سياسات حذرة: مستقبل العلاقات الإماراتية – الإيرانية في ظل الهجمات الحوثية

سياسات حذرة: مستقبل العلاقات الإماراتية – الإيرانية في ظل الهجمات الحوثية

التحليلات

الأحد, 06-02-2022 الساعة 01:56 مساءً بتوقيت عدن

سوث24 | د. إيمان زهران 


يبدو   أنّ الحرب في اليمن بدأت تتخذ منحنى  آ خر أكثر تعقيداً، وذلك بتبني جماعة الحوثيين، المدعومة من إيران، لاستراتيجيات ميدانية جديدة تُبنى على تفعيل سياسات نوعية قائمة على "استهداف الخارج". وذلك بالنظر إلى الاستهداف الحوثي - في 17 و24 يناير 2022- لعدد من الأهداف المدنية والمنشآت الصناعية الإماراتية؛ فضلا عما أعلنته مؤخراً قيادة العمليات المشتركة بوزارة الدفاع بدولة الإمارات عن تدمير منصة وموقع إطلاق الصاروخ الباليستي في محافظة الجوف اليمنية وتم اعتراضه وتدميره في دولة الإمارات مساء الأحد الموافق 30 يناير 2022[1]    .  إن جميع تلك التحركات تؤشر إلى رد فعل مضاد/ وانتقامي لمسار العمليات الميدانية في اليمن، وخاصة في الجنوب، وما تم البناء عليه من تحركات "ألوية العمالقة الجنوبية"، إذ كل تلك الديناميكيات تدفعنا نحو تحليل الأبعاد والدلالات المرتبطة بتلك الهجمات، وما يلحق بها من تداعيات مختلفة سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، وذلك في ظل الانفراجة الحذرة للجمهورية الإيرانية مع دول الخليج، حيث تجدر الإشارة إلى مباحثات "خفض التصعيد" مع كل من المملكة العربية السعودية والإمارات، وما قد ترنو إلية الجولات التفاوضية الإيرانية – الدولية حول إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني، وتنقيح نسخته التي تم التوقيع عليها في 2015، وفقا للصياغات الأممية (1+5).  

  

أولا – أبعاد ودوافع الهجمات الحوثية على دولة الإمارات: 

عقب سنوات من المهادنة – غير المباشرة - التي تلت عملية الانسحاب الإماراتي من اليمن في 2019، جاء إعلان الحوثيين عن مسؤوليتهم عن الهجوم بعدد من الصواريخ والطائرات المسيرة لاستهداف مطار أبوظبي، ومصفاة نفط، وعدد من الأهداف المدنية الأخرى. حمل ذلك دلالات نوعية تؤشر جميعها للتغير في طبيعة المعركة بين التحالف العربي وجماعة الحوثيين، وذلك استنادا إلى الدوافع التالية:  

1.  التطورات الحيوية بالمشهد العسكري في اليمن: وخاصة بعد نجاح "ألوية العمالقة" في تقويض التحركات الحوثية في جنوب اليمن، وبصفة رئيسية في محافظة شبوة، فضلا عن النجاح في محاصرة النشاط الحوثي في انتزاع أجزاء من محافظة مأرب والتي تُعد آخر معقل رئيسي للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في شمال البلاد.   

2.  إعادة تقييم الانخراط الإماراتي في اليمن : وذلك عقب تفعيل التحركات الميدانية لقوى "التحالف العربي" في إطار تنسيقات إستراتيجية/ تكتيكية إماراتية سعودية مشتركة. فعلى سبيل المثال: ظهرت "البصمة التنسيقية" في الاعتماد على خلية عمليات مشتركة في مطار "عتق" في محافظة شبوة، بالإضافة إلى التنسيق المشترك حول دعم "القيمة النوعية/ الثقل التفضيلي للقوات" وذلك على غرار الدعم لـ "ألوية العمالقة".   

3.  تكريس مقاربة "النظام الموازي" : وهو ما تسعى لتكريسه "جماعة الحوثيين" بشكل تكتيكي، وذلك عبر خطوات ممنهجة، بدأت أولا باستهداف الدولة الوطنية، ويلى ذلك من خطوات مرحلية نحو إضعافها وتحويلها إلى حالة "اللا – دولة"، وعقب عمليات الإنهاك المتوالية في إطار استدامة الصراع والأزمات الداخلية، تأتى سياسات الجماعة – كفاعل من دون الدول - لتطرح نفسها كبديل سياسي، وذلك بما يُمثل أحد فصول التعقيد السياسي بمسارات الحل للملف اليمني، إذ أصبح من دون المنطق اختزال التحركات الميدانية للحوثيين "داخليا/ وخارجيا" في أدوار الحرب بالوكالة إقليميا، ولكن من المهم إعادة تقييم "ماهيه الدور"، وما ترنو إلية سياسات الجماعة وذلك بالنظر لتأسيسها لمؤسسات موازية لمؤسسات الدولة الوطنية.     

ثانيا – انعكاس الهجوم الحوثي على مستقبل السياسات الإماراتية:   

ثمة عدد من الاختبارات والتي يُرجّح أن تُعيد تقييمها السياسات الإماراتية في المستقبل، وذلك بالنظر إلى الهجمات الحوثية الأخيرة - كسلوك إنتقامي - من إعادة الانخراط الإماراتي في مسارات المعارك الدائرة على الأراضي اليمنية. وهو ما يطرح مزيد من التساؤلات حول، أولا: مستقبل السياسات الإماراتية تجاه اليمن، وعما إذا ستواصل أبوظبي دعم حلفائها في اليمن لتقويض التحركات الحوثية شمالا وجنوبا، أم ستتراجع خطواتها خشية أي خسائر اقتصادية وإقليمية من هذه الهجمات، وكذلك التراجع بالتطبيق على سياساتها الخارجية القائمة على ما اعتمدته بالآونة الأخيرة من سياسات "الانحسار إلى الداخل" وتقليل الانخراط في صراعات الإقليم. وثانيا: مستقبل السياسات الإماراتية تجاه إيران كونها تمثل الداعم الأول – سياسيا وعسكريا واقتصاديا - لجماعة الحوثيين، ومستقبل المباحثات الثنائية بين الطرفين حول "خفض التصعيد" باضطرابات المنطقة. وهو ما يمكن استدراكه بالنقاط التالية:  

1.  مستقبل السياسات الإماراتية – اليمنية:    

ثمة عدد من المُحركات المتباينة "المباشرة وغير المباشرة" للانخراط الإماراتي في اليمن، وذلك من خلال:  

-   دوافع مباشرة : تلك التي تتمثل في العناصر التالية: تأييد ودعم الحكومة المعترف بها دوليا، استعادة مؤسسات الدولة الوطنية، مجابهه وتقويض الجماعات "الإرهابية" والمتطرفة – مثل تنظيم القاعدة وداعش – أو نفوذ جماعة الإخوان المسلمين، وجميعها تتخذ من الاضطرابات اليمنية ملاذا وبيئة حاضنة لإعادة التموضع في المنطقة عقب انحسارها في دول أخرى، بالإضافة إلى تأمين خطوط الملاحة الدولية، ومحاصرة النفوذ الإيراني وتطلعاته نحو مد النفوذ الشيعي بالمنطقة.      

-   دوافع غير مباشرة : على الرغم مما أعلنته دولة الإمارات العربية المتحدة في يوليو 2019 عن عزمها تخفيض وإعادة نشر قواتها في اليمن، لتتحول من استراتيجية "القوة العسكرية أولًا" إلى استراتيجية "السلام أولًا"[2]    . إلا أن التغير نحو إعادة التموضع الإماراتي بقوى التحالف العربي ودعمها لألوية العمالقة وأطراف أخرى في الداخل اليمني، يدفع نحو إعادة النظر بترجيحات استمرار أبوظبي بالانخراط بالمسألة اليمنية، وذلك بالنظر إلى الاعتبارات التالية:   

1.  على المستوى السياسي ، تسعى الإمارات في تحركاتها الخارجية إلى ترسيخ مفهوم "الدولة اللوجستية" في دائرة التفاعلات الإقليمية، وهو ما تم اختباره في مجمل التحركات الخارجية عبر بناء شراكات إقليمية ودولية رامية لتقويض مراكز الاضطراب بالمنطقة وفى مقدمتها "اليمن" ذات الأهمية الجيوسياسية لدولة الإمارات، إذ أصبح يُنظر إلى "المهددات السياسية" إلى كونها "مهددات أمنية/ وجودية"، فعلى سبيل المثال: تسعى دولة الإمارات في إطار شراكاتها بـ "التحالف العربي" لترسيخ تطبيقات ما بات يُعرف بـ "الدولة اللوجستية"، وذلك عبر تدريبها ودعمها لكيانات وأطراف جهوية تؤهلها لأداء دور سياسي وأمني داعم لمسار التسوية السياسية بالمسألة اليمنية وفقا لما ترنو إليه التحركات الإقليمية والأممية بعملية السلام المُزمع هيكلتها.   

2.   على المستوى الاقتصادي ، إذ تسعى الإمارات لترسيخ حضورها لضمان تواجدها على موائد صناعة القرار، والإحاطة بالملفات اليمنية ذات الأولوية الاقتصادية لأمنها القومي.   

2.    مستقبل السياسات الإماراتية – الإيرانية:   

من المُرجّح أن تخضع مستقبل العلاقات الإماراتية – الإيرانية إلى اختبارات حرجة عقب الهجمات الأخيرة على أبوظبي، وذلك بالنظر إلى الخبرة التاريخية في 2019، وما انتهى إليه الإعلان الحوثي حول تبني الهجمات التي استهدفت المنشآت النفطية في السعودية، والذي تبين لاحقا - بأغلب الترجيحات - أن مصدر الهجوم إيران. إذ تُبنى تلك الاختبارات في ضوء المعطيات التالية:  

-   البناء على مشروطيات "إعادة توطئة" العلاقات الإماراتية الإيرانية، وتقييم إشكالية ما تمثله جماعة الحوثيين من كونها أحد أهم الأذرع الإيرانية بالمنطقة، فضلا عن الدعم الإيراني المادي والعسكري للجماعة، وتزويدهم بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية. فعلى سبيل المثال: ثمة عدد من التقارير الراصدة للزيارات المتباينة لكبير المفاوضين الحوثيين محمد عبد السلام إلى طهران، واجتماعه مع الرئيس إبراهيم رئيسي والأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني.   

 - يُبنى ملخص مستقبل العلاقات الإماراتية – الإيرانية على مبدأ "الانفتاح على الخصوم"، ومن هنا يُجدر الإشارة إلى المفاوضات الثنائية[3]     والتي بدأت خلال الأشهر الماضية لـ "خفض التصعيد" بالمنطقة، إذ من المرجح استمرارها انطلاقا من الرؤية البرجماتية والنظرة الأكثر واقعية الإماراتية لحجم التغير بمحركات دوائر التفاعلات بالمنطقة، على أن يتضمن جدول التفاوض بند يتعلق بماهيه الهجمات الحوثية على الأهداف المدنية والمنشآت الصناعية الإماراتية وسُبل محاصرتها وردعها. 

-  التعويل على الورقة الاقتصادية، إذ يُبنى ذلك على المسارات المتباينة للاقتصاد والتجارة بين الإمارات وايران، والتي كانت دوما مرتبطة بشبكات كثيفة من العلاقات التجارية والاقتصادية والاستثمارية، إضافة إلى حركة الأشخاص والبضائع عبر الممرات الملاحية المتقاطعة، إذ فاق هذا الحجم الأرقامَ المتعلقة بالتجارة الإيرانية مع الأعضاء الخمسة الآخرين في مجلس التعاون لدول الخليج العربية [4]    ، حيث أصبحت دبي، على وجه الخصوص، مصدراً هاماً بوصفها مركزًا لإعادة التصدير ومنفذًا للاقتصاد العالمي في ظل العقوبات الدولية ضد إيران، كما أن أبو ظبى تُعد رابع أكبر وجهة للصادرات الإيرانية غير النفطية بقيمة 2.9 مليار دولار[5]    . وهو ما يمكن النظر إلية وفقا للإحصاءات المعلنة لحجم التبادل التجاري بين الإمارات وإيران وفقا للشكل التالي:   

شكل (1)  بيان بآخر الإحصاءات المعلنة للصادرات والواردات بين دولتي الإمارات وإيران  (2015 – 2019)  القيمة بالمليون دولار  

 
 

البند  

2015 

2016 

2017 

2018 

2019 

الصادرات 

    10,814,281  

8,810,493  

15,270,369  

10,234,278  

7,084,010  

الواردات 

    764,978  

968,593  

1,855,077  

5,035,453  

1,235,103  

الميزان التجاري 

    10,049,303  

7,841,900  

13,415,292  

5,198,825  

5,848,907  

Source:  Trade Map  

 

الجدير بالذكر، أنّ نموذج التطور الاقتصادي لدولة الإمارات يجعل القيادة في أبوظبي معرضة بشكل جاد لأخطار زعزعة الاستقرار الإقليمي في المنطقة. ومن ثم، فقد يُلاحظ تراجع نزعات إثبات السطوة لدى الإمارات تجاه إيران – جنبا إلى جنب - مع تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، وما يُبنى عليه مستقبلا في إطار عمق الروابط السياسية والاقتصادية والأمنية فيما بينهم[6]    .
 
ثالثا – مسارات مُحتملة: 

تعكس الهجمات المتفرقة من جانب جماعة الحوثيين على دولة الإمارات – والتي تُعد تحولّا نوعيا تجاه أبوظبي منذ بدء عاصفة الحزم في 2015 وحتى الإعلان الإماراتي الانسحاب من اليمن – عدد من المسارات المُحتملة، والتي قد تُشكّل بدورها مستقبل العملية السياسية والميدانية في اليمن، وكذلك مسار عدد من التفاهمات الإقليمية وكذلك الدولية، وذلك من خلال:  

-  المسار السياسي:    

نعوّل في ذلك المسار على مستقبل عدد من الترتيبات السياسية للتسوية السلمية بالمسألة اليمنية، والتي كانت قد بدأت إعادة إنتاج خطواتها بالنظر لحالة الجمود بعملية السلام في اليمن، حيث:  

1.   ما يتعلق بمستقبل التحركات الأممية، ونشاط المبعوث الأممي الرابع "هانز غروندبرغ"، فعلى سبيل المثال: التقى "غروندبرغ" مع نائب وزير السعودية، خالد بن سلمان، في إطار بحث عملية السلام في اليمن.   

2.   مستقبل استئناف نشاط "الرباعية الاقتصادية"، والتي تضمنت كل من: "بريطانيا، والولايات المتحدة الأميركية، والسعودية، والإمارات"، وماهية دورها إزاء توجهها لوقف التصعيد الحالي، على غرار دورها في اتفاقية ستوكهولم لعام 2018، الموقعة بين الحكومة المعترف بها دوليا، وجماعة الحوثي، بشأن الحديدة. وذلك دون إغفال التحول النوعي بالتقييم الأمريكي لجماعة الحوثيين، حيث أعلنت الولايات المتحدة عزمها إعادة النظر في إلغاء الحوثيين من قوائم الإرهاب، الذي أقرته إدارة الرئيس جو بايدن، في فبراير 2021[7]    .   

3.   توظيف دولة الإمارات لعضويتها غير الدائمة بمجلس الأمن خلال الفترة 2022 – 2023، للحصول على إجماع دولي وإقليمي، بحق الرد على الهجوم الحوثي، والدفاع عن نفسها وفقا لقواعد القانون الدولي. وذلك وفقا للقرار رقم 8725 الصادر عن جامعة الدول العربية على مستوى مندوبي الدول الأعضاء، في دورته غير الاعتيادية، المنعقدة في 23 يناير2022[8]     

4.   ما يتعلق بتطبيق مخرجات القمة الثلاثية، التي عقدت بأبوظبي، في 26 يناير2022، بين زعماء مصر والإمارات والبحرين، وما أبدته القاهرة من موقف داعم لأبوظبي، في الدفاع عن نفسها.   

-  المسار الميداني:    

يبدو أن حالة "اللا-حسم" الميداني ستظل المًتصدرة للمشهد الرئيسي بالمسألة اليمنية، وذلك بالنظر للتغير في تكتيكيات الصراع لدى جماعة الحوثيين بالتوجه نحو أهداف خارجية، مقابل إعادة إنتاج الدور الحيوي للتحالف العربي باليمن. وهوما تم اختباره بالنظر إلى عمق التحركات الأخيرة في جنوب اليمن. وفى السياق ذاته، فعلى الرغم من محدودية الخسائر البشرية والمادية للهجمات الحوثية ضد الإمارات، إلا أن التداعيات المتباينة للهجوم كانت أكثر ثقلا بمختلف المستويات الاقتصادية والأمنية والسياسية، وهو ما يمكن أن يتم توظيفه كـ "نافذة جديدة" أمام التحالف لإعادة ترتيب انتشاره الميداني ومجابهه جماعة الحوثيين في اليمن، ويدعم تلك الفرضية، ضغط المجتمع الدولي لدفع الحوثيين نحو الحوار حول مسارات التسوية السياسية بعملية السلام المُرتقبة.  

-  المسار الإقليمي:    

يبنى ذلك المسار على مستقبل التفاهمات الإيرانية - الخليجية، والتي من المُرجح أن يُعاد تقييمها في ضوء الهجمات الحوثية الأخيرة. إذ سيكون لها مردودها على مسار التفاهمات مع كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات. خاصة وأنّ "مراكز الاستهداف الإماراتي" تختلف تماما عن نظيرتها في المملكة السعودية. فعلى الرغم مما تحظى به الرياض من أهمية لكونها تمثّل بُعدا دينيا بالمنطقة، إلا أنّ الإمارات تمثل الورقة الرابحة "باستراتيجيات التصعيد" لكونها مركزا للتجارة والاستثمار بالمنطقة، بالإضافة إلى انفتاحها على السياحة الإقليمية والدولية، وصغر مساحتها، مما يجعل من الهجمات الحوثية – بإذعان من إيران- أكثر تأثيراً في مسار التفاهمات بين طهران ودول الخليج كأحد أوراق الضغط الإيرانية في تحديد مسار التفاهمات مع دول الخليج، خاصة وإنه في حال استمرار الهجمات الحوثية، فقد ينعكس ذلك بالسلب على الاستثمارات الدولية في أبو ظبي ودبي، وعلى مجمل أعمال البورصة الخليجية وأسعار النفط الخليجي.  

بالمقابل، يُجدر الإشارة إلى أنّ التجاوز في تلك الهجمات قد يُعقد مسار تلك التفاهمات، خاصة وأن الإمارات تعد ذات أهمية جيوسياسية لإيران، وتصعيد الهجمات ضدها سيضر بالمصالح المشتركة بين البلدين، وقد يضطر الإمارات إلى التصعيد السياسي والدبلوماسي ضد إيران، من قبيل طرد السفير الإيراني، ومقاطعة المنتجات الإيرانية، وتجميد التعاون الاقتصادي، إذ أنّ مثل تلك الأوراق ستؤثر تأثيراً سلبياً كبيراً على المصالح الإيرانية بالمنطقة، وذلك بالتوازي مع استمرار مُعضلة التفاوض حول إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني، بجانب استمرار إشكالية الانعكاسات المتباينة على العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران.  

 -   المسار الدولي:    

يُبنى ذلك المسار على مُعضلة الاتفاق النووي الإيراني، ومستقبل المفاوضات الجارية في هذا الشأن خاصة وأنّ إيران حريصة على العودة إلى الاتفاق النووي كما هو، دون أي تنقيح/ أو شروط جديدة من جانب المجتمع الدولي. ومن ثم، فقد تُعد "الهجمات الحوثية" بمثابة إحدى الأوراق الإيرانية للمقايضة بأمن واستقرار الشرق الأوسط، مقابل فرض تطلعاتها من المباحثات القائمة لإحراز تقدما بأجنداتها الخاصة، والتي في مقدمتها، رغبتها في وجود ضمانات سياسية لرفع العقوبات الاقتصادية ومنع تكرارها. إذ من المرجح أن يُعاد تقييم "الأوراق التفاوضية الدولية" بالملف النووي الإيراني، وذلك استنادا إلى ما تحمله الهجمات الحوثية - إحدى أهم أذرع طهران بالمنطقة – من تغيرات نوعية في "المعادلات الأمنية بالمنطقة"، إذ سيصبح مسار التفاوض المستقبلي مرهونا بالتوظيف الإيراني لكافة أدواتها في المنطقة لتحقيق أجنداتها الخاصة.   

تأسيسا على ما سبق ؛   يُرجّح أن يُحدد مستقبل العلاقات الإماراتية – الإيرانية، وذلك في ضوء التطورات الأخيرة عبر التصعيد الحوثي تجاه أبوظبي، في إطار عدد من المسارات النوعية.  حيث، أولا: ما يتعلق بالاستجابة الحوثية لحالة التهدئة ومن ثم قبول الحوار تمهيدا لإنجاز متطلبات عملية "التسوية السياسية"، وهو ذلك المسار المرهون بعدد من الاعتبارات، أبرزها: الجهود الأممية ومستقبل تحركات المبعوث الأممي الرابع لليمن وكذلك المبعوث الأمريكي، استئناف الدور العماني بالوساطة السياسية، دون إغفال التأثيرات المتباينة لإعادة إنتاج الدور الميداني لقوى التحالف العربي بالصراع القائم.  وثانيا: ما يُبنى على مستقبل التفاهمات الإماراتية الإيرانية، وهو الأمر المرهون بمدى قدرة طهران على ممارسة الضغط على جماعة الحوثين لوقف هجماتها على الأهداف الخارجية الخليجية تمهيدا لاستئناف مسار التفاهمات. وثالثا: ما يتعلق بإعادة تقييم الولايات المتحدة الأمريكية للوضعية السياسية والأمنية لجماعة الحوثيين وذلك وفقا للقرار التنفيذي رقم "13224" والخاص بـ "الأشخاص/ والكيانات الإرهابية"، ورابعا: ما يتعلق بما يمكن إحرازه والبناء عليه بالمباحثات الدولية حول إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني. حيث أن تلك المسارات أصبحت متشابكة حد التعقيد، وتتقاطع جميعها بملف التسوية السياسية (عملية السلام) للمسألة اليمنية. 

متخصصة في العلاقات الدولية والأمن الإقليمي
 

- الصورة: مستشار الأمن القومي الإماراتي، الشيخ طحنون بن زايد، يلتقي في العاصمة الإيرانية، علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، 6 ديسمبر 2021 (Credit: ATTA KENARE/AFP via Getty Images)
 
مراجع:
 
[1] الإمارات: تدمير صاروخ باليستي أطلقته جماعة الحوثي الإرهابية، سكاي نيوز عربية،  bit.ly

[2] ) الإمارات تعلن الانتقال من "استراتيجية القوة عسكرية" إلى "السلام أولا" في اليمن، فرانس24،  8/7/2019، bit.ly
[3] زيارة طحنون بن زايد لإيران.. التعاون واستقرار المنطقة أولوية الإمارات  (al-ain.com)
[4] Nader Habibi, “The Impact of Sanctions on Iran-GCC Economic Relations,” Middle East Brief, no. 45, Brandies University Crown Center for Middle East Studies (2010).
 
[5]  Mohammad Barhouma, The Reshaping of UAE Foreign Policy and Geopolitical Strategy, Carnegie Endowment for International Peace, January 04, 2022,  bit.ly
[6] Elham Fakhro, “What the Abraham Accords Reveal about the United Arab Emirates,” War on the Rocks, 30/10/2020, accessed on 13/12/2021, at:  bit.ly
[7] ) The United States Government, Executive Order 13224, at:  bit.ly
[8] ) القرار رقم 8725 الصادر عن اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين في دورته غير العادية، (القاهرة: 23 يناير2022)،  bit.ly

الإمارات العربية المتحدة إيران العلاقات الإماراتية الإيرانية هجمات الحوثيين اليمن جنوب اليمن التحالف العربي الملف النووي الإيراني