التقارير الخاصة

الآثار في حضرموت: مطامع الباحثين عن الثراء السريع

27-01-2022 الساعة 3 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol

سوث24| عبدالله الشادلي


مثّل الإرث التاريخي في محافظة حضرموت، جنوب اليمن، أحد أبرز مطامع "اللصوص" الباحثين عن الثراء السريع، منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2015، التي فتحت أبواب النهب على مصراعيها أمام مافيا الآثار العالمية النفيسة. 


هذه المحافظة التي مثّلت جزءاً مهماً وفريداً من تاريخ الحضارة الإنسانية وأدرجت كثير من مدنها ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي؛ لم يشفع لها تاريخها من استسهال تجّار الآثار وجهل بعض مواطنيها نهب موروثها خلال العقود الخمسة الماضية.


نهب 


اعتبر باحثون محليون أن الآثار في جنوب اليمن، وخصوصاً في حضرموت معرّضة للنهب بسبب غياب الرّقابة ودور الجهات المختصّة. ولم تكن جهات في الحكومة اليمنيّة إلى جانب عائلات خليجيّة حاكمة خارج دائرة اتهامات التناوب على سرقة الكنوز الأثرية في الجنوب، وشمال اليمن أيضاً.


يقول الباحث في شؤون الآثار الدكتور خالد باوزير لـ«سوث24» إنّ "آلاف القطع الأثرية نهبت في حرب 1994 من متحف المكلا"، مشيراً إلى أنًه "كان يفترض على الدولة استعادتها بأي شكل من الأشكال لاحقاً".


أما مدير مؤسسة حضرموت للتراث والتاريخ والثقافة، خالد مدرك، فقد اعتبر في حديثه لـ «سوث24» بأنّه "فعلياً لا يوجد مسح للقطع، بحيث يتسنّى للجهات المسؤولة التبليغ عن المفقودة منها في حال تم رصد ذلك".


ويضيف "غياب المسح والحصر سبب رئيسي في ضياع القطع الأثرية والتاريخية من جهة، وتسهيل نهبها من جهة أخرى".


وشدد مدرك على ضرورة الحفاظ على المواقع الأثريّة، متطرقاً إلى الدور السلبي والفوضى التي يحدثها بعض المواطنين جرّاء عمليات التنقيب في المواقع التي يُعتقد أنّها تحوي قطعاً لا تُقدّر بثمن.


وأوضح مدرك أنّ البعض يقومون بالحفر في ما وصفها بـ "الأماكن العذرية"؛ ويجدون قطعا أثرية ويتحفظون عليها. واعتبر أن حضرموت "متحف مفتوح؛ ويجب الحفاظ على إرثها ومساحاتها التي لم تخضع للاستكشاف".


جهل المواطنين


وفقاً لمسؤولين وباحثين في مجال الآثار، يلعب الجهل بقيمة الآثار بين صفوف المواطنين المحليين في محافظة حضرموت دوراً كبيرا في استحواذ البعض منهم على قطع أثريّة  أثناء عمليات التنقيب في وديان وهضاب حضرموت.


ويعتبر مدير مؤسسة حضرموت للتراث، خالد مدرك، أنّ "ما تم نهبه من قطع أثريّة في بعض المواقع من قبل المواطنين مردّه إلى الجهل".


 وإلى جانب النهب والجهل بالقيمة التاريخية للقطع الأثريّة، تعاني بعض المواقع الأخرى غير المأهولة بالسكان من العبث.


ويرى  أحمد الرباكي، مدير دائرة الآثار بساحل حضرموت،  أنَّه "إذا وجد عبث، فإنه حتما سيكون في المناطق النائية الخالية من السكان". مضيفاً أنّ "المناطق الآهلة بالسكان لا خوف عليها من العبث، فالنّاس هم السند الأكبر لنا".


وقال الرباكي لـ «سوث24» أن حالات العبث بالمقتنيات التاريخية في حضرموت طفيفة، مبيّناً أنّه "لم يتم رصد سوى آثار حفريات في بعض المناطق"؛ زاعماً أنَّه "خلال فترة سيطرة تنظيم القاعدة على ساحل حضرموت لم يتم نهب أي قطع من متحف المكلا".



 قصر السلطان القعيطي سابقاً، مُتحف المُكلا حالياً (عبد الله الشادلي، سوث24)


واستطرد "خلال العام 2013 تم سرقة الأجزاء الفضيّة من العرش السلطاني وصولجانه، على الأرجح أنّ السرقة تمّت عن طريق مواطنين جاهلين بقيمة تلك الآثار النفيسة".


وفي غضون ذلك، قال الرباكي "تسلمنا مجموعة قطع أثرية في العام 2020 من قبل مواطنين تعود إلى العام 2013 وما قبله؛ وذلك بعد أن أطلقنا مناشدات للمواطنين بإعادة أي قطع يُعتقد أنّها أثريّة".


ورغم كل ذلك، رأى الرباكي أنّ "مستويات سرقة الآثار في حضرموت متدنيّة ولا تستحق الذكر، وكل ذلك بفضل الوعي المجتمعي الذي يسود المحافظة".


وحول تأمين متحف المكلا في الوقت الراهن، أوضح الرباكي "تم تجهيز مداخل ومخارج المتحف بمنظومة ذكيّة، لكن اعتمادنا الأكبر على المواطن فهو المسؤول الأول".