عناصر من الحوثيين - وكالات
28-02-2023 الساعة 8 مساءً بتوقيت عدن
سوث24| عبد الله الشاذلي
شنَّت مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، مؤخراً، هجمات عسكرية في جنوب اليمن، استهدفت مواقع للقوات الجنوبية وأعيانًا مدنية، بالتزامن مع المفاوضات بين الجماعة والسعودية بوساطة عُمانية.
ورافقت الهجمات تعزيزات عسكرية إلى جبهات محافظتي لحج والضالع، بالإضافة لخطابات شديدة اللهجة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والمجلس السياسي الأعلى، هدَّدت باستئناف الحرب.
وجاء التصعيد في ظل الأنباء عن احتدام المفاوضات بين الحوثيين والرياض، حيث تسعى الجماعة الشمالية للحصول على اشتراطات وصفها مجلس الأمن الدولي بـ "المتطرفة" في بيان سابق.
وفي الوقت الذي بدت فيه هذه الهجمات بمثابة إعلان على استئناف حرب الحوثيين ضد خصومهم من الجنوبيين، رأى خبراء ومحللون أنَّها تأتي في سياق الضغط الذي يمارسه الحوثيون للحصول على مزيد من التنازلات.
هجمات وتعزيزات
أعلنت القوات الجنوبية، الثلاثاء، إحباط محاولة تسلل لمليشيا الحوثي بمديرية مرخة العليا بمحافظة شبوة. وقالت قوات دفاع شبوة، إنَّ أحد أفرادها أصيب بقصف لطائرة مسيرة حوثية.
وتزامن الهجوم في شبوة مع إطلاق قذائف هاون في جبهة الفاخر شمال غرب محافظة الضالع، طبقا لمراسل مركز "سوث24".
وخلال الأيام القليلة الماضية، هاجم الحوثيون عبر الطائرات المسيرة وسلاح المدفعية والهاون مناطق حدودية في محافظتي الضالع ولحج، مما تسبَّب بوقوع ضحايا من المدنيين.
وقتل مدنيان اثنان، السبت، بعملية قنص نفذها الحوثيون في منطقة الفاخر غرب محافظة الضالع، وفقاً لمراسل مركز "سوث24".
وقصف الحوثيون بسلاح الهاون، الأحد، مزارع للمواطنين في ذات المنطقة. كما استهدفوا بسلاح المدفعية مناطق سكنية في كرش بمحافظة لحج. ونفذ الحوثيون هجومًا عنيفًا، السبت، على مديرية حريب في مأرب وعين في شبوة.
وقالت مصادر أن الهجوم في حريب – التي تسيطر القوات الجنوبية على مركزها منذ أكثر من عام- أوقع أربعة قتلى من قوات محور سبأ العسكري.
وتزامنت الهجمات مع تعزيزات عسكرية للحوثيين إلى جبهات شهدت معارك عنيفة قبل الهدنة الأممية العام المنصرم. وقالت مصادر ميدانية لـ "سوث24" إنَّ الحوثيين دفعوا، الأحد، بتعزيزات عسكرية إلى مديرية المسيمير بمحافظة لحج.
وأفاد مراسل "سوث24"، الاثنين، أنَّ الجماعة الشمالية قامت بشق طرقات واستحداثات عسكرية في مديرية الحشاء جنوب المحافظة، ذات المديرية التي زارها رئيس المجلس السياسي للحوثيين مهدي المشاط مطلع العام لأول مرة.
وفي 21 فبراير الجاري، نفذ الحوثيون هجمات عدَّة في جبهة "مريس" شمال الضالع، بعد أيام من هجوم أودى بحياة طالب وأصاب اثنين آخرين في مريس، طبقا لـ "المركز الإعلامي لمحور الضالع القتالي."
وقالت القوات الجنوبية، في 9 فبراير، إنَّها "قصفت بالمدفعية مواقع للحوثيين في جبهة "المسيمير" بلحج "رداً على هجوم أودى بحياة جندي."
تهديدات بالحرب
في 17 فبراير، ألقى زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، خطابا بمناسبة ذكرى مقتل شقيقه حسين الحوثي، مؤسس الجماعة في محافظة صعدة. وقال الحوثي: "نحن الآن في حرب، هناك فقط خفض للتصعيد أما الحالة هي حالة حرب مستمرة."
وأضاف: "نقدَّر جهود الأشقاء في سلطنة عمان ونسعى لإعطائهم الفرصة الكافية للنجاح في مساعيهم، في ظل انفراجه إلى حد ما في دخول السفن إلى ميناء الحديدة وحركة المطار في صنعاء. عندما نعطي وقتاً معيناً لصالح الجهود والوساطة العمانية لا يعني ذلك الاستمرار إلى ما لا نهاية طالما استمر الحصار."
وأشار الحوثي إلى هجومهم الأخير على ميناء الضبة النفطي بمحافظة حضرموت، جنوب اليمن، في 21 نوفمبر، لافتاً إلى أنَّ "القوة الصاروخية تمكنَّت من إصابة حنفية النفط [المضخة] في ميناء حضرموت، إصابة دقيقة جداً."
ودعا الحوثي إلى "رفع اليقظة والجهوزية أمام كل الاحتمالات التي قد تأتي في الحرب والتصعيد في أي لحظة." وفي 26 فبراير، حذَّر المجلس السياسي الأعلى للحوثيين من "المماطلة والتأخر" في فهم رسائل عبد الملك الحوثي.
وقال المجلس في بيان نقلته قناة "المسيرة": "للشعب اليمني الحق في التعامل مع أي تواحد عسكري باعتباره عدواناً واحتلالاً، واتخاذ كل الخيارات [....]."
أهداف الحوثيين
بوضوح، أشارت البيانات الحوثية الأخيرة إلى ارتباط التصعيد بالمفاوضات المباشرة مع السعودية بوساطة عمانية. وكان كل من مجلس النواب والمجلس السياسي في صنعاء قد اتهما الولايات المتحدة بعرقلة الوساطة العمانية وتفاهمات صرف المرتبات.
على الأرجح، يحاول الحوثيون تعزيز موقفهم في المفاوضات للحصول على اشتراطاتهم التي تتضمن صرف رواتب مقاتليهم والموظفين في مناطقهم من ثروات جنوب اليمن، بالإضافة للفتح الكامل لمطار صنعاء وميناء الحديدة.
وكانت وسائل إعلام سعودية وقادة من الجماعة قد تحدثوا عن فتح ميناء الحديدة أمام الرحلات التجارية في وقت سابق، قبل أن يحذَّر المجلس السياسي الأعلى للحوثيين في بيانه الأخير الأمم المتحدة من "التورط في فرض أي من الممارسات التي تؤدي إلى عرقلة وصول السفن."
وأضاف البيان: "ندعو الأمم المتحدة للنأي بنفسها عن شرعنة الحصار على اليمن؛ ونستنكر إجراءات عرقلة وصول السفن إلى ميناء الحديدة ونحملها مسؤولية أي عرقلة."
ويعتقد محللو مركز "سوث24" أنَّ هذه الهجمات يمكن فهمها على أنها محاولة لإشغال الجنوبيين عن تشكيل أي ضغط على طرفي المحادثات [السعودية والحوثيين] التي تتم بمعزل عن الحكومة والرئاسي. وأنَّها لا تعني بالضرورة تعثر المحادثات.
وفي المقابل، قال المحلل السياسي المُقيم في صنعاء، رشيد الحدّاد لـ "سوث24": "تحذيرات صنعاء الأخيرة لدول التحالف جاءت في أعقاب تعثر المفاوضات حول عدد من البنود وليس فشلها أو توقفها".
وأشار الحداد إلى أنَّ هنالك خطوات لبناء الثقة بين السعودية والحوثيين "فيما يتعلق برفع القيود جزئياً على ميناء الحديدة والتوجه نحو توسيع نطاق الرحلات التجارية الجوية من مطار صنعاء، وكذلك فتح المنافذ البرية بين البلدين."
ويرى الحداد أنًّ "كل هذه المؤشرات تؤكد بأنّ مفاوضات السلام قائمة، ولم تصل إلى طريق مسدود حتى الآن"، مشيراً إلى أنَّ "هناك أكثر من فرصة لتجاوز النقاط الخلافية."
استئناف الحرب؟
يرى الخبير العسكري العقيد وضاح العوبلي أنَّ الحوثيين قد يتجهون لاستئناف الحرب. وقال لـ "سوث24": "كل الخيارات مفتوحة وواردة، بما فيها عودة الحرب التي قد تُستأنف في أي لحظة. هناك مؤشرات بأنّ نوايا الحوثيين ورغبات قياداتهم تتجه نحو الحرب أكثر من السلام."
وأضاف: "لا بُد أنَّ الحرب ستكون حرباً حقيقية من الجانبين في حال اُستأنِفت هذه المرة؛ وخصوصاً في المرحلة الأولى من التصعيد التي لا يمكن أن تكون مجرد مناوشات عادية أو معارك متقطعة".
ولفت رشيد الحدَّاد إلى أنَّه "في حال فشلت المفاوضات، فإنَّ البديل كما تشير بيانات سيكون التصعيد على مختلف المستويات."
وكان الحوثيون قد نفذوا تصعيدا مشابها لما يحدث اليوم عبر التهديد باستهداف الشركات الملاحية وشركات النفط داخل وخارج اليمن قبل يوم واحد من انتهاء الهدنة الأممية في 2 أكتوبر الماضي دون اتفاق، فيما بدا أنَّه محاولة لاستثمار اللحظات الأخيرة.