22-02-2022 الساعة 11 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | موسكو
بعد أسابيع من تصاعد حدة التوتر العسكري بين روسيا، من جهة، وأوكرانيا وحلف شمال الأطلسي [الناتو]، من جهة أخرى، على خلفية نشر موسكو عشرات الآلاف من الجنود على الحدود الأوكرانية، اعترف فلاديمير بوتين، رئيس روسيا، الاثنين، باستقلال إقليميين "انفصاليين" شرق أوكرانيا، رغم التحذيرات الغربية الكبيرة من هذه الخطوة.
وجاء اعتراف بوتين بإقليمي "دونيتسك" و"لوغانسك" كجمهوريتين مستقلتين بعد طلب قدمه البرلمان الروسي "الدوما"، قبل أيام، في خضم الأزمة التي اُعتبرت الأكبر في أوكرانيا منذ ضم موسكو لشبه جزيرة القرم في 2014. وصادق البرلمان الروسي، الثلاثاء، على الاتفاقيات التي أبرهما بوتين مع رئيسي الدولتين الجديدتين المعلنتين من جانب واحد.
استقبلت الدول الأوروبية الإعلان الروسي بالعقوبات وإلغاء المشاريع، بينما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على النخبة السياسية الروسية. كما تضامنت الكثير من الدول مع أوكرانيا، في جلسة لمجلس الأمن أعقبت اعتراف بوتين، ودعت أخرى لضبط النفس، مثل الصين.
ردود الفعل العالمية
أعلن الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الثلاثاء، فرض عقوبات على روسيا، وصفها بـ "الموجعة جداً"، استهدفت 27 فرداً وكياناً روسياً، بالإضافة إلى أعضاء البرلمان الروسي الذين صوتوا للاعتراف باستقلال الإقليميين الأوكرانيين.
وقال بوريل إنَّ هذه العقوبات ضد روسيا ما هي إلا جزء من ردة الفعل الأوروبية تجاه ما اعتبره "تقويضاً لوحدة أوكرانيا" من قبل روسيا. وأوضح أن العقوبات شملت بنوك تقوم بتمويل صناع القرار الروس والعمليات في الإقليميين الانفصاليين. لكنَّ المسؤول الأوروبي لم ينس الإشارة إلى أنَّ "الدبلوماسية" لا زالت متوفرة أمام روسيا كخيار لحل الأزمة.
وضمن رد الفعل الأوروبي الغاضب، أعلن، الثلاثاء، المستشار الألماني، أولاف شولتس، تعليق العمل بمشروع خطوط نقل الغاز الروسي إلى أوروبا "نورد ستريم2". كما قام وزير الخارجية الفرنسي بإلغاء لقاء كان سيجمعه بنظيره الروسي، الجمعة، متهماً بوتين بأنَّه "لا يحترم التزاماته".
أما الند التقليدي لروسيا وزعيم الناتو، الولايات المُتحدة، فقد أعلن رئيسها، جو بايدن، عن عقوبات اقتصادية على دائرة الحكم الروسية وعائلاتهم، مُعتبراً أنَّ الخطوة الروسية الأخيرة بالاعتراف باستقلال الإقليميين بأنَّها بداية غزو لأوكرانيا.
وكان بايدن قد أصدر، سابقاً، أمرا تنفيذيا يمنع الاستثمار والتجارة والتمويل من جانب الأمريكيين في إقليمي دونيتسك ولوهانسك اللذين اعترفت بهما موسكو كدول مستقلة.
واعتبرت روسيا، بتصريح سابق للمتحدثة باسم وزارة الخارجية، العقوبات الغربية ضدَّها بأنَّها "غير جديدة وتستهدف روسيا منذ وقت طويل". كما رد نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودنكو، على سؤال ما إذا كانت روسيا تخشى قرار ألمانيا بتعليق مشروع خط الغاز "نورد ستريم2" بقوله "موسكو لا تخشى شيئاً".
وبعيداً عن واشنطن وحلفائها الأوروبيين، دعا مندوب جمهورية الصين، في جلسة مجلس الأمن التي أعقبت الاعتراف الروسي باستقلال الإقليميين، إلى "ضبط النفس"، مُطالباً كافة الأطراف بالابتعاد عن أي خطوات قد تزيد من التوتر الذي يشهده العالم.
وقال رئيس تركيا، رجب طيب أردوغان، إنَّ اعتراف روسيا باستقلال دونيتسك ولوغانسك " يشكل انتهاكًا واضحًا لوحدة أوكرانيا السياسية وسيادتها وسلامة أراضيها، ويتعارض مع اتفاقية مينسك".
وأعلن مندوبو دول أخرى، مثل الجابون، كينيا، المكسيك، غانا والهند تضامنهم مع أوكرانيا. وحذَّر المندوب الهندي من أنَّ التطورات التي يشهدها إقليم دونباس الأوكراني، الذي يضم لوغانسك ودونيتسك، قد تسبَّب بالإخلال وزعزعة أمن المنطقة.
عربياً، طالبت مندوبة دولة الإمارات العربية المُتحدة في مجلس الأمن، لانا نسيبة، بالتهدئة وضبط النفس. وقالت نسيبة في كلمتها إنَّه "يجب المحافظة على الأمن الإقليمي والدولي، والتوصل لحل سلمي للأزمة يتناسب مع القانون الدولي واتفاقية مينسك".
أما سوريا، فقد نقل التلفزيون الرسمي عن وزير الخارجية فيصل المقداد قوله خلال فعالية في العاصمة الروسية موسكو قوله "تدعم سوريا قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف بجمهوريتي لوجانسك ودونيتسك".
وأضاف المقداد "ما يفعله الغرب ضد روسيا يماثل ما قام به ضد سوريا خلال الحرب على الإرهاب". فيما لم تعلَّق إسرائيل والدول العربية الأخرى حتَّى اللحظة.
الأطراف باليمن
في اليمن، لم يصدر المجلس الانتقالي الجنوبي، الساعي لاستقلال دولة جنوب اليمن التي كانت في وقت مضى أبرز حلفاء الاتحاد السوفييتي في المنطقة، أي تعليق على الخطوة الروسية حتَّى الآن.
بالنسبة لنائب رئيس الدائرة الإعلامية بالمجلس الانتقالي، منصور صالح، فالمجلس "منشغل حالياً بترتيب البيت الداخلي الجنوبي والنهوض بواجباته تجاه قضية الجنوب. وقال صالح لـ "سوث24" إنَّ الانتقالي "يتابع باهتمام كل التطورات المتعلقة بالصراع بين روسيا وأوكرانيا، وكذا إعلان انفصال دونيتسك ولوغانسك".
في الشمال، أعلنت جماعة الحوثي المدعومة من إيران تأييدها لقرارات روسيا الاعتراف بإقليمي دونيتسك ولوغانسك جمهوريتين مستقلتين. وقال القيادي البارز في الجماعة المُسيطرة على صنعاء ومعظم الشمال اليمني، محمد علي الحوثي، في حسابه على تويتر "نؤيد الاعتراف بدونيتسك ولوغانسك جمهوريتين مستقلتين، وندعو إلى ضبط النفس وعدم الانزلاق في حرب يراد لها استنزاف القدرات الروسية".
وقال مستشار الشؤون العسكرية في مركز "سوث24"، العميد ركن ثابت حسين صالح إنّ "الخطوات الروسية جاءت بعد دراسة معمّقة لكل السناريوهات المحتملة وردود الأفعال الأوكرانية والغربية". وأضاف بأنّ "بوتين حرص على اتخاذ كافة الخطوات لصناعة قرار جماعي ومؤسسي وبغطاء روسي رسمي وشعبي".
وقال صالح إنّ "خيارات أوكرانيا ستكون محدودة وضيقة وقد تنحصر بين خياري الإعتراف بالدولتين أو الحرب، فيما ستتراوح خيارات الغرب حتى الآن بين العقوبات ودعم أوكرانيا بكل الوسائل الممكنة".
- مركز سوث24 للأخبار والدراسات + وكالات
الصورة: بوتين خلال خطاب متلفز أعلن خلاله استقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك (الجزيرة)