27-08-2021 الساعة 10 صباحاً بتوقيت عدن
سوث24| قسم الترجمات
وقف الرئيس الأمريكي جو بايدن في القاعة الشرقية في البيت الأبيض، ونظر مباشرة إلى الكاميرات وأعلن بمشاعر واضحة: "إلى أولئك الذين نفذوا هذا الهجوم، وكذلك أي شخص يتمنى أن يؤذي أميركا، اعلموا هذا: لن نغفر.. لن ننسى. سنطاردكم ونجعلكم تدفعون الثمن".
وجاءت تصريحاته بعد أن قَتل انتحاريان من جماعة إرهابية تدعى "الدولة الإسلامية في خراسان" (داعش-ك) 13 من مشاة البحرية الأمريكية وعشرات الأفغان المحليين، بينهم نساء وأطفال، بالقرب من مطار كابول. لقد كان هجوما دمويا ومروعا من قبل مجموعة معروفة بآرائهم المتشددة وتكتيكاتهم القاتلة. كما أنه هجوم أكّد على مشاكل أوسع تتجاوز الانسحاب الفوضوي للقوات الغربية من أفغانستان.
وعلى الرغم من حديث السيد بايدن القاسي، والجهاز العسكري الأميركي الهائل، فإن التفجيرات الانتحارية الأخيرة أظهرت مرة أخرى مدى سهولة وقوع مذبحة لجماعة إرهابية صغيرة نسبيا ولكنها متعصبة. لقد ألحقت عشرون عاما من العمل العسكري الذي قامت به أميركا وشركاؤها الدوليون، بما في ذلك أستراليا، بهدف القضاء على الإرهاب، أضرارا كبيرة بتنظيمي «القاعدة» و«الدولة الإسلامية»، مما أسفر عن مقتل العديد من مقاتليهما وقادتهما ومنعهما إلى حد كبير من الاحتفاظ بالأراضي وشن هجمات في البلدان الغربية.
لكن الجماعتين أثبتتا قدرتهما على التكيف، وتطورتا إلى منظمات أكثر انتشارا لها فروع مثل داعش-كيه. وعلى الرغم من كل التهديدات التي وجهها السيد بايدن، من غير المتوقع أن يتخذ تنظيم «الدولة الإسلامية في خراسان» خطوة إلى الوراء في أي وقت قريب.
وفى أفغانستان، تقدم التفجيرات الانتحارية أيضا عرضا لجولة جديدة من العنف من المتوقع أن تندلع داخل البلاد بالرغم من مغادرة الجيش الأمريكى المتوقعة فى الأيام القادمة. ووفقا لتقرير للأمم المتحدة نشر في يونيو/حزيران، في حين أنّ "طالبان والقاعدة لا تزالان متحالفتين بشكل وثيق ولا تظهران أي مؤشر على قطع العلاقات"، فإن طالبان وداعش-كيه متنافستان لملء فراغ السلطة الموجود في أجزاء كثيرة من أفغانستان.
وقال مسؤول في طالبان لرويترز يوم الجمعة إنّ ذلك اتضح عندما كان ما لا يقل عن 28 من أعضاء طالبان من بين الأشخاص الذين قُتلوا في الانفجارات التي وقعت خارج مطار كابول. وقال المسؤول "لقد فقدنا أشخاصا أكثر من الأميركيين".
تم إنشاء داعش-كيه قبل ست سنوات من قبل حركة طالبان الباكستانية الساخطة، ونفذت عشرات الهجمات في أفغانستان هذا العام. يرمز حرف الـ K إلى خراسان، وهي منطقة جغرافية كانت تحت ظل الخلافة العباسية من القرن الثامن إلى القرن الثالث عشر على أجزاء مما يعرف الآن بأفغانستان وإيران وباكستان وآسيا الوسطى.
وتعتبر [داعش] حركة طالبان التي تفاوضت مع واشنطن حول انسحاب قواتها وأقامت علاقات مع الصين وروسيا، فاسدة وتعتبر التزامها بدولة أفغانية غير إسلامي. ووفقا لمصادر استخباراتية، فإنّ مثالا مروعا على الطبيعة المتطرفة لداعش-كيه انطوى على هجوم في مايو/أيار على مدرسة للبنات في كابول، أسفر عن مقتل 68 شخصا وإصابة أكثر من 165 آخرين، معظمهم من الفتيات.
ويعتقد مراسل صحيفة "هيرالد" الأمريكى ماثيو نوت أنّ الهجمات القاتلة كان لها أيضا نتيجتان يبدوان متناقضتين. فهي تبرر إصرار بايدن على إخراج القوات الأمريكية من أفغانستان في أقرب وقت ممكن، وتعزز التصورات القائمة عن الانسحاب الفاشل.
من المرجح أن الآلاف من السكان المحليين الذين أمضوا سنوات في مساعدة القوات الغربية سيُتركون لتدبر أمورهم بأنفسهم، على أمل أن يتمكنوا من تجنب انتقام طالبان، وكما أظهر التفجير الانتحاري، حتى الجماعات الأكثر عنفًا.
يخشى العديد من خبراء الأمن من أنّ هزيمة الولايات المتحدة ستشجّع الجماعات الجهادية خارج أفغانستان. في حين أنهم كانوا في موقف ضعيف منذ تدمير "خلافة" الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، لا تزال هذه الجماعات نشطة في العديد من المناطق الخارجة عن القانون مثل اليمن وجنوب صحراء أفريقيا الكبرى وحتى أجزاء من جنوب شرق آسيا. يمكن أن تمنحهم الصور من أفغانستان هدفًا جديدًا وهم يحاولون بيع رسالتهم السامة على وسائل التواصل الاجتماعي للشباب [..] الساخط.
إنّ سقوط الحكومة الأفغانية هو تذكير صارخ بأنّ الحرب على الإرهاب ما زالت بعيدة عن الاكتمال. بالنسبة لسكان أفغانستان، يمثل استمرار العنف فصلًا آخر محفوفًا بالمخاطر في بلد عانى بالفعل عقودًا من الصراع.
- المصدر الأصلي بالإنجليزية: صحيفة هارلد الاسترالية
- معالجة وتنقيح: مركز سوث24 للأخبار والدراسات
- الصورة: توقف الرئيس الأمريكي جو بايدن لبرهة وهو يستمع إلى سؤال حول التفجيرات التي وقعت في مطار كابول وأسفرت عن مقتل أكثر من 12 جنديًا أمريكيًا. (اسوشيتد برس)