26-02-2022 الساعة 10 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | واشنطن
مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية يومها الرابع، تمتلأ الصحافة الغربية، وعلى وجه الخصوص الأمريكية، بموجة من النقد للقيادات الغربية لسوء تقديرها نوايا الرئيس الروسي، وضابط المخابرات السابق، فلادمير بوتين.
وفي هذا الصدد قالت صحيفة وول ستريت جورنال إنّ القوى الغربية وحلفاءها الذين اصطفوا لمعارضة غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا، لا يمكنهم القول إنه لم يحذرهم.
وأضافت الصحيفة في تحليل مطول إنّ "الضابط السابق في المخابرات السوفياتية انتقد قبل 15 عاما، هيمنة الولايات المتحدة على الشؤون العالمية وهاجم النظام الأمني بعد الحرب الباردة باعتباره تهديدًا لبلاده. وفي السنوات التي تلت ذلك، انتزع أجزاء من جورجيا، وضم شبه جزيرة القرم وأرسل قوات إلى منطقة دونباس الأوكرانية."
وقالت الصحيفة أنّ "بوتين أرسل إشارات متكررة بأنه ينوي توسيع دائرة نفوذ روسيا، واعتبار توسع منظمة حلف شمال الأطلسي باتجاه الشرق تهديدًا وجوديًا لأمن موسكو. وأوضح أنه ينظر إلى أوكرانيا كجزء من روسيا."
ومع ذلك، تقول الصحيفة، و"حتى وقت قريب، قلة من القادة الغربيين الذي يعتقدون أن السيد بوتين سيخوض غزوًا واسع النطاق، بعد أن أخطأت في تقدير تصميمه على استخدام القوة - على نطاق يشير إلى الغزو السوفيتي لتشيكوسلوفاكيا في عام 1968 - لاستعادة السيطرة الروسية على الدول الواقعة على أطراف أراضيها."
وقالت الصحيفة "لقد وضع هجوم السيد بوتين الشامل على أوكرانيا الغرب في موقف ضعيف، حيث يكافح الآن لإيجاد طرق لردع عدوان الكرملين والتأثير على زعيم روسي أبدى صراحة ازدراءه للغرب وأثار الشك بشأن استعداده لاتخاذ إجراءات حاسمة. تتحمل أوكرانيا الآن تكاليف فشل الغرب في ردع روسيا، والتي ظلت طوال 14 عامًا في حالة مَطْهر استراتيجي: تم تحديدها لعضوية محتملة في منظمة حلف شمال الأطلسي ولكنها لم تنظم.."
وعلى المدى الطويل، تقول وول ستريت جورنال "مزق الغزو العلاقات الباردة بالفعل بين التحالف الغربي وموسكو."
وأشارت إلى أنه "عندما غزت قوات بوتين جورجيا في عام 2008 بعد أن وُعدت بعضوية الناتو في نهاية المطاف، واعترفت بمنطقتين منفصلتين، رد الغرب بتعليق الحوار مؤقتًا، قبل العودة إليه كالمعتاد. كما أنّ العقوبات التي فُرضت بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014 لم تؤد إلى شيء."
في الأشهر الأخيرة، تقول الصحيفة "وضع كبار المسؤولين الأمريكيين خطط غزو بوتين. ومع ذلك، فإنّ سوء قراءة السيد بوتين يمر عبر العديد من الإدارات الأمريكية."
وعددت الصحيفة استراتيجيات آخر أربعة رؤساء أمريكيين في تعاطيهم مع بوتين.
"قال الرئيس السابق جورج دبليو بوش إنه نظر في عيني بوتين ووجده جديرًا بالثقة. رفض الرئيس السابق باراك أوباما روسيا بوتين باعتبارها "قوة إقليمية" تهدد جيرانها بسبب ضعفها. رأى الرئيس السابق دونالد ترامب أنّ حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين، وإحجامهم عن تحمل المزيد من أعباء الدفاع، مشكلة أكبر من إخطار الكرملين. سعى الرئيس بايدن إلى بناء علاقة "مستقرة ويمكن التنبؤ بها" مع السيد بوتين من خلال اجتماع قمة في يونيو." كما تقول الصحيفة.
ويقول التحليل أنّ "الهجوم [على أوكرانيا] كشف عن حالة الرضا عن النفس في أوروبا، الأمر الذي سمح لجيشها بالانكماش ولم يفعل شيئاً يذكر لتقليل اعتمادها في مجال الطاقة على روسيا، على الرغم من سلوك موسكو العدواني المتزايد.. حتى في الوقت الذي يفرض فيه الغرب عقوبات على روسيا، فإنه [الغرب] يرسل مئات الملايين من الدولارات يوميًا لدفع ثمن الغاز الروسي."
يشعر القادة الغربيون بالارتياح تجاه الطبيعة المحدودة لتدخلات بوتين العسكرية السابقة، وفقا للصحيفة. إذ اعتبروا تلك عمليات صغيرة يمكن إنكارها.."
وقالت الصحيفة أنّ "الولايات المتحدة وحلفاءها لم يقوموا بحشد النفوذ العسكري والاقتصادي لإحباط غزو لأوكرانيا"، كما "لم يقدموا تنازلًا دبلوماسيًا كبيرًا، مثل وقف توسع الناتو."
لم يستخف الغرب بالقدرات العسكرية الروسية. قال وليام كورتني، السفير الأمريكي السابق في جورجيا وكازاخستان خلال إدارة كلينتون: "لكن الغرب ربما قلل من تقدير رغبة الكرملين في استخدام القوة في أوروبا، وضد شعب يزعم بوتين أنه واحد مع الروس".
بدا بوتين محترما
وتقول الصحيفة إنه "بحلول الوقت الذي وصل فيه السيد بوتين إلى السلطة - عن طريق المخابرات السوفيتية والسياسة المحلية في موطنه الأصلي سانت بطرسبرغ - كانت روسيا داخل مجموعة الثماني وكان يتم استشارتها من قبل الناتو على الرغم من بقائها خارج الحلف. وفي اتصالاته المبكرة مع القادة الغربيين على الساحة الدولية، بدا السيد بوتين محترمًا."
وقالت إنّ الرئيس بوش حاول بناء علاقة شخصية معه. ففي أول اجتماع لهما في قمة سلوفينيا في يونيو 2001، قال السيد بوش: "نظرت في عيني الرجل ووجدته واضحًا جدًا وجديرًا بالثقة. لقد تمكنت من الشعور بروحه. إنه رجل ملتزم بشدة تجاه بلده والمصالح العليا لبلده".
قال توماس جراهام، المسؤول الكبير في مجلس الأمن القومي للشؤون الروسية في إدارة بوش، إنّ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق كان الأول من بين عدة أحداث كان سيعترض عليها بوتين إذا كان لروسيا المزيد من النفوذ.
قال جراهام: "لم يؤمن بوتين بهذه الأشياء، لكنه لم ير فائدة كبيرة في معارضتها لأن الغرب كان سيفعلها على أي حال". "أخبر الناس أنه لن يعارضهم علنًا لأن ذلك سيجعله يبدو سيئًا فقط".
الثورات الملوّنة والربيع العربي
وتقول الصحيفة أنّ "شكوك السيد بوتين تجاه الغرب أصبحت أكثر وضوحًا مع ما يسمى بالثورات الملونة التي بدأت في عام 2004 والتي أطاحت بقادة الدول السوفيتية السابقة، ثم مع الربيع العربي لاحقًا."
وفي غضون ذلك، واصل الناتو توسعه، تضيف الصحيفة، ليشمل دول أوروبا الشرقية التي كانت جزءًا من حلف وارسو المتحالف مع الاتحاد السوفيتي في عام 1999 ثم في عام 2004، عندما تم توسيع الحلف أيضًا ليشمل دول البلطيق الثلاث التي كانت جزءًا من الاتحاد السوفيتي.
لذلك، تقول الصحيفة "أصبح غضب السيد بوتين من التوسيع واضحًا في خطاب ألقاه في مؤتمر ميونيخ للأمن السنوي في عام 2007، حيث فاجأ جمهوره وهو ينتقد العالم أحادي القطب الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة. بالوعود الكاذبة من الغرب بأنّ الناتو لن يتحول شرقًا، وصوّر ذلك التوسع أنه تهديد لروسيا."
وقال بوتين [حينها] إنّ التوسيع "يمثل استفزازا خطيرا يقلل من مستوى الثقة المتبادلة. ولدينا الحق في أن نسال: ضد من يهدف هذا التوسع؟".
وتقول الصحيفة أنّ التوترات تصاعدت بعد عام، بعد أن تمت دعوة السيد بوتين إلى قمة الناتو في بوخارست، حيث كان القادة يناقشون إمكانية ضم جورجيا وأوكرانيا إلى الحلف. وبينما أراد السيد بوش قبول الدولتين خلال وقت قصير، عارضت فرنسا وألمانيا هذه الخطوة. وفي النهاية، سمح بحل وسط بقبول جورجيا وأوكرانيا في نهاية المطاف ولكن دون تحديد موعد لذلك.
لذلك تقول الصحيفة "حددد المتشددون في موسكو [جورجيا وأوكرانيا] على أنهم خصوم محتملون في المستقبل - لكنها لم تكن محمية بعد بضمانات التحالف الأمنية.
في أغسطس من ذلك العام، غزا السيد بوتين جورجيا، وهزم الجيش الجورجي الذي دربته الولايات المتحدة. يقول الخبراء الغربيون إنّ روسيا تعلمت من الحوادث العسكرية في ذلك التوغل، ثم طوّرت معداتها وتحولت إلى جيش محترف، وليس مجندًا، وفقا للصحيفة.
بعد أن استولت القوات الروسية على شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في عام 2014، رفض السيد أوباما التطور باعتباره تصرفات "قوة إقليمية تهدد بعض جيرانها المباشرين، ليس بسبب القوة ولكن بسبب الضعف". وفي العام التالي، بعد تدخل القوات الروسية في سوريا نيابة عن الرئيس بشار الأسد، قلل المسؤولون الأمريكيون من الأهمية، قائلين إنها قد تؤدي إلى مستنقع روسي.
يقول السيد شيا، المسؤول السابق في حلف شمال الأطلسي "كان ينبغي في رأيي أن نفرض العقوبات على روسيا التي نفرضها اليوم إما في عام 2008 أو 2014، لأن بوتين ربما يكون بذلك قد تلقى رسالة مفادها أنّ الغرب سيرد بقوة وربما يتم ردعه".
- التقرير الأصلي بالإنجليزية: وول ستريت جورنال (WSJ)
- معالجة وتلخيص: مركز سوث24 للأخبار والدراسات
- الصورة: © SNA
قبل 3 أشهر