تصعيد الحوثيين من هجماتهم يعقّد السياسة الأمريكية في المنطقة

تصعيد الحوثيين من هجماتهم يعقّد السياسة الأمريكية في المنطقة

دولي

الثلاثاء, 01-02-2022 الساعة 05:57 مساءً بتوقيت عدن

سوث24 | واشنطن 

تسائلت  كبرى الصحف الأمريكية "واشنطن بوست" عن مدى تأثير هجمات "حركة الحوثيين، التي تسيطر على شمال غرب اليمن" على سياسة الولايات المتحدة في المنطقة وعلى سياسات التحالف المتزايدة التعقيد هناك. 

وفي حين يهاجم الحوثيون المدعومون من إيران منذ فترة طويلة أهدافا داخل المملكة العربية السعودية، كان هجومها يوم 17 يناير على أبوظبي واحدة من المرات الأولى التي استهدفوا فيها الإمارات العربية المتحدة، وفقا للصحيفة. 

وقالت واشنطن بوست في تحليل للخبير تايلر باركر، المشرح لنيل الدكتوراة في العلاقات الدولية أنّ "أن التصعيد [الحوثي] قد يعيد بعض التماسك إلى (التحالف السعودي الإماراتي) الذي ازداد انقساما في السنوات الأخيرة. لكنه يأتي في وقت حرج بالنسبة للولايات المتحدة وإيران، اللتين وصلتا إلى نقطة حاسمة في المفاوضات حول إمكانية العودة إلى اتفاقهما النووي. وحتى الآن، يبدو أن الولايات المتحدة ستدعم شركائها الاستراتيجيين الخليجيين إلى حد ما، في حين أنه من غير المرجح أن تغير إيران علاقتها مع الحوثيين."
 
التحالف يصبح "حاسما" مرة أخرى  

ووفقا للصحيفة "تباينت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في السنوات الأخيرة حول أهدافهما وتكتيكاتهما في اليمن. في سبتمبر/أيلول 2014، انضم الحوثيون إلى الموالين للرئيس السابق علي عبد الله صالح للاستيلاء على السلطة. في مارس/آذار 2015، قادت السعودية والإمارات عملية "عاصفة الحزم" لاستعادة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بعد الإطاحة به من قبل الحوثيين. وسرعان ما تلاشت الوعود باستعادة هادي السريعة للسلطة. وبدلا من ذلك، أدى قصف التحالف وحصاره إلى تفاقم المعاناة الإنسانية وزيادة ترسيخ حكم الحوثيين." 

ووفقا للباحث باركر "فإن سياسات تدخل [التحالف] بدأت تتباعد في عام 2016. ومع استمرار الصراع، أعطت المملكة العربية السعودية الأولوية لحربها الجوية الشمالية، في حين بدأت الإمارات العربية المتحدة في دعم الجماعات الانفصالية في الجنوب. وبحلول صيف عام 2019، أصبح من الصعب تجاوز الانقسامات في التحالف. إذ قلصت الإمارات وجودها العسكري في اليمن، وسيطر التحالف مع المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا على جزء كبير من مدينة عدن الساحلية الجنوبية. ولم يخفف اتفاق الرياض بين المجلس الانتقالي الجنوبي وهادي في تشرين الثاني/نوفمبر من حدة التوتر بينهما إلا بشكل معتدل." 

التقدم الحوثي أعطى التحالف تركيزا متجددا  

تقول الصحيفة أنّ "الحوثيين استفادوا من هذا الاضطراب الذي قام به التحالف خلال العامين 2020 و2021 من خلال شن هجوم باتجاه الشرق على مأرب، معقل حكومة هادي الغني بالنفط الذي يستضيف ملايين اليمنيين النازحين." 

وقالت الواشنطن بوست أنّ "خطر استيلاء الحوثيين على مأرب حرّك التحالف إلى العمل". "إذ انتشرت في ديسمبر قوات العمالقة المدعومة إماراتيا في شبوة.. وصدت الحوثيين هذا العام. في 26 يناير/كانون الثاني استعادت قوات التحالف السيطرة على منطقة حريب جنوب مدينة مأرب. وعلى الرغم من استمرار التوترات بين القوات المدعومة من الإمارات وحكومة هادي المدعومة من السعودية، يبدو أن قادة التحالف يرون قيمة وجود جبهة موحدة لإبعاد مأرب عن أيدي الحوثيين." 

وقالت الصحيفة أنّ "الهجمات [الحوثية] على الإمارات العربية المتحدة جاءت في أعقاب هذه الانتكاسات العسكرية الحوثية - وتهدد بتدويل النزاع أكثر من ذلك، كما يوحي استهداف الحوثيين لأبوظبي في 31 يناير/كانون الثاني." 

سيدعم المسؤولون الأمريكيون شركاءهم الخليجيين  

جاء الرئيس بايدن إلى منصبه مع وعد "بتكثيف دبلوماسيتنا لإنهاء الحرب في اليمن"، لكن إدارته كافحت من أجل إحراز تقدم كبير. لم تعد الولايات المتحدة تزود طائرات التحالف بالوقود وتوقفت عن دعم "العمليات الهجومية" في اليمن. لكن الولايات المتحدة تواصل بيع الأسلحة الدفاعية لدول الخليج العربية، في حين يواصل المبعوث الأمريكي الخاص لليمن، تيم ليدركينغ، الدعوة إلى عملية السلام المتوقفة التي تقودها الأمم المتحدة، كما تقول الصحيفة. 

"وتحتفظ المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بتوقعات كبيرة من الدعم الأمريكي، على الرغم من أن بايدن وصف المملكة العربية السعودية بأنها "منبوذة" في عام 2019. وفي الوقت الراهن، يبدو أن التصعيد الحوثي يدفع الولايات المتحدة إلى تنحية تحفظاتها جانبا ودعم قادة التحالف." 

ومن المرجح، كما يقول باركر، "أن تواصل إدارة بايدن بيع منصات الدفاع الصاروخي وتوبيخ سلوك الحوثيين. ومع ذلك، قد يكون من غير المرجح دعم الضغط الإماراتي على الولايات المتحدة لإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، نظرا للمخاوف من أن يؤدي التصنيف على الأرجح إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن." 

استمرار دعم إيران للحوثيين  

تقول الصحيفة أنّ "صنّاع السياسات يناقشون ما إذا كان الحوثيون "وكيلا" إيرانيا أم لا. وهذا التمييز مهم لأن الحوثيين والجماعات المسلحة الأخرى غالبا ما لا يدينون بالكامل للحكومات التي تدعمهم. ومن المرجّح أن إيران غير راغبة في كبح جماح هجمات الحوثيين، نظرا للعلاقات المنحازة بين طهران والحوثيين منذ عام 2009 على الأقل، مع تزويد إيران الجماعة بشكل متزايد بالتدريب والأسلحة." 

وتعتقد  الصحيفة أنّ "هجمات الحوثيين على الإمارات قد تكون حالة من استعراض العضلات الإيرانية لتقوية يدها في المفاوضات النووية. لكن التصعيد يبدو أيضا في الوقت غير المناسب، نظرا إلى أن إيران تعمل على ما يبدو على إحياء الاتفاق النووي." 

وتتسائل الصحيفة أيضا "هل يمكن للهجمات الأخيرة أن توفر المزيد من النفوذ للولايات المتحدة في فيينا؟ وهل يمكن لمفاوضيها أن ينصوا على أنّ تخفيف العقوبات لن يحدث إلا مقابل أن تأمر إيران الحوثيين بوقف استهدافهم للسعودية والإمارات العربية المتحدة." قد يقدم هذا السيناريو، كما تقول الصحيفة "اختبارا استفزازيا لدرجة السيطرة الإيرانية على عمليات إطلاق الحوثيين. ومع ذلك، تمثل علاقات إيران بالحوثيين طريقة منخفضة التكلفة لمهاجمة منافسيها في الخليج العربي، لذلك من غير المرجح أن تتخلى إيران عن العلاقة." 

ويشير التصعيد الأخير، وفقا لباركر "إلى أنّ ديناميكيات التحالف هذه لا تزال تدفع القتال والتصدع في اليمن، مما يساهم في ظروف شبيهة بالمجاعة مع دخول النزاع عامه الثامن. في الوقت الراهن، يواصل الحوثيون هجماتهم بمباركة ودعم إيرانيين. تزيد الغارات الجوية السعودية والإماراتية في صنعاء وحولها من التأثير الإنساني للنزاع، لكن تحالفهما يحمي مأرب. ويترك المسؤولون الأمريكيون يكافحون من أجل تحقيق التوازن بين الدعم المقدم للشركاء الخليجيين والمفاوضات مع إيران وتسهيل الحوار السياسي بين اليمنيين."

- عالجه للعربية: مركز سوث24 للأخبار والدراسات 
- الصورة: (يحيى أرحب / EPA-EFE / REX / Shutterstock)  

صنعاء هجمات الحوثيين جنوب اليمن شبوة ألوية العمالقة الجنوبية أبوظبي التحالف العربي الولايات المتحدة