© AFP 2023 / FAYEZ NURELDINE
13-07-2023 الساعة 6 صباحاً بتوقيت عدن
سوث24 | فريدة أحمد
ساهم إنشاء مكوّن جديد في حضرموت أواخر مايو الفائت، إلى زيادة تعقيد المشهد السياسي في جنوب اليمن، فإلى جانب تعدد المكوّنات التي تمثّل مختلف الأطراف السياسية، سواء التي نشأت قبل الحرب أو بعدها، يتم في الوقت الراهن عملية تأسيس مكوّنات وكذا دعوات لإنشاء مكوّنات مماثلة على أساس ديمغرافي بصورة متسارعة في عدن وشبوة. ورغم أنّ حضرموت بالذات؛ ظلّت تنأى بنفسها عن هكذا تقسيمات ومشاريع، ولم تتحدث باسمها جهوياً سوى أصوات ذات تأثير محدود، إلا أنّ المساعي السعودية الحثيثة ساهمت بالدفع نحو إنشاء هذا المشروع، وهيأت الأجواء لإنتاج مجلس حضرمي، رأت فيه كثير من الأصوات الحضرمية المناوئة؛ بأنّه لم يُنشأ وفقاً لآليات واجراءات منضبطة، ولم يُشرك فيه مختلف الطيف الحضرمي ومكوناته السياسية والشعبية الفاعلة.
تتحدث كثير من الأطراف الحضرمية، بأنّ مجلس حضرموت الجديد يهيمن عليه بشكل واضح حزب الإصلاح الإسلامي، وقد أكد ذلك مؤخراً في لقاء تلفزيوني "حيدر أبوبكر العطاس"، رئيس الوزراء السابق في دولة اليمن الجنوبي قبل الوحدة، بالقول، إنّ "المجلس الجديد يهيمن عليه حزب الإصلاح، وهو ما يشكّل خطورة كبيرة، لأنّه تحت سقف الإصلاح وليس تحت سقف حضرموت". إذ يبدو أنّها محاولة فعلية من حزب الإصلاح الإسلامي إلى استعادة دور فقده بعد عملية الانتقال السياسي في 7 إبريل 2022، والذي نزع عنه كثير من ميزات النفوذ والهيمنة على قرار الرئاسة اليمنية السابق، وربما يجد أنّ عودته عبر بوابة من شأنها إنشاء هويات ديمغرافية داخل الجنوب، ستضعه من جديد في موقع ذا تأثير على الخارطة المحلية.
ساهم بصورة رئيسية وجود قوات المنطقة العسكرية الأولى في وادي وصحراء حضرموت، التي يهيمن عليها بالمثل حزب الإصلاح الإسلامي "الإخوان المسلمين"، على أن يكون للأخير دور في المحافظة، رغم الحراك الشعبي الحضرمي المناوئ لقوات المنطقة الأولى ومطالبة الحضارم برحيلها منذ سنوات، نظراً لإيوائها عناصر من تنظيم القاعدة والتستر عليهم، فضلاً عن أن معظم أفراد قواتها ينتمون لمحافظات شمالية وليسوا من أبناء حضرموت، في الوقت الذي يطالب فيه الحضارم بإدارة مناطقهم عسكريا.
في 25 يونيو الفائت، زار رئيس مجلس القيادة الرئاسي "رشاد العليمي"، محافظة حضرموت، برفقة وفد سعودي. وحسب الوكالة الرسمية للحكومة، فقد جاءت الزيارة لتفقد الأوضاع الخدمية والإنمائية وتدشين عددًا من المشاريع في المحافظة، غير أنّ التكهنات والأسئلة ظلت حاضرة حول أسباب الزيارة الحقيقية في هذا التوقيت، خاصة عقب تشكيل المجلس الحضرمي الجديد. وبالنظر إلى تصريحات "العليمي" التي أشارت لمسالة "الإدارة الذاتية" لمحافظة حضرموت، وعن إدارتها لنفسها مالياً وإدارياً وأمنياً. يمكن تفسير ذلك على جانبين، الأول، حديثه عن الإدارة الأمنية وليس العسكرية، ما يعني شيئين: إما بقاء قوات المنطقة العسكرية الأولى في الوادي والصحراء الحضرمية بإدارة "الإخوان المسلمين"، وإما إحلالها بقوات "درع الوطن"، المدعومة سعودياً. أما الجانب الآخر، وبالنسبة للأطراف الشمالية في الحكومة الشرعية، فيبدو أنها مع تجربة التقسيمات الديمغرافية والإدارات الذاتية التي يمكن تعميمها على محافظات الجنوب فقط، غير أنّ القوى الشمالية تستبعد مثل هذه النقاشات داخل الشمال، على رغم الأصوات الشعبية في بعض مناطقه مثل تهامة؛ التي تطالب بوضع خاص لها ولقضيتها.
يُفهم من ذلك، أن الهدف الرئيس من مشروع تأسيس المكوّنات على أساس ديمغرافي في جنوب اليمن، هو صب الموقف الجنوبي من السلام داخل القالب الشمالي، فهذه المكونات قد تمثل مناطقها في المفاوضات من حصة الجنوب (المناصفة بين الشمال والجنوب)، دون أن تحمل قضيته أو تضع اعتباراً للإطار التفاوضي الخاص به، وتستبدله بأطر خاصة بالمحليات التي تركز على الفيدرالية الاقتصادية والأمنية دون السياسية. وهو الأمر الذي يتعارض مع جهود المجموعات الجنوبية التي سعت إلى لملمة صفوفها من خلال الحوار الجنوبي البيني الذي امتد لأكثر من عامين في الداخل والخارج برعاية من المجلس الانتقالي الجنوبي، ووصل في مايو العام الحالي؛ إلى مرحلة متقدمة من الوحدة في الرؤية والهدف، استعداداً للدخول في عملية سلام بجبهة سياسية جنوبية واحدة وإطار تفاوضي خاص يمثّلها. ويبدو أن بعض الأطراف المحلية والإقليمية المناهضة لمشروع الجنوب، ومن خلال تبنّيها لمشاريع التقسيم الديمغرافي وإن أبدت حرصاً ظاهرياً على أبناء المحافظات التي تنوي تقسيمها، غير أنّها وفقاً لمراقبين، تسعى من الباطن لإضعاف الجبهة الجنوبية من الداخل، وتستفيد في ذلك من عدة عوامل أبرزها: عامل الوقت، والوضع الاقتصادي المتدهور، وكذا الأصوات الجنوبية المناهضة لمشروع دولة جنوبية فيدرالية مستقلة.
الموقف الشمالي من المكونات الجنوبية الجديدة
ثمّة شعور عام لدى كثير من الجنوبيين بأن هناك مخطط لتمزيق النسيج الاجتماعي في محافظات جنوب اليمن، من خلال خلق مكوّنات جديدة تتبنى مواقف سياسية صدامية ومغايرة لموقف الشارع فيما يتعلق بالهوية الوطنية. فخلال نضال شعبي وسياسي طويل لثلاثة عقود تكوّنت هوية وطنية جامعة في كافة محافظات الجنوب تتعلق باستعادة دولة ما قبل عام 1990، مع التمسك بالفيدرالية في إطار الجنوب التي ترسي حق إدارة المحافظات لنفسها أمنياً وإدارياً واقتصادياً، بينما تنشأ المكونات الجديدة لمواجهة هذا المشروع المحمول شعبياً، وتحاول السحب من رصيده الجماهيري تحت دعوى حق المحافظات فيدرالياً بإدارة نفسها دون أن يكون لهذه المكونات هوية وطنية واضحة. هذه المكوّنات الناشئة يبدو أنّها تريد إلغاء الهوية الجنوبية من القاموس الجماهيري ولا تريد الاصطدام مع المزاج العام بتحديد موقف من الوحدة مع الشمال كهوية، إذ إنّ كل ما تضيفه، هو إعادة تكرار المطالبات المحلية بالحقوق الفيدرالية لكنها دون إطار وطني.
يمكن لهذه الضبابية أن تثير الفوضى بين أفراد المجتمع وبين المكوّنات الأساسية داخل كل محافظة. في المقابل، يمكن ملاحظة المواقف الشمالية الداعمة والمؤيدة لاستنساخ تجربة حضرموت على باقي محافظات الجنوب، وبالذات من قبل حزبي المؤتمر الشعبي العام، وحزب الإصلاح، اللذان تتصدر قياداتهما المشهد الراهن في حضرموت من خلال القيادات الحزبية المحلية التي تعتبر قيادات صف ثانٍ ومرتبطة بالقيادات العليا لتلك الأحزاب المركزية التي تنتمي كلها للشمال؛ في الوقت الذي تسيطر فيه الميليشيا الحوثية على بعض مناطق تلك القيادات.
"يبدو أن الأحزاب السياسية وفي مقدمتها حزب الإصلاح الإسلامي، تتفق مع الدور الذي يؤديه "العليمي" مرحلياً، على الرغم من حساسية العلاقة."
يمكن القول، أنّ السعودية تحاول بلا شك تقوية دور "رشاد العليمي"، سياسياً وعسكرياً، وكانت زيارته إلى حضرموت مؤخراً، إحدى هذه الصور. إذ يبدو أن الأحزاب السياسية وفي مقدمتها حزب الإصلاح الإسلامي، تتفق مع الدور الذي يؤديه "العليمي" مرحلياً، على الرغم من حساسية العلاقة وطبيعتها بين الأخير والإخوان المسلمين، الذين يسيطرون على جزء كبير من محافظة تعز. وبالنسبة للإخوان، فالعليمي خصم لا يُستهان به، لأنّه يمكن أن يسحب من رصيدهم السياسي والعسكري في محافظة تعز، لكونه ينتمي إليها ويمكن أن يشكّل له ذلك حاضنة اجتماعية تهدد وجودهم كجماعة لها نفوذ سياسي وأمني وعسكري هناك. إذ تعتبر تعز قاعدة انطلاقهم الرئيسية وآخر معاقلهم في شمال اليمن، وإن كانوا يسيطرون على جزء من مأرب، لكنهم يحكمون النطاق على تعز بشكل أكبر. وبالنظر إلى هذه الهيمنة، لن يسمحوا بأي تهديد محتمل من قبل رئيس مجلس القيادة "العليمي"، فالإخوان لم يسمحوا بتهديد مماثل من قبل شخصيات أقل، مثل "عدنان الحمادي".
أما بالنسبة للعليمي نفسه، فتعد مواجهته سياسياً مع المجلس الانتقالي الجنوبي هي الأهم راهناً، لأن الأخير داخل مجلس القيادة الرئاسي، وهذه المواجهة متعلقة بدورة العمل اليومية ضمن نطاق الرئاسة. قد يكون توتر العلاقة بين الطرفين بدأ طفيفاً، لكنه سرعان ما تحوّل إلى صراع غير معلن، وحاولت وسائل الإعلام المناهضة للانتقالي تضخيمه، وفي المقابل تأثّرت الوسيلة الإعلامية الجنوبية وحاكت وسائل خصومها في ذلك، حتى باتت العلاقة أكثر تأزّماً.
السعودية والانتقالي بين الممكن واللا ممكن
مازالت السعودية وغيرها من دول الإقليم، غير مدركة بعد، أن الوصول إلى سلام شامل ومستدام في اليمن مرتبط بحل قضية الجنوب، وهذا الأمر لن يستقيم إلا بتوفير عوامل تهيئ بيئة أكثر ملائمة للاستقرار، وليس بيئة مبنية على تقسيمات ديمغرافية منفصلة تزيد المشهد تعقيداً، وكذا خطورة على استقرار الدول المجاورة بما فيها السعودية وعمان. فبدلاً من أن تدعم الرياض التفاهمات والحوارات الجنوبية البينية بين القوى السياسية الجنوبية، تحاول تجزئتها وتستحدث مكوّنات جديدة أكثر انسجاماً وتسليماً ربما للقرار السعودي. إذ يبدو من وجهة نظر الرياض، بأن إنشاء مجالس محلية برعايتها، سيعزز من فكرة اليمن الموحد مع الحوثي، وسيساعد على خروجها بشكل أسرع من حرب اليمن، التي باتت تشكل عبئاً مضاعفاً عليها، خاصة في ظل تقارير دولية تؤكد أن اليمن لا يزال أحد أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يحتاج 21.6 مليون شخص، أو ثلثي سكان اليمن، إلى المساعدات الإنسانية.
"مازالت السعودية وغيرها من دول الإقليم، غير مدركة بعد، أن الوصول إلى سلام شامل ومستدام في اليمن مرتبط بحل قضية الجنوب."
في كل الاحوال، سيكون من الصعب خروج السعودية من حرب اليمن في ظل استمرار استئثار الحوثيين بالسلطة في الشمال، ولأن الرياض مازالت تعتبر أن المشروع الذي يحمله المجلس الانتقالي يصطدم مع مشروعها في اليمن، فضلاً عن كون الأخير حليفاً وثيقاً للإمارات، ومازالت لا تثق به كحليف محلي، فهي ترى أن دخولها مع الحوثيين في عملية سلام تنهي الصراع بشكل نهائي، لن يكون إلا باستحداث مثل هذه المكوّنات المتماهية مع اتجاهاتها. قد تكون خطة السعودية نجحت نسبياً في حضرموت لكون الوضع السياسي والعسكري ليس محسوماً بعد، ذلك على الرغم من الاعتراضات الشعبية هناك، والذي لم يكن يوم 7 يوليو (يوم الأرض) آخرها، وبتأكيد كثير من الحضارم وفي أكثر من 6 مدن كبيرة، أنهم مع مشروع دولة جنوبية مستقلة. غير أن الإصرار السعودي لاستنساخ مكوّنات مماثلة في محافظات جنوبية أخرى يبدو مازال قائماً، لا سيّما في المحافظات التي يتخذ منها الانتقالي الجنوبي معقلاً له، وعلى رأسها العاصمة عدن، ومن غير الواضح كيف سينتهي سير هذا المشهد. إذ يشكك مراقبون دوليون في أن تؤثر المجالس الجديدة التي تشكّلها المملكة العربية السعودية في حضرموت وعدن على الانتماءات السياسية في الجنوب، وسبق أن فشلت جهود مماثلة بذلتها في السابق.
يجب الاعتراف بأنّ الدور الذي تلعبه السعودية في جنوب اليمن، يمثّل خطورة بالغة من حيث تبنيها لمثل هذا المشروع الذي يمزّق المجتمعات المحلية إلى مكوّنات أصغر، وما يمكن أن يسببه ذلك من أثر في تعدد الهويات الجهوية، مما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى خلق صراعات بينية لا يمكن التنبؤ بها. ومن خلال المعطيات الراهنة، يتبين أن الموقف السعودي حاسماً فيما يتعلق بمسألة النفوذ السياسي والعسكري في حضرموت، إذ يمكن أن تدعم الرياض في سبيل ذلك قوات عسكرية ترعاها مباشرة مثل "درع الوطن"، أو قوات تتوافق معها مرحلياً مثل قوات "الإخوان المسلمين" في المنطقة الأولى، بيد أنّها لن تدعم قوات أخرى لا تتماهى مع مشروعها الجديد، لا سيّما وهي ترى أنّها تشكّل لها ولمشروعها المرحلي تهديداً. ورغم ذلك قد يكون الانتقالي الجنوبي أكثر الأطراف الذي يمكن أن يشكل بقائه وتقويته؛ دعماً لمشروع السعودية الاستراتيجي في اليمن على المدى البعيد، بناءً على التجارب السابقة التي أثبتت أن المشروع السياسي المتبني لاستقلال الجنوب، كان الأكثر حسماً عسكرياً في مواجهة الحوثيين ومناهضة مشاريع تهديد الأمن الإقليمي.
"يجب الاعتراف بأنّ الدور الذي تلعبه السعودية في جنوب اليمن، يمثّل خطورة بالغة من حيث تبنيها لمثل هذا المشروع الذي يمزّق المجتمعات المحلية إلى مكوّنات أصغر."
في 9 يوليو الحالي، عقد نائب مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، "عيدروس الزبيدي"، اجتماعاً موسعاً لقيادات القوات المسلحة العسكرية والأمنية الجنوبية، وذكر فيه، "بأن القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الجنوبية والمقاومة الجنوبية؛ ستقوم بواجبها لحماية حضرموت من الإرهاب الذي يستهدفها بالوقت المناسب." يبدو تصريحاً مبطناً، لا سيّما بعد أن هددت السعودية بالفعل، باستهداف أي قوات جنوبية تحاول الوصول إلى قوات المنطقة العسكرية الأولى في وادي وصحراء حضرموت، وفقاً لمصادر مطلعة.
مع قول ذلك، لا يبدو أنّ الانتقالي الجنوبي يرغب بالاصطدام مع المشروع السعودي الراهن في اليمن، فهو يفضّل دائماً نقطة العودة والتقليل من المخاطر، وهي معضلة جوهرية لديه؛ سمحت للسعودية والأطراف المحلية الأخرى أن يكونوا أكثر جرأة في خطواتهم. فضلاً عن ذلك، سيكون لدى الأطراف الشمالية في الحكومة الشرعية مصلحة بالوقوف مع السعودية من أجل إضعاف الانتقالي الجنوبي، وكذا محاولة انتزاع صلاحياته في العاصمة عدن. والأكثر خطورة من ذلك، سيتم إظهار الصراع على أنه صراع مع الانتقالي فقط، وليس صراع بين شمال وجنوب، وستتماهى في هذه الموجة المكوّنات الجنوبية الأخرى التي تتشكل حديثاً؛ وتلك التي لديها موقف مسبق من الانتقالي.
بدون شك، ترغب السعودية بإعادة تشكيل المشهد وفقاً لرؤية تتعلق بترتيبات التسوية السياسية النهائية في اليمن، ويبدو أن كل ما يجري راهناً مرتبط بمسألة التمثيل الجنوبي في مشاورات السلام، وإنتاج أطراف جديدة محسوبة على السعودية من أجل تمرير الصفقات الأكثر ملائمة بينها وبين الحوثيين، وعلى الأرجح لن يتأتّى لها ذلك؛ إلا إذا سحبت التأثير من الانتقالي الجنوبي كممثل رئيس وأساس في المشاورات عن الجنوب، لكونه أحد المكوّنات الرئيسية التي تقف عائقاً تجاه أي تفاهمات بعيدة عن الاستحقاقات الجنوبية. الفكرة السعودية في جوهرها، تريد إيصال خلاصة بأنّ لا أحد بعينه يمثّل الجنوب، وهو ما يعني ببساطة تمييع قضية الجنوب وسط كومة من المجالس الناشئة برعايتها.
في المحصّلة، مازال وضع المجلس الانتقالي الجنوبي صعباً، وقد يواجه تحدياً كبيراً الفترة المقبلة، خاصة وأنّ حليفه الإقليمي انسحب من المشهد في وقت مبكر. وإذا تطوّرت الأوضاع السياسية إلى جانب الانهيار الاقتصادي بهذه الوتيرة العالية في باقي محافظات الجنوب، يمكن أن ينبئ ذلك بعمل عسكري مسلّح ضد المجلس، قد يساهم فيه الحوثيون والقوات التي تدعمها المملكة العربية السعودية.
من المهم أن يبحث الجنوبيون وفي مقدمتهم الانتقالي الجنوبي خياراتهم في ظل التطورات الراهنة، ووضع كل الاحتمالات الواردة سياسياً وعسكرياً، وربما محاولة إيجاد صيغ توافقية بينهم وبين القوى الجنوبية الأخرى تنسجم مع الرؤية والهدف؛ لضمان التمثيل الجنوبي قبل مشاورات الحل النهائي في اليمن، وكذا تحافظ على مكتسبات الجنوبيين خلال سنوات الصراع، وتضمن حصولهم على استحقاقاتهم السياسية والعسكرية، إذ إن أي تسوية سياسية لا تشمل هذه العناصر ستكون مضمونة بالفشل.