13-03-2022 الساعة 1 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| عبد الله الشادلي
تشهد منطقة وادي محافظة حضرموت، جنوب اليمن، انفلاتاً أمنياً مستمراً منذ سنوات، رغم انتشار قوات كبيرة تابعة للمنطقة العسكرية الأولى المتمركزة بالمنطقة؛ بالإضافة للأجهزة الأمنية المحلية.
وحدثت العديد من عمليات الاغتيال في وادي حضرموت على مدى الفترة الماضية، طال بعضها مسافرين مدنيين. ولم يتم القبض على أي من مرتكبي جرائم الاغتيال هذه. كما عادت إلى الواجهة ظاهرة اختطاف الأجانب.
وتنتشر في مناطق الوادي العديد من الألوية التابعة للمنطقة العسكرية الأولى. وتملك هذه القوات نقاطاً عسكرية وأمنية في مناطق عدَّة. ولم تمنع هذه النقاط حصول بعض الجرائم بجوارها. [1]
وسجّلت مديريات الوادي منذ العام 2015 وحتى العام 2020 ما يربو على 300 حالة اغتيال وقتل وخطف، قُيّدت جميعا ضد مجهول. [2]
قوات دخيلة
في حديث لـ «سوث24»، أرجع الصحفي لطفي بن سعدون أسباب الانفلات الأمني بمناطق وادي حضرموت، إلى "غياب أبناء المحافظة عن إدارة شؤونهم العسكرية والأمنية، ووجود الغرباء المتحكمين في ذلك".
وأضاف بن سعدون: "المسؤول عن الانفلات الأمني هي قيادة المنطقة العسكرية الأولى، والقيادات الأمنية الشماليّة المتحكّمة بالملفين العسكري والأمني في مناطق الوادي والصحراء".
لكنَّ مسؤولين في سلطة الوادي يرون أنّه من غير الإنصاف تحميل المنطقة العسكريّة الأولى مسؤولية الكشف عن مرتكبي الجرائم. [3]
وقال وكيل حضرموت المساعد لشؤون مديريات الوادي والصحراء عبد الهادي التميمي، في تصريحات سابقة لـ "سوث24"، إنَّ تحميل المنطقة الأولى مسؤولية الانفلات الأمني "مكايدة سياسية".
في المقابل، اعتبر بن سعدون أنّ "العمليّات الإرهابية بوادي حضرموت لن تنتهي إلا إذا حلّت قوات النخبة والأمن الحضرمي محل قوات المنطقة العسكرية الأولى والقوات الأمنية". وأشار الصحفي الحضرمي إلى أنَّ "تجربة ساحل حضرموت خير شاهد على إحلال والأمن والاستقرار في مناطقها".
اختطاف الأجانب
في 5 مارس، أفادت مصادر محلية وصحفية بتعرض موظفين أجنبيين لدى منظمة "أطباء بلا حدود" للاختطاف في وادي حضرموت.
ووفقاً لوكالة سبوتنيك، اعترض مجهولون سيارة الموظفين الألماني والمكسيكي أثناء مرورهما على الطريق الرابط بين منطقتي العبر والخشعة غرب حضرموت، واقتادوهما إلى جهة مجهولة. [4]
وحدثت عملية الاختطاف هذه بين منطقتي العبر والخشعة حيث تنتشر عدد من نقاط المنطقة العسكرية الأولى، وفقاً لمصادر خاصة لـ "سوث24". وحتَّى الآن، لم تتضح هوية المختطفين، ولم تتبنَ أي جهة العملية. لكنَّ تقارير اتهمت تنظيم القاعدة بالوقوف خلف العملية. إلا أنَّ التنظيم لم يُعلن عن ذلك حتَّى اللحظة.
وتعليقاً على الموضوع، قال رئيس المجلس الانتقالي بمديرية سيئون، عبد الرحمن الجفري لـ«سوث24»: "الأجهزة الأمنية تواصل لعب دور المتفرج أمام ما يحدث من عمليات قتل واختطاف".
ولم يستبعد صحفيون من أبناء وادي حضرموت، تحدثوا لـ "سوث24" أنَّ تكون عملية الاختطاف قد جرت "باتفاق بين المنطقة العسكرية الأولى والخاطفين. واتهم بعضهم المنطقة بانتماء الخاطفين لها.
ولا تتوفر حتَّى الآن لدى "سوث24" أي معلومات أو أدلة تؤكَّد أو تنفي صحة هذه الاتهامات.
في المقابل، رأى الوكيل التميمي أنّ هذه العمل ناجم عن "عدم وجود تنسيق بين الوفد الأجنبي والأجهزة الأمنية". وقال التميمي "من منظوري الشخصي، كان يتوجّب على الوفد الذهاب في جولتهم مع حراسة أمنية، لتفادي أي مخاطر مُحتملة".
وعن مكاسب عملية الاختطاف هذه، أضاف التميمي "الجماعات الإرهابية تنظر إلى الأجانب كوسيلة ضغط لتحقيق أهداف معيّنة".
فيما اعتبر محللون سياسيون أنَّ "مثل هذه العمليّات تهدف إلى إشاعة أنّ مناطق جنوب اليمن غير آمنة". وقالوا إنَّ عملية الاختطاف هذه وعمليات الفوضى الأخرى "تأتي عندما تزور وفود أجنبية الجنوب". [5]
حملات قمعية
قمعت قوات المنطقة العسكرية الأولى العديد من الفعاليات الجماهيرية السلمية لأبناء حضرموت خلال العامين الماضيين، كان آخرها فعالية "سيئون" في 12 فبراير الماضي، التي طالبت برحيل قوات المنطقة.
لقد استعملت هذه القوات الرصاص الحي، والضرب بأعقاب البنادق لثني المشاركين السلميين القادمين من كل أنحاء المحافظة. كما احتجزت عشرات الوفود في نقاطها، واستحدثت نقاطاً جديدة.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ فعالية سيئون تزامنت مع انقطاع خدمة الإنترنت بشكل مفاجئ على مناطق وادي حضرموت. لقد اعتبرت مصادر سياسية لـ "سوث24" ذلك بمثابة إشارة للتنسيق بين الحوثيين المسيطرين على الاتصالات وقوات المنطقة الأولى.
إخراج المنطقة الأولى
دعت قيادة الهّبة الحضرميّة في لقائها التشاوري المُنعقد في الـ 26 من فبراير/ شباط الماضي، إلى سرعة تطبيق اتفاق الرياض وإخراج القوات الشمالية من مناطق الوادي. وحذّرت من انفجار الوضع بين المنطقة الأولى وأبناء الوادي. [6]
ويُعتبر مطلب إخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى من حضرموت وإرسالها لجبهات القتال ضد الحوثيين أحد أبرز مطالب التصعيد الشعبي غير المسبوق بحضرموت، منذ أشهر. ويتوافق هذا مع دعوات المجلس الانتقالي الجنوبي.
ويتهم الانتقالي المنطقة بإيواء العناصر الإرهابية بوادي حضرموت. وكذلك الوقوف خلف جرائم الاغتيالات. [7]
وحول ذلك، قال عبد الرحمن الجفري: "التحالف العربي مسؤول عمَّا يحدث في الوادي. نحن نطالب التحالف بسرعة تطبيق الجانب العسكري من اتفاق الرياض وإخراج هذه القوات من مناطق الوادي".
واتهم القيادي بالمجلس الانتقالي سلطات وادي حضرموت بارتباطها مع المنطقة العسكرية الأولى لأجل "مصالح متبادلة". واعتبر الجفري أنَّ موقف سلطات الوادي "سيء للغاية حتَّى الآن". وأضاف، "جميع أبناء حضرموت يجمعون على رحيل المنطقة الأولى. المعارضون لهذا القرار الشعبي قلّة وهم مدعومون من قبل السلطة".
وفي منتصف فبراير، دعا المجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة حضرموت ألوية العمالقة الجنوبية للتدخل وإخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى. [8]
صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات
الصورة: نقطة عسكرية تابعة للمنطقة الأولى في وادي حضرموت (يمن شباب)