المجلس الرئاسي يؤدي صلاة عيد الفطر بعدن (رسمي)
27-09-2022 الساعة 1 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | عبد الله الشادلي
في 7 أبريل الماضي، أعلن الرئيس اليمني السابق، عبد ربه هادي، نقل صلاحياته الدستورية كاملة إلى مجلس قيادة رئاسي مكوّن من ثمانية أشخاص. جاء ذلك عقب قرار جمهوري قضى بإعفاء نائب الرئيس، الجنرال الشمالي علي محسن الأحمر، المقرب من الإسلاميين.
وسمَّى القرار رشاد العليمي رئيسا لمجلس القيادة الرئاسي، وعضوية كلا من عيدروس الزبيدي، سلطان العرادة، طارق صالح، عبد الرحمن المحرمي، عبد الله العليمي، عثمان مجلي، وفرج البحسني. ومنح القرار الأعضاء السبعة درجة نائب رئيس.
ويقترب هذا المجلس، الذي يعتبر أبرز متغير سياسي في اليمن منذ بداية الأزمة، من إكمال 5 أشهر على تأسيسه. وعلى الرغم من تباين واختلاف أجندات وأهداف أعضائه، والقوى والمكونات التي يرأسها هؤلاء الأعضاء، لا زال المجلس، حتَّى الآن، يبدو متماسكا رغم تكاثف الإشكالات والتحديات أمامه.
لكن هذا التماسك اليوم قد يكون مهددا بشكل حقيقي مع تصاعد الخلافات، المتوقعة، داخل أروقة المجلس الرئاسي، التي نتجت بشكل رئيسي عن بعض الإصلاحات التي أجراها المجلس الرئاسي في الحكومة والقضاء التي استهدفت في مجملها نفوذ حزب الإصلاح اليمني الذي كان مهيمنا على أجهزة الدولة الرسمية.
وفي 25 مايو الماضي، أصدر المجلس الرئاسي قرارا بتعيين القاضي قاهر مصطفى نائبا عاما للجمهورية، خلفا للعسكري المقرب من الإصلاح أحمد الموساي. كما عينَّ، في 28 يوليو، الفريق محسن الداعري وزيراً للدفاع خلفا للفريق محمد المقدشي المقرب أيضاً من الإصلاح.
وفي 4 أغسطس، أجرى الرئاسي إصلاحات قضائية واسعة أطاحت برئيس المحكمة العليا المنتمي للإصلاح، القاضي حمود الهتار، وتعيين قيادة جديدة لمجلس القضاء الأعلى والمحكمة العليا للدولة.
في غضون ذلك، كانت الأوضاع الأمنية والعسكرية المتوترة في محافظة شبوة قد بلغت ذروتها بعد اشتباكات بين قوات الأمن الخاصة الموالية للإصلاح، وقوات دفاع شبوة الموالية للمجلس الانتقالي الجنوبي، في مدينة عتق.
وأفضت الأوضاع في شبوة إلى إصدار المحافظ عوض العولقي قرارا بإقالة العميد عبد ربه لعكب من قيادة القوات الخاصة، وهو ما رفضه الأخير، لينتج عنه معارك لأيام في عتق بين القوات الجنوبية والسلطة المحلية من جهة، والقوات الموالية للإصلاح من جهة أخرى.
أدَّت معارك عتق لإخراج القوات الموالية للإصلاح في 10 أغسطس من هذا العام. وفي عشية ذلك اليوم، تواردت الأنباء عن تقديم عضو المجلس الرئاسي عبد الله العليمي استقالته، قبل أن يتراجع عن ذلك في اليوم التالي، وفقا لوكالة رويترز.
وفي 12 أغسطس، أصدر الإصلاح بيانا أدان فيه أحداث شبوة وهدد بسحب مشاركته "من كل المجالات" إذا لم تتم إقالة محافظ شبوة. وكان المجلس الرئاسي قد شكل في وقت سابق لجنة بقيادة وزير الدفاع حول الأوضاع في شبوة، وأصدر قرارات بإقالة القيادة العسكرية والأمنية المتورطة فيما وصفه بـ "التمرد" ضدَّ السلطة المحلية.
ولم يعقد المجلس الرئاسي اجتماعا بكامل الأعضاء في عدن من ذلك الحين، بل قبلها بكثير حين كان بعض الأعضاء مثل طارق صالح وسلطان العرادة قد غادروا عدن إلى مناطق سيطرتهم في المخا ومأرب في وقت سابق.
وفي ندوة مشتركة مع السفير الأمريكي السابق لليمن نظمها معهد الشرق الأوسط، الجمعة، أقر رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي بوجود الخلافات داخل المجلس. وقال العليمي: "الخلافات موجودة داخل المجلس لكن نحن حريصون على استمراره وفق القواسم والثوابت المشتركة."
وأشار العليمي إلى أنه لم يستخدم حق التصويت داخل المجلس الرئاسي حرصا على عدم أن يكون هناك "غالب ومغلوب". وقال إنه يحاول على تأجيل القضايا الخلافية و"هناك قناعة لدى أعضاء المجلس أنَّ القتال يؤدي لمشكلات وأن الحوار هو الأسلم لحلها".
الأداء والتوافق
وحول أداء وتوافق المجلس الرئاسي خلال الفترة السابقة، قال الصحفي والمحلل السياسي صالح البيضاني لـ "سوث24": "أعتقد أن الفترة لا زالت مبكّرة للحكم على أداء المجلس الرئاسي وتوافقه؛ ولكن هناك مؤشرات إيجابية وأخرى سلبية. هذا جزء من تعقيدات المشهد اليمني التي ألفناها."
ويرى القيادي بالمجلس الانتقالي منصور صالح أنَّ "أداء المجلس الرئاسي يسير بشكل جيد".
وأضاف صالح لـ "سوث24": "هناك توزيع للمهام والتحركات داخلياً وخارجيًا والتواصل بين رئيس وأعضاء مجلس القيادة لا ينقطع. كما أنَّ هناك توافق في مواجهة ومعالجة مختلف الملفات، ومن ذلك ما تجسد في موقف المجلس القوي من التمرد في شبوة ومن عمليتي سهام الشرق وسهام الجنوب".
لكنَّ رئيس مركز التغيير للدراسات الاستراتيجية، علي سالم بن يحيى، يرى أنّ "أداء المجلس الرئاسي سيئ ولم يقدم جديداً". وقال لـ«سوث24»: "الرئاسي يسير على السياق ذاته الذي سار عليه الرئيس السابق، كما أنَّه لم يقم بأي حلول سياسية أو اقتصادية".
انسحاب الإصلاح
وبشأن تهديد حزب الإصلاح سحب مشاركته من كل المجالات ومن المجلس الرئاسي، قال منصور صالح: "لن يفعلها الإصلاح إلا إذا كان ما سيقبضه من ثمن كبيراً."
وأضاف: "الإصلاح حزب انتهازي ومسكون بحب السلطة. مع ذلك، فهو يعاني حالة انفصام من خلال ممارسته لدور الحاكم والمعارضة معاً وهذه صفة ملازمة له منذ سنوات".
ويعتقد القيادي بالانتقالي أنَّ "انسحاب الإصلاح من مصلحة مجلس القيادة الرئاسي، كما أنَّه سيقوي جبهة مواجهة الحوثيين." واعتبر صالح أنَّ "وجود هذا الحزب داخل الشرعية الحالية لا يقدم شيئاً، كما أنَّ خروجه لن يضر."
وأردف: "يوجد أهداف محددة للمجلس سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وهو ملزم بإنجازها. وهناك جهد كبير يبذل في هذا الاتجاه. نتمنى بأن تمضي الأمور إلى تحقيق الغاية من وجود المجلس والحفاظ عليه، فهو آخر الفرص المتاحة لتحقيق النصر على الحوثيين ومن يتماهى معهم من قوى الإرهاب".
لكن الصحفي عبد الرحمن باتيس يرى أنًّ ما قام به الإصلاح مؤخرا أمر له مبرراته. وأضاف لـ "سوث24": "لم تكن قرارات المجلس الرئاسي الأخيرة موفقة. لقد تسببت القرارات في إراقة الدماء وقتل الأبرياء في شبوة وأبين".
واعتبر باتيس أنَّ القوات الموالية للإصلاح في شبوة "قامت بما أملاه عليها ضميرها". ويعتقد أنَّه "لا بُد من اتخاذ إجراءات عقابية ضد محافظ شبوة الذي ساهم في تفكيك تلك القوات التي ظلت تؤدي واجبها دون مرتبات".
خطر الانقسام
يقلل صالح البيضاني من مخاطر انقسام المجلس الرئاسي ويستبعد حدوث ذلك. ووفقا له، فإن هناك "تضخيم إعلامي من قبل أحد الأطراف السياسية يشيع أنّ المجلس السياسي منقسم."
واعتبر البيضاني أنَّ الهدف من ذلك هو "تحقيق أهداف سياسية ومحاولة للضغط على المجلس الرئاسي". وأضاف: "لقد رأينا ذلك جليّاً من خلال بعض التصريحات التي تحاول الإيحاء بأنَّ المجلس الرئاسي منقسم منذ أحداث شبوة؛ لكن الواقع يقول إنَّ المجلس كان متماسكا تحديداً إزاء ما حدث في المحافظة".
وأردف: "ذلك الطرف السياسي، حاول عرقلة التحولات التي شهدناها بعد تشكيل المجلس، والتي ظهرت على شكل قرارات رئاسية أحدثت تغييراً في بعض المؤسسات، وعلى رأسها مؤسسة القضاء".
أما الكاتب عبد العزيز مساوى فيرى إنَّ "المجلس الرئاسي ملتئم واستطاع احتواء الجميع".
وأضاف لـ "سوث24": "حتى وإن وجدت خلافات، فإنها لن تكون كسابقاتها. الفرق شاسع بين أن يكون مكون واحد هو الشرعية وبقية المكونات في نظره مليشيات كما هو حال حزب الإصلاح، وبين أن تتوحد جميع المكونات ويشذ عن الصف مكون واحد".
الدعوات الأجنبية
في 2 سبتمبر، التقى عضو المجلس الرئاسي، العميد طارق صالح، السفير الأمريكي لدى اليمن، ستيفن فاجن. حث الأخير على "وحدة المجلس الرئاسي"، كما جاء في تغريدة للسفارة الأمريكية.
لم تكن هذه المرة الوحيدة التي يتحدث فيها سفير غربي عن وحدة المجلس الرئاسي اليمني، ففي 14 سبتمبر دعا سفير الاتحاد الأوروبي في اليمن، غابرييل مونويرا فينالس، إلى ذات الأمر في اتصال مرئي مع عضو الرئاسي اللواء عيدروس الزبيدي.
كما عبَّر السفير الفرنسي لدى اليمن جان ماري صفا، في 14 سبتمبر، عن دعم فرنسا لـ "وحدة المجلس الرئاسي"، بعد اجتماع مع وزير الدفاع اليمني في العاصمة السعودية الرياض.
هذه الدعوات والتصريحات أثارت التساؤل حول الوضع الحقيقي داخل المجلس الرئاسي وإذا ما كانت تعكس انقسام المجلس، أو التخوفات الغربية من حدوث ذلك.
وبشأن هذه الدعوات والتصريحات، قال منصور صالح: "هذا أمر يؤكد عليه الجميع، خاصة وأنَّ المجلس مُمثل من مكونات مختلفة ولديها مشاريع متباينة."
وأضاف: "كما أنّ هناك من يحاول أن يضع أمام المجلس بعض العقبات، لا سيّما ممثلي حزب الإصلاح [عبد الله العليمي وسلطان العرادة] اللذين يبديان موقفاً غير متحمساً تجاه بعض القضاياـ كالحرب على الإرهاب وتوريد موارد السلطات التي تتبع الحزب لخزينة البنك المركزي بعدن".
ويعتقد البيضاني أنَّ التصريحات الأجنبية هي "انعكاس مباشر لما يقوم به الطرف السياسي الذي يسعى لإظهار المجلس الرئاسي منقسماً". وأضاف: "هذا الطرف يجري لقاءات مع السفراء الأجانب ويتحدث عن انقسام الرئاسي في محاولة لابتزاز المجلس والضغط عليه".
معالجة
وعن معالجة الإشكالات التي يواجها المجلس الرئاسي، قال صالح البيضاني: "أعتقد أنَّ المجلس سيتجاوز الكثير من العثرات، وسيكون هناك فرز ينتهي بتشكيل أفق سياسي جديد واصطفاف داخل المجلس الرئاسي خلال الفترة القادمة".
وأضاف: "وفقاً لسياسة قرار تشكيل المجلس الرئاسي، هناك العديد من المعالجات. يمكن أن يلجأ رئيس المجلس إلى استخدام حقّه إلى جانب الأعضاء الآخرين". "بحكم أنَّهم يشكلون الأغلبية وأن عضواً أو عضوين فقط هم الذين يرفضون المشاركة في المجلس." ولفت إلى أنَّه "ربما تكون هناك خلافات طفيفة بين بقية الأعضاء إلا أنّه يمكن تجاوزها". ويعتقد البيضاني "أنَّ المجلس الرئاسي سيلتئم قريبا في عدن".
ومع اقتراب نهاية الهدنة الأممية الثالثة في 2 أكتوبر القادم، ووسط دعوات دولية لتوسيع الهدنة نحو اتفاق سلام شامل، يتسائل البعض عن طبيعة الخطوات التي سيقدّم عليها المجلس للحفاظ على التوافق الحذر بين أعضائه المختلفين، وإلى أي مدى سيستمر في ترحيل هذه الاختلافات أو معالجتها بالأخير.