«المرهقون»: أول فلم من جنوب اليمن على خشبة مهرجان برلين السينمائي

English

قال  المخرج السينمائي عمرو جمال إنّ فلم "المرهقون"، وهو فيلم روائي طويل جديد حائز على جوائز، وتم إنتاجه في عدن، جنوب اليمن، تم اختياره للعرض الأول في مهرجان برلين السينمائي يوم غدا الاثنين.

وقال جمال لـ "سوث24" أنّ أحداث الفيلم تدور في مدينة عدن الساحلية في جنوب اليمن، ويستند إلى قصة واقعية حدثت مع عائلة من مدينة عدن في عام 2019. إنه يصور المعاناة التي تعيشها الأسرة، تماما مثل العديد من العائلات في اليمن التي تضطر عادة إلى اتخاذ خيارات صعبة لمواجهة التحديات الناتجة عن الوضع الاقتصادي المتردي في البلد الذي مزقته الحرب". 

ويروي المخرج عمرو جمال قصة فيلمه الحائز على جوائز: "يحكي الفيلم قصة إسراء وأحمد، وهما زوجان  وأبوان لثلاثة أطفال. توقفوا عن العمل منذ اندلاع الحرب في البلد الفقير في 2015. وجد أحمد نفسه عاطلا عن العمل مما دفعه إلى العمل كسائق سيارة أجرة لكسب لقمة العيش لأسرته. عندما بذل أحمد كل جهوده لتوفير الحياة الطبيعية والتعليم  لأطفاله الثلاثة الصغار، تكتشف  إسراء أنها حامل مرة أخرى،  أدى هذا الخبر إلى تفاقم الوضع ودفع الأسرة إلى اتخاذ قرارات صعبة. يقرر الزوجان للأسف إجهاض المولود الجديد حتى لا تتدهور حالتهما الاقتصادية  أكثر، لكنهما يجدان أن تنفيذ مثل هذا الخيار اليائس ليس بالأمر السهل".

ووفقا للسيد جمال، تم تصوير  فيلم "المرهقون" بالكامل في مدينة عدن. استغرق التصوير 70 يوما بين أغسطس ونوفمبر 2021، وشارك ممثلون وممثلات في الفيلم الروائي الطويل، وكانوا مزيجا من النجوم المحترفين والفنانين المبتدئين الذين تم اختيارهم بعد تدريب مكثف استمر لمدة ثلاثة أشهر. 

وسبق لعمرو جمال إخراج مسلسل "10 أيام قبل الزفة" ومسلسل "الفرصة الأخيرة". فيلم "المرهقون" من إنتاج محسن الخليفي وعمرو جمال في شركة عدنيوم للإنتاج، التي تتخذ من جنوب اليمن مقرا لها.

أسس المخرج والكاتب العدني المجتهد عمرو جمال فرقة مسرح خليج عدن، في عام 2005، عادت الفرقة إلى المسرح لتقديم مؤلفات مسرحية جديدة بعد تحرير عدن من الغزو الحوثي. عادت فرقة خليج عدن إلى المسرح في عدن في أكتوبر 2019 من خلال تقديم مسرحية ساخرة أطلق  عليه  اسم "على حركوك" - وهو مصطلح عام محلي يعني "على الحافّة".

في يناير 2023، قدمت فرقة خليج عدن مسرحية هاملت للشاعر والكاتب البريطاني العظيم ويليام شكسبير. قدمت المسرحية للناس في عدن فترة راحة من المصاعب العديدة والمعاناة اليومية التي يعيشون فيها بسبب الاقتصاد المتردي.

الصراع على السلطة والانتقام والقتل والصراع الأخلاقي الذي رويت داخل المؤلفة المسرحية التاريخية لهاملت الذي كُتب على مدى 400 عام، تم تنفيذه بشكل مثير للدهشة من قبل الممثلين والممثلات العدنيين. أخذت المسرحية الأضواء وأحدثت ضجة في المدينة، وكذلك في وسائل الإعلام الدولية. 

قال الممثل والمخرج التلفزيوني أحمد اليافعي الذي  لعب دور الأمير هاملت في المسرحية إنه سعيد للغاية باختيار فيلم "المرهقون" الذي أنتجه زملاؤه للعرض الأول في مهرجان برلين الدولي.

وقال السيد اليافعي لـ "سوث24" أنّ "اختيار (المرهقون) في مثل هذا المهرجان الدولي يعني الكثير بالنسبة لنا، وهذا يعني أننا مبدعون، ويمكننا القيام بذلك مهما كان التحدي".

وقال السيد اليافعي: "السينما علامة من علامات الحياة، فهي لا تقل أهمية عن المدرسة والمسجد والجامعة، ويجب على الحكومة المساعدة في ترميم البنية التحتية للسينما والمسارح في عدن". 

كانت عدن ذات مرة عند مفترق طرق العالم لأنها كانت محطة توقف لحركة مرور الركاب. لا تزال عدن تستضيف مجموعة غريبة من المزج الثقافي الذي يعكس صورة أكبر لمدينة كانت معترف بها تاريخيًا كمركز تجاري ومدينة مضيافة لعدة قرون.

جاء المسرح إلى عدن عن طريق الصدفة وتم تقديمه من قبل فرقة هندية في أوائل القرن الـ 20.  اضطر مجموعة من الموسيقيين والمغنين والممثلين على التوقف في عدن عام 1904 أثناء توجههم إلى بريطانيا على متن سفينة. بينما خضعت سفينة الفرقة للصيانة في المدينة، كان فنانو الأداء أحرارا في الترفيه عن العدنيين المنبهرين. 

وفيما يتعلق بالأفلام، شهدت عدن أول عرض سينمائي عام 1910 عندما حكمت السلطة البريطانية المدينة من 1839-1967 وعرضت أفلاما صامتة بالأبيض والأسود لأفراد الجيش البريطاني المتمركزين في مدينة كريتر، فيما بعد وسعت السلطات البريطانية نطاق الأفلام لتشمل موظفيها الدبلوماسيين وموظفي الخدمة المدنية.

تم إنشاء أول سينما في عدن عام 1910 من قبل رجل يدعى محمد حمود الهاشمي، الذي أنشأ أول سينما تحت اسم "هريكن" تقع في شارع الميدان في مدينة كريتر التاريخية.

كان هناك 40 دار سينما تعمل في عدن، واليوم يكافح الجيل الشاب من منتجي السينما في المدينة للأداء في قاعات الزفاف والمؤتمرات. مع سلسلة من الصراعات في السنوات ال 28 منذ الوحدة، لم يتسبب بضرر أكبر للسينما أكثر من مليشيات الحوثيين الذين لا يزالون في حالة حرب مع الحكومة منذ عام 2015.

على الرغم من الصعوبات العديدة التي تواجهها عدن منذ اندلاع حرب الحوثيين في عام 2015، عاد صخب السينما إلى المدينة العالمية. 

في عام 2018، احتفلت عدن بعودة السينما من خلال العرض الأول لفيلم "عشرة أيام قبل الزفة" للمخرج عمرو جمال.  ويعتقد أن الفيلم هو أول فيلم روائي طويل يتم تصويره وإخراجه وإنتاجه وعرضه علنا منذ الوحدة بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمن الجنوبي) والجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي).