الحوثيون والمناهج الدراسية: تلغيم الأجيال

تصميم: مركز سوث24

الحوثيون والمناهج الدراسية: تلغيم الأجيال

التقارير الخاصة

الإثنين, 31-10-2022 الساعة 09:42 مساءً بتوقيت عدن

سوث24| عبد الله الشادلي 

بعد  سنوات قليلة من سيطرتهم على العاصمة اليمنية السابقة، صنعاء، في 2015، وأجزاء واسعة من شمال اليمن، بدأ الحوثيون في تطبيق تعديلات واسعة على المناهج الدراسية في الصفوف والمدارس. وتركَّز معظمها على ترسيخ هالة القدسية لرموز الجماعة، والشحن الديني والمذهبي.


استقطاع مركز سو24 

وبشكل أساسي، اشتملت التعديلات على تعزيز مذهب الإمامة والولاية الشيعي في الكتب الدينية [القرآن – التربية الإسلامية]، بالإضافة لكتب اللغة العربية والتربية الوطنية. كما حاز زعيم الحوثيين، بالإضافة لأسرته [الوالد والأخ]، نصيباً وافراً من هذه التعديلات مثل وضع صورهم على الصفحات، أو اقتباس بعض عباراتهم.

ومؤخراً، وصلت التعديلات إلى إدراج أبيات لشعراء شعبيين منتمين للحوثيين في كتب اللغة العربية للمراحل الأساسية. كثير من هذه الأبيات يدعو إلى النفير والجهاد إلى جانب الجماعة في الجبهات، ويتغنَّى بمناسبات دينية شيعية ومحطات تاريخية مثل يوم 21 سبتمبر 2015 الذي اجتاح فيه الحوثيون صنعاء، ويحتفلون به سنويا كـ "ثورة وطنية."


قصيدة للشاعر المناصر للحوثيين معاذ الجنيد - كتاب اللغة العربية، الجزء الأول، الصف السابع (استقطاع مركز سوث24) 

في هذا التقرير، يرصد مركز "سوث24" نماذجاً من التعديلات التي أجراها الحوثيون على المناهج في شمال اليمن، ويسلط الضوء على خطورة هذه التغييرات وآثارها الراهنة والمستقبلية في تنشئة أجيال كاملة وفق أفكار طائفية ومذهبية تحض على العنف وكراهية الآخرين. بالإضافة لمخاطر تسربها إلى المدارس في مناطق المجلس الرئاسي. 
  
التعديلات 

يظهر من خلال أغلفة بعض المقررات الدراسية، مثل: مقرر التربية الوطنية للصف الثامن والتاسع الأساسيين اللذين جرى تعديلهما، على سبيل المثال، حرص الحوثيين على غرس مفهوم الحرب والسلاح، وتثبيت الشعارات الخاصة بالجماعة التي ترتبط بالوضع السياسي الحالي. 

ويظهر الجدول التالي بعض أهم التعديلات التي رصدها "مركز سوث24" على المناهج:

    1 

المادة 

الصف 

الجزء 

الصفحة 

التعديل 

    1 

اللغة العربية 

الخامس 

1 

107 

إدراج درس بعنوان "جامع الإمام الهادي في صعدة".  

    2 

اللغة العربية  

السابع 

1 

35  

إدراج قصيدة للشاعر المعاصر الموالي للحوثيين، حميد العزكي.   

    3 

اللغة العربية  

السابع 

1 

69  

إدراج درس بعنوان "استشهاد الإمام علي."  

    4 

اللغة العربية  

السابع 

1 

81  

إدراج قصيدة بعنوان "الشهيد الحي"، للشاعر الشعبي الموالي للحوثيين، معاذ الجنيد.  

    5 

اللغة العربية  

السابع 

1 

92  

إدراج درس بعنوان "ذو الشهادتين خزيمة بن ثابت الأنصاري".  

    6 

اللغة العربية  

السابع 

1 

118  

إدراج تبويب بعنوان "قضايا إسلامية". وفي الصفحة التالية، إدراج قصيدة بعنوان "سأقاوم" للشاعر الفلسطيني سميح القاسم.  

    7 

اللغة العربية 

الثامن 

1 

65  

إدراج قصيدة تحثّ على الحرب بعنوان "الشجاعة" للشاعر الشاب الموالي للجماعة، أحمد علي المعرسي.  

    8 

اللغة العربية 

الثامن 

1 

83  

إدراج قصيدة تمجد - ضمنياً - الحوثيين بعنوان "نصائح"، للشاعر المعاصر محمد يحيى بلابل.  

    9 

اللغة العربية 

الثامن 

1 

110  

اشتملت أمثلة في درس الهمزة المتوسطة على أمثلة، مثل: "علينا الاقتداء بشهدائنا".  

    10 

التربية الوطنية  

الثامن 

1 

15  

إدراج صور عسكرية لمعارك بعنوان "جنود منتصرون".  

    11 

التربية الوطنية  

الثامن 

1 

18  

إدراج صورة بعنوان بـ "أحد المجاهدين في محور القتال".  

    12 

التربية الوطنية  

الثامن 

1 

20  

استعراض صور لصواريخ تزعم الجماعة تصنيعها محليا.  

    13 

التربية الوطنية  

الثامن 

1 

24  

إدراج درس حول "عقوبة خيانة الوطن،" تضمنت مصطلحات ضد خصوم الحوثيين مثل "العدوان".  

    14 

التربية الوطنية  

الثامن 

1 

39  

إدراج أغلفة لمؤلفات تحت باب الحقوق الثقافية، تضمنت صورا لرموز ومناصرين للحوثيين، وصورا أخرى بعنوان "كيف تنتصر الدماء".  

    15 

القرآن الكريم  

الثامن 

1 

15  

وظّف الحوثيون آيات قرآنية، لتعظيم المولد النبوي الذي يحتفلون به سنويا.  

    16 

القرآن الكريم  

الثامن 

1 

30  

إدراج آيات قرآنية للحث على الجهاد.  

  

أيدولوجيا حوثية 

الخبير الاجتماعي المُقيم بصنعاء، علي هيثم، قال لـ "سوث24": "تفسيرات الآيات القرآنية في مناهج المدارس الابتدائية تستند اليوم على ملازم حسين بدر الدين الحوثي، شقيق عبد الملك الحوثي."

وأضاف: "تغيير المناهج أسلوب فقط من بين أساليب كثيرة اتبعها الحوثيون منذ سيطرتهم على صنعاء. هناك مخيمات صيفية للأطفال والطلاب سنويا من كلا الجنسين لأخذ دروس دينية والتدرب على السلاح. بالإضافة لذلك، يكرس الحوثيون منابر المساجد لنشر أفكارهم."

ويرى الخبير أنَّ التعديلات الحوثية في المناهج "تعتبر قنبلة موقوتة في مستقبل اليمن." وأضاف: "الفكرة الحوثية قائمة على العنف أساسا، وزرعها في عقول الطلاب خطير جداً. ستسيطر الجماعة على الجيل القادم بشكل كلي إن بقيت هذه المناطق خاضعة لها. التعديل لن يتوقف عند هذا الحد، وفي كل عام سنرى أشياء جديدة".

ولفت هيثم إلى أن الحوثيين يتعاملون مع التعديلات "بحذر، خشية أن تكون هناك ردود أفعال غير متوقعة." وأردف: "إنَّهم يغرسون حب سلالتهم في عقول الطلاب. يستغلون في هذا الجانب جهل الناس، وتديّنهم الفطري الذي يمكن دغدغته بأحاديث غير صحيحة أو موضوعة حول حب آل البيت".

وبشأن المخيمات الصيفية، لفت الخبير إلى أنَّ الحوثيين "يدرسون الطلاب فيها مواد طائفية بحتة، وبشكل مكثف". وأضاف: "لقد نجحوا في حشد مئات الآلاف إلى هذه المخيمات، عبر عقّال الحارات [رؤساء الأحياء السكنية]."


كتاب التربية الوطنية، الجزء الأول، الصف الثامن (استقطاع مركز سوث24) 
 

وأردف: "المشكلة الكبيرة أنَّ هؤلاء الطلاب يخضعون لدورات في مراكز الجماعة، ثمّ يتحولون لدعاة إلى فكرها في محيطهم الاجتماعي وفي أحيائهم. هكذا تتوسع دائر المتأثرين بهذا الفكر الخطير".

لكنّ عضو لجنة المناهج في حكومة الحوثيين، الدكتور محمد المصطاع، يدافع عن هذه التعديلات.

وقال المصطاع لـ "سوث24": "لسنا نحن وحدنا من نضع صور رموزنا في المناهج، فحتَّى السعودية والإمارات [..] تدرجان صور قادتهما ورموزهما في المناهج". وأضاف: "كوادر تربوية وتعليمية بالإضافة إلى الكوادر السابقة أشرفت على إعداد المقررات الجديدة. إنَّها ضرورية لمواكبة المتغيرات في الحياة."

واعتبر المصطاع أنَّ ما قام به الحوثيون من تعديلات للمناهج "أمر طبيعي تقوم به دول العالم كلها من وقت لآخر." وأردف: "التغييرات في كل الجوانب تفرض هذه التغييرات، التغييرات الاجتماعية. حتَّى في عهد علي عبد الله صالح كانت هناك تعديلات تتم على المناهج."


كتاب التربية الوطنية، الجزء الأول، الصف الثامن (استقطاع مركز سوث24) 


الحكومة اليمنية 

بالإضافة لأزمة الكتب المدرسية التي تعاني منها المدارس في مناطق المجلس الرئاسي [المحافظات المحررة]، هناك مخاطر حقيقية في تدفق المناهج المحرفة بمناطق الحوثيين. 

وفي هذا الصدد، قال الوكيل المساعد لقطاع التعليم الدكتور مختار المشوشي لـ«سوث24»: "لقد بدأ التدخل الحوثي في المناهج في العام 2017 وشمل بعض الكتب الدراسية. في ذلك الوقت، أصدرت وزارة التربية والتعليم توجيهات بإيقاف تدفق هذه الكتب، وذلك بعد فحصها وتحليل طبيعة التغييرات."

وأضاف: "بعد تتبع تلك التغييرات بدراسة علمية، ثبتَ أن جلها تصب نحو منطلقات عقائدية، وأفكار جهادية لا تتلاءم مع سياسة التعليم في البلد ولا حتَّى مع الجانب العقائدي". 


كتاب التربية الوطنية، الجزء الأول، الصف الثامن (استقطاع مركز سوث24) 

وأشار المشوشي إلى أنّ "الحوثيين استغلوا الدعم المخصص لطباعة الكتاب المدرسي في العام 2016، وطبعوا ثمانية أصناف من الكتب المحرفة." وأضاف: "لقد كانت هذه هي البداية الأولى في المناهج الدراسية، وأصبح الحوثيون يدخلون مع كل عام دراسي بعض التغييرات هنا وهناك."

المعايير العلمية 

وعن الآلية المتبعة في إعداد المناهج، قال المشوشي: "هذه المناهج تتم وفق مرجعيات تلتزم بها البلد، مثل: السياسة التعليمية والفلسفة التربوية للتعليم في اليمن. هذه الفلسفة والسياسة التعليمية ومنطلقاتها لها وثائق مرجعية، تسمى وثيقة المنطلقات العامة للمناهج الدراسية، وهناك إطار يسمى الإطار المرجعي للمناهج الدراسية. هذا الإطار هو الحاكم للتوجهات في إعداد المناهج".


كتاب اللغة العربية، الجزء الأول، الصف الثامن (استقطاع مركز سوث24) 


وأضاف: "عملية الإعداد تَّتم أولا بتشكيل فرق وطنية لإعداد أي منهج من المناهج الدراسية. هذه الفرق تُعطى لها هذه المرجعيات التي لا يستطيع الخروج عنها أحد. بعد عملية إكمال الفرق لتأليف أي منهج دراسي، يتم اخضاعه للمراجعة، ولإشراف عند الإعداد. بعد ذلك يتم تسليمها إلى لجان فنية مختصة لدراستها، ويتم تقديمها إلى لجنة عليا للمناهج لإقرارها."

وأردف: "ثم تتم عملية تجربتها في الميدان، ويتم جمع نتائج التجريب ودراستها وتحليلها بعد ذلك، ثم يكون القرار للجنة العليا للمناهج، فيما إذا كانت تحتاج إلى بعض التعديلات، أم إنّها لا تحتاج إلا للتعميم فقط. هناك عملية تقييم دوري إن لم تكن سنوية للمناهج لدينا".

وشَّدد المسؤول الحكومي على أنَّ "هناك خطوط عامة يلتزم بها الجميع." وأضاف: "عملية التأليف ليست عملية مفتوحة وخاضعة لاجتهادات. هناك إطار محدد يتحرك من خلاله المؤلفون يحكم تأليف هذه المناهج. هذه العملية العلمية المتبعة لدينا في وزارة التربية والتعليم لتأليف ومراجعة وتطوير أي منهج دراسي".

ومع استمرار سيطرة الحوثيين على مناطق شمال اليمن، وتعزيز هذه السيطرة مع مرور الأيام، يبدو أنَّ مخاطر إنتاج أجيال معبأة طائفيا ومذهبيا أصبحت أكبر من أي وقت مضى. علاوة على ذلك، يهدد أي تقدم عسكري للحوثيين فيما تبقى من مناطق في الشمال، أو مناطق في الجنوب، بخلق صدام مذهبي وطائفي يزيد الأزمة تعقيدا أكثر.


صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات


المراجع: 
اللغة العربية للصف الخامس الابتدائي - صنعاء (للتحميل)
اللغة العربية للصف السابع الأساسي - صنعاء (للتحميل)
اللغة العربية للصف الثامن الأساسي - صنعاء (للتحميل)
التربية الوطنية للصف الثامن الأساسي - صنعاء (للتحميل)
القرآن الكريم للصف الثامن الأساسي - صنعاء (للتحميل)

* علي هيثم هو اسم مستعار لخبير مجتمعي في صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون

اليمن شمال اليمن الحوثيون صنعاء