تشكيلات درع الوطن في جنوب اليمن، 8 نوفمبر 2022 - إعلام رسمي
09-01-2023 الساعة 5 مساءً بتوقيت عدن
سوث24 | عبد الله الشادلي
أكدت مصادر ميدانية وعسكرية رفيعة لـ "سوث24" أنّ المملكة العربية السعودية تدعم منذ منتصف العام 2022، تأسيس تشكيلات عسكرية في جنوب اليمن، وفتحت جهات مقربة منها، باب تجنيد واسع لها تم الإعلان عن اسمها بصورة غير رسمية، في 19 سبتمبر الماضي، باسم "قوات درع الوطن".
ورغم مرور أشهر على تكوين هذه التشكيلات، لم يكن من الواضح كثيراً حجمها وانتشارها على الأرض. وفي بيانات نشرتها صفحة منسوبة لهذه التشكيلات، قالت إنَّ هدفها الرئيسي هو قتال الحوثيين.
كما نفت صلتها بتشكيلات عسكرية أخرى دعمتها السعودية في شمال اليمن مثل "ألوية اليمن السعيد"، وهي تشكيلات مكونة من مقاتلين سلفيين وقبليين انتشرت في بعض المناطق بمحافظة مأرب وسط البلاد.
في هذا التقرير، يُسلط مركز "سوث24" الضوء على هذه التشكيلات العسكرية وأسباب تشكيلها، وطبيعة علاقتها مع السعودية والقوات الأخرى على الأرض مثل القوات الجنوبية.
التشكيل والحجم
في منتصف العام 2022، ظهرت تشكيلات "درع الوطن" باسم "ألوية العمالقة الجديدة" في محافظة لحج، وبالتحديد في مناطق قبائل "الصبيحة" التي ينحدر منها آلاف المقاتلين في القوات الجنوبية.
أثارت التسمية السابقة التساؤلات عن الأسباب، حيث حملت ذات التسمية الخاصة بـ "ألوية العمالقة الجنوبية" المعروفة. وذهبت بعض الآراء إلى أنَّ هناك توجه لاستنساخ ألوية العمالقة الجنوبية، التي تدعمها الإمارات، بقوات مشابهة بدعم سعودي.
لاحقاً، تم تغيير اسم هذه التشكيلات إلى "قوات درع الوطن"، وتغيير الشعار الرسمي كذلك.
رسمياً، يقود هذه القوات القائد السلفي الجنوبي بشير المضربي الصبيحي، وهو أحد قادة المقاومة الجنوبية ضد تحالف الحوثيين - صالح في 2015. كما شارك كقيادي ميداني في معركة تحرير قاعدة العند الاستراتيجية.
وفقاً لمصادر خاصة تحدثت لـ "سوث24"، تتكون هذه التشكيلات حالياُ من أكثر من 8 آلاف مقاتل يتوزعون على سبعة ألوية، مع عمليات مستمرة للتجنيد والتدريب وتشكيل ألوية جديدة.
ويتركز انتشار هذه التشكيلات في محافظتي لحج والضالع، بالإضافة إلى ألوية قيد التشكيل في محافظات جنوب اليمن الأخرى، مثل اللواء الخامس في محافظة حضرموت بقيادة فهد سالم بامؤمن، طبقاً للمصادر.
وزعمت مصادر عسكرية لـ "سوث24" أنَّ بعضا من هذه الألوية تم إلغاؤها، وهو ما نفاه أحد المسؤولين العسكريين في درع الوطن، علي الذناني، في تصريحات خاصة لـ "سوث24".
وقال الرجل: "لدينا ثلاثة ألوية في محافظة لحج، ولواء واحد في كل من الضالع، وعدن، وأبين، وحضرموت. جميع قواتنا متواجدة على الأرض وكثير منها في طور التدريب. الألوية التي تمّ تجهيزها حتى الآن سبعة، ويجري تجهيز سبعة ألوية أخرى ضمن المرحلة الثانية، وسبعة ألوية أخرى ضمن المرحلة الثالثة أيضاً."
وعن طبيعة مهام هذه التشكيلات، قال الذناني أنَّها "لم تتسلَّم أي مهام حتّى الآن." وأضاف: "لا زلنا في الوقت الراهن ندرّب قواتنا وفي طور تجهيزها تجهيزا عسكرياً منظّما، لتوجيهها إلى جبهات القتال."
وأوضح ركن عمليات اللواء السابع في درع الوطن، عبد الله هريش أنَّ مقاتليهم "ينتشرون في أقرب المناطق الحدودية مع الحوثيين، مثل: البيضاء، والضالع وفي الصبيحة بلحج."
دعم سعودي
تماماً مثل "ألوية اليمن السعيد"، دعمت المملكة العربية السعودية التشكيلات الجديدة في الجنوب "درع الوطن" عسكرياً.
وفي 27 أكتوبر الماضي، وصلت عشرات المركبات العسكرية السعودية إلى محافظة لحج، ضمن الدعم المقدم لقوات درع الوطن، وفقاً لمصادر عسكرية تحدثت لـ "سوث24". ودخلت المركبات عبر منفذ الوديعة البري مع السعودية.
وقبل ذلك، بنفس الشهر، وصل "وفد سعودي رفيع من قيادة التحالف العربي" لتفقد اللواء السابع - درع الوطن في محافظة الضالع، وفقاً للإعلام الرسمي لهذه القوات.
ويؤكد عبد الله هريش، على الدور السعودي في التأسيس. وقال لـ "سوث24": "لقد أنشأ التحالف العربي قوات درع الوطن كامتداد للألوية المرابطة في الساحل الغربي. نتلقى الدعم من التحالف ممثلا بالمملكة العربية السعودية."
وأضاف: "لقد تم إنشاء الألوية من عامة الناس ومختلف طوائفهم؛ إلا أنَّ السواد الأعظم منهم ينتمون إلى التيار السلفي." ويعتقد هريش أنَّ التحالف "يثق بالسلفيين الذين يواجهون الحوثيون عقديا."
ويرى مستشار الشؤون العسكرية في مركز "سوث24" العميد ركن ثابت حسين صالح أنَّ إنشاء هذه التشكيلات العسكرية بدعم سعودي يأتي نتيجة لـ "عجز الجيش الوطني" ضد الحوثيين. وقال: "التحالف العربي أدرك مُتأخراً أنّ هذا الجيش الذي يسيطر عليه حزب الإصلاح والمخترق من قبل الحوثيين لن يُحرّر محافظات الشمال."
وأضاف: " التحالف لم يجد أمامه قوّة جادّة ومخلصة لمحاربة الحوثيين غير القوات الجنوبية بمختلف تشكيلاتها، ولخلق نوع من التوازن، جرى تشكيل ألوية درع الوطن."
وأردف: "إنَّها الوجه الآخر لألوية «اليمن السعيد» التي أعلن عنها متحدث التحالف الركن تركي المالكي، عقب تحرير ألوية العمالقة الجنوبية لمديريات بيحان في شبوة، ومديرية حريب في مأرب."
العلاقة مع القوات الجنوبية
يصف مسؤولون في درع الوطن علاقتهم بالقوات الجنوبية، بما فيها ألوية العمالقة الجنوبية، بـ "المتينة والقوية."
وكما يزعم عبد الله هريش فقد تم إنشاء هذه التشكيلات، بموافقة من رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عضو المجلس الرئاسي، عيدروس الزبيدي، وبالتشاور مع "بعض القيادات الجنوبية."
وأضاف: "يوجد هُنا في الضالع تنسيق مع انتقالي المحافظة. علاقاتنا مع أي قوة على الأرض في المناطق المُحررة قائمة على طاعة ولي الأمر."
وعن سبب تغيير مسمى هذه القوات من قوات العمالقة الجديدة إلى قوات درع الوطن، قال هريش: "لقد حدث خلط في الأسماء، وتقرر تغيير الاسم من هذه الناحية فقط." من جانبه، وصف القيادي الذناني العلاقة مع القوات الجنوبية بـ "الممتازة."
وأضاف: "لا توجد بيننا أي خلافات. نحن أخوة وأبناء وطن واحد. سنكون عوناً لبعضنا البعض، وقيادتنا الجنوبية هي القدوة والسند."
في المقابل، يرى العميد ثابت صالح أنَّه "من المُبكر الحكم على هذه العلاقة، لكن أظن أنّ القاسم المشترك لكل هذه القوات يجب أن يكون الجنوب، ودعم عمليات تحرير الشمال."
وفي 24 ديسمبر الماضي، انتشرت بعض الأخبار عن استلام تشكيلات درع الوطن لمهام حماية قاعدة العند العسكرية الاستراتيجية بمحافظة لحج، من القوات السودانية العاملة ضمن التحالف العربي، وهو ما نفاه مصدر عسكري رفيع لـ "سوث24" آنذاك.
وأكد المصدر تسليم مهام الحماية بشكل كامل للمنطقة العسكرية الرابعة.
ويعتقد عبد الله هريش أنَّ "الشائعات التي تثار لشق الصف هدفها خدمة الحوثيين." وأضاف: "ما يتم الترويج له عن خلافات بيننا وبين القوات الجنوبية زائف ولا أساس له من الصحة."
مخاوف
ونشرت وسائل إعلام محلية وعربية تقارير تتحدث عن "مؤامرة سعودية" لتهديد قوات المجلس الانتقالي الجنوبي عبر تشكيلات"درع الوطن."
ونقل موقع "العربي الجديد" عن مصدر عسكري إنّ "التحالف العربي، السعودية تحديداً، يسعيان لتمكين هذه التشكيلات، إلى جانب قوات العمالقة، للسيطرة على مناطق أوسع جنوباً مقابل تحجيم دور الانتقالي." وعزز مغردون سعوديون على صلة بالجهات الرسمية هذه الرواية مؤخرا.
ويستبعد الخبير ثابت صالح أن تكون هذه القوات خطراً على الجنوب. وأضاف: "لا أعتقد أنَّ هذه القوات يُمكن أن تشكل خطراً على الجنوب، فكل أو معظم منتسبيها من الجنوبيين، وبشكل خاص من أبناء مديرية الصبيحة بمحافظة لحج."
ومع ذلك، لا تتبدد المخاوف بشأن استمرار تشكيل قوات عسكرية خارج إطار القوات المسلّحة الجنوبية وتقديم الدعم العسكري لها، وأن يتم استخدامها ضمن أي تصفية إقليمية لحسابات سياسية معينة.
كما يعزز هذا التوجه المخاوف من أن تتسبب هذه التشكيلات بالزج بالشباب الجنوبيين في معارك ضد الحوثيين في عمق شمال اليمن، كما حدث في العديد من الجبهات سابقا ومن بينها جبهات السعودية الحدودية الجنوبية مع اليمن.