ما القدرات الدفاعية للمجلس الرئاسي؟

القوات الجنوبية - محور الضالع القتالي

ما القدرات الدفاعية للمجلس الرئاسي؟

التقارير الخاصة

الثلاثاء, 08-11-2022 الساعة 10:48 مساءً بتوقيت عدن

سوث24| عبد الله الشادلي 

أعاد  هجوم الحوثيين في اليمن على ميناء نفطي في 21 أكتوبر الماضي، باستخدام طائرات مسيرة، التساؤلات عن مستوى القدرات الدفاعية والهجومية لخصوم الجماعة المحليين، إلى الواجهة مجدداً.

وعلى مدار الأعوام الماضية، تفرد الحوثيون باستخدام هذا النوع من القدرات الهجومية في معاركهم، واستهدفت الجماعة قادة بارزين ومعسكرات ومنشآت مدنية ومأهولة بالمسيّرات والصواريخ الباليستية، أغلبها تتركز في جنوب اليمن.

ويأتي الهجوم على مطار عدن الدولي في 30 ديسمبر 2020 على رأس العمليات العسكرية الحوثية ضد الأعيان المدنية في الجنوب.

كما نفذَت الجماعة عشرات الهجمات ضد مواقع عسكرية، من بينها قاعدة العند العسكرية التي قصفت 3 مرات بالصواريخ خلال الأعوام الماضية، بالإضافة لمعسكرات في عدد من المحافظات.

وبينما يزعم الحوثيون تصنيع هذه الأسلحة محليا، يتهم التحالف بقيادة السعودية والحكومة اليمنية إيران بتزويد الجماعة بها، ورفدهم بالخبرات العسكرية لتشغيلها واستخدامها.

وحتَّى بعد مرور كل هذه السنوات، لا يبدو أنَّ الأطراف المحلية المناهضة للحوثيين، المنضوية مؤخرا في إطار المجلس الرئاسي، قد استطاعت ردم الفجوة كثيراً في قدرات الردع المتبادلة بينها وبين الجماعة. 

وعلى الرغم من إسقاط عشرات المسيرات الحوثية في مختلف الجبهات، تبرز المخاوف من قدرة وصول الحوثيين إلى المناطق المدنية والمنشآت النفطية التي أعلنتها الجماعة كأهداف خلال المرحلة الراهنة.

ما الذي يملكه الرئاسي؟ 

يرى الخبير العسكري وضاح العوبلي أنّ المجلس الرئاسي "في الفترة الحالية ليس لديه أي إمكانات لصدّ هجمات الحوثيين باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة، ضد المنشآت الحيوية والنفطية الهامة".

وأضاف لـ "سوث24": "القدرات الدفاعية المباشرة متوفّرة بالحدّ الذي يضمن كسر أيّ هجمات حوثية على طول خط المواجهات بين الطرفين؛ لكنّ هناك ضرورة لتوفير القدرات الدفاعية الخاصة بالتعامل مع الطائرات المسيرة والصواريخ."

وباعتبار هذه القدرات ليست متوفرة حالياً، لفت العوبلي إلى أنَّ "هناك أساليب وتكتيكات يمكن ترتيبها، لضمان تقليل الخسائر وتفويت الفرص التي يخطط لها الحوثيون، مثل: عدم تجميع القوات، واستخدام وسائل التمويه المكثّف، وإخفاء المعالم الخاصة بالثكنات والمعسكرات وغيرها."

وفي هذا الصدد، قال المتحدث الرسمي باسم القوات الجنوبية، المقدم محمد النقيب، لـ "سوث24": "كما أخرجنا الحوثيين من أرضنا، سوف نطرد مسيراتهم من أجوائنا."

والقوات الجنوبية تشكّل رأس الحربة في مواجهة الحوثيين بسبب قدراتها البشرية وخبراتها العسكرية وتنظيمها القتالي. وقد حققت إنجازات لافتة في مواجهاتها مع الحوثيين، وفقا لخبراء عسكريين تحدثوا في وقت سابق لـ "سوث24". 

وبشأن ما تمتلكه  هذه القوات من قدرات دفاعية، قال النقيب إنّ "التطوير النوعي لقدراتنا والوصول بها الى مستوى التحديات والمخاطر الراهنة والمحتملة في الغد، هي مهمّة مصيرية."

وأضاف: "تطوير قدراتنا الدفاعية يمثّل حاجة وضرورة أمنية وعسكرية ليس بالنسبة لنا فحسب، بل للإقليم ومنظومة الأمن القومي الإقليمي. هذا ضروري لتأمين الملاحة الدولية في مضيق باب المندب وخليج عدن وبحر العرب." 

وأشار المتحدث العسكري إلى أنَّ "دول التحالف العربي أكثر دراية وإدراكاً من غيرها بالدور الذي يمكن أن تؤديه القوات المسلحة الجنوبية؛ وما تحتاجه من إمكانات وإعداد وتأهيل."

من جانبه قال مدير المركز الإعلامي لألوية العمالقة الجنوبية، أصيل السقلدي، إنَّ هجمات الحوثيين على المنشآت المدنية لم تكن متوقعة.

وكشف لـ "سوث24": بأنّ "لدى ألوية العمالقة الجنوبية دفاعات جويّة تقوم بحماية أجواء المناطق التي تنتشر فيها مواقعها العسكرية وترصد الطائرات المسيرة، وبعد رصدها تقوم بالتعامل معها وإسقاطها".

وقال: "دفاعتنا الجوية تمكّنت من اسقاط الكثير من مسيرات الحوثي قبل وصولها لأهداف سواء كانت عسكرية أو مدنية، قريبة من مناطق انتشارنا."

وأضاف: "استهداف الحوثيين لميناء الضبة مؤخراً، ومطار عدن في السابق يعود لمدى التطرف والفكر الإرهابي الذي تحمله جماعة الحوثي لأنَّها منشآت مدنية لم يتوقع أحد أنهم قد يقدمون على استهدافها."

وشَّدد السقلدي على أنَّ "مثل هذه المنشآت أصبحت الآن بحاجة إلى وضع تدابير وقائية من اعتداءات جماعة الحوثي. وأضاف: "من هذه التدابير وضع دفاعات جوية تقوم بحماية هذه المنشآت التي لا تحمل أي صفة عسكرية."

من جانبه، قال الإعلامي العسكري المقرّب من قوات المقاومة الوطنية، في الساحل الغربي، وضّاح الدبيش، لـ «سوث24»: "لدينا القدرات الدفاعية لصد أي هجوم حوثي."

ورغم تعرض ميناء المخا الواقع تحت سيطرة هذه القوات في سبتمبر 2021 لهجوم حوثي بطائرات مسيرة، زعم الدبيش أنَّ "الدفاعات الجوية قامت بإسقاط الطائرات المسيرة قبل أن تصيب أهدافها."

وفي حديث لـ "سوث24"، قال قيادي في المنطقة العسكرية الثانية في ساحل حضرموت: "نعاني من نقص القدرات الدفاعية الحقيقية لتحييد الأخطار الجوية المحتملة."

وأضاف القيادي الذي فضَّل عدم ذكر اسمه: "مع ذلك: هناك بعض الإمكانات المتواضعة التي يمكن أن تصد بعض الهجمات. لدينا كوادر عسكرية متمرسة موجودة في المنطقة وكثير منها خاض حروبا منذ ما قبل الوحدة اليمنية."

وحاول "سوث24" التواصل مع قيادات عسكرية في مدينة مأرب للاستفسار عن جاهزية هذه القوات، إلا أنَّنا لم نتلق رداً. وخلال العاميين الماضيين، كانت المدينة أحد أبرز الأهداف العسكرية للحوثيين، وتعرضت لعشرات الهجمات الجوية.

نهج خاطئ 

بالنسبة للخبير وضاح العوبلي، لا زال المجلس الرئاسي يسير على ذات النهج الخاطئ الذي سارت عليه القيادة السابقة لـ "الشرعية" اليمنية. وقال: "إنَّهم يبالغون في الاعتماد على ما يتقرّر من الخارج. "

وأضاف: "إذا وجدنا الإجابة عن أسباب امتناعهم عن استخدام الألغام كوسائل دفاعية مُلحّة مع أنَّها سلاح عسكري معتمد في جميع الجيوش، سنجد الإجابة عن عدم توفير الطائرات المسيرة والصواريخ ضدّ الحوثيين".

وقلل العوبلي من دعوات السلام التي يتبناها الرئاسي والحكومة، وشكك من قدرتهم على "حشد الضغط اللازم على الحوثيين" من خلال هذا التوجّه. 

وقال العوبلي: "لنكون أكثر صراحة، إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، وفي حال استبعدنا دور وجهد التحالف العربي، فأعتقد أنّ هناك تطوير مستمر للقدرات الهجومية الحوثية."

وأضاف: "وحتى إن كانت بنفس الأسلحة المعروفة لدى الجماعة، إلا أن هناك تطوير لطرق وتكتيكات استخدامها، وبما يحقق الاستخدام المتعدد والمؤثر لها".

تعزيز القدرات 

يؤكد مدير إعلام العمالقة الجنوبية أصيل السقلدي أنَّ قيادة هذه القوات "تولي اهتماماً كبيراً وحرصاً في تطوير قدرات الجنود المنتسبين."

وأضاف: "اكتساب مزيد من الخبرات العسكرية والمهارات لقواتنا أمر أساسي. لقد ظهرت هذه الخبرات بشكل بارز في تفوّقها على الحوثيين في كل المعارك."

ويعتقد السقلدي أنَّه "في إمكان جميع القوات التغلب على الحوثيين، ووضع دفاعات جويّة لحماية أجواء المناطق التي تنتشر فيها." وأضاف: "حينها سيظهر أنّ هذا السلاح الحوثي الإيراني عبارة عن طرائد سهلة، لا تشكل أيّ خطر على الأبطال في جبهات القتال".

وكشف المقدم محمد النقيب عن جهود حالية لتطوير الدفاعات الجوية للقوات الجنوبية.

وقال النقيب: "هناك جهود تُبذل في سبيل تطوير دفاعاتنا الجوية. نتطلّع إلى رفدنا من قبل الأشقاء في التحالف العربي والأصدقاء الشركاء في الحرب الدولية على الإرهاب؛ لتعزيز قدراتنا الدفاعية الجوية، والبحرية أيضاً."

وأضاف: "هذا مهم، لا سيما أنَّ المهام التي تطلع بها قواتنا في معركتنا مع التنظيمات الإرهابية ومنها الحوثية، تشمل إسهامها الفاعل في أمن واستقرار المنطقة، وحماية وتأمين ممرات الملاحة البحرية".

وردا على سؤال ما إذا كان هناك أي نشاط للتصنيع العسكري على غرار ما يعلن عنه الحوثيون، قال وضاح الدبيش: "لدينا معامل وورش تعمل في تصنيع وصيانة وتوليف بعض الأسلحة الخفيفة والمتوسطة." "كما أنَّ لدينا طواقم من الضباط الفنيين ولهم خبرات في تصنيع الأسلحة".

ويهدد استمرار تطور القدرات الهجومية الاستراتيجية، من جانب الحوثيين فقط، بزيادة تعميق الأزمة والحرب المستعرة منذ ثمانية أعوام، وزيادة رغبة الجماعة التوسعية على حساب خصومها.

كما يشكل بقاء المناطق الغنية بالثروات، والمنشآت الهامة، في جنوب اليمن وما تبقى من الشمال، دون حماية ومنظومات دفاعية خطرا بالغا، تهدد الأمن المحلي والإقليمي والدولي. 

ولا تدعم دول التحالف بقيادة السعودية حلفائها في جنوب اليمن بمنظومات دفاعية أو هجومية فعّالة. وسبق وطالبت قيادات جنوبية دول التحالف بتوفير أسلحة دفاع جوي رادعة لتجنيب المدنيين والمصالح الاقتصادية خطر الهجمات. فعلى سبيل المثال لا يمتلك حلفاء الرياض والإمارات في اليمن صواريخ أرض جو أو أرض أرض شبيهة بتلك التي تلقاها الحوثيون من إيران.

في الحرب الأوكرانية الروسية، عزز الحلفاء الغربيون نظام كييف بمنظومات دفاع جوي وهجومية فعّالة بمليارات الدولارات، حققت تحوّلا لافتا في المعارك الشرسة مع القوات الروسية. 

وبعكس ما قد يبدو عليه الأمر، فإن تزويد القوات الجنوبية والمنضوية في إطار المجلس الرئاسي بقدرات الردع ضد الحوثيين قد يدفع لإحداث توازن عسكري وجلوس الجماعة على طاولة المفاوضات، علاوة على حماية المصالح الإقليمية والدولية من أي خطر.


صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات


اليمنالحوثيونالمجلس الرئاسيالقدرات الدفاعية