25-08-2022 الساعة 9 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | عدن
توصلت دراسة بحثية تحليلية حديثة، إلى استنتاجات قاطعة، قالت إنها "تثبت" دعم قناة "الجزيرة" القطرية لجماعة الحوثيين في اليمن، إعلامياً وتبني "القناة" بشكل موجه لخطاب "الجماعة"، من خلال التكامل الديناميكي للمحتوى الذي تعرضه على شاشتها.
وتناولت الدراسة البحثية التي أصدرها مركز سوث24 للأخبار والدراسات، الخميس، النهج الإعلامي الذي تتبعه، قناة الجزيرة تجاه جماعة الحوثيين، أحد أبرز أطراف الصراع المعقّد في اليمن.
حيث قام الباحث بتحليل الأسلوب الإعلامي للقناة القطرية، في حلقة واحدة من برنامج "الحصاد" الحواري الشهير، التي تضمّنت محتوىً إعلامياً عن الصراع بين جماعة "أنصار الله" الحوثيين والتحالف المساند للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في حرب اليمن، عقب هجمات على منشآت إماراتية مطلع يناير الماضي، تبناها الحوثيون.
وهدف البحث الذي أعده الخبير في تحليل الخطاب الإعلامي وماجستير اللغويات التطبيقية، مبارك عامر بن حاجب، إلى "التحقق من فرضية انحياز قناة الجزيرة العامة الناطقة باللغة العربية للخطاب الإعلامي السياسي والعسكري لجماعة الحوثيين، فيما يتعلق بالشأن الإقليمي الذي يخص دول التحالف العربي كالسعودية والإمارات".
واستخدم الباحث في هذه الدراسة البحثية منهجية تحليل الخطاب النقدي مع استخدام بعض رموز "جيل جيفرسون سيستم" التي تُستخدم في تحليل المحادثة والحوار.
وقال البحث، الذي يعدّ الأول من نوعه في هذا المجال، "أنّ الحرب الإعلامية التي تدور رحاها اليوم على القنوات التليفزيونية الفضائية في العالم العربي هي الحرب الأكثر شراسة والأقل تكلفة بالنسبة للدول والهيئات والمنظمات والجهات. ولهذا السبب، لجأت هذه الجهات لتوسيع هيمنتها ونفوذ أجنداتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى العقائدية، إلى الإعلام".
الجزيرة والحوثيون
تمثّل شبكة "الجزيرة" الإخبارية القطرية التي تضم مجموعة من القنوات الإخبارية، واحدة من أهم الشبكات الإخبارية المؤثرة عربيا، لما تمتلكه الشبكة، التي تمولّها دولة قطر، من كادر إعلامي محترف ومؤهل تأهيل عال، ولمواكبتها التقنيات الحديثة المتطورة وامتلاكها لموارد مادية ضخمة وضعتها في أولويات المشاهد العربي المهتم بالشأن السياسي على وجه التحديد.
وقال البحث أنّ "القناة التي تأسست في 1996، كسرت حاجز الإعلام التقليدي الرسمي وبنت حضورها الجماهيري من خلال تجاوزها لمحرمات الإعلام وتقديم رواية مختلفة للأحداث، طالما اعتمد المشاهد على سماع نقيضها من وسائل الإعلام الخاضعة للأنظمة العربية."
لكن، وبحسب البحث، سرعان ما بدأت أصابع النقد والاتهام توجّه للشبكة القطرية المثيرة للجدل. خصوصا، منذ اندلاع ما سميت "ثورات الربيع العربي" في عام 2011، التي لعبت الشبكة دورا فاعلاً في تغطيتها والتأجيج لها"، ومن ضمنها ملف الصراع اليمني المستمر منذ العام 2014.
وزعم البحث التحليلي أنّ "النهج الإعلامي المنحاز في كثير من القضايا، الذي انتهجته قناة "الجزيرة" عند تناولها للمواضيع الساخنة في المنطقة العربية وفي شبه الجزيرة العربية على وجه الخصوص، دفع بعض المراقبين إلى التشكيك بشروط المبادئ الإعلامية التي طالما ادعت القناة تمسكها بها كـ "الرأي والرأي الآخر" و "الجزيرة منبر من لا منبر له".
ووفقا للبحث، منحت قناة "الجزيرة" العامة الناطقة باللغة العربية على وجه الخصوص لجماعة الحوثيين تغطية إعلامية مكثّفة لمعظم أخبار "الجماعة" التي تتعلق بصراعها الإقليمي مع دول التحالف العربي، وبالذات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وبدت تلك التغطية منحازة، وفقا للدراسة البحثية، منذ الأزمة الدبلوماسية مع الدوحة وإعلان الحصار الرباعي على قطر في 5 يونيو 2017، رغم أنها خفت حدتها تجاه بعض دول الرباعية، بعد اتفاق المصالحة مع قطر في العلا، الذي أعلن عنه وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح في 4 يناير 2021، وبعد عودة العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة.
الاستنتاج
وخلص البحث التحليلي إلى نتائج أكدت دعم قناة الجزيرة لجماعة الحوثيين في اليمن إعلاميا. تمثّل ذلك في انحيازها الواضح لخطاب "الجماعة" الموجه للإقليم بشكل ذكي وإبرازه للمشاهد تزامناً مع الغياب التام لصوت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
ووفقا للبحث عزز هذه النتيجة مجموعة نقاط:
• الاحترافية العالية في صياغة الخبر مع الدمج المتزامن لظهور الصورة الثابتة والمتحركة (الفيديو) على الشاشة المتكرر استخدامها أكثر من مرة وفي مواقع مختلفة من الحلقة، والتكرار المفرط للعبارات والجُمل "الإخبارية" المكتوبة في أسفل الشاشة والمصاحبة للصورة، والأداء الصوتي المتمكن للمذيع مع اختيار نوعية ضيوف الحلقة والأسئلة الموجهة لهم. جميعها تؤكد نية قناة "الجزيرة" في حشو ذهنية المشاهد العربي بآراء تنسجم مع خطاب جماعة الحوثيين السياسي والعسكري.
• مدى توجه قناة "الجزيرة" في تبني مضمون خطاب الحوثيين في تصوير دولة الإمارات العربية المتحدة بأنها دولة غير آمنة وأنّ الجماعة اليمنية تستطيع ضرب أمنها واقتصادها في أي وقت لإشاعة الهلع الأمني داخل الإمارات، وما قد يشكله ذلك من تبعات اقتصادية كبيرة على الدولة الخليجية، وإبراز قدرة "الحوثيين" الكافية في التأثير على الاقتصاد العالمي من خلال ضرب مصادر الطاقة في الخليج العربي.
• إصرار "القناة" القوي على تسليط الضوء على الدور الأمريكي في حرب اليمن، يعزز من المزاعم التي تقدمها الجماعة الحوثية لجمهورها بأنها تواجه "عدوان أمريكي".
• إثارة ملف العلاقات الأمنية بين دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة إسرائيل بعد توقيع اتفاقية "التطبيع" بين البلدين، يعزز من خطاب الحوثيين المناهض لإسرائيل ويثير مشاعر المشاهد العربي ضد التطبيع، ويرسخ فكرة الحوثيين بأنها تواجه "عدوان صهيوني".
• حرص قناة "الجزيرة" بتأكيد البُعد الإيراني لهجمات جماعة الحوثيين على الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، بهدف توجيه الاتهامات نحو أكثر من طرف.
• يؤكد طبيعة توظيف مشاهد مصورة من جنوب اليمن، خلال الحديث عن "رد" الإمارات، على انسجام القناة وتطابق خطابها مع خطاب الحوثيين، الذي طالما يصف القوات الأمنية والعسكرية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، بـ "المليشيات المدعومة إماراتيا".
• تمتلك القناة تقنيات حديثة وضخمة تستغلها بصورة ذكية لتمرير أجندتها السياسية الإعلامية، لمحاولة تشويه أو تقزيم أو تسطيح طرف، ورفع وتضخيم وتهويل طرف آخر.
• طوال هذه الحلقة من برنامج "الحصاد"، تجاهلت القناة دور الحكومة اليمنية المعترف بها دولية، وحاولت منح هذا التصعيد بعدا إقليميا وعالميا، يهدف، على الأرجح، لإظهارها ضعيفة في هذا الجانب من الصراع.
- يمكن تحميل هذا البحث، بصورة مجانية، بصيغة "بي دي إف"، من هنا
- جميع الحقوق محفوظة لـ مركز سوث24 للأخبار والدراسات