دراسات

واقع الخطاب السياسي التلفزيوني في جنوب اليمن (دراسة)

صورة الغلاف (مركز سوث24)

10-06-2023 الساعة 1 مساءً بتوقيت عدن

language-symbol language-symbol

سوث24 | عدن 


كشفت دراسة حديثة لمركز سوث24 للأخبار والدراسات، أنّ الخطاب السياسي التلفزيوني في جنوب اليمن، كسر حاجز الحصار السياسي والإعلامي الذي فُرض عليه محليا وخارجيا، منذ حرب 1994، بهدف هدم مرتكزات "الهوية الجنوبية"، واستطاع الانتقال بالخطاب السياسي من الحديث عن "مظلومية الجنوبيين إلى رسم معالم الدولة الجنوبية"، التي يكافح الأهالي هناك لاستعادتها.


وقدّمت الدراسة التحليلية التي أصدرها المركز، اليوم السبت، للباحث في تحليل الخطاب الإعلامي، مبارك عامر بن حاجب، رؤيةً نقديةً لمراحل تطور الخطاب السياسي التلفزيوني في محافظات جنوب اليمن، مستقاة من نتائج تحليلية لحلقات حوارية وتقارير تلفزيونية تحتوي على خطاب سياسي تلفزيوني صادر عن أفراد و مكونات ومؤسسات إعلامية تلفزيونية رسمية وغير رسمية تعبّر عن المسيرة النضالية الحقوقية والسياسية في محافظات جنوب اليمن.


وتوصلت الدراسة إلى نتائج أهمها أنّ "الإعلام التلفزيوني في جنوب اليمن كان ضحية نيات سياسية توسعية هدفت إلى هدم مرتكزات الهوية الجنوبية". 


وتطرقت الدراسة لتجاهل الإعلام الرسمي والخاص لقضايا الجنوبيين عقب حرب اجتياح الجنوب في 1994، وكيف استمات جانب من هذا الإعلام، في تشتيت التركيز عليها محلياً وإقليماً ودوليا، أو تزييف أو تحوير حقائقها التاريخية والجهات المتسببة فيها، وإلى اليوم. إلا أنّ التغير المفاجئ في قواعد اللعبة السياسية والعسكرية في الداخل اليمني والإقليم والعالم، وتمكّن الجنوبيين من استغلالها وفرض واقع سياسي وعسكري جديد في محافظات الجنوب، أدّى، وفقا للدراسة،  إلى كسر طوق المحرّمات التي كانت مفروضة على الخطاب السياسي التلفزيوني الجنوبي على النطاق المحلي والإقليمي والدولي.


"الإعلام التلفزيوني في جنوب اليمن كان ضحية نيات سياسية توسعية هدفت إلى هدم مرتكزات الهوية الجنوبية."

وسعت الدراسة لتحليل الخطاب السياسي التلفزيوني الرسمي وغير الرسمي للحراك الشعبي في محافظات جنوب اليمن، ورصد مراحل تجاوزه لحالة التعتيم والعزل الإعلامية، مع توضيح أسباب كل مرحلة من هذه المراحل، بدءًا من مرحلة الحراك الجنوبي السلمي في 2007 مروراً بتأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي في 2017، وتوقيع اتفاق الرياض لعام 2019 ومشاورات الرياض في أبريل 2022.


واعتمدت الدراسة على نقد محتوى (9) مقاطع فيديو منتقاة لخطاب سياسي تلفزيوني صادر عن الحراك المجتمعي والرسمي في جنوب اليمن وآخر يتحدث عنه، بثته قنوات تلفزيونية محلية مثل قناة (عدن المستقلة) وقناة (حضرموت) الخاصة، وقناة (الغد المشرق) وقناة (سبأ الفضائية) اليمنية، وقنوات عربية وأخرى أجنبية ناطقة باللغة العربية، مثل قناة (الجزيرة) وقناة (BBC News عربي). حيث يعود تاريخ أقدم مقطع فيديو تم تحليله إلى عام 2007، وأحدث فيديو تم بثه في العام 2022. كما أنّ مدة الفيديوهات الزمنية قيد البحث مجتمعة، تقدر بـ (100دقيقة و 44 ثانية).


نتائج الدراسة


توصلت هذه الدراسة التحليلية النقدية إلى عدد من الاستنتاجات المهمة، التي توضّح حالة الخطاب السياسي التلفزيوني في جنوب اليمن، أهمها: 


·  الإعلام التلفزيوني في جنوب اليمن كان ضحية نيات سياسية توسعية هدفت إلى هدم مرتكزات الهوية الجنوبية، التي يعتبر الخطاب السياسي التليفزيوني دعامة أصيلة في هيكلها الثقافي الذي تمتد جذوره إلى أعماق تاريخ الإعلام التلفزيوني في الجزيرة العربية والوطن العربي.


·  كان يُراد للخطاب السياسي التلفزيوني في محافظات الجنوب أن يُصبح كبش فداء لشعارات القومية العربية وشعارات القوى الدينية المتشددة باسم "الوحدة"، بهدف ترهيب المناهضين لمشروع "الوحدة اليمنية" السياسية بين الدولتين السابقتين.


·  يمكن ملاحظة غياب الملامح الاستراتيجية والرؤية الموحّدة للخطاب السياسي التلفزيوني الجنوبي، في الفترة من 2007 حتى – 2014. سادت، لعوامل عدة، حالة من الضعف أو عدم الوضوح أو الإرباك في طرح الأهداف الرئيسية للحراك الجنوبي وإعادة تصميمها وفق نهج أكثر شمولا وحزما في ذات الوقت.


·  بالرغم من القيود العنيفة التي فرضتها سلطات صنعاء على الخطاب السياسي التليفزيوني الجنوبي محلياً وخارجياً في وقت سابق، وحالة التضليل اللاحقة حول  المسألة الجنوبية، إلا أنّ هذا الخطاب استطاع مقاومة هذه القيود بإمكانات ذاتية في البداية، وإمكانات مؤسسية وأكثر احترافية بوقت لاحق.


·  تسبب استحواذ السلطات اليمنية السابقة على مؤسسات الإعلام الرسمية في الجنوب، ومصادرة أرشيفها التاريخي، في بيعها لجهات خارجية أوإخفاء كثير من الوقائع التاريخية أو استخدام بعضها لأغراض سياسية، بهدف ضرب المجتمعات المحلية وخصومها – أي هذه السلطات - في مناطق الجنوب.


·  أصبح لدى الخطاب السياسي التلفزيوني الجنوبي الرسمي وغير الرسمي قناعة، من منظور خاص، باستحالة البقاء ضمن الدولة اليمنية الموحدة ، كنتيجة حتمية لممارسات شريك الوحدة الخاطئة منذ حرب 1994.


·  بعد تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي أصبح الخطاب السياسي التلفزيوني في محافظات الجنوب يعكس الثقة المتزايدة في قدرة الجنوبين على  إعادة بناء دولتهم التي كانت قائمة حتى العام 1990.


·  وجود كيان وطني جامع كالمجلس الانتقالي في الجنوب، ساهم، بصورة فعّالة، في التغيّر التصاعدي السريع للخطاب السياسي التلفزيوني، مواكباً التغيير الجذري في بنية الحكومة "الشرعية" اليمنية التي أصبح الجنوبيون جزء رئيس منها، على الرغم من قدرتهم المحدودة في إدارة والتأثير على الإعلام الرسمي لهذه الحكومة.


·  شكّل اتفاق الرياض بوابة سياسية رسمية للخطاب السياسي التلفزيوني الجنوبي للانطلاق بجرأة إلى الإقليم والعالم، وساهم بإضفاء مشروعية أخلاقية ومهنية على المواقف الجنوبية التي تُطرح على المنابر الإعلامية العربية والدولية.


·  شكّلت مرحلة مشاورات الرياض وما بعدها مرحلة مفصلية في تاريخ الخطاب التلفزيوني الجنوبي الرسمي، حيث بات أكثر وضوحاً في طرح رؤيته الإعلامية. إذ لم يعد يتحدث عن مظلومية شعب، بل أصبح يناقش رؤى سياسية وعسكرية استراتيجية تتشابك مع مصالح دول في الإقليم والعالم ويتفاعل معها.


·  التغيّر الجذري الذي طرأ على الخطاب السياسي التلفزيوني في محافظات الجنوب لم يحدث بسبب تغير المناخ السياسي والعسكري المحلي في اليمن والإقليم  فقط، بل كان محركه الجوهري هو القوة العسكرية والسياسية التي فرضها الجنوبيون في محافظات الجنوب، بعد أن تهيأت لهم ظروف مساعدة تم استثمارها بإخلاص.


·  لا يزال تحدي ازدواجية الخطاب الإعلامي التلفزيوني قائما، بناء على ازدواجية مشاركة الأطراف الجنوبية في السلطة  اليمنية الشرعية القائمة اليوم، وتبنيهم، بذات الوقت، لمواقف استقلالية الدولة التي يطمحون لعودتها.

 لا يزال الخطاب السياسي التلفزيوني الجنوبي بحاجة لمنهجية أوسع وأكثر دقة في تحديد المفاهيم عند نقاش الخطط الاستراتيجية وتقديم الشروحات حول قضية الجنوب والتطلعات السياسية للمجتمع الجنوبي، لضمان عدم تحوير أسس ومبادئ هذه التطلعات من قبل أطراف أخرى أو تسطيحها.


·  الصعود الملحوظ للإعلام الجنوبي إلى قمة هرم العمل الإعلامي المؤسسي من خلال تدشين الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي كمظلة إعلامية رسمية وما ينضوي تحتها من قطاعات إعلامية مختلفة، ومشاركتها في تجمعات إعلامية خارجية رسمية، وكذلك عقد المؤتمر الأول للصحفيين والإعلاميين الجنوبين، وتأسيس نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين.


·  أظهر الإعلام التلفزيوني الجنوبي نُضج مُنافس في إعداد وتقديم وإدارة البرامج الحوارية التلفزيونية. وفتح آفاق أوسع للتلفزيون الجنوبي لإشراك رؤى وخبراء ومحللين وباحثين عرب وأجانب.


·  من بين أسباب الرغبة الإعلامية العاجلة في خلق واقع سياسي مختلف بالجنوب، هو فشل الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في إيجاد حلول ومعالجات عاجلة للأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعيشها البلاد، وبالذات في الجنوب، مع غياب أفق واضح لرؤية حكومية في هذا المسار.


·  اليأس الواضح الذي أظهره الخطاب السياسي التلفزيوني الجنوبي من القوى العسكرية والسياسية والمجتمعية في شمال اليمن في تحقيق تقدّم في مواجهة مليشيا الحوثيين في الشمال، جعله يهتم أكثر في البحث عن حلول لمشاكل محافظات الجنوب قبل أي شيء آخر.


·  يمكن ملاحظة اختفاء المفردات اللغوية من الخطاب السياسي التلفزيوني في الجنوب، التي تُعبر عن حقوق مطلبية مسلوبة، وحلت محلها جُمل وعبارات وفقرات وندوات وبرامج متنوعة تتحدث عن رسم معالم دولة جنوبية قادمة، ومكتسبات عسكرية وسياسية ودبلوماسية يجب التمسك بها والحفاظ عليها وتطويرها.


· قدّم الخطاب السياسي التلفزيوني الجنوبي، أفقا أكبر للشراكة بين المكونات الجنوبية، ورسائل تصحيحية لسياسات الماضي الخاطئة، واستراتيجية ترتكز على "فيدرالية" الدولة المنشودة وعصريتها، وخصوصية كل إقليم، واحترام التنوع والاختلاف.





- لقراءة وتحميل كامل الدراسة، مجانا، من الرابط التالي: (واقع الخطاب السياسي التلفزيوني في جنوب اليمن)

شارك
اشترك في القائمة البريدية

اقرأ أيضا