19-10-2021 الساعة 12 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | المحرر السياسي
قبل عودة حكومة هادي المُعترف بها دولياً الأخيرة إلى
العاصمة عدن، بدت الأوضاع في هذه المدينة شبه مستقرة، وربما كانت هذه الفترة من
أكثر فتراتها استقراراً على مستوى الأوضاع الأمنية في حقبة ما بعد الحرب، وفي حال
استثنينا الأوضاع الاقتصادية والمعيشية. منذ بداية شهر أكتوبر الجاري، شَهِدت
المدينة وعلى نحوٍ مفاجئ سلسلة متتابعة من الأحداث الأمنية المأساوية كان أبرزها الاشتباكات
المسلحة في حي كريتر ومحاولة اغتيال محافظ عدن أحمد حامد لملس.
أثارت هذه الأحداث الدامية التي هزّت العاصمة عدن الكثير
من علامات الاستفهام، حيث وأنها استبقت الموعد المقرر لعودة الحكومة التوافقية،
وزيارة المبعوث الأممي الجديد. مصادر متعددة كشفت عن وجود ارتباط وثيق بين مسئولين
سعوديين رفيعي المستوى في قيادة التحالف العربي بعدن وبين الجماعات المسلحة بقيادة
"إمام الصلوي" (النوبي)، التي أشعلت فتيل المواجهات الأخير مع قوات المجلس الانتقالي
الجنوبي في حي كريتر، كان هذا الارتباط على هيئة دعم مادي وعسكري متواصل، منذ
العام 2015، كما زعمت هذه المصادر.
ومنذ
تحرير عدن من "مليشيات الحوثي" كان تعامل السعودية مع "الملف
الجنوبي" يشوبه الكثير من الحذر والتوجس والتناقض، فقد وفرت ملاذاً آمناً لكل
الأصوات الناقدة بشدة للأطراف المسيطرة على عدن والمناطق الجنوبية، كما اعتادت
وسائل إعلامها على تغطية وتناول الأحداث التي تجري في هذه المناطق بطريقة أقرب إلى
الخصومة.
اليمن
كحديقة أمنية خلفية
منذ قيام الدولة السعودية الحديثة كان حضورها وتدخلها في الشأن اليمني لافتاً ومتجذراً، مرة عن طريق الحرب المباشرة، ومرة أخرى عن طريق شراء ولاء النخب التقليدية المؤثرة، وليس من الغريب أن تحتفظ السعودية بأطول تأثير في شؤون هذا البلد خلال القرن الماضي وبداية القرن الحديث، بلغ ذروته في فترة السبعينات والثمانينات، وفترة ما بعد 2015. ومع إن اليمن لم تُشكِّل منافس إقليمي للرياض على الصعيد السياسي والاقتصادي، لكنها كانت تنظر إليها، وعلى الدوام، كمعضلة أمنية، وهي التي تتشارك معها المساحة الأكبر؛ تقدَّر بنحو 1470 كيلو متر يقع الجزء الأكبر منه في محافظتي حضرموت والمهرة الجنوبيتين. وبالنسبة لنظام ملكي كالنظام السعودي يُمثّل الحفاظ على هيمنة وسطوة العائلة المالكة في صلب أولويات تصوراته وسياساته وتوجساته، يرى بأنّ نموذج النظام السياسي "الجمهوري" المتأثر بالتوجهات القومية العروبية أو بخليط من القومية والاشتراكية، كذلك الذي ساد في شمال وجنوب اليمن قبل الوحدة، بمثابة خطر ماحق لأمنه القومي.
على
ضوء ذلك، يسود اعتقاد لدى قطاع واسع من الجنوبيين مفاده بأن الدعم الذي أظهرته
المملكة العربية السعودية لهم في حرب صيف 1994 لم يكن من أجل كسب الحرب وعودة
اليمن الجنوبي دولة مستقلة مرة أخرى بنظام اشتراكي كان نموذجا وحيداً وفريداً في
المنطقة، في مقابل سيطرة الفكر الوهابي المتشدد على المملكة، بل هدف فقط إلى
الإطاحة بالرئيس علي عبدالله صالح؛ حيث أرادت الرياض معاقبته على موقفه المؤيد لنظام
صدام حسين أثناء غزوه للكويت، وهو الموقف الذي كلف اليمن على الصعيد الاقتصادي
ثمناً باهضاً جداً، فقد طُرِد قرابة مليون
عامل يمني من أراضي السعودية (في مذكراته، يُشير الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر إلى
أن الملك فهد قد أعطاهم الضوء الأخضر للتحرك جنوباً، وحسم المعركة على وجه السرعة)[1].
ومع كل الدربكة السياسية التي حدثت بعد العام 1990، سرعان ما عادت العلاقات
الوثيقة بين الرياض وحلفائها التقليديين من زعماء قبليين ورجال دين في شمال اليمن
بعد حرب 1994، واستمرت في إغداقهم بالدعم المالي لكسب ولائهم، حتى أنها كانت تدفع
لأكثر من 2500 قائد وشيخ قبلي راتباً شهرياً ضخماً عبر "اللجنة الخاصة"
السعودية[2]،
ومن بينها مخصصات لأحزاب سياسية مثل "حزب الإصلاح اليمني" المنتمي
أيديولوجياً لجماعة الإخوان المسلمين.
حقبة
ما بعد انطلاق الحراك الجنوبي
بعد
انطلاق ثورة الحراك الجنوبي السلمية في جنوب اليمن عام 2007، لم تُبد السعودية أي
مواقف متعاطفة مع الجنوبيين ومطالبهم باستعادة دولة جنوب اليمن على الرغم من
التنكيل والقتل المتواصلين الذي كان يمارسه نظام صالح بحقهم. بل على العكس من ذلك
تماما، تم اعتقال عدد من الناشطين الجنوبيين البارزين المقيمين في المملكة بين
عامي 2008 و2010[3]
على خلفية انتمائهم ودعمهم للحراك الجنوبي، وتسليم بعضهم لنظام صالح. الغريب أنها
سمحت في نفس الوقت لمعارضين جنوبيين تقليديين - كقيادات حزب "الرابطة" ممن
كانوا يقيمون على أراضيها - بممارسة نشاطهم السياسي. تنامت المصالح والارتباطات
الأمنية بين الرياض وصنعاء خلال تلك الفترة، وكانت الأخيرة ترى في نشاط الشباب
الجنوبي الطوعي والمستقل تهديداً وجودياً لـ"الجمهورية اليمنية".
مع
اجتياح الاحتجاجات الشبابية في العام 2011 لعدد من البلدان العربية، كان يراود الجنوبيون
أملاً كبيراً بأن الفرص أمام حل القضية الجنوبية باتت سانحة ووشيكة خصوصاً مع
الرعاية الدولية الكبيرة التي حظي بها الملف اليمني. إلا أن "المبادرة
الخليجية" التي تم توقيعها في الرياض في نفس العام، ومثّلت حجر الزاوية في
ترتيبات نقل السلطة في اليمن وإخماد فتيل الأزمة السياسية المتفجرة، لم تُشر إلى القضية
الجنوبية على الإطلاق. وبعد انتقادات شديدة وجهها الناشطون الجنوبيون، تم تدارك
ذلك في مسودة "الآلية التنفيذية" للمبادرة بتضمين إشارة وحيدة فقط، مع
شرط أن يكون حلها بما يحفظ وحدة اليمن (جدير بالملاحظة هنا أن نسبة النخبة
الجنوبية الموجودة في قائمة الموقعين لم تتجاوز الـ 10%).
كانت
هذه أول وأكبر الصفعات التي تلقاها الكثير من الجنوبيين وهم الذين عوّلوا كثيراً على
مرحلة ما بعد الانتفاضة الشبابية بالدفع قدماً نحو ولادة مرحلة جديدة تماماً، خصوصاً
بعد نضال سلمي شاق استمر لسنوات وفقدوا خلاله المئات. وكنتيجة طبيعية للمقدمات، لم
تختلف كثيراً مخرجات "مؤتمر الحوار الشامل" (2013-2014) في نظر كثير من
الجنوبيين، فهذه المخرجات لم تحقق أدنى المطالب، بل تم تفصيلها جيداً لتلائم مصالح
وأجندة القوى السياسية اليمنية المتنفذة.
كان
التحرك السعودي خلال هذه الفترة يحاول جاهداً أن يمنح القوى التقليدية استراحة
مُحارب، وبيئة مواتية تمكنهم من إعادة ترتيب أنفسهم في ظل سياق يتحرك كالرمال،
لكنه في نهاية المطاف أدى إلى الكثير من الارتباك والتوتر والتدافع، فكانت له
نتائج فادحة، أبرزها خلق بيئة مواتية مكنت الحوثيون من السيطرة على صنعاء في
سبتمبر 2014، الأمر الذي دفع السعودية لاحقاً إلى تشكيل تحالف عسكري واسع وعلى
وجه السرعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
دافع
الجنوبيون – الذين كانوا يقاتلون تحت علم دولة اليمن الجنوبي قبل الوحدة - بشراسة ضد
التوغل الحوثي في مناطقهم حتى تمكنوا من دفعه خارجها خلال فترة زمنية وجيزة. إلا
أن السعودية، ومن خلال تدخلها في الحرب الأخيرة، استمرت في اتباع استراتيجيتها القديمة
بالتحالف مع القوى التقليدية المرتبطة بها على الرغم من التغييرات الكبيرة التي
طالت سياساتها وتوجهاتها في السنوات الماضية، إلا أنها في تعاملها مع الملف اليمني
لم تُغيّر شيئاً، وتركته تحت تصرف "اللجنة الخاصة" الذي تُديره منذ
قرابة نصف قرن. وفي هذه الأثناء ظهرت مواقف متباينة بين زعيمي التحالف؛ السعودية
والإمارات، فقد حاولت السعودية جمع القوى السياسية والعسكرية التي تواجه الحوثي
تحت علم الجمهورية اليمنية، بينما لم تجد الإمارات حرجاً في مرافقة المقاتلين
الجنوبيين وهم يرفعون علم دولتهم السابقة، مع إن مواقفها المعلنة مؤيدة للوحدة
اليمنية، وقد يكون هذا السبب في إدراكها المبكر لحساسية الشارع الجنوبي يُفسّر
الترحيب الذي حظيت به، كما يُفسِّر في نفس الوقت الهجمة الإعلامية الشرسة من قبل
الأطراف الأخرى في الشرعية.
لقد بدا أن الهدف الرئيسي من تدخل السعودية المباشر في حرب اليمن 2015 هو حمايةً نفسها من محاصرة إيران لها؛ خصوصاً بعد تلقيها تهديدات من الحوثيين الذين تربطهم علاقة استراتيجية بإيران، ويتلقون منها دعماً عسكرياً ومالياً، وبشكل واضح. فضلاً عن رغبة الرياض إظهار دور جديد لها في المنطقة عبر انتهاج سياسة خارجية مختلفة قائمة على الهجوم والمبادرة بعد أن كانت تتبنى موقفاً دفاعياً محترساً قبل تولي الملك سلمان زمام الحكم، وهو توجه أراد كسر الصورة النمطية الراسخة عنها. علاوة على رغبتها في إثبات دورها المحوري والفاعل في المنطقة، خصوصاً بعدما وَجدت أن أشقائها الصغار بدأوا في الخروج عن بيت الطاعة وممارسة أدواراً إقليمية كبيرة ومستقلة تماماً، قطر كمثال، الأمر الذي دفع الرياض لإنهاء مشاركتها في عمليات التحالف العسكرية في اليمن 2017 بسبب تعامل الدوحة مع "الميليشيات الانقلابية" وهو أمر يتناقض مع أهداف التحالف وعلى رأسها محاربة الإرهاب، كما أشار البيان[4]. ومع كل ذلك، لم يمنع من استعادة الرياض علاقاتها مع قطر مرة أخرى بعد قمة العلا في يناير 2021، فيما فضّلت أبو ظبي التريث والاكتفاء باستئناف العلاقات التجارية والسفر فقط.
مواقف
مريبة
لعل الموقف السعودي في أحداث أغسطس 2019 كان الأبرز في رسم خارطة المشهد السياسي والعسكري في اليمن. فبعد سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على العاصمة عدن، اتجه نحو مديريات أبين في طريقه إلى محافظة شبوة. في هذه الأثناء، كانت الرياض قد أعطت الضوء الأخضر لحزب الإصلاح بالتقدم للسيطرة على محافظة شبوة عن طريق دعم الأخير بتعزيزات عسكرية كبيرة من مأرب، حيث توجد أهم القواعد العسكرية التابعة للتحالف العربي، بما فيها أهم وحدات "الجيش الوطني" والتي تخضع لإدارة نائب الرئيس "علي محسن الأحمر" المقرّب من الإخوان المسلمين. ويرى كثيرون من منتقدي السياسة السعودية بأن هذا الإجراء كان أحد أبرز أسباب سقوط كثير من مديريات محافظة مأرب بيد الحوثيين، حيث تم تركيز معظم القوة العسكرية في شبوة وإفراغ بقية المناطق من القوات الكافية لحمايتها. فضلاً عن ظهور تخاذل كبير في صفوف الجيش التابع لحكومة هادي المعترف بها دولياً أثناء مواجهة الحوثيين، ساهم في تسريع وتيرة تقدم الحوثيين واستيلائهم على مناطق جديدة منذ مطلع العام 2020[5], من بينها أجزاء شاسعة من محافظة الجوف. في النتيجة النهائية، كلّفت هذه الأخطاء الاستراتيجية الفادحة والمتتابعة الرياض ثمناً باهظاً، واضطرتها إلى دفع فاتورة كبيرة، تتضاعف مع مرور الوقت، مع أنه كان بالإمكان الاعتماد على النخبة الشبوانية في القيام بمهام حماية محافظة شبوة وتثبيت الأمن، وكما كانت في السابق وقبل أن تعلن الإمارات سحب جزء من قواتها العسكرية من اليمن منتصف العام 2019، ودون أن يُشكل ذلك أي خطر على ترتيبات الوضع اليمني.
"تصحيح ومعالجة المسائل المعقّدة والعالقة بين الرياض وعدن باتت ضرورة استراتيجية يمكن من خلالها الاتفاق على الخطوط العريضة التي يتقارب فيه الطرفان"
وفي سياق آخر متصل، رعت السعودية "اتفاق الرياض" لنزع فتيل التوترات المتزايدة بين أطراف النزاع المنضوية تحت قيادة التحالف والمناهضة للحوثيين، ممثلة بحكومة هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي. إلا أن الاتفاق الذي تم توقيعه في نوفمبر 2019، لم يتم تطبيق أيّاً من بنوده بعد جمود – غير مفهوم - استمر لأربعة عشر شهراً، مما اضطر حينها المجلس الانتقالي الجنوبي إلى إعلان "الإدارة الذاتية" في إبريل 2020. وبعد الإعلان مباشرة، تم طرح آلية لتسريع تنفيذ الاتفاق بضغط من الرياض، تتضمن استمرار وقف إطلاق النار وخفض التصعيد بين الطرفين، وإعلان الانتقالي الجنوبي تخليه عن الإدارة الذاتية. وعلى الرغم من أنه لم يُنفذ إلا جزء يسير من الشق السياسي من الاتفاق، يرى مراقبون بأنه في حال نجحت محاولة الاغتيال الأخيرة التي تعرض لها محافظ عدن "أحمد لملس"، كانت ستؤدي إلى نسف اتفاق الرياض بكامله، إذ أنّ تعيين محافظ ومدير أمن جديدين لعدن كان هو البند الوحيد الذي تم تنفيذه من الاتفاق. غير أن السؤال المحوري الذي يستوجب طرحه في هذا المقام: لماذا لم تضغط الرياض بشكلٍ جادٍ ومؤثر من أجل تنفيذ باقي بنود الاتفاق، مثلما ضغطت على الأطراف من أجل توقيعه؟
لقد
بدا جلياً بأنّ النهج الذي اتبعته السعودية في جنوب اليمن، لاسيما في المناطق التي
يسيطر عليها المجلس الانتقالي الجنوبي، يُظهر فوارق كبيرة في الدعم والتأييد بين
المناطق التي يسيطر عليها الإصلاح والمناطق التي يسيطر عليها المجلس، وعلى كافة
المستويات، ولم تحاول قط أن تتموضع في موقف متوازن حتى يتسنى لها إدارة الوساطة
بين الأطراف المتنازعة. أحد أبرز الأمثلة على ذلك ما حدث في مايو 2020 عندما
اندلعت معركة في أبين بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي وبين قوات تابعة لحزب
الإصلاح في حكومة هادي. فوفقا لمصادر عسكرية رفيعة المستوى آنذاك، كان قائد
التحالف العربي في العاصمة عدن "مجاهد العتيبي" - المقرّب من الإخوان
المسلمين - يتواجد في تلك اللحظات بين صفوف القوات المقاتلة التابعة لحزب الإصلاح
في جبهة أبين/ وكانت القوات تتلقى التعليمات العسكرية منه، إذ كان من المقرر لها
أن تحسم المعركة خلال يومين ضد المجلس، وتُسيطر على العاصمة عدن. غير أنّ الحسابات
السعودية حسب مراقبين؛ دفعتها - عندما أيقنت بقرب الهزيمة - أن تعود للعب دور
الوسيط من جديد عبر الضغط على الانتقالي الجنوبي بالتراجع عن التقدم نحو جبهات
أخرى في أبين.
وعلى ضوء كل هذه المواقف والسياسات، لم يكن مفاجئاً تردي الأوضاع المعيشية والإنسانية في مناطق سيطرة الانتقالي الجنوبي في الأشهر الأخيرة وعلى نحو دراماتيكي، خاصة في العاصمة عدن التي تتواجد فيها قوات التحالف العربي. وبسبب سوء الأوضاع المعيشية المتردية التي بلغت درجة لا يمكن تصورها، ورغبة الحكومة لأشهر بالبقاء خارج عدن، رغم مناشدات المجلس الانتقالي، بدت السعودية وكأنها شريك في تطبيق سياسات العقاب الجماعي ضد مناطق سيطرة المجلس.
حسابات
المخاطر
من
الضروري فهم سياق المواقف السعودية المتناقضة تجاه جنوب اليمن، وهي مواقف قد تكلّف
الجنوبيين حصاد سنوات من الانتصارات التي حققتها قواتهم على الأرض إذا لم يجيدوا
التعامل معها عبر تقييم المخاطر والتهديدات. إنّ ترك المسائل عالقة ومفتوحة بهذا
الشكل مع الرياض قد يفاقم من خطورة الأمر على أمن الجنوب الحيوي. فعلى الأرجح، سيؤدي
لنكسات أمنية وعسكرية خطيرة ووجودية؛ ليس من التقدم الحوثي فحسب في حال استمرت
القوى العسكرية المنتمية لحزب الإصلاح بتسليم المناطق له، كما حدث في جبهة بيحان -
شبوة مؤخراً؛ حيث لم تتحرك قوات التحالف بقيادة السعودية لمنعه، بل أيضاً من عودة
نشاط التنظيمات "الإرهابية" التي تراجع دورها كثيراً بعد العمليات التي
أطلقتها الأحزمة الأمنية والنخبتين الحضرمية والشبوانية لمكافحته؛ بمعية ودعم
التحالف العربي وفي مقدمته دولة الإمارات في عام 2018.
يمكن القول، بأن تصحيح ومعالجة المسائل المعقّدة والعالقة بين الرياض وعدن التي يديرها الانتقالي الجنوبي باتت ضرورة استراتيجية يمكن من خلالها الاتفاق على الخطوط العريضة التي يتقارب فيه الطرفان وإن كانت أولويات الرياض تختلف عن أولويات الجنوبيين لكن يبقى أن هناك نقاط التقاء قد تخفّف من وطأة الخطر وكلفته.
[1] في مذكراته يقول الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر: "وعند تودیعنا للملك فهد وبعد أن خرج الأمیر سلطان والدكتور الإریاني مسكني
الملك فهد بیدي وقال لي: إذا كنتم قادرین على دخول عدن وحسم الموقف فبادروا
، لتخرجونا من الحرج وتضعوا الجمیع أمام أمر واقع وتفوتوا الفرصة على أي
تدخل" (مذكرات عبدالله بن حسين الأحمر، قضايا ومواقف، دار الآفاق للطباعة
والنشر، صنعاء، 2008، الطبعة الثانية، ص
284)
[2] صحيفة الشارع 2012, albaath-as-party.org
[3] ناشطون السلطات السعودية تواصل اعتقال القيادي في الحراك الجنوبي محمد
عسكر , عدن الغد 2012. adengad.net
[4] التحالف العربي يعلن انهاء مشاركة قطر في العملية العسكرية باليمن,
سبوتنيك 2017. arabic.sputniknews.com
[5] الخيانات أسقطت حزم الجوف, الوطن السعودية, 3 مارس 2020. alwatan.com.sa
- الصورة: ولي العهد السعودي خلال لقائه رئيس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، عقب توقيع اتفاق الرياض، 5 نوفمبر 2019 (إعلام سعودي)