذي تميزت به. دخل رجلان أحدهما ملثم والآخر دون لثام؛ للسؤال عمّا إذا كان من بين ركاب الحافلة (عسكريين)، أجاب أغلبية الركاب بالنفي. وللتأكد؛ تفحصوا بعض الهويات بنظرات شك، ثم أشاروا لسائق الحافلة بأن يمضي في طريقه بعد أن اعتذروا لنا عن اعتيادية إجراء كهذا.
قبل ذلك بشهر وتحديداً في 2 إبريل/ نيسان 2015، كان تنظيم القاعدة قد سيطر على كامل مدينة المكلا في محافظة حضرموت، ثاني أهم مدينة في جنوب اليمن بعد عدن. لم يكن السؤال عن عسكريين والبحث عنهم أمراً مستغرباً، إذ كان يندرج في إطار حملة تعزيز نفوذهم وسيطرتهم على المدينة، فكان أمام العسكريين خياران؛ إما الانضمام للتنظيم وإدارة المناطق تحت سيطرته؛ أو الموت أثناء مواجهتهم له. وقد سبق للتنظيم أن تعامل مع موقف مشابه في 2014، عندما أعدم 14 جندياً بعد اختطافهم من على متن حافلة، أثناء عودتهم من مقار خدمتهم بالقرب من مدينة شبام في محافظة حضرموت. رغم أن الجنود الذين كانوا يرتدون زيهم المدني لم يدخلوا معهم في مواجهة، بيد أنً التنظيم نفذ الإعدامات الميدانية وصوّرها؛ انتقاماً، على الأرجح، للمواجهات المسلحة التي سبقت ذلك بيوم والتي دارت بينهم وبين قوات من الجيش، وخسر فيها التنظيم ما يقارب 11 مسلحاً.
انتهز تنظيم القاعدة الفوضى وتدهور الوضع الأمني والسياسي إبان سيطرة الحوثيين على صنعاء وقيام عاصفة الحزم في 25 مارس 2015، وأحكم قبضته على مدينة المكلا لمدة عام كامل وبسط سيطرته على مينائها، واستطاع استقطاب مئات الشباب وسخّر موارد مالية هائلة لإدارة شؤونه، من خلال عمليات السطو على البنوك وتحصيل الضرائب والإتاوات من التجار والشركات، كما أدارت عناصره شبكة تجارية للمشتقات النفطية في السوق السوداء. وقد كانت أرباح إيرادات التنظيم في اليوم الواحد بما فيها إيرادات الميناء تقدر بحوالي مليوني دولار؛ حسب وزير النقل اليمني آنذاك. [1]
من المهم الإشارة أنّ التنظيم أيضاً حاول تقديم نفسه بصوره مغايرة تختلف عن الصورة النمطية المرسومة عنه، من خلال تعاطيه مع السكان وتأمين بعض الخدمات لهم، ووضع آليات لحل النزاعات، إضافة للتساهل في الكثير من الأحكام الشرعية تجنباً لتنفير السكان المحليين منهم. أو كما وصفت الوضع بشكله العام الباحثة إليزابيث كيندال، بـ (منهج روبن هود)، [2] خاصة في الفترة التي تزعّم فيها قيادة التنظيم "ناصر الوحيشي"، الذي سعى من خلاله إلى محاولة تأمين شكل من أشكال الحوكمة، وهو ما سمح أيضاً بتأسيس ما عُرف بالمجلس الأهلي الحضرمي، الذي أدارته قيادات محسوبة على حزب الإصلاح اليمني وعلى رأسها؛ عمر بن شكل الجعيدي، وعبد الحكيم محفوظ. إذ كانت المكلا تدار بقيادة دينية متشددة توزعت بين القاعدة وحزب الإصلاح، الذي كان الأخير يلعب فيها دور الوسيط بين التنظيم والحكومة الشرعية.
هذا التعاون والتآلف بين القاعدة وحزب الإصلاح- فرع الإخوان المسلمين في اليمن- ليس الأول من نوعه، فهناك محطات لتبادل المنافع والخبرات ممتدة منذ سنوات، كانت نقطة بداياتها من حرب أفغانستان، التي عادوا منها بترحيب كبير من قبل نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح. حتى أنّ البعض منهم تولّى مناصب عسكرية مهمة، خاصة ضمن نطاق "الفرقة الأولى مدرع" التي يسيطر عليها حصرياً علي محسن الأحمر، نائب رئيس الجمهورية الحالي لليمن.
اجتمع الطرفان المتوافقان –القاعدة والإخوان- مرة أخرى في حرب 1994؛ كمقاتلين في صفوف قوات اليمن الشمالي في الحرب التي شنها على اليمن الجنوبي إثر الأزمة السياسية التي أعقبت وحدة عام 1990، والتي كان على رأس حربتها ما أطلق عليهم "الأفغان العرب" من تنظيمي القاعدة والإصلاح. هذا، فضلاً عن تبادلهما الأدوار في الحرب الأهلية الأخيرة في اليمن منذ 2015 حتى اليوم، خاصة في المناطق التي يسيطر فيها الجيش الوطني الذي يُدار أيضاً من قبل نائب رئيس الجمهورية علي محسن الأحمر وحزب التجمع اليمني الإصلاح، وهي المناطق التي تنشط فيها القاعدة على المستوى العملياتي.
غضب شعبي وانحسار للتنظيم
مقتل زعيم التنظيم "ناصر الوحيشي" بطائرة بدون طيار في يونيو 2015، وتولي قيادته من قبل "قاسم الريمي" الشخصية العسكرية النزقة، شكل ضربة قاصمة للتنظيم، غيّرت مسار إدارته من السياسة الحذرة القائمة على مداهنة السكان المحليين وكسب دعمهم، إلى سياسة أكثر تطرفاً على مستويات مختلفة منها التشدد في تطبيق الأحكام الشرعية، وإنشاء نظام ما يُعرف بالحسبة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، وهو نظام مستوحى من فهم التنظيم للشريعة الإسلامية. إذ تم تنفيذ أحكام في حق نساء بتهمة الزنا والسحر وجلد الرجال علناً، كما أقدم مقاتلو التنظيم على مداهمة المنازل والاعتقالات وتعذيب المشتبه بهم؛ من بينهم نشطاء وصحفيين، إضافة إلى شنقهم لسعوديين اثنين، بتهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة والتحالف العربي.
في غضون ذلك، شهدت مدينة المكلا العديد من المظاهرات والاحتجاجات الغاضبة ضد وجود التنظيم، [3] وطالبت عناصره بالرحيل وهي ترفع شعارات: "لا قاعدة بعد اليوم". ومع بداية تشكيل قوات النخبة الحضرمية بإشراف من التحالف العربي وبإسناد إماراتي كبير؛ ودعم تقني أمريكي، لتحرير المكلا من قبضة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، تطوّع الآلاف من أبناء حضرموت بالانضمام للقوات بعد التوافق مع القبائل على ضرورة تحرير المدينة. ونجحت النخبة الحضرمية في استعادة المكلا بعد عام من سيطرة القاعدة عليها، التي فضلت الأخيرة الانسحاب منها بأقل الخسائر.
أثار انسحاب وخروج مقاتلي التنظيم مع احتفاظهم بالأسلحة والأموال المنهوبة التي قدرت بنحو 100 مليون دولار وفقاً لبعض التقارير، علامات استفهام من بينها؛ إذا ما كان الانسحاب تم بصفقة توسط فيها قبليون من المنطقة. وبالنظر إلى اختيار تنظيم القاعدة للانسحاب التكتيكي، فالتراجع عن مواجهة خاسرة بكل المقاييس قد تكلفه نهاية سرديته في جزيرة العرب؛ يعدّ قراراً مناسباً، خاصة وأن لديه من الأموال ما يكفي للحفاظ على بنيته التنظيمية. وهو ما جعله بالمثل يتخذ ملاذات آمنة أخرى في شبوة وأبين ووادي حضرموت بعد انحساره في مدينة المكلا عاصمة المحافظة.
خيار الانسحاب التكتيكي من المواجهات العسكرية التقليدية هو فرضية مرجحة بالنسبة للتنظيمات الجهادية؛ التي تخوض حروبها نوعياً عبر العمليات الخاطفة المعتمدة على الكر والفر؛ تحاشيا من خسارة أهم العناصر التي يصعب تعويضها بالنسبة للتنظيمات الجهادية وهو المقاتل العقدي الذي يمكن أن ينفذ هجوما بأقل الأسلحة المتاحة؛ وهناك استشهادات سابقة قريبة زمنياً من عملية تحرير المكلا، تمثلت بالانسحابات التي نفذها التنظيم إثر العمليات العسكرية التي خاضها الجيش ضده عام 2012؛ الأولى بقيادة اللواء سالم قطن والثانية بقيادة اللواء محمود الصبيحي.
أفراد من النخبة الحضرمية خلال خفل تخرج بالمنطقة العسكرية الثانية بمدينة المكلا محافظة حضرموت، 26 يناير 2017 (المندب نيوز)
في 17 فبراير 2018، أطلقت قوات النخبة الحضرمية ولواء بارشيد "عملية الفيصل" بدعم من القوات الإماراتية، من أجل استعادة السيطرة على مناطق كان مقاتلو التنظيم يتمركزون فيها، ويتخذون منها مكاناً للتدريب وانطلاق عملياتهم إلى مدن في حضرموت وشبوة، التي يربطها وادي المسيني غرب المكلا. هذه العملية التي استمرت لأكثر من 48 ساعة، كبّدت التنظيم خسائر فادحة في الأفراد والعتاد؛ ما أدى لتراجعهم. ليعلن بعد ذلك قائد المنطقة العسكرية الثانية ومحافظ حضرموت، اللواء فرج البحسني، نجاح العملية. ثم تلاها بأيام انطلاق عملية "السيف الحاسم" بمشاركة قوات النخبة الشبوانية، المدعومة من القوات الإماراتية أيضاً، لتعلن لاحقاً سيطرتها على كامل مديرية الصعيد في محافظة شبوة، دون أي مقاومة من قبل تنظيم القاعدة.
مواقع وتحركات القاعدة
يرتبط تواجد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في وادي حضرموت حالياً، بوجود قوات الجيش الوطني الذي يسيطر على مفاصله نائب رئيس الجمهورية علي محسن الأحمر وحزب الإصلاح (فرع تنظيم الإخوان المسلمين في اليمن). إذ يتركز نشاط التنظيم ضمن النطاق العملياتي للمنطقة العسكرية الأولى، المتمركزة في مديريات وادي حضرموت. كما أن لدى التنظيم تواجد في المناطق المحاذية بين حضرموت وشبوة من جهة الوادي حسب مصدر محلي مطلع لـ سوث24.
ويبدو أنّ التواجد لا يقتصر على استفادة التنظيم من الحاضنة التي توفر له الحماية في الوادي، بل أيضاً في تجنيد المقاتلين الشباب غير المعروفين ضمن نطاق قوات الجيش، لأسباب منها؛ تجنب ملاحقة الوجوه الميدانية المعروفة من قبل الأجهزة الاستخباراتية الإقليمية والدولية، والسبب الآخر ربما يرتبط بالشباب أنفسهم الذين يزدادون إحباطاً بسبب نزاعات قادة التنظيم وخلافاتهم الداخلية، خاصة بعد تولي خالد باطرفي زعامة التنظيم بعد مقتل قاسم الريمي في فبراير 2020، إذ يبدو أنّ باطرفي يواجه تحديات في شرعيته، ما جعل البعض من عناصر التنظيم يلتحق بالجيش مع تمسكه بأفكاره الجهادية، أو التحاق بعضهم بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
يُمكن القول أنّ البيئة الخصبة التي وفرتها القوى المهيمنة عسكرياً على وادي حضرموت، هي أحد أسباب تواجد جيوب القاعدة فيها، والتي يبدو أنها تعيد ترتيب نفسها للتموضع من جديد نحو مساحات أوسع للانطلاق باتجاه عدة محافظات، حال بروز أي تطورات عسكرية أو فوضى في مأرب وغيرها، خاصة إن لم تتوصل أطراف النزاع في اليمن إلى حلول سياسية في وقت قريب. ويمكن القول أيضاً، أنّ انهماك التحالف العربي في معاركه مع الحوثيين، منح تنظيم القاعدة وقتاً لإعادة تموضعه في مناطق متفرقة منها أبين وشبوة ووادي حضرموت، وازدياد نشاطه العملياتي ضد التجمعات الأمنية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، سواء في الحزام الأمني أو النخبة الشبوانية والحضرمية في جنوب اليمن.
علاوةً على ذلك، قد تساهم محاولات ترويج حزب الإصلاح لمخطط فصل حضرموت إلى محافظتين منفصلتين (حضرموت الساحل وحضرموت الوادي)، إضافة إلى الفصل القائم حالياً كأمر واقع من قبل القوى المهيمنة على القرار العسكري والأمني والإداري في الوادي متمثلة بحزب الإصلاح؛ الذي يدير الوادي بعيدا عن السلطة المحلية في المكلا، قد يساهم بشكل رئيسي على توسّع نشاط القاعدة وتأمين تحركاتها، وهو الأمر الذي قُوبل بردود فعل غاضبة؛ على مستوى النخب والمكونات السياسية والاجتماعية في المحافظة؛ التي ترى أن الانتماء لحضرموت يتعدى الجغرافيا إلى الهوية، وأنّ أي مشاريع للتقسيم يخل بوحدة حضرموت الإدارية هو استهداف لوحدتها الاجتماعية.
المثير للاهتمام، أنّ هناك مساعي لأطراف في الشرعية اليمنية تضع مقترحات لاستبدال مدينة سيئون بعاصمة مؤقتة عوضاً عن عدن، في ظل ظروف غير مستقرة في الوادي. وهو أمر لمّح المجلس الانتقالي الجنوبي والرأي العام في محافظات الجنوب إلى مواجهته، لتنافيه مع اتفاق الرياض، إضافة إلى أنّ وجود عاصمة في منتصف وادي حضرموت الذي تتخذ منه القاعدة ملاذا، يعدّ أمر غير آمن لاستقرار أعضاء الحكومة ومؤسساتها.
تهديدات محتملة
يشي الوضع العام بالنسبة لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، إلى وجود تهديدات من الممكن أن تواجهه، فزعيم التنظيم خالد باطرفي؛ الملقب بـأبو المقداد الكندي، على الرغم من تقرير الأمم المتحدة عن اعتقاله في محافظة المهرة جنوب شرق اليمن، بيد أن ظهوره في فيلم مصور عن مؤسسة الملاحم - الجناح الإعلامي للقاعدة- أثار الشكوك عن مدى صحة رواية الاعتقال من عدمها. لكنّ حتى ظهوره الأخير، وفقا لخبراء، يرجع تاريخ تسجيله لأربع سنوات ماضية. [4]
وعلى الرغم من عقلية باطرفي التنظيمية والاستراتيجية التي حاول من خلالها إظهار قدرة التنظيم التنفيذية؛ عبر سلسلة عمليات متتالية محلياً في أبين وشبوة، إلا أنّه مازال يواجه بعض التحديات من أهمها: عدم التوافق عليه بالإجماع وهذا بحد ذاته يشكّل أزمة شرعية داخل أجنحة التنظيم الأيديولوجية والعسكرية، خاصة الخلافات التي كشفها النهديين بقيادة أبو عمر النهدي بعد فشل محاولات الصلح فيما بينهم البين، إثر إعدام بعض عناصرهم بتهمة الجاسوسية إبان زعامة الريمي، واعتزالهم ورفضهم لمبايعة خلفه باطرفي.
أمر آخر يشكل تهديد محتمل بالنسبة لباطرفي، يتمثل في صعوبة تعاطيه مع المجتمعات المحلية اليمنية؛ لكونه سعودي الجنسية، بعكس القائدين اليمنيين الوحيشي والريمي اللذين حاولا يمننة التنظيم الناتج عن دمج الفرعين اليمني والسعودي مطلع عام 2009. إذ حاولت البيئة التي ينتمي لها القياديان احتوائهما وفي بعض الأحيان سهّلت لهما نوع من الحركة والحماية؛ لكونهما أبناء تلك المجتمعات.
وبغض النظر عن التفكير الأممي للحركة المتعددة الجنسيات والعابرة للحدود، إلا أنّ توطيد الروابط وإقامة تحالفات مع القبائل المحلية لضمان أمن الجماعة، كان عائقا كبيرا بالنسبة لباطرفي. إذ جعله يلجأ لدعم من قنوات أخرى تلعب دور الوسيط بينه وبين المجتمعات المحلية خاصة في وادي حضرموت ومأرب - وهي المناطق التي يسيطر فيها حزب الإصلاح اليمني على مراكز القرار، لتسهيل تنقلات باطرفي وعناصره.
على المستوى المحلي العام، هناك تنامي للرفض القبلي لوجود تنظم القاعدة في اليمن، إذ تشكل أفكار القاعدة المتطرفة أعباء على البيئة القبلية والنسيج المجتمعي، وهذا الأمر يشكل تهديدا آخر بالنسبة للتنظيم؛ خاصة فيما يتعلق بمستوى التواصل بين عناصره، الذي حاول التنظيم الحد منه في ظل وجود مخبرين ورفض قبلي وشعبي أيضاً.
ولا شك أنّ وجود تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، كبديل أكثر تطرفاً، خاصة في البيضاء، يشكل تهديدا إضافيا لتنظيم القاعدة، رغم الانقسامات والاختلافات الفقهية فيما بينهم؛ غير أنّ الأخير يعترف بداعش كتنظيم. وقد عزّز مقتل العديد من قيادات القاعدة بصورة أكبر من تواجد داعش، الذي لم يعلن حتى الآن عن مقتل أي من قياداته.
تنسيق إقليمي ودولي لمكافحة الإرهاب
على المستوى الإقليمي والدولي، تبذل دولة الإمارات العربية المتحدة جهوداً كبيرة في مكافحة الإرهاب، وقد كان لديناميكية عملها على الأرض في جنوب اليمن، الدور الأبرز في إنشاء الأحزمة الأمنية في عدن ولحج، والنخب الشبوانية والحضرمية لمكافحة الإرهاب، التي تنتشر فيها الأخيرة على الحدود الإدارية لساحل حضرموت.
تقوم قوات النخبة الحضرمية بمهام حفظ الأمن والاستقرار، رغم الضغوط الكبيرة التي مارستها حكومة هادي على أفراد هذه القوات، من خلال غض طرفها عن الجماعات المتطرفة، وإطلاق سراح العديد من المتهمين بالانتماء لتنظيم القاعدة من السجون، بعد أن كانت قوات النخبة قد سلمتهم لها سابقا حسب مصدر محلي مطلّع لـ "سوث24".
على الأرجح، أنه بعد انضمام الإمارات لعضوية مجلس الأمن غير الدائمة، ستعتمد مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب، بناء على تجربتها العميقة في المنطقة واليمن على وجه الخصوص. إضافة لذلك، إدراكها لمسارات الأحداث والأطراف المعرقلة لعملية مشاورات الحل النهائي للحرب في اليمن.
يمكن القول، أنّ تهديدات تنظيم القاعدة في وادي حضرموت وشبوة وأبين لازالت مستمرة، رغم التحديات التي تواجهه، وتتغير وفق الظروف المتسارعة في اليمن، لذلك يُمكن أن يستعيد التنظيم قوته ونشاطه خلال فترة وجيزة إذا تغير المشهد. وهو ما يتطلب وضع خطة عمل للأطراف الإقليمية والدولية المعنية بمحاربة الإرهاب، بالتنسيق مع القوى العسكرية الموثوقة في جنوب اليمن، خاصة وأن القوات التابعة للمجلس الانتقالي من الأحزمة الأمنية والنخبتين في شبوة وحضرموت، شكّلت أولوية ضمن بنك الأهداف الرئيسية للتنظيم على مدار العامين الماضيين.
كما إنّ تنسيق الجهود في محاربة الإرهاب لا يعد شأناً محلياً فقط، وإنما شأن إقليمي ودولي يستلزم إيلاء المجتمع الدولي اهتمام ودعم أكبر لمواجهته، لما يشكله من خطورة على السلم والأمن الدوليين.
زميلة مقيمة في مركز سوث24 للأخبار والدراسات، باحثة في الشؤون السياسية
- الصورة: لمسلح من تنظيم القاعدة خلال هجوم استهدف مركزا أمنيا لقوات النخبة الحضرمية في 2018 (المصدر: لايف ماب)